المجلس الانتقالي يتمسك بـ”استعادة حقوق” جنوب اليمن بعد غارات سعودية وحكومة اليمن تطالب الرياض بالتدخل
أعلن المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات أن القصف السعودي المفترض على مواقع له في حضرموت الجمعة، لن يثنيه عن “استعادة حقوق” جنوب اليمن، فيما طالبت الحكومة المعترف بها دوليا تحالفا عسكريا تقوده السعودية باتخاذ “التدابير العسكرية” لدعمه.
وكانت الرياض الداعمة للحكومة المعترف بها طالبت المجلس الانتقالي بالانسحاب من مناطق سيطر عليها كانت ضمن دولة اليمن الجنوبي، فيما يرتفع منسوب التوتر في أفقر بلد في شبه الجزيرة العربية الغارق أصلا في حرب أهلية مدمرة منذ أكثر من 10 سنوات.
وسيطر المجلس المنضوي في إطار الحكومة على أجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية لا سيما حضرموت والمهرة في وقت سابق هذا الشهر. وقال إن العملية تهدف إلى طرد الإسلاميين ووقف عمليات التهريب لصالح المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى.
لكن توسيع المجلس الانتقالي نطاق سيطرته الميدانية أثار مخاوف من توترات مع فصائل حكومية أخرى، ومن احتمال سعيه للانفصال بهدف إحياء “اليمن الجنوبي” الذي كان مستقلا.
وأعلنت وسائل إعلام تابعة للانفصاليين أن سلاح الجو السعودي قصف مواقع لقوات تابعة له “في وادي نحب بحضرموت”.
ولم يُبلغ عن وقوع ضحايا، كما لم يرد مسؤولون سعوديون على طلبات وكالة فرانس برس للتعليق على الغارات.
وأكد المجلس أن القصف لن يثني الجنوبيين عن استعادة “كامل حقوقهم”، مبديا انفتاحه على “ترتيبات” أمنية.
ورأى في بيان أن القصف “لن يخدم أي مسار تفاهم ولن يثني شعب الجنوب عن المضي نحو استعادة كامل حقوقه”.
وأكد “انفتاحه على أي تنسيق أو ترتيبات تقوم على أساس ضمان حماية أمن ووحدة وسلامة الجنوب وضمان عدم عودة التهديدات الأمنية، وبما يلبي تطلعات وإرادة شعبنا الجنوبي، والمصالح المشتركة مع الأشقاء في المملكة”.
وكان مسؤول حكومي يمني في الرياض أفاد فرانس برس في وقت سابق هذا الأسبوع أن السعودية قد تلجأ إلى تنفيذ ضربات جوية ضد قوات المجلس الانتقالي بوصفها “العلاج الأخير” في حال فشل المساعي الدبلوماسية.
وفي الرياض، ترأس رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي اجتماعا طارئا لمجلس الدفاع الوطني الجمعة من مقره في العاصمة السعودية لمناقشة تطورات الأحداث، على ما أفادت وكالة أنباء سبأ الحكومية مساء الجمعة.
ونقلت الوكالة عن مصدر لم تسمه أنّ العليمي طلب تدخل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية دعما للقوات الحكومية.
وأوردت “تقدم رئيس مجلس القيادة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بطلب لقوات تحالف دعم الشرعية في اليمن باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين الأبرياء في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة على فرض التهدئة”.
وكان التحالف العسكري بقيادة السعودية قد تدخل في 2015 دعما للحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بعد أشهر من استيلائهم على العاصمة صنعاء وهو ما اوقف زحفهم آنذاك للسيطرة على عدن في جنوب اليمن ثم مأرب وتعز.
من جهته، قال مسؤول عسكري يمني إن 15 ألف عنصر من القوات المدعومة سعوديا يحتشدون قرب حدود المملكة على تخوم حضرموت والمهرة.
لكنه أكد أنه “لم تصلنا أي تعليمات عن تحرك عسكري نحو المحافظتين”.
– تنويه إماراتي –
وكان مسؤول عسكري تابع للمجلس الانتقالي قال لفرانس برس إن ضربات الجمعة تركزت على وادي نحب بعد ساعات من “عملية أمنية لقوات النخبة الحضرمية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لملاحقة مجاميع قبلية يقودهم عمرو بن حبريش المدعوم من السعودية”، مضيفا أن الأخير “غادر أمس الوادي نتيجة العملية الأمنية”.
في مطلع كانون الأول/ديسمبر، وسّع انفصاليو المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرتهم على مناطق واسعة، وقالوا إنهم باتوا يسيطرون على أكثر مساحة ما كان يشّكل دولة اليمن الجنوبي بين العامين 1967 و1990.
وطالبت السعودية المجلس الانتقالي الخميس بسحب قواته “بشكل عاجل” من المحافظتين، منددة بتصرفه “الأحادي”. واعتبرت وزارة الخارجية أن ذلك “أدى إلى التصعيد غير المبرر الذي أضر بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته والقضية الجنوبية وجهود التحالف”.
وفي بيان سبق التقارير عن الغارات السعودية، أكدت أبوظبي ترحيبها بجهود المملكة “لدعم الأمن والاستقرار”.
ونوّه بيان للخارجية الإماراتية “بالجهود الأخوية التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة لدعم الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية الشقيقة، وثمنت دورها في خدمة مصالح الشعب اليمني وتحقيق تطلعاته المشروعة نحو الاستقرار والازدهار”.
وأكدت الامارات “التزامها بدعم كل ما يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في اليمن، بما ينعكس إيجاباً على أمن المنطقة وازدهارها”.
وعلى رغم أن كلا منهما تدعم طرفا مختلفا في التوتر الأخير، سعت السعودية والامارات للظهور بموقف موحد، وأرسلتا هذا الشهر وفدا مشتركا إلى المجلس الانتقالي لمطالبته بسحب قواته من حضرموت والمهرة.
ودعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الجمعة إلى “ضبط النفس”، متجنبا الانحياز لأي طرف بين السعودية والإمارات، الشريكتين الرئيسيتين لواشنطن.
وقال روبيو في بيان “نحض على ضبط النفس ومواصلة الجهود الدبلوماسية بما يفضي للتوصل إلى حل دائم”، مضيفا “نحن ممتنون لشركائنا، المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، على قيادتهم الدبلوماسية”.
– “تجنب التصعيد” –
وكان مصدر مقرب من المجلس أفاد وكالة فرانس برس في 13 كانون الأول/ديسمبر، بأن المجلس الانتقالي رفض الانسحاب خلال محادثات مع الوفد السعودي الإماراتي.
من جهتها، أكدت سلطنة عمان الجمعة أنها “تتابع باهتمام التطورات” في محافظتي حضرموت والمهرة، وذلك بحسب بيان لوزارة الخارجية. ودعا البيان إلى “العمل على تجنب التصعيد، والعودة إلى المسار السياسي، والدخول في حوار سياسي شامل يضم كافة أطياف الشعب اليمني” للوصول الى حلّ “يرسخ الأمن والاستقرار والسلام”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش حذّر الأسبوع الماضي من أن تقدم قوات المجلس الانتقالي يثير خشية من “تصعيد أوسع”، معتبرا أن “استئناف العمليات العدائية بشكل كامل قد تكون له تداعيات خطيرة على السلام والأمن الإقليميين”.
وتقدّمت قوات المجلس الانتقالي داخل حضرموت وسيطرت على مدينة سيئون، إضافة إلى حقول نفطية في المنطقة الصحراوية المحاذية للسعودية.
وانضم بعض القادة المحليين في محافظة المهرة المجاورة، التي تحدّ سلطنة عمان وتُعدّ مسارا رئيسيا للتهريب، أيضا إلى تحالفه، على ما أفاد المجلس الانتقالي الجنوبي فرانس برس.
وأثناء سيطرة المقاتلين الانفصاليين على معظم محافظة حضرموت، وهي الأكبر في البلاد، دفعوا القوات الحكومية ذات التوجه الإسلامي المدعومة تقليديا من السعودية إلى محافظة مأرب المجاورة.
وفي ظل النزاع الدائر منذ العام 2014، بات اليمن ينقسم بين الحوثيين الذين يسيطرون على معظم الشمال، وقوات متفرقة من المجموعات المناهضة لهم، بينها المجلس الانتقالي الجنوبي.
بور-آية-هت/كام/جك/سام