مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات
الوجه المُتحوّل لجنيف الدولية

سياسة اللاجئين: الخيّر والشرير والقبيح

إيموجين فولكس

في الشهر الماضي، أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إحصائية مذهلة: 100 مليون شخص حول العالم تم تهجيرهم قسرياً، أي أكثر من عشرة أضعاف عدد سكان سويسرا.

نزح بعض هؤلاء مؤخراً؛ مليونا أوكراني يعيشون الآن في بولندا. آخرون ولدوا في مخيمات اللاجئين، ولم يعرفوا حياة أخرى. اضطر البعض إلى الفرار من ديارهم، لكنهم ظلوا في وطنهم، وانتهى الأمر بالبعض الآخر على بعد آلاف الأميال.

في 20 يونيو من كل عام، تحتفل الأمم المتحدة بيوم اللاجئ للفت الانتباه إلى وضع اللاجئين واللاجئات في جميع أنحاء العالم، وإظهار الدعم لهم. في الحلقة الأخير ة من بودكاست  من  Inside Geneva (من قلب جنيف) . قررنا أن نتعمق في هذه القضية، وننظر في سياسة اللاجئين، والمواقف تجاههم، وربما الأهم من ذلك كله ، في تجارب اللاجئين أنفسهم.

هنا، يُمكنكم الاستماع إلى البودكاست كاملا (بالانجليزية):

محتويات خارجية

الخيّر

تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. وقد استجابت أوروبا بسخاء غير مسبوق، حيث سمحت للاجئين واللاجئات بالدخول إلى أراضيها بدون تأشيرة الحق في العمل، وفي كثير من الحالات، استضافتهم  عائلات في عدة دول من فنلندا إلى فرنسا، ومن سويسرا إلى إسبانيا.

تقول جيليان تريغز، مساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية في وكالة الأمم المتحدة للاجئين، إن الأمم المتحدة تنظر إلى رد فعل أوروبا على أنه “أفضل ممارسة”. شعار الأمم المتحدة ليوم اللاجئ 2022 هو “أياً كان، أينما كان، في أي وقت”، وتأمل تريغز وزملاؤها بالتأكيد أن يمتد هذا المعيار المثالي ليشمل جميع اللاجئين. “لقد أثبتت هذه التجربة إمكانية القيام بذلك، لذا فقم بهذه الممارسات الآن فيما يتعلق بالبلدان الأخرى.”

جيف كريسب، خبير في سياسة اللاجئين في مركز دراسات اللاجئين بجامعة أكسفورد، انضم إلينا في البودكاست. راقب كريسب الترحيب الكبير الذي قدمه المواطنون العاديون في جميع أنحاء أوروبا للاجئات واللاجئين الأوكرانيين، ويعتقد أن الأزمة يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوعي والفهم لقضايا اللاجئين.

وقال جيف كريسب لبودكاست “من داخل جنيف”: “لقد أضفت أزمة أوكرانيا حقًا نوعًا من الإنسانية على قضية اللاجئين، فقد تمكن الناس من رؤية النساء والأطفال والرجال في ظروف صعبة للغاية”.

السيّء

ولكن قبل هجوم روسيا على أوكرانيا، لم تتمكن أوروبا، كما تشير تريغز، حتى من التوصل إلى اتفاقية لتقاسم مسؤولية استضافة بضعة آلاف من طالبي اللجوء الذين تمكنوا من الوصول إلى شواطئ أوروبا عن طريق عبور البحر الأبيض المتوسط ، مستقلين القوارب الهشة وقد وضعوا حياتهم في مخاطرة كبيرة.

نيال دينغ ، لاجئ من جنوب السودان، قال للبودكاست “كشخص يفهم أهوال الحرب جيدًا ، كنت سعيدًا جدًا برؤية دول في أوروبا تفتح حدودها أمام اللاجئين الأوكرانيين ، لكن السؤال هو ، ما الذي كان يحدث قبل ذلك. “

قصة نيال هي رمز لما يعيشه العديد من اللاجئين. فقد عاش سنوات في طي النسيان، مع غياب أي رؤية مستقبلية حول كيفية استئناف الحياة الطبيعية. على الرغم من كون نيال من جنوب السودان، إلا أنه لم يعش أبداً هناك؛ فقد أصبح والده لاجئًا في إثيوبيا قبل ولادته.

ثم، عندما كان نيال في الحادية عشرة من عمره، اندلعت أعمال العنف في محل إقامتهم في قرية في إثيوبيا واضطرت عائلته إلى الفرار مرة أخرى. انفصل نيال عن والديه وإخوته. وانتهى به الأمر في مخيم للاجئين في كينيا، حيث مكث هناك 11 عامًا.

يمكنك سماع المزيد عن تجاربه من خلال الاستماع إلى بودكاست “من داخل جنيف”. يدرس نيال الآن في كندا، لكنه ما يزال يتابع تطورات سياسة اللاجئين، لأنه  أمضى 11 عامًا في المخيم، لكن “الشيء الصادم هو أن هناك أشخاصًا عاشوا في هذا المخيم لأكثر من 20 عامًا، وما زالوا هناك حتى اليوم “.

الأمر الصادم الآخر هو أن قصة نيال ليست استثناء. الملايين من اللاجئين واللاجئات حول العالم ينتظرون في المخيمات، أو أماكن الإقامة المؤقتة لسنوات بل حتى عقود، دون الحصول على أي فرصة للعمل أو العودة إلى ديارهم. كما أنهم يحرمون من فرصة الاستقرار في مكان جديد ومحاولة استئناف حياتهم.

الخطر الآن هو أن الحرب في أوكرانيا تخلق نظاماً “من الدرجة الأولى والثانية” للاجئين. هنا في سويسرا ، يشير المجلس السويسري للاجئين إلى أنه “عندما يكون لدينا لاجئون آخرون من الحرب ، فإنهم يذهبون إلى مركز لجوء فدرالي ، وينتظرون هناك لشهور. والآن يرون اللاجئين الأوكرانيين يدخلون ويخرجون في نفس اليوم من نفس المركز “.

مثل وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ترى المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين  أن سياسة “أفضل الممارسات” المطبقة بشأن اللاجئين الأوكرانيين يجب أن تمنح للجميع.

القبيح

لكن حتى وإن خلقت الحرب في أوكرانيا قدرًا أكبر من الكرم  في جميع أنحاء أوروبا تجاه جميع اللاجئين بين المواطنين العاديين، إلا أن العديد من الحكومات تواصل صياغة سياسة تهدف إلى ردع طالبي وطالبات اللجوء، بدلاً من توفير الحماية التي يتعين عليها تقديمها كموقعين على اتفاقية اللاجئين لعام 1951.

المملكة المتحدة هي أحدث دولة تتبنى استراتيجية “الاستعانة بمصادر خارجية” لطالبي اللجوء الذين يصلون “بشكل غير قانوني” من خلال ركوب قوارب صغيرة عبر القناة. تتمثل الخطة في إرسال هؤلاء الأشخاص إلى رواندا، حتى إذا تم قبول طلبهم للحصول على وضع اللاجئ، فلن يُسمح لهم بالدخول إلى المملكة المتحدة، ولكن سيتعين عليهم البقاء في رواندا.

يقول كريسب: “تكليف دول أخرى هو بالتأكيد أحد أكثر الاتجاهات إثارة للقلق التي نراها في سياسة اللاجئين العالمية اليوم”. ويوضح كريسب أن أستراليا كانت أول من حاول ذلك، فأرسلت طالبي اللجوء إلى معسكرات في جزيرة ناورو النائية، حيث وجدت جماعات حقوق الإنسان فيما بعد أدلة واسعة النطاق على الانتهاكات.

تريغز تعتبر هذه السياسة أكثر من “مزعجة”. “أستطيع أن أقول بشكل قاطع إننا نعارض هذه السياسة بشدة”. “الاستعانة بمصادر خارجية بهذه الطرق يتعارض مع القانون الدولي، كما أنه لا يمكن الدفاع عنه من الناحية الأخلاقية.”

إذن، هل الحكومات والمواطنون يتجهون الآن في اتجاهات مختلفة بشأن سياسة اللاجئين؟ أم أن الكرم المقدم للأوكرانيين حقاً للأوكرانيين فقط وليس للأفغان أو السوريين أو القادمين من جنوب السودان؟

لا يأمل دينغ أن يكون هذا هو التوجه في سياسة اللاجئين. “إذا اضطر أي شخص إلى الفرار من منزله بسبب الحرب والعنف والاضطهاد، فيجب الترحيب به، بغض النظر عن المكان الذي أتى منه وبغض النظر عن لون بشرته أو وضعه الاجتماعي، لأن الناس لا يختارون أن يصبحوا لاجئين إلا بعد أن يجبروا على ذلك”.

محتويات خارجية
لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
شارف على الإنتهاء… نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
أوكرانيا: تحليلات من سويسرا

بمجرد حدوث تطورات جديدة، سنُوافيك بملخص لأهم المقالات المتعلقة بأوكرانيا من swissinfo.ch مباشرة في صندوق بريدك.

شهريّا

توفر سياسة خصوصيّة البيانات المعتمدة من طرف هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (SRG – SSR) معلومات إضافية وشاملة حول كيفية معالجة البيانات.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية