
هدنة هشة عند الحدود بين كمبوديا وتايلاند

توقّفت الاشتباكات عند الحدود بين كمبوديا وتايلاند، بالرغم من تبادل الطرفين الاتهامات بخرق هدنة أقرت بعد مواجهات عنيفة اسمرت قرابة الأسبوع.
واتّهم الجيش التايلاندي كمبوديا بانتهاك الهدنة في عدّة مواقع بهجمات توقّفت في ساعات الصباح الأولى، ما نفته بنوم بنه من جانبها. ومذاك، لم يعلن عن أيّ اشتباك وحصل اجتماع بين مسؤولين عسكريين من الجانبين.
وقال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم الذي توسّط بين الطرفين لإقرار وقف لإطلاق النار في تصريحات للإعلام الثلاثاء “جرت مناوشة لكن حُلّت المسألة عندما التقى القادة العسكريون”.
وتتواجه تايلاند وكمبوديا منذ عقود حول ترسيم الحدود المشتركة التي تعود لحقبة الهند الصينية الفرنسية، لكن المنطقة لم تشهد تصعيدا كهذا منذ العام 2011.
وأودت المعارك التي اندلعت على عدّة جبهات يبعد بعضها عن الآخر مئات الكيلومترات أحيانا بحياة 43 شخصا على الأقلّ وتسبّبت في نزوح نحو 330 ألف مدني، بحسب أحدث البيانات.
والإثنين، اتّفق رئيس الوزراء التايلاندي بالوكالة بومتام ويشاياشاي ونظيره الكمبودي هون مانيت على وقف لإطلاق النار اعتبارا من منتصف الليل (17,00 بتوقيت غرينيتش) خلال اجتماع عقد بوساطة ماليزيا وبدعم من الولايات المتحدة والصين.
وأكّد أنور إبراهيم أن وقف إطلاق النار هو “فوري وغير مشروط”، لكن في اليوم التالي لإعلان الهدنة، واصل الطرفان تبادل الاتهامات.
وتشكّل الهجمات التي ينسبها التايلانديون إلى الكمبوديين “إمّا فعلا متعمّدا أو قلّة انضباط عسكري”، بحسب بومتام الذي أكّد “جيشنا منضبط وأعتبر أننا احترمنا الجزء المتعلق بنا”.
وأعلن الجيش التايلاندي عن أسر 18 جنديا كمبوديا إثر هجمات على أراضي البلد حدثت بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار.
وأكّدت الناطقة باسم وزارة الدفاع الكمبودية مالي سوشيتا من جهتها أن “ما من مواجهات مسلّحة… في أيّ منطقة”، مشدّدة على أن “القوّات الكمبودية احترمت وقف إطلاق النار”.
– وساطة ماليزية –
وبالرغم من الاتهامات المتبادلة، اجتمع قادة عسكريون من الطرفين، عملا بأحكام الاتفاق، بحسب ما أفاد كلّ من بانكوك وبنوم بنه.
وأشادت بانكوك بعودة الحوار الثنائي، من دون توضيح موعد عودة النازحين إلى ديارهم. وقالت ماراتي ناليتا أندامو الناطقة باسم الخارجية التايلاندية إن “الوضع ما زال هشّا”.
ووصلت العلاقات الدبلوماسية بين الجارتين اللتين تجمعهما روابط ثقافية واقتصادية وطيدة، إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
وأشعل مقتل جندي من الخمير في تبادل لإطلاق النار في منطقة متنازع عليها في أيّار/مايو فتيل الأزمة الأخيرة. ومذاك، أعلن الطرفان سلسلة من التدابير تسبّبت في خفض المبادلات التجارية ونزوح السكان في ظلّ تنامي الخطاب القومي.
وقبل اندلاع الاشتباكات، طردت تايلاند السفير الكمبودي واستدعت مبعوثها إلى بنوم بنه. وردّت كمبوديا بتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع جارتها “إلى أدنى المستويات”.
وانفجر هذا التصعيد معارك مسلّحة، بالرغم من الدعوات إلى التهدئة الصادرة عن الصين وفرنسا والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين هم على علاقة جيّدة بالبلدين.
واضطلعت ماليزيا بالوساطة بين الطرفين إذ إنها تتولّى الرئاسة الدورية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تضمّ تايلاند وكمبوديا. وأعرب البلدان أيضا عن امتنانهما للولايات المتحدة والصين على جهودهما.
ولقي الاتفاق ترحيبا من أطراف عدّة، بينها الاتحاد الأوروبي وفرنسا والأمم المتحدة.
وأودت الاشتباكات، بحسب الحصيلة الرسمية، بـ30 شخصا من الجانب التايلاندي، من بينهم 15 جنديا، و13 من الجانب الكمبودي، من بينهم خمسة جنود. وأخلى أكثر من 188 ألف تايلاندي مناطق تشتدّ فيها المخاطر، بحسب بانكوك، في حين أجلي أكثر من 140 ألف كمبودي، بحسب بنوم بنه.
– “تهانينا للجميع!” –
وبعد الإعلان عن الهدنة، كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال “تهانينا للجميع!”، مشيرا إلى أنه تحدّث إلى زعيمي البلدين و”أوعز باستئناف المفاوضات المتعلّقة بالشقّ التجاري”.
وكان ترامب قد دعا الطرفين إلى التوصّل بسرعة إلى اتفاق، تحت طائلة تجميد المفاوضات حول الرسوم الجمركية الأميركية العالية التي من المرتقب بدء العمل بها في الأوّل من آب/أغسطس في البلدين اللذين يعوّل كلاهما على الصادرات.
وسبق للبلدين المستهدفين بزيادات جمركية نسبتها 36 % أن أعربا عن أملهما التوصّل إلى “اتفاق” مع واشنطن.
والثلاثاء، قال وزير المال التايلاندي بيشاي شونهافاجيرا المكلّف بهذا الملّف “ما زلنا ننتظر إن كانت الولايات المتحدة ستقبل أم لا بمقترحنا”.
وأعرب سكان من البلدين التقت بهم وكالة فرانس برس عن شعورهم بالريبة والأمل في الوقت عينه جرّاء الإعلان عن وقف إطلاق النار.
وقال كيتيساك سوكويلاي (32 عاما) الذي يعمل في صيدلية في مقاطعة سورين التايلاندية (شمال شرق) القريبة من الحدود “رأيت صور الزعيمين (التايلاندي والكمبودي) وهما يتصافحان. وآمل ألا تكون مجرّد حملة دعائية مع ابتسامات زائفة وألا توجّه هذه الأيادي طعنات في الظهر”.
بور-اه/م ن/غ ر