صحيفة سويسرية: قمة الدوحة تستعيد روح 67… لكن بلا لاءات عملية
تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع ثلاثة ملفات رئيسية: الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة مع تواصل الاجتياح الإسرائيلي، ومآلات القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة، وأول انتخابات برلمانية في سوريا بعد سقوط بشار الأسد.
إلى أين يتجه مليون نازح من غزة؟
نشرت صحيفة تاغيس أنتسايغير تقريرًا عن الكارثة الإنسانية في غزة مع تصعيد الجيش الإسرائيلي هجومه على المدينة. فقد أُجبر نحو مليون شخص على النزوح جنوبًا، حيث يندر الماء والغذاء والمساحات المخصصة للإيواء.
وتنقل الصحيفة عن محمد قويدر، 29 عامًا، مدرّس لغة إنجليزية من غزة، قوله: “أعتبر نفسي محظوظًا لامتلاكي خيمة. ففي هذه الأوقات، قد يصل ثمن الخيمة في قطاع غزة إلى 1500 دولار، ثم أن أصحاب الأراضي يفرضون إيجارات مرتفعة على الأماكن التي تُنصب فيها الخيام. وفي الصيف تكون درجة الحرارة مرتفعة داخل الخيمة، أما في الشتاء فلا يحتمل العيش فيها”.
ونشرت السلطات الإسرائيلية خريطة على فيسبوك تحدد مناطق نزوح بمساحة لا تتجاوز ستة كيلومترات مربعة، أي نحو ستة أمتار مربعة للفرد. لكن كانت هذه المناطق مكتظةً بالفعل بخيام منذ شهور. وقال أحد المتطوعين في مخيم يضم 600 شخص، و140 خيمة للصحيفة: “نفتقر إلى الماء النظيف، وإلى المرافق الصحية، والرعاية الطبية، وما زلنا نحتاج إلى الطعام أيضًا. ويصل المزيد من الناس من الشمال. لكن علينا أن نرفض معظمهم، إذ ليس لدينا أي مكان لإيوائهم”.
وتحذر منظمات إغاثة من أن هذه الظروف تنتهك القانون الدولي. وبحسب صحيفة هآرتس، حذرت المستشارة القانونية للجيش الإسرائيلي يفعات تومر-يروشالمي من أن أوامر الإجلاء غير قانونية، إذا لم تُؤمَّن شروط الحماية.
أعتبر نفسي محظوظًا لأن لديّ خيمة. ففي هذه الأوقات قد يصل ثمن الخيمة في قطاع غزة إلى 1500 دولار.
الغزاوي محمد قويدر
ورغم إعلان إسرائيل مشروعات لإصلاح شبكة المياه، وفتح مستشفيات، وتوزيع الغذاء، تؤكد منظمة أطباء بلا حدود (MSF) أن المياه المتاحة حاليًا تحتوي على نسبة ملوحة عالية ولا تصلح للاستهلاك. كما أن المستشفى الأوروبي في خان يونس يقع في منطقة إجلاء مدمرة. بالإضافة إلى ذلك، شهدت نقاط توزيع الغذاء سابقًا حوادث إطلاق نار أسفرت عن مقتل المئات.
وتختم الصحيفة بالإشارة إلى أن النازحين.ات يواجهون مصيرًا مجهولًا، فلا يوجد ما يضمن عودتهم.نّ إلى ديارهم.نّ في المستقبل. ورغم أن محمد قويدر يملك خيمة، على عكس الكثيرين.ات. لكن بعد يوم واحد فقط من حديثه في المقهى، غادر مدينة غزة. وقال يوم الجمعة الماضي عبر الهاتف إن البقاء هناك بات شديد الخطورة “دُمرت منازل كثيرة، ومعها كل ذكريات الناس”، حسبما أفادت الصحيفة.
(المصدر: تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 17 سبتمبر 2025، بالألمانية)
قمة الدوحة… قرارات عملية أم حبر على ورق؟
كتب الصحفي دانييل بوم في صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ من الدوحة أن القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في قطر أعادت إلى الأذهان مؤتمر الخرطوم عام 1967، وما عُرف بـ”اللاءات الثلاث” (لا اعتراف، لا مفاوضات، لا سلام مع إسرائيل) بعد هزيمة حرب الأيام الستة (حرب النكسة). لكن هذه المرة، وبعد قصف إسرائيلي استهدف اجتماعًا لقيادات من حركة حماس في العاصمة القطرية، لم تتمكن القيادات العربية والإسلامية من تحويل غضبهم إلى خطوات عملية.
ويضيف بوم أن الأجواء بدت متوترة منذ البداية، خصوصًا مع استياء دول الخليج التي عادة ما تتحاشى المواجهة. فقد أكد المسؤولون القطريون الغاضبون أن “الرد على العدوان الوحشي لبنيامين نتنياهو لن يقتصر على الكلام”، لكن سرعان ما تحولت الوعود إلى بيانات تضامنية مألوفة، من دون قرارات نوعية.
“الشرق الأوسط الجديد”، الذي راودت رؤيته كثيرين قبل أعوام قليلة، يبدو اليوم أبعد من أي وقت مضى بعد قصف الدوحة.
نويه تسورخير تسايتونغ
وأضاف أن البيان الختامي تضمّن 25 بندًا، أبرزها الدعوة إلى مراجعة العلاقات مع إسرائيل وملاحقتها في الساحات الدولية، والدعوة لوقف تزويدها بالسلاح،. غير أن الكاتب يؤكد أن هذه البنود بقيت من دون إجراءات عملية لتنفيذها.
لكن الأهمية، حَسَبَ المقال، تكمن في تبدل المزاج الخليجي. فقد كانت الإمارات قد طبّعت علاقاتها مع إسرائيل، وألمحت المملكة العربية السّعودية إلى خطوات مماثلة، انطلاقًا من شراكة أمنية في مواجهة إيران. لكن إسرائيل تحولت في نظرهم إلى مصدر تهديد، خصوصًا بعد حرب غزة وغاراتها المستهدفة للبنان وسوريا واليمن.
ومع ذلك، يشير الكاتب إلى أن خيارات العرب تبقى محدودة؛ فبرغم الحديث عن احتمال تجميد اتفاقيات أبراهام أو حظر مرور الطائرات الإسرائيلية عبر الأجواء السّعودية، فإن العواصم الخليجية لم تقدم بعد على تنفيذ مثل هذه الخطوات.
و أشار الكاتب إلى أن موقف واشنطن أثار مرارة في الخليج، فبعد أشهر قليلة من زيارة دونالد ترامب إلى المنطقة، حيث أغدقت عليه دول الخليج الهدايا ووعود الاستثمارات، وقف الرئيس الأميركي بوفاء كامل إلى جانب إسرائيل. هذا الانحياز، حَسَبَ المقال، عمّق شعور الخيبة في العواصم الخليجية، وجعل “الولايات المتحدة تبدو مرة أخرى كحليف متقلب يصعب الاعتماد عليه.” في وقت ما يزال الاعتماد على الحماية العسكرية الأميركية قائمًا.
يخلص المقال إلى أنّ دول الخليج، وإن لم تُبدِ