صحيفة سويسرية: الضفة الغربية على حافة الانفجار
تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع تداعيات بناء مشاريع استيطانية في الضفة الغربية، ودلالات وصف بنيامين نتنياهو لمجازر تركيا ضد الأرمن على نحو مفاجئ بالإبادة الجماعية، إلى جانب موقف سويسرا من الاعتراف بدولة فلسطين.
أفاد الكاتب ريتشارد شنايدر في مقال مطوّل أن الوضع في الضفة الغربية على حافة الانفجار، حيث تتقاطع مشاريع استيطانية مثيرة للجدل مع تصاعد غير مسبوق في أعمال العنف.
ونوَّه أنّ السؤال لم يعد “هل تبني إسرائيل مستوطنات؟”، بل أي نظام سياسي وجغرافي سينتج عن هذه الوقائع؟. وأوضح أنّ العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ مطلع 2025 في جنين وطولكرم، واعتداءات المستوطنين.ات المتكررة، أسفرت عن دمار واسع ونزوح السكان. وأضاف أن الأمر وصل إلى اقتلاع ثلاثة آلاف شجرة زيتون، قرب قرية المغير بذريعة أمنية.
وذكّر شنايدر بتقارير الأمم المتحدة، الموثِّقة لأكثر من ألف اعتداء للمستوطنين.ات منذ بداية 2024. واعتبَر أنّ هذه الأرقام تعكس انفلاتًا خطيرًا، وتهديدًا مباشرًا لمصادر رزق السكّان الفلسطينيين وبنيتهم التحتية.
وتمحور المقال حول مشروع “E1” الاستيطاني بين القدس الشرقية ومعاليه أدوميم. وأكد الكاتب أنّ هذا المشروع، رغم صغر مساحته، سيؤدي إلى تقسيم الضفة إلى شمال وجنوب، وعزل القدس الشرقية عن أي كيان فلسطيني مستقبلي، ما يعني عمليًّا نهاية حل الدولتين.
ورأى شنايدر أنّ انشغال الولايات المتحدة بأزماتها الداخلية، وتورط أوروبا في الحرب الأوكرانية، وتوجه بعض الدول العربية نحو التطبيع مع إسرائيل، كلّها عوامل فتحت الطريق أمام حكومة نتنياهو للمضي قدمًا في المشروع.
وبحسب المقال، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: تصاعد تدريجي للعنف في شكل هجمات واحتجاجات متفرقة، أو انهيار السلطة الفلسطينية تحت ضغط مالي وإداري مع صعود الميليشيات، أو استمرار إسرائيل في إدارة الصراع دون أفق سياسي، وهو الخيار الراجح.
واستنتج شنايدر أنّ ارتدادات هذه التطورات قد تطال الأردن ودول الخليج، فقد يهدد المشروع التوازن الداخلي في الأردن، ويضع الحكومات الخليجية في مأزق بين علاقاتها مع إسرائيل والرأي العام المتعاطف مع الشعب الفلسطيني.
وختمت الصحيفة بالتأكيد على أنّ بناء الوقائع على الأرض يحوّل الاستيطان إلى أداة سياسية تعيد رسم الحدود، ما يفتح الباب أمام مرحلة طويلة من إدارة العنف بدلاً من حله، مع ما يعنيه ذلك من تدهور مستمر في حياة الفلسطينيين والإسرائيليين معًا.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغ، 1 سبتمبر 2025)
الاعتراف بدولة فلسطين: برن تصر على التريث رغم الضغوط الدولية
نشرت صحيفة لوتون تقريرًا مطوّلًا، للصحفي لويس ليما، تناول الجدل المتصاعد في سويسرا حول الاعتراف بدولة فلسطين. ويأتي ذلك بعد انضمام بلجيكا وعدة دول غربية إلى المبادرة الفرنسية الرامية لتوحيد الموقف خلال الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة.
وأشار الكاتب إلى أنّ وزير الخارجية إينياتسيو كاسيس، الناطق باسم الحكومة الفدرالية، يرى أنّ “الوقت لم يحن بعد”، مفضّلًا الاحتفاظ بالاعتراف كأداة سياسية يمكن استخدامها في لحظة مناسبة لدفع عملية السلام.
وأوضح التقرير أنّ هذا الموقف يثير جدلًا داخليًّا. ويشير إلى أن 70 شخصية دبلوماسية سويسرية سابقة وقَّعت رسالة مفتوحة تحثُّ الحكومة على الاعتراف بدولة فلسطين، مذكَرة بدور سويسرا كدولة راعية لاتفاقيات جنيف.
ولفت الكاتب إلى ما يصفه بـ”المفارقة”؛ فمنذ 2014 اعترفت سويسرا بفلسطين كطرف متعاقد في اتفاقيات جنيف، لكنها ما زالت ترفض الاعتراف بها كدولة. وهنا، نقلت الصحيفة عن خبيرة القانون الدولي غلوريا غاغليوني قولها إنّ “سويسرا تملك تأثيرًا خاصًا كدولة راعية، وصوتها له وزن مضاعف”.
كما ذكّر التقرير بسابقة كوسوفو عام 2008، حين سارعت برن إلى الاعتراف باستقلاله رغم هشاشته المؤسساتية، وهو ما يطرح – بحسب الكاتب – سؤالًا حول ازدواجية المعايير في السياسة الخارجية السويسرية.
(المصدر: لوتونرابط خارجي، 3 سبتمبر 2025)
لماذا قرَّر نتنياهو، فجأة، أن يصف الجرائم ضد الأرمن بالإبادة الجماعية؟
أوضح الصحفي أندرياس إرنسـت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أثار جدلاً واسعًا عندما وصف للمرة الأولى جرائم القتل الجماعي التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الأرمن بين عامي 1915 و1916 بأنها إبادة جماعية، ليكسر بذلك قاعدة راسخة في الخطاب الرسمي الإسرائيلي.
وأشار الكاتب إلى أنّ إسرائيل حصرت تاريخيًّا مفهوم “الإبادة” في الهولوكوست، بوصفه أساسًا لهويتها، مع استثناء وحيد لإبادة التوتسي برواندا. أمَّا مجازر الأرمن، فظلَّت خارج هذا التصنيف، لاعتبارات سياسية تتعلق بالعلاقات مع تركيا، وأذربيجان، الشريك الاقتصادي والعسكري الوثيق.
وبحسب التقرير، جاء رد أنقرة سريعًا، إذ اتهمت الخارجية التركية نتنياهو بـ”استغلال أحداث تاريخية مؤلمة لأغراض سياسية”. وأضافت أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي “المتهم بارتكاب إبادة ضد الشعب الفلسطيني” يسعى إلى صرف الأنظار عن أفعاله في غزة. واعتبر الكاتب أن هذه المواجهة اللفظية تعكس التدهور العميق في العلاقات التركية ـ الإسرائيلية منذ حرب غزة. ويرى أن نتنياهو لم يعد لديه الكثير ليخسره مع أنقرة.
أمَّا في أرمينيا، فكانت ردة الفعل باردة، رغم أنّ يريفان طالما طالبت باعتراف إسرائيلي بمأساتها. وفسّر الكاتب ذلك بسعي رئيس الوزراء نيكول باشينيان، منذ هزيمة بلاده أمام أذربيجان عام 2023، إلى تطبيع تدريجي مع تركيا لتخفيف عزلة أرمينيا الاقتصادية والسياسية، وهو ما يفسر تحفظه على التعليق.
كما بيّنت الصحيفة أنّ العلاقات الأرمنية ـ الإسرائيلية مثقلة بخلافات مزمنة، من بينها صفقات الأسلحة الإسرائيلية الضخمة مع باكو، التي ساهمت في هزيمة الأرمن، إضافة إلى النزاعات حول ممتلكات البطريركية الأرمنية في القدس. وازدادت الفجوة بعد اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين عام 2024، وهي خطوة أثارت استياء تل أبيب.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 2 سبتمبر 2025)
مقالاتنا الأكثر قراءة هذا الأسبوع:
+ سويسرا: الانتهاكات بحق شعب اليينيش “جرائم ضد الإنسانية”
+ ممارسات عنصرية داخل شرطة لوزان: سلوكات فردية معزولة؟
+ اقتراع 28 سبتمبر: دعوة الشعب السويسري لحسم الجدل بشأن الهوية الرقمية
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنك الكتابة لنا على العنوان الإلكتروني إذا كان لديك رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 12 سبتمبر مع عرض صحفي جديد.
مراجعة: فريق سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.