المجاعة تنتشر في مدن بدارفور وكردفان في السودان (التصنيف المرحلي للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة)
أكد تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة الاثنين، انتشار المجاعة في مدينة الفاشر بشمال دارفور وكادوغلي في جنوب كردفان بغرب السودان وجنوبه بعد أشهر من حصار قوات الدعم السريع للمدينتين.
وأعلنت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي السيطرة على مدينة الفاشر، لتبسط بذلك سيطرتها على ولايات دارفور الخمس التي تمثل ثلث مساحة السودان.
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة في وقت سابق الاثنين أن أكثر من 36 ألف مدني سوداني فرّوا من بلدات وقرى في ولاية شمال كردفان، مع ارتفاع وتيرة المعارك في إقليم دارفور المجاور.
وحذر تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي من أن أكثر من 21 مليون شخص واجه مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في أيلول/سبتمبر الماضي.
وتوقع التقرير استمرار الوضع على ما هو عليه حتى أيار/مايو 2026 على الأقل.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة في بيان ليل الأحد بأن 36825 شخصا فروا من خمس بلدات وقرى في شمال كردفان بين 26 و31 تشرين الأول/أكتوبر.
وتحدّث سكان عن تزايد كبير في انتشار قوات الدعم السريع والجيش في مدن وقرى في أنحاء شمال كردفان.
وخلال الأسابيع الأخيرة، امتدت المعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع من دارفور إلى منطقة كردفان في جنوب السودان والتي تصل العاصمة الخرطوم بإقليم دارفور.
ومنذ سقوط الفاشر، توالت شهادات عن إعدامات ميدانية وعنف جنسي وهجمات على عمال الإغاثة وعمليات نهب وخطف، بينما لا تزال الاتصالات مقطوعة إلى حدّ كبير.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الاثنين إلى وقف لإطلاق النار في السودان مشيرا إلى “مخاوف، مدفوعة بحقائق تبدو مؤكدة، من وقوع فظائع جسيمة بحق عشرات الآلاف من الأبرياء”.
ووصف بارو الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة “التي جمعت عددا من الدول المتورطة مباشرة في الصراع” بأنها “خطوة أولى مهمة”.
من جانبه دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاثنين “العالم الإسلامي” إلى التحرّك لدعم السودان وعشرات آلاف المدنيين العالقين في الفاشر.
وقال إردوغان أمام اللجنة الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في إسطنبول “لا يمكن لأي شخص لديه قلب، وليس قلبا من حجر، تحمّل المجازر الأخيرة التي تستهدف المدنيين في الفاشر. لا يمكننا أن نلتزم الصمت”.
وتشير تقارير قليلة متاحة إلى وقوع مجازر واسعة النطاق في صفوف المدنيين بالفاشر.
وأكد إردوغان “علينا حماية وحدة أراضي السودان وسيادته واستقلاله، ودعم الشعب السوداني في هذه الأوقات العصيبة”، داعيا إلى “التضامن” بين المسلمين في مواجهة المأساة التي تشهدها البلاد.
وتابع “كمسلمين، علينا أن نحل مشاكلنا بدل طلب المساعدة من جهات أخرى”.
وتتولى تركيا الرئاسة الدورية لمنظمة التعاون الإسلامي حتى صيف العام 2026، وهي تدعم الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.
– تقسيم محتمل –
وحذّر مكتب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية الاثنين من أن الفظاعات التي ارتُكبت في مدينة الفاشر “إذا تم إثباتها، قد تشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما”.
وإلى الشرق من الفاشر، يتصارع طرفا الحرب حاليا للسيطرة على مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان التي تعد طريقا رئيسا للإمدادات ومركزا لوجستيا وقياديا يربط دارفور بالخرطوم، علما أنها تضم مطارا أيضا.
ومن شأن توسع سيطرة قوات الدعم السريع في مناطق دارفور وكردفان تقسيم السودان فعليا إلى محور شرقي-غربي، فيما يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال البلاد وشرقها.
وقال أحد عناصر قوات الدعم السريع في تسجيل مصور نشرته المجموعة ليل الأحد “اليوم التحمت كل القوات في محور بارا”، في إشارة إلى المدينة الواقعة شمال الأُبيّض.
وأعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على بارا الأسبوع الماضي.
وأفاد سليمان بابكر الذي يقطن أم صميمة الواقعة غرب الأُبيّض فرانس برس بأن “عدد مركبات قوات الدعم السريع ازداد” في المنطقة بعد سيطرتها على الفاشر التي كانت آخر معقل رئيسي للجيش في دارفور.
وأكد لفرانس برس “توقفنا عن التوجّه إلى مزارعنا خوفا من المواجهات”.
وتحدّث أحد السكان الذي طلب عدم كشف هويته لأسباب أمنية، أيضا عن “ازدياد كبير في مركبات الجيش والأسلحة شرق وجنوب الأُبيّض” خلال الأسبوعين الماضيين.
وأفادت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا مارثا بوبي الأسبوع الماضي عن “فظائع واسعة النطاق ارتكبتها قوات الدعم السريع في بارا في شمال كردفان”، مشيرة إلى “أعمال انتقامية ضد ما يُسمى بـ+المتعاونين+ والتي غالبا ما تكون بدوافع عرقية”.
وحذّرت من تكرار سيناريو دارفور حيث اتُّهمت قوات الدعم السريع بارتكاب عمليات قتل واسعة النطاق وعنف جنسي وعمليات خطف استهدفت السكان غير العرب بعد سقوط الفاشر في قبضتها.
وفرّ عشرات الآلاف من مدينة الفاشر بعدما أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة عليها، فيما أفاد شهود فرانس برس باعتقال الدعم السريع لمئات المدنيين أثناء محاولتهم الخروج من الفاشر، فضلا عن تعرضهم للعنف والقتل.
وتتهم قوات الدعم السريع المنبثقة من ميليشيات الجنجويد بارتكاب إبادة جماعية ومذابح إثنية في دارفور قبل عقدين. وتواجه كذلك اتهامات بارتكاب جرائم وأعمال عنف خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
وأفادت الأمم المتحدة الجمعة بأن عدد القتلى جراء هجوم الدعم السريع على الفاشر قد يناهز المئات، فيما تتهم الحكومة التابعة للجيش قوات الدعم السريع بقتل ألفي مدني.
وأسفر النزاع في السودان حتى الآن عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وأدى إلى نزوح حوالى 12 مليون شخص متسببا بأكبر أزمتي نزوح وجوع في العالم.
بور-معف/لم/ع ش