مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من يتحمّل تكاليف العمل من المنزل؟

العمل من المنزل لا يجلب نوعاً من الحرية فحسب ، بل يؤدي أيضًا إلى مزيد من التوتر.
العمل من المنزل لا يجلب نوعاً من الحرية فحسب ، بل يؤدي أيضًا إلى مزيد من التوتر. Keystone / Jean-christophe Bott

أعلنت الحكومة الفدرالية أنه يجب على جميع الموظفين والموظفات في سويسرا، العمل في المنزل مرة أخرى،  إذا أمكن. لكن العمل عن بُعد يثير العديد من الأسئلة القانونية والعملية.

قبل أيام قليلة، أوصت الحكومة السويسرية الجميع بالعمل من المنزل إن أمكن. كان هذا الأسلوب من العمل لا يحظى بشعبية في السابق، أما اليوم فأصبح يشهد طفرة في جميع أنحاء العالم منذ هذا الربيع، حيث تضاعفت نسبة الموظفين السويسريين الذين يعملون من بيوتهم من 25 إلى 50 بالمائة منذ أزمة كورونا، بحسب أرقام المكتب الفدرالي للإحصاء.

وأظهرت دراسة أجراها المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (Ifo) أن العمل من المنزل هو وسيلة فعالة لمنع انتشار الفيروس، حيث قارنت الدراسة الأرقام حول نسبة العمل عن بُعد ببيانات العدوى الصادرة عن معهد روبرت كوخ ووجدت أنه كلما زادت إمكانات العمل عن بُعد في منطقة ما، كان انتشار الفيروس أبطأ.

لكن هل تختفي ظاهرة المكتب المنزلي مع اختفاء الفيروس ذات يوم؟ لا على الإطلاق، كما تعتقد منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي أوضحت أن الخبرة الحالية مع العمل من المنزل سيكون لها تأثير طويل المدى على كيفية ومكان عملنا في المستقبل. وتدعم توقعات المنظمة العديد من الدراسات الاستقصائية، مثل تلك الخاصة بمنصة التواصل Xing، التي تفيد بأن 85 في المائة من خبراء وخبيرات الموارد البشرية، ممن شملهم الاستطلاع  يرون أن المكاتب المنزلية والعمل عن بعد سيكونان ممكنيْن أيضًا بعد أزمة كورونا.

العمل من المنزل حق!

تثير هذه التوقعات أسئلة عملية وقانونية: هل هناك حق للعمل من المنزل؟ هل يستطيع أرباب العمل إجبار موظفيهم على العمل من المنزل؟ وما الذي ينطبق في الواقع على فترات الراحة عند العمل في المنزل؟ رابطة أرباب العمل السويسرية أصدرت مؤخرًا دليلًا لتوضيح ما ينطبق في هذا البلد.

بادئ ذي بدء: لا يوجد حق العمل من المنزل في سويسرا، فإذا كنت تعمل من المنزل دون موافقة صاحب العمل، فإنك تخاطر باتخاذ تدابير ضدك بموجب القانون الفدرال للعمل. حتى أثناء الوباء، يمكن أن يُطلب من الأشخاص المعرضين للخطر القيام بعمل في المكتب. ومع ذلك، يجب على صاحب العمل الوفاء بواجب الرعاية وحماية الموظفين بشكل كاف. لكن إذا لم تكن الحماية الكافية أو العمل من المنزل ممكنًا، فيجوز للموظف البقاء في المنزل بأجر كامل، كما يكتب مكتب المحاماة ( MME ) في مقال.

في الوقت نفسه، لا يوجد قانون يلزم بالعمل من المنزل في سويسرا، كما تلاحظ جمعية أرباب العمل. مع ذلك، فإنه  أثناء الوباء، يبدو الأمر مختلفًا بعض الشيء، كما يرى مكتب المحاماة (MME)، فطبقاً لواجب الولاء، الذي يجب أن يمتثل له أرباب العمل، من المرجح أن يكون الموظفون ملزمين باتباع التعليمات للعمل من المنزل، كقاعدة عامة في الوقت الحالي.

الأمر غير المختلف عليه هو أن قانون العمل ينطبق أيضًا على العمل من المنزل، حيث يجب أيضًا اتباع أحكام عقد العمل وقانون واتفاق العمل وما إلى ذلك عند العمل في المنزل. على سبيل المثال، يبقى الحق في الراحة وكذلك القيود المفروضة على العمل ليلاً أو أيام الأحد.

جوهر الخلاف هو التكاليف

ومع ذلك، فإن النقطة الشائكة هي التكلفة. هل يجب على صاحب العمل المساهمة في التكاليف مثل الكهرباء والمياه والتدفئة التي تنشأ أثناء العمل من المنزل؟ نعم، يرى ما يقرب من ثلثي الموظفين الذين تم استجوابهم في استطلاع أجراه معهد الأبحاث جي إف إس.

جمعية أرباب العمل لها رأي مختلف تمامًا. في إرشاداتها الصادرة مؤخراً، تنص الجمعية على أن جميع التكاليف يجب أن يتحملها الموظفون. الاستثناء هو التكاليف التي تنشأ فيما يتعلق بالعمل ويمكن إثباتها عن طريق الإيصال، على سبيل المثال نفقات خراطيش الطابعة.

في المقابل تشعر النقابة العمالية (Travail Suisse)، بالفعل بالخطر المتمثل في أن بعض الشركات قد ترى في العمل من المنزل في المقام الأول برنامج ادخار. من أجل منع هذا، يجب تقديم تعويضات لمساحة مكتب الموظفين، على سبيل المثال. كما يجب أيضًا تقاسم أي أموال يتم ادخارها جراء العمل عن بعد بشكل عادل بين الجانبين.

ترى النقابة أيضًا أن المخاطر المتمثلة في مرونة العمل لتتماشى مع العمل من المنزل تكون بالكامل على حساب الموظفين والموظفات، حيث توصل مسح أجرته شركة التأمين الصحي الألمانية (AOK) إلى نتيجة مفادها أن العمل عن بعد يؤدي، من ناحية، إلى زيادة الرضا الوظيفي، ولكنه يؤدي أيضًا من ناحية أخرى إلى زيادة العبء النفسي على الموظفين والموظفات.

العابرون للحدود.. حالة خاصة

في إرشاداتها، تلفت جمعية أرباب العمل الانتباه إلى نقطة مثيرة للاهتمام تتعلق بالعاملين عبر الحدود: فإذا قام شخص ما بنسبة 25 في المائة أو أكثر من العمل في بلد آخر في الاتحاد الأوروبي، فسيخضع تلقائيًا لنظام الضمان الاجتماعي المحلي وسيتعيّن عليه دفع المستحقات المالية المطلوبة.

وإذا كان الشخص يعمل بنسبة 50 في المائة أو أكثر من المنزل، فإن أحكام قانون العمل هناك تنطبق عليه. فإذا كنت تعيش في ألمانيا على سبيل المثال،  فسيحق لك الحصول على عطلة في الثالث من أكتوبر، يوم الوحدة الألمانية.

في الوقت نفسه، قد يكون للعمل من المنزل أيضًا عواقب ضريبية على الموظفين المقيمين في الخارج، كما كتبت جمعية أرباب العمل في إرشاداتها، لا سيما فيما يتعلق بخصم ضريبة الاستقطاع.


(نقلته إلى العربية وعالجته: مي المهدي) 

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية