The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

بعد صدمة ترامب هل يأتي زمن تصحيح المسار؟

afp_tickers

هدم جناح كامل من البيت الأبيض.. مشهد يكاد يختزل وحده عودة دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة.

فبين زعزعة التحالفات الدولية وشن حرب تجارية على باقي العالم وبلبلة التوازنات بين مختلف السلطات، تقدم قطب العقارات السابق على مختلف الأصعدة كمن يشق طريقه بجرافة.

لكن بعد الهدم، يأتي وقت إعادة الإعمار.

والفرق شاسع على هذا الصعيد بين إلغاء قسم من مقر الرئاسة التاريخي لبناء قاعة حفلات ضخمة بتمويل غامض، وبين إحلال “زمن ذهبي” موعود لا تزال أسسه الجيوسياسية والاقتصادية غير ثابتة وقاعدته القانونية موضع جدل.

وأعلن الملياردير النيويوركي مؤخرا أن الاشهر التسعة الأولى من رئاسته الثانية كانت “أفضل تسعة أشهر لأي رئيس على الإطلاق” في الولايات المتحدة.

فبداية ولايته هزت العالم بأسره وشلّت المعارضة الديموقراطية تماما، على وقع أعداد المراسيم الرئاسية التي كان يوقعها بالجملة.

– الصدمة تفقد من وقعها –

لكن ويليام غالستون الخبير في معهد بروكينغز يرى أن “تأثير الصدمة بدأ يفقد من وقعه”.

فالقادة الأجانب وجدوا وسائل للتعامل مع الرئيس المعروف بأطباعه النزقة، فباتوا يقدمون له تنازلات تجارية وهدايا فاخرة.

ومن أبرز القادة الذين استخلصوا العبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تعرض لتوبيخ شديد خلال زيارة إلى البيت الأبيض لاتهامه بنكران الجميل تجاه ما قدمته له الولايات المتحدة وبقلة الاحترام بسبب ملابسه غير الرسمية، فكيف مظهره كما نبرته لإرضاء ترامب.

وبقي البيت الأبيض حتى قبل فترة قصيرة يرفع شعار “وعود قطعت، وعود تحققت”.

وهذا يمكن أن ينطبق على ملف الهجرة، مع اعتماد ترامب سياسة بالغة الشدة تقضي بطرد أعداد طائلة من المهاجرين.

كما أن ذلك ينطبق على عملية الثأر التي توعد بها معارضيه خلال الحملة الانتخابية، إذ حمل القضاء على بدء ملاحقات طالت وسائل إعلام وجامعات ومعارضين سياسيين، فيما يعمد في المقابل إلى العفو عن أنصاره.

– كلفة المعيشة –

لكن ترامب فشل في الإيفاء بوعد محوري في حملته، وهو تحسين الظروف المعيشية للطبقة الوسطى التي تعاني من تبعات العولمة والتقدم التكنولوجي المتسارع.

وفيما يعيد الرئيس تصميم الديكور في البيت الأبيض وتعقد عائلته صفقات مربحة تثير شبهات بتضارب مصالح، لا تزال الأسر الأميركية تعاني من غلاء المعيشة.

وأظهر الناخبون استياءهم على هذا الصعيد بالتصويت بأعداد كبيرة للديموقراطيين في انتخابات محلية جرت مؤخرا.

كما أن الحزب الجمهوري نفسه قد يظهر تصدعات في ولائه المطلق للرئيس إذا ما واجه احتمالا جديا بتكبد هزيمة في الانتخابات التشريعية النصفية في خريف 2026، وإذا ما استمرت شعبية الرئيس في التراجع بعدما تدهورت حاليا إلى أدنى مستوياتها لمثل هذه المرحلة من الرئاسة.

 وقد يصطدم ترامب مجددا بفرعي السلطة الآخرين، سواء القضاء الذي له الكلمة الفصل في عدد من مشاريعه الكبرى مثل الرسوم الجمركية المشددة التي يفرضها على الحلفاء والخصوم، أو الكونغرس إذا ما انتقلت الغالبية فيه للديموقراطيين.

وعلى المستوى العالمي، توقع غاريت مارتن، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية، أن يبقى ترامب عامل “تسريع” للتوجهات التي سبقته والتي ستستمر من بعده، على غرار الحمائية ونبذ التعددية ونقض نظام عالمي قائم على القيم الديموقراطية.

– جائزة نوبل –

فإن كان ترامب يبدي افتتانا بالقوة العسكرية والقادة المتسلطين، فهو يود أن يدخل التاريخ كالرئيس الصانع للسلام، طامحا لنيل جائزة نوبل للسلام.

لكن غاريت مارتن يشير إلى أن “التفاوض على اتفاقات سلام أمر معقد، وكذلك ضمان احترامها”، في إشارة إلى الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وكذلك الغزو الروسي لأوكرانيا.

ولفت الخبير إلى أنه إن لم تفض وساطاته إلى نتيجة، فإن الرئيس الذي يفاجئ على الدوام بردود فعل غير متوقعة، قد يحصر نطاق تحركه ضمن الدائرة الإقليمية والوطنية.

ومن المقرر أن يضاعف الجولات الداخلية العام المقبل للترويج لسياسته الاقتصادية دعما للمعسكر الجمهوري.

– العمر –

هل ينجح ترامب في استنهاض حماسة تجمعات حملته الانتخابية؟ أم يتحول إلى “بطة عرجاء” مع فقدان رصيده السياسي في ظل دستور يحظر عليه الترشح لولاية ثالثة؟

يصعب تصور ترامب يكتفي بدور ثانوي، كمجرد مراقب لمعركة خلافته.

وهو استأثر بصلاحيات تنفيذية تفوق كل ما مارسه أي رئيس في زمن السلم من قبل، ويبقى اليوم الوحيد القادر على حشد صفوف تحالف “ماغا” المؤيد له والذي يستمد اسمه من الأحرف الأولى من شعاره الانتخابي الشهير “لنجعل أميركا عظيمة من جديد”، على الرغم من التشققات في قاعدته هذه بسبب تمنعه عن إلقاء الضوء كاملا على ملف جيفري إبستين المتهم بالإتجار الجنسي ولا سيما بحق قاصرات، والذي كان ترامب في الماضي مقربا منه.

لكن الرئيس الأكبر سنا الذي تم تنصيبه في تاريخ الولايات المتحدة، يبقى رغم كل ما سبق عاجزا عن السيطرة على عامل الزمن.

فإن كان يهوى نشر صور مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي تظهره متقمصا شخصيات أبطال خارقين بارزي العضلات، فهو سيواجه حتما أسئلة تزداد إلحاحا حول سنه وقدراته الذهنية وقد بلغ التاسعة والسبعين.

اوا/دص/لين

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية