مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الانتخابات الرئاسية في إيران: “خيبة الأمل كانت كبيرة”

مير حسين موسوي المرشح المعارض يخاطب مؤيديه في مظاهرة ضخمة نُظِّـمت في طهران يوم 15 يونيو 2009. Reuters

يؤكد فارسين بانكي، المواطن السويسري من أصول إيرانية، أن العديد من الإيرانيين كانوا يودّون حصول تغيير في السلطة، لكن الرجل الذي يعمل اليوم أستاذا في جامعة طهران، يرى أن "النساء والشبان هم أكبر الخاسرين في الإنتخابات".

لا زالت الأوضاع متوتِّـرة في إيران في ظل استمرار الاحتجاجات، التي اندلعت إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، التي منحت فوزا أثار احتجاجات واسعة إلى أحمدي نجاد. وفيما قرر مجلس الخبراء إعادة احتساب الأصوات في بعض المناطق، إلا أنه رفض طلب المعارضة بإلغاء نتائجها.

سويس انفو: كيف تابعت الانتخابات الرئاسية في إيران؟

فارسين بانكي: بالإضافة إلى الأشرطة الدعائية المعتادة، حصلت مواجهة مفتوحة للمرة الأولى بين المرشحين في إطار مناظرات كلامية، اتّـسمت أحيانا بالحدّة. وقد شكّـل هذا النوع من النقاش العمومي، حدثا غير مسبوق بالنسبة لإيران.

هذا العنصر الجديد فاقم من حجم التوقّـعات من الانتخابات، كما أن الشعب كان حريصا على الإستماع إلى رأي المرشحين بخصوص مستقبل البلاد. ولدى جميع الإيرانيين الذين تابعوا البرامج (التي بثّـها التلفزيون) خلال الحملة، كانت الانتظارات مرتفعة جدا. ولهذا السبب تحديدا، أثارت النتيجة التي خرجت من صناديق الاقتراع، الكثير من الخيبة.

سويس انفو: تُـشير بعض الأصوات إلى أن الانتخابات سارت بشكل سليم، إلا أنه من المحتمل أن تكون حدثت مناورات على المستوى السياسي، لضمان السلطة لأحمدي نجاد. ما هو رأيك؟

فارسين بانكي: الموقِـف الرسمي للمرشحين الآخرين للرئاسة والرأي السائد لدى جزءٍ كبير من السكان، هو أن الإنتخابات تمّ تزويرها. وفي المقابل، فإن كل شيء تمّ بشكل قانوني، حسب المنتصرين.

سويس انفو: ما هي الاحتمالات الواقعية بأن يتم إلغاء الانتخابات، مثلما تطالب بذلك المعارضة؟

فارسين بانكي: يرغب الكثير من الإيرانيين في أن يحدُث تغيير في قيادة البلاد، لكن هذا السيناريو غير قابل للتحقيق على المدى القصير، إذ يتعلّـق الأمر في الواقع بعملية ستتطلّـب الكثير من الوقت. وبهذا الخصوص، صرّح المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي بأنه قام بالطهارة الكُـبرى وأدّى الصلاة المرتبطة بها. وبالنسبة للشيعة، فإن هذه الخـُطوة لا يتمّ الإقدام عليها، إلا في حالات خاصة، مثل الإستعداد للشهادة.

وعبر هذه الخُـطوة الرمزية، أراد أن يُـشدِّد على أنه سيواصل في السعي إلى أهدافه حتى النهاية، إضافة إلى ذلك، دعا حسين موسوي مؤيِّـديه إلى التصرّف بطريقة سِـلمية وديمقراطية، مثلما يحدُث في الغرب.

في العادة، يُـقدِّم أية الله علي خامنئي التهاني للفائز بالانتخابات في خطاب يبثه التلفزيون، أما هذه المرة، فلم يقم بذلك مكتفِـيا بتوجيه رسالة إلى أحمدي نجاد، وليس من الواضح إلى حد الآن الكيفية التي يجب أن تفسَّـر بها هذه الخطوة. وحسب البعض، يبدو أن خامنئي وجد نفسه مضطرا للإعلان عن موافقته على نتيجة الانتخابات. وفي الوقت الحاضر، تسعى بعض أجهزة الحكومة للحوار مع المعارضة.

سويس انفو: هل تعتقد بأنه سيتم تنظيم المزيد من المظاهرات الاحتجاجية؟

فارسين بانكي: نعم، لكن مع ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك فارقا كبيرا بين المدن والأرياف، حيث لم يحدُث فيها أي تعبير عن عدم الرضا. وسنرى إلى متى ستظل روح المعارضة قائمة في المُـدن.

المعارضة الإيرانية شبيهة بتلك السويسرية، فهي لا تطمح إلى إحداث تغيير راديكالي، بل إلى تحوّل في السلطة مع البقاء في إطار الجمهورية الإسلامية الحالية.

سويس انفو: كيف غطّـت وسائل الإعلام الإيرانية احتجاجات المعارضة بعد الانتخابات؟

فارسين بانكي: عمليا، لم تتحدّث عنها أصلا، حيث يوجد اتفاق غير مُـعلَـنٍ بأن تتصرّف وسائل الإعلام وكأنه لم يحدُث شيء. وباستثناء ندوة صحفية عقدها الرئيس نفسه، لم تُـقدّم أية معلومات أخرى. فقد هنَـأت وسائل الإعلام أحمدي نجاد بانتصاره واحتفت به.

سويس انفو: إلى أي مدى يُـمكن إجراء مقارنة بين النظام السياسي السويسري والإيراني؟

فارسين بانكي: ليس هناك أية مقارنة ممكنة بين الاثنين، ففي الكنفدرالية يُـمكن للمواطنين التعبير عن آرائهم حول العديد من القضايا، أما إيران، فهي جمهورية برلمانية (حيث يُـنتخب البرلمان من طرف الشعب) لا يوجد فيها، على عكس سويسرا، تنوّعٌ حزبي حقيقي. هناك مجموعات (سياسية)، لكنها لم تتحوّل بعدُ إلى أحزاب حقيقية.

سويس انفو: ما هي النتائج المُـرتقبة للانتخابات على العلاقات بين سويسرا وإيران؟

فارسين بانكي: إذا ما بقي أحمدي نجاد في السلطة، فلن يكون هناك أي تغيير فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين، كما أن سويسرا تُـمثل مصالح الولايات المتحدة في البلد، لذلك فهي تمارس مهمّـة وساطة. وحتى من زاوية العلاقات بين إيران والبلدان الأخرى، لن تكون هناك تغييرات، فالغرب يظل العدو المُـعلن، وهو متّـهم بالسعي إلى نسف الهدوء والنظام في البلد. أما التطوّر الجديد فيتمثّـل في أن الحكومة تصرِّح بأنها مستعدّة للحوار.

سويس انفو: طِـبقا لوسائل الإعلام الغربية، يبدو أن النساء بالخصوص، كُـنّ راغبات في حدوث تغيير في النظام في إيران. هل ستُـصبح الحركة النسائية أقوى بعد الهزيمة؟

فارسين بانكي: الحركة النسائية حقيقة قائمة، فالنساء ينزلن فعلا إلى الساحات إلى جوار الرجال، وتلعب النساء دورا أساسيا في إيران، بل إن مهدي كروبي، أحد مرشحي المعارضة وعد في حال فوزه، بإسناد وزارة إلى شخصية نسائية.

إن المرشّـح الذي سينجح في التحاور مع النساء في إيران، سيحظى بالتأكيد بإمكانيات جيدة لدى الناخبين. ومن خلال مراقبة الانتخابات الأخيرة، يُـمكن القول بثقة أن أكبر الخاسرين هم النساء والشباب، حيث أن معظم هؤلاء عاطلون عن العمل ويُـمثلون فعليا 30% من سكان البلد.

إيفلين كوبلر – swissinfo.ch

(ترجمه إلى العربية وعالجه كمال الضيف)

يوم الثلاثاء 16 يونيو دعت سويسرا الحكومة الإيرانية إلى “ضبط النفس لدى السيطرة على المظاهرات” التي تجري في طهران وبقية أنحاء البلاد كما حثت وزارة الخارجية طهران على “احترام حرية التعبير”.

من جهة أخرى، قالت السلطات السويسرية إنها “أخذت علما ” بمقترح مجلس الخبراء القاضي بإعادة احتساب الأصوات “في الدوائر المتنازع عليها” إثر الإنتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 12 يونيو 2009. وعبرت الخارجية السويسرية عن الأمل في “أن يُعاد احتساب الأصوات بالعناية اللازمة”.

وطبقا للنتائج الرسمية، فاز الرئيس محمود أحمد نجاد بالانتخابات التي أجريت يوم 12 يونيو 2009 بحصوله على 62% من الأصوات فيما بلغت نسبة المشاركة فيها 82%، حسبما أعلنته اللجنة الانتخابية.

في أعقاب الاحتجاجات القوية للمعارضة، والتي أدّت إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، أمر آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، بإجراء تدقيق في النتائج الانتخابية.

وكان المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي طالب في وقت سابق بإلغاء الانتخابات، بسبب ما تخللها من تجاوزات ومخالفات، حسب تأكيده.

قضّـى طفولته وجزءً من شبابه في ألمانيا ثم تحوّل إلى سويسرا لمتابعة دراسته وأقام فيها 38 عاما وتحصّـل على الجنسية السويسرية.

منذ 7 أعوام، يقيم بانكي في طهران ويدرِّس في إحدى الجامعات الإيرانية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية