مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“العمليات الأخيرة تستهدف الاستقرار السياسي”

سيدة جزائرية تُعاين آثار التفجير الشديد الذي ضرب يوم 13 فبراير 2007 مقر الدرك الوطني في سي مصطفى (قرب بومرداس) على بيتها المجاور (المصدر: أ ف ب)

صعد تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" من هجماته على قوات الأمن والأجانب العاملين في المشاريع الاقتصادية بالمناطق الداخلية البعيدة عن العاصمة الجزائرية التي يحرسها الآلاف من رجال الأمن..

.. غير أن مقتل أحد عشر شخصا في ظرف ثلاثة أيام، جعل من حراسة العاصمة أمرا يشبه تغطية الشمس بالغربال.

بالرغم أن المعادلة بسيطة في بدايتها، إلا أنها عصية على الفهم إذا ما دقق المرء في الأمور بشكل مقلوب، فعوض البدء بحساب القتلى و الضحايا، لم لا نختار البدء بتصريح وزير الخارجية الجزائري محمد بجاوي للقناة الإذاعية الثالثة الناطقة باللغة الفرنسية؟

فقد قال بجاوي يوم السبت 3 مارس 2007 أي صباح يوم استهداف عمال روس في ولاية عين الدفلى جنوب غرب العاصمة بأن “الجزائر لن تقبل بقواعد أجنبية فوق أراضيها مهما كانت المبررات”، والمقصود هنا هو القواعد الأمريكية الجديدة التي تنوي الإدارة الأمريكية إنشاءها في القارة الإفريقية في إطار سياسة ما يسمى بـ “الحرب على الإرهاب”.

لقد بدا أن الأمر يسير وكأن العمليات المسلحة التي يدبرها “تنظيم القاعدة” تتناسب طرديا مع كل محاولات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للي ذراع الوحش الذكي، حيث أنه كلما أراد مسؤول جزائري الحديث عن الاستقلالية كلما جاء الرد في شكل عملية تطال عسكريين أو أجانب يعملون في البلد يتبناها ما أصبح يسمى بتنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي”.

في ذات السياق عبر مسؤول أمني لسويس إنفو عن اقتناعه الكبير بأن “لدى تنظيم القاعدة رجالا يملكون المقدرة على دراسة ما في خلد الدولة و على هذا الأساس ينفذون عملياتهم”، حسب رأيه.

وفي تصريح خاص لسويس إنفو يقول أرسلان شيخاوي المحلل العسكري والاقتصادي وعضو المنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس (سويسرا): “لدى تنظيم القاعدة أو المافيا التي تستغل اسمها، رغبة قوية في تشويه صورة البلاد، وتحطيم كل ما قام به بوتفيلقة على الصعيد الدولي” ويضيف “أشعر أن هناك رغبة قوية في عزل بوتفليقة وتوريطه في أزمة بالغة الخطورة، فكل ما بني في سنوات يراد تدميره بعمليات تحصل في العاصمة والمناطق المحيطة بها”، على حد تعبيره.

المعضلة الأمنية

هكذا يبدو أن المعضلة الأمنية الجزائرية، تجاوزت – وبكل ما تحمله الكلمة من معنى – حاجز الصراع الثنائي بين مسلحين إسلاميين يريدون الإطاحة بنظام علماني يرونه “كافرا” لتعويضه بدولة إسلامية.

يقول المحلل السياسي والعسكري أرسلان شيخاوي: “نخطئ عندما نتصور أن العنف الحالي يشبه عنف تسعينيات القرن الماضي، ففي تلك الفترة كان العنف أصوليا يستند على مفاهيم دينية، أما اليوم وهذا أمر قد تؤكده مصالح الأمن أو تنفيه، فيتعلق بمافيا تستغل اسم القاعدة لأغراض مجهولة و لكنها بالتأكيد تستهدف الاستقرار السياسي ورأس الهرم دون أدنى شك”

ويضيف أرسلان شيخاوي في حديثه لسويس إنفو: “تنضاف إلى ثنائية الصراع سابق الذكر، تداخل هائل للعوامل الاقتصادية والاجتماعية المستغلة لإشعال نار العنف. والخطأ سيكون جسيما لو أننا حصرنا العنف في تنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي”، بل هناك مافيا داخلية يهمها توريط رأس الدولة، والقاعدة ماهي إلا وسيلة، رغم أنها تنظيم مستقل”.

في هذا الصدد علمت سويس إنفو أن سفراء عدد من الدول الأوروبية في العاصمة الجزائرية رفضون التحاليل المعقدة لبعض دبلوماسييهم حيال تنظيم القاعدة خشية إغضاب بوتفليقة، و يبدو أن الخشية هذه لا محل لها من الإعراب على أساس أن وزير الخارجية الجزائري قد وضع – بتصريحاته – الأصبع على الهدف الذي يبدو أن كثيرين يسعون لتحقيقه وهو ما يمكن أن يُسمى “التوريط الشامل” من خلال الدفع بالقبول بإقامة قواعد عسكرية أمريكية في الجزائر.

يضاف إلى هذا سياسة إعلامية يصر بوتفيلقة على انتهاجها بشكل عجيب، وتتمثل في رفض أي تصريح رسمي تجاه ما ينفذه “تنظيم القاعدة” من عمليات مسلحة، يبث تفاصيلها وبشكل كامل مكتب قناة الجزيرة في المغرب الأقصى، مع الإحالة على مصدر الخبر المتمثل في موقع على شبكة الانترنت يستعمل من قبل التنظيم ضد “النظام العلماني الكافر”، كما يصفه.

وقد تعالت أصوات إعلامية كثيرة تنادي بتمكين المجال السمعي والبصري في الجزائر من انفتاح كبير تعرفه الجارة الغربية، ويبدو أن الرئيس الجزائري قلق جدا من توجه كهذا لم يحسب له حسابا دقيقا أو ربما لم يدر في خلده إطلاقا، ولكن يبدو أنه قد غفل عن حقيقة أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أصغر منه بجيل ونصف وأن غالبية مستشاريه ممن يراهم بوتفليقة في بني وطنه “أطفالا”.

تخوف من “العاصفة”

هناك شعور عام بأن الجو العام قد بدأ يتغير، و أن الأمن في الأسابيع المقبلة سيكون شهرة البلاد في وسائل الإعلام الدولية، علما أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي من هواة تطور كهذا ينضاف إليه مغامرون في السياسة برزوا في توريط البلد خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة.

على أن تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، له حسابات خاصة جدا، الظاهر فيها أنها مختلطة بحسابات دولية كثيرة، وهو ما يفهمه بوتفليقة بشكل جيد غير أنه ينتمي إلى الجيل الذي عرف التربية الحزبية الثورية لخمسينات القرن الماضي التي كانت و لاتزال ترى أن إشراك العامة في المشاورة حول أمور الدولة “إهانة”، وأن المثقفين والصحافيين مجرد “فلاسفة مجانين”.

وبعد هذا كله تظهر للعيان أن المعضلة الأمنية الجزائرية، بقدر ما هي معقدة بقدر ما هي مؤسفة، فكل القتلى حاليا هم من قوات الأمن والمسلحين والمدنيين والأجانب وأنهم من النكرات على المستوى الإجتماعي.

وفي الوقت الحاضر، يخشى محللون كثيرون، أن يتصاعد العنف في الأسابيع المقبلة، أي قبيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في شهر أبريل القادم ليطال فئات ومجموعات اجتماعية لم تكتو بنار العنف حتى الآن.

ومع أن الحكومة و مصالح الأمن ترفضان التعليق على ما يجري، إلا أن نشر أزيد من خمسة آلاف عنصر من رجال الأمن لحماية العاصمة، يشكل دليلا على أن التخوف من “العاصفة” كبير جدا، وأن السيطرة عليها تبدو “أمرا صعبا جدا هي الأخرى”، على حد تأكيد الصحافي الجزائري محمد بن تشيكو.

هيثم رباني – الجزائر

دبي (رويترز) – أعلن جناح لتنظيم القاعدة مسؤوليته يوم الاثنين 5 مارس عن هجوم وقع يوم في الجزائر وأسفر عن مقتل سبعة من رجال الشرطة.

وقال تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في بيان نشر على موقع يستخدمه متشددون على الانترنت، ان مقاتليه شنوا هجوما على قوات الدرك الوطني في تيزي وزو “وقتلوا عددا من المرتدين”.

وقالت صحيفة ان رجال الشرطة قتلوا في كمين يوم الاحد في ولاية تيزي وزو الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر شرقي العاصمة الجزائر.

وأعلنت الجماعة، التي كانت معروفة سابقا باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، الشهر الماضي مسؤوليتها عن هجوم راح ضحيته ستة مدنيين في الجزائر.

وقالت قناة الجزيرة التلفزيونية الاخبارية، ان رجلا قال انه أبو عبد الله أحمد زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب، اتصل بمكتبها في العاصمة المغربية الرباط لإعلان المسؤولية والتحذير من شن هجمات أخرى.

وقال الرجل انه يطلب من الشعب الجزائري المسلم الابتعاد عن أماكن “المرتدين والطغاة” لتفادي أي هجمات في المستقبل.

وهددت الجماعة في بيان سابق على الانترنت باستهداف الجنود الجزائريين.

كان العنف قد اندلع في الجزائر عام 1992 بعد أن ألغت السلطات بدعم من الجيش انتخابات برلمانية كان حزب سياسي اسلامي هو جبهة الانقاذ الاسلامية على وشك الفوز بها مخافة اندلاع ثورة على النمط الايراني.

وقتل ما يصل الى 200 ألف شخص في أعمال العنف الدامية التي تلت ذلك لكن هجمات المتمردين تراجعت بشدة خلال السنوات الاخيرة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 5 مارس 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية