مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأمم المتحدة بحاجة إلى مزيد من الديمقراطية.. فهل تُسهم سويسرا في المهمة؟

تُعاني الأمم المتحدة من عجز في الممارسة الديمقراطية. أما سويسرا فهي تريد - بصفتها العضو المُرشح للانضمام قريبا إلى مجلس الأمن الدولي ذي التأثير القوي - أن تقوم بدورٍ نشطٍ في عملية الإصلاح.

المزيد
شعار الأمم المتحدة على خلفية حمراء
دبلوماسية تتحدث أمام مصدح وراء كلمة سويسرا

المزيد

الأمم المتحدة بحاجة إلى مزيد من الديمقراطية.. فهل تُسهم سويسرا في المهمة؟

تم نشر هذا المحتوى على تُعاني الأمم المتحدة من عجز في الممارسة الديمقراطية، وتريد سويسرا، المرشحة للانضمام قريبا إلى مجلس الأمن ذي التأثير القوي – أن تقومَ بدورٍ نشطٍ في عملية الإصلاح.

طالع المزيدالأمم المتحدة بحاجة إلى مزيد من الديمقراطية.. فهل تُسهم سويسرا في المهمة؟
دبلوماسية تتحدث أمام مصدح وراء كلمة سويسرا
تترأس السفيرة باسكال بايريسفيل (في الصورة) حاليا البعثة السويسرية لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك. © Keystone / Martial Trezzini

فجأةً توصّل الجميع إلى اتفاق: ففي نهاية شهر أبريل 2022، قررت الجمعية العامة، وهي أهم هيئة في الأمم المتحدة، بأن استخدام حق النقض مُستقبلًا في مجلس الأمن يجب أن يؤدي دائمًا إلى إجراء نقاشٍ في الجمعية العامة. “هذه دعوة لتقييد استخدام حق النقض عندما يُمارس أحد الأعضاء الدائمين في المجلس هذا الحق”، كما توضح سفيرة سويسرا لدى الأمم المتحدة، باسكال بيريسفيل، القرار الذي لم يُصوت ضده أيٌ من الدول الأعضاء المئة والثلاثة وتسعين.

“هذا القرار هو ثمرة عملٍ دام أكثر من عقدين من أجل مجلسِ أمنٍ شفاف وفاعل”، تضيف السفيرة.

على الرغم من ذلك، جاء القرار الذي اتُّخذ بالإجماع، مفاجئًا؛ لأن الأمم المتحدة، وفي ضوء الانتهاك الروسي للقانون الدولي بشن الحرب ضد أوكرانيا، أظهرت مرّةً أخرى بأنها غير متفقة ومنقسمة جدًّا. في مجلس الأمن المؤلف من عضوية خمس عشرة دولة استخدمت روسيا في الأسابيع الأخيرة مرارًا حقها في النقض وشلت بذلك قدرة المجلس الذي يتحمل مهمة صيانة الأمن والسلام في العالم. مستقبلاً، على روسيا أن تواجه في حالات استخدام حق النقض نقاشًا علنيا في الجمعية العامة؛ كذلك كل القوى الأربع الأخرى التي تتمتع بهذا الحق: الصين وفرنسا وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد

رينيه شفوك، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف يصف القرار بأنه “نجاح كبير للدول الأعضاء الصغيرة مثل سويسرا وإمارة ليختنشتاين”.

كريستيان فينافيزر، سفير ليختنشتاين لدى الأمم المتحدة، والتي كانت قدمت الطلب أمام الجمعية العامة، يقول: “في الختام كان لدينا ثمانون راعٍ مشاركًا”، ويتحدث عن “تقدّمٍ نحو التعددية القطبية وعن خطوة أولى في سبيل تحديثاتٍ أخرى” في المنظمة الدولية.

في الواقع، لم يكن هذا الجهد الإصلاحي حالةً وحيدة، فمنذ سنوات كان هنالك سعيٌ للتخلص من العجز الديمقراطي الموجود داخل الأمم المتحدة وإصلاح حق النقض، وهو مسعى ساهمت فيه سويسرا أيضًا.

في العام 2019 كتبت الحكومة الفدرالية في جوابٍ على طلبٍ قُدّم في البرلمان السويسريرابط خارجي: “ترحب الحكومة بالنقاش حول تحديث وتدعيم الأمم المتحدة الذي يشمل التحول الديمقراطي”. وفي العام 2020 قدمت الحكومة تقريرًارابط خارجي عن إرساء الديمقراطية في منظمة الأمم المتحدة.

وفقًا للدستور الفدرالي، فإن الشؤون الخارجية من اختصاص الحكومة الفدرالية، فهي التي تمثل سويسرا أمام الجهات الخارجية وتُبرم العقود معها. بعض هذه العقود يجب أن يُجيزها البرلمان، لكنَّ بعضها الآخر يقع أيضًا ضمن اختصاص الحكومة وحدها.

