تهديدات واعتداءات … دراسة تظهر تعرّض الساسة المحليين في سويسرا إلى خطاب عدائي متزايد

لم تعد التهديدات والشتائم، استثناءً بالنسبة إلى المشتغلين والمشتغلات بالشأن السياسي في سويسرا، خاصة على المستوى المحلي. لكن نادرا ما تقع اعتداءات جسدية.
تعتبر السياسة المحلية إحدى ركائز الديمقراطية في بلد صغير مثل سويسرا، بوجود حوالي 2000 بلدية تتمتّع بإدارة ذاتية ومستقلّة تقريبا. لكنّها تحتاج إلى روح جديدة، مستعدة للمشاركة، دون مطامع ذاتية.
لا تُعدُّ السياسة المحلية، مصدرا للشهرة، ولا لبريق المسؤوليات السياسية العليا. ورغم ذلك نشر مركز أراو للديمقراطيّة (ZDA) قبل أسابيع، دراسرابط خارجية تثبت أنّها تسبب بعض المنغّصات مثل التهديدات والاعتداءات.
وقد جرت دراسة المركز الاستقصائيّة على 1000 فرد في مجالس محلية، فأظهرت تعرض أكثر من الثلث لإهانات لفظية، خلال ال12 شهرا الماضية، والاعتداء على ممتلكات 6،4% من المجموعة، ووقوع 3% ضحايا للعنف الجسدي.
وبلغت نسبة الاعتداءات عبر الإنترنت 3%، واستهدفت الأخبار الكاذبة لأهداف محدّدة 20%. ونالت النساء النصيب الأكبر من الشتائم، بينما وقعت أكبر نسبة من العنف الجسدي على أعضاء اليمين.
ونظرا لتسليط الضوء على هذه الظاهرة للمرّة الأولى محلّيا، لم تسعفنا البيانات الإحصائيّة، إن كان هذا العنف في تزايد أم لا، لكن يبقى هذا المعدّل في نظر الباحث ستيفان كالبير، المشارك في الدراسة: “مثيرا للدهشة” في كلّ الأحوال، لا سيما معدل الإهانات اللفظية المتزايد بنسبة 36%. ويشدّد رغم ندرة الاعتداءات الجسديّة، على أنّه لا مبرّر للعنف إطلاقا، بل يجب الكشف عنه والتنديد به.
وعموما، أظهرت الدراسة “رضاء” ثلاثة أرباع المجموعة المشاركة في الاستطلاع عن الدور السياسي المؤدَّى. لكن اضطرّت نسبة 43% منها تعرّضت لشكل من أشكال الاعتداء، إلى تغيير عاداتها عند استخدام الإنترنت، من رقابة ذاتية، أو تقليص استعمال وسائل التواصل الاجتماعي. ويرى كالبير رد فعل النساء هذا منطقيا، خاصّة وقد اعترف ما يقارب عدد أفراد المجموعة المشاركة في الدراسة، بتأثير العنف في العمل في المجالس المحلية؛ إلى درجة تفضيل الامتناع عن التصويت مثلا.
أما في صورة قرار ترك السياسة نهائيّا، فتتعلّق الأسباب الرئيسية بالواقع أكثر؛ لعدم توفّرالوقت مثلا، أولشعور بغياب النفوذ. ويمثّل العنف مع ذلك، عاملا عند البعض، خاصة من فئة الشباب.
“بغيضة بشكل خاص”
ينشر هذا التقرير بعد هجمات أحدثت ضجة كبيرة في الديمقراطيات الغربية قبل سنوات. فقد قُتل في ألمانيا، السياسي المحلي فالتر لوبكه بالرصاص، على يد يميني متطرّف عام 2019، ما أثار جدلا كبيرا واسع النطاق، حول العنف السياسي. وتضاعفت أكثر منذ ذلك الحين، الاعتداءات اللفظية والجسدية على ساسة البلاد؛ فصُنّف حزب الخضر أكثر الأحزاب تضرراً عام 2023، وتعرض أكثر من 50 شخصا في فرنسا لاعتداءات جسدية قبل الجولة الثانية من الانتخابات في شهر يوليو، وقُتل في المملكة المتحدة نائب ونائبة في البرلمان خلال العقد الماضي، وأُطلقت في سلوفاكيا والولايات المتحدة خلال 2024، النار على رئيس الوزراء روبرت فيتسو، والمرشح الرئاسي دونالد ترامب.
كما تنشر وسائل الإعلام السويسرية دوريا، تقارير عن حوادث مثل التهديدات بالقتلرابط خارجي، أو الهجمات باستخدام سوائلرابط خارجي، أو إتلاف الممتلكاترابط خارجي. ويقدّم مكتب الشرطة الفيدرالي (Fedpol)، إحصاءات أدق. فأعلن العام الماضي، عن 290 تهديدًا ضدّ الساسة، مقابل 528 عام 2022.
لكن يأتي انخفاض العام الماضي، بعد جائحة دامت ثلاث سنوات اتسمت بالعدوانية، وأدت إلى أرقام مفزعة بلغت 1215 تهديدًا عام 2021. وتتعامل الشرطة الفيدراليّة مع مزيد من الحالات الخطيرة، بتحول نبرة التهديدات إلى”بغيضة بشكل خاص”. فقد تطلب خُمس التهديدات تدخل الشرطة عام 2023، في حين لم تتدخّل عام 2022، إلا في عُشرها تقريبا.
التدريب والدعم
في ما يتعلق بأسباب العنف، يشير العديد من الساسة، وأهل الرأي، والشرطة الفيدرالية، إلى تأثير الاستقطاب، وخاصة على شبكة الإنترنت، الذي يمكن أن يخرج عن السيطرة؛ مثلما وقع أثناء الحملة الانتخابية العنيفة التي جرت في فرنسا خلال الصيف، وقد انتقد وزير الداخلية تورط “اليسار، أو اليمين المتطرفين، أو غيرهما من الجماعات السياسية” .
فتسعى بالتالي، بلدان كثيرة، لتتوصل إلى طريقة للتعامل مع خطاب الكراهية على الإنترنت. فيهدف قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي مثلا، إلى إجبار شركات التكنولوجيا الكبرى على مراقبة منصاتها أكثر، وقد يواجه الأفراد في ألمانيا، غراماترابط خارجي تصل إلى آلاف اليوروهات، لنشر تعليقات متطرفة، وصدرت في المملكة المتحدة أحكام بالسجنرابط خارجي على البعض، لنشر رسائل تحث على العنف، خلال أعمال الشغب الأخيرة.
وفي ما يتعلق بالتصدي للعنف عبر الإنترنت، ضدّ الهيئة السياسية المحليّة تحديدا، اقترح تقرير صادر عن مجلس أوروبارابط خارجي عام 2022، اتخاذ تدابير مثل تنظيم دورات التدريب على التعامل مع التهديدات، وسن قوانين أكثر صرامة ضدّها، وإطلاق حملات أكثر استباقية، لمكافحة خطاب الكراهية، أو توفير حماية أمنيّة إذا لزم الأمر. وقد تكون خطوط المساعدة عبر الهاتف مفيدة أيضًا. إذ قالت ميريت شلندر، السياسية الديمقراطية الاجتماعية السويسرية، لصحف مجموعة تاميديا الخاصة عام 2023: “إن مجرد معرفة إمكانية الاتصال يساعد كثيرا”، وفعلا، أتيحت لها الاستفادة من خط الاتصال مع الشرطة، بعد تلقيها رسالة تهديد.
وقد أكّد مجلس أوروبا أهميّة تكوين نظرة شاملة على حجم المشكلة في نهاية المطاف، بإنشاء منصات إبلاغ عبر الإنترنت، على غرار انطلاق المشروع التجريبيرابط خارجي، في زيوريخ عام 2023، أو إجراء استطلاعات للرأي مثل الذي أجراه مركز أراو للديمقراطية ، خلال الأسابيع الأخيرة.
تحرير: بنيامين فون فيل
ترجمة: مصطفى قنفودي
مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي
التدقيق اللغوي: لمياء الواد

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.