واستنادًا إلى قانون البرلمانرابط خارجي يجب على الحكومة الفدرالية أن تُطلع بانتظام اللجان المختصة بالسياسة الخارجية في غرفتي البرلمان وأن تستشيرها في المسائل الجوهرية. وبناءً عليه، يمتلك البرلمان في مجال السياسة الخارجية حق الحصول على المعلومات والتشاور. وبإمكان لجان السياسة الخارجية أن تعطي موقفًا أو أن تقدم نصيحةً، لكن الحكومة الفدرالية غير ملزَمة أن تضع في اعتباراتها ما تبديه اللجان وتستطيع أن ترفضه بدون أي تعليل.

من ناحيةٍ قانونية بحتة، فليس للشعب والمجتمع المدني حق مباشر للمشاركة في السياسة الخارجية. فقط عند الموافقة على العقود المبرمة وفقًا للقانون الدولي فإن للناخبين والناخبات حق النقض، ولهذا الغرض يتم اللجوء إلى الاستفتاء.

تُشرك الحكومة الفدرالية الكانتوناترابط خارجي في السياسة الخارجية عندما تمس قرارات السياسة الخارجية اختصاص الكانتونات أو مصالحها. ووفقًا للدستور، تُعلم الحكومة الكانتونات وتطلب رأيها.

لكن الحكومة السويسرية مازالت تجد صعوبةً على المستوى السياسي الداخلي في إشراك الشعب والبرلمان لتطوير المواقف والنقاط الهامة للعمل في مجلس الأمن. من ناحية قانونية ليس لدى الشعب السويسري حقوقٌ مباشرة للمشاركة في تقرير السياسة الخارجية.

لكنه على الأقل، إذا قرر مجلس الأمن في فترة عضوية سويسرا نظام عقوبات جديد كليًّا أو أجاز تحركًا عسكريًّا، فإنه سيتم مشاورة روساء أو رئيسات لجان السياسة الخارجية في البرلمان. وتقول الحكومة الفدرالية بأنها – إضافةً إلى ذلك – ستُطلع الشعب بشكلٍ منتظم على السلوك السويسري في عمليات التصويت التي تتم داخل مجلس الأمن الدولي، ولكن بشكلٍ لاحق للتصويت.

مضافًا إلى هذا، فإن هنالك خطط لإشراك المجتمع المدني في الأعمال المتعلقة بمجلس الأمن، وذلك كما تفعل النرويج بشكلٍ جزئي.

بالمقارنة مع الصعيد الدولي، فإن سويسرا تتقدم جدًّا. وتوضح الخبيرة في القانون الدولي في جامعة بازل “آنّا بيتريغ”رابط خارجي ذلك بالقول: “تاريخيًّا، كانت السياسة الخارجية، وفي كل البلدان، من اختصاص السلطة التنفيذية دائمًا. وحتى في سويسرا، لم يجرِ إدخال حقوق المشاركة الواسعة للبرلمان إلّا مع الدستور الجديد في العام 1999”.

المزيد
شعار الأمم المتحدة على خلفية حمراء
Taliban-Delegation in Oslo

المزيد

سويسرا تَنظر إلى المثال النرويجي قبل شغْلِها مَقعداً غير دائم في مجلس الأمن  

تم نشر هذا المحتوى على تَتَساءل الدَولة الصغيرة سويسرا عَن التَغيير الذي يُمكن أن تُحدِثه في أهمِّ أجهزة الأمم المتحدة. المثال النرويجي يُظهر أن كل شيء ممكن.

طالع المزيدسويسرا تَنظر إلى المثال النرويجي قبل شغْلِها مَقعداً غير دائم في مجلس الأمن  

في معظم البلدان، كان احتكار الحكومات للسياسة الخارجية، وعلى مدىً طويل، يُقبل دون اعتراض. لكن فيما بعد أثار اتجاهان عالميان النقاشَ حول ذلك:

أولًا في الأمم المتحدة -وخارجها أيضًا- يجري دائمًا تنظيم الكثير من القضايا وفقًا للقانون الدولي، وبذلك يتقلص فضاء عمل الهيئات التشريعية على الصعيد الوطني، حيث أن وضع المعايير على مستوى القانون الدولي يجري عبر الحكومات. تقول بيتريغ: “لاحظَت البرلمانات بأن بعض المواضيع تُسحب منها، لأن هنالك المزيد من الوقائع القانونية تأخذ طريقها إلى التدويل باستمرار”.

ثانيًا، يتم السعي بشكلٍ متزايدٍ دائمًا إلى حلولٍ عبر القوانين الناعمة، أي عبر اتفاقاتٍ غير مُلزِمة أو إعلاناتِ نوايا أو مبادئَ توجيهية لا يجب أن تخضع لعملية تشريع عادية تستغرق وقتًا طويلًا. مثالٌ على ذلك ميثاق الأمم المتحدة المثير للجدل حول الهجرة، والذي يضع معاييرَ للتعامل مع المهاجرين والمهاجرات.

في هذا الصدد، تقول بيتريغ – التي كتبت لسويسرا تقرير خبرةرابط خارجي حول إشراك البرلمان في القوانين غير الملزمة – إن: “ميثاق الهجرة كان في العديد من الدول مثل نداء استيقاظ في قضايا القانون غير المُلزم”.

“مجلس الأمن كعدسة مكثِّفة”

من خلال التدويل، تفقد البرلمانات وقواعدها الانتخابية من القدرة على التأثير، بينما تزيد الحكومات من السلطة في اتخاذ القرار. هذا الشيء ليس جديدًا في سويسرا، لكنه يكتسب الآن اهتمامًا شعبيًّا وفقًا للسيدة بيتريغ التي تقول إن “الترشّح لمجلس الأمن أشبه شيء بعدسةٍ مكثِّفة للسؤال عن المدى الذي ستبلغه حقوق المشاركة”.

المزيد

الأرشيف

برأيك، لماذا يتعيّن على سويسرا شغل مقعد في مجلس الأمن الدولي من عدمه؟

تنويه: بعد صدور نتيجة التصويت على عضوية سويسرا في مجلس الأمن، قمنا بإغلاق هذا النقاش، ولكن يمكنكم الانضمام إلى حوارنا حول الكيفية التي يمكن من خلالها لسويسرا أن تساهم في تحقيق  “السلام العالمي” من خلال عضويتها هذه وذلك بالضغط على هذا الرابط. بعد أن قدمت سويسرا ترشحها لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم…

84 تعليق
عرض المناقشة

مما لا شك فيه أنه سيكون مكسبًا لو أمكن أيضًا تحديد جدول أعمال الأمم المتحدة بعملياتٍ أكثر ديمقراطية. في الواقع، هذه الفكرة كانت قد وصلت أيضًا إلى الأمم المتحدة. هكذا نتج في إطار المحادثات مع مواطنين ومواطناترابط خارجي بمناسبة مرور خمسة وسبعين عامًا على إنشاء منظمة الأمم المتحدة اقتراح “مبادرة المواطنة العالمية”رابط خارجي.

البرلمانية الجامايكية أنجيلا براون بيرك قالت عند عرض المشروع مؤخّرًا: “في المستقبل ينبغي أن يكون للناس أيضًا صوتٌ في الأمم المتحدة”.

وحتى الآن، تلقى الفكرة تأييدًا من برلمانيِّي وبرلمانيّات أربعين بلدًا عضوًا في الأمم المتحدة ومن طرف أكثر من مئتي منظمة من منظمات المجتمع المدني.

المزيد
شعار الأمم المتحدة على خلفية حمراء
مجموعة من النشطاء تحتج رافعة لافتات أمام مبنى القصر الفدرالي في برن

المزيد

هل تَستطيع سويسرا الدفاع عن قيمها داخل مجلس الأمن الدولي؟

تم نشر هذا المحتوى على هل ستكون سويسرا قادِرة على نَقل سياستها في مَجال حقوق الإنسان إلى أقوى هيئة لِصُنع القرار في الأمم المتحدة؟

طالع المزيدهل تَستطيع سويسرا الدفاع عن قيمها داخل مجلس الأمن الدولي؟

بالنسبة للخبيرة السويسرية في القانون الدولي آنّا بيتريغ، فإن مبادرة المواطنة العالمية ليست هي الحل لكل المشاكل. وتقول في هذا الصدد: “هنالك العديد من الجهات الدولية الفاعلة، وليست الأمم المتحدة وحدها. النظام مجزّأ بشكلٍ كبير، والنطاق هنا واسع: من الخبراء في “نادي الصبيان الكبار”(Old Boy’s Club) الذين كتبوا كتابًا إرشاديًّا ليصبح معيارًا بسبب نقص البدائل، حتى المسارات الرسمية على مستويات عليا، والمترافقة مع جدل عام، مثل ميثاق الهجرة، فإن كل شيء موجود”.

وتضيف الخبيرة: “لذلك فإنه من الصعب القول كيف تُنظَّم مشاركة البرلمانات على أفضل وجه مع هذه التشكيلة المتنوعة”. لكنّها ترى أن “الاتجاه الدولي يسير نحو المزيد من الشفافية والمشاركة”.

إلى هذا الاتجاه ينتمي القرار الأخير للجمعية العامة للمنتظم الأممي حول استخدام حق النقض، الذي يقول عنه أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف رينيه شفوك بأنه “يؤشّر لعلامة فارقة ومهمة” على الطريق المؤدي إلى منظمة دولية أكثر ديمقراطية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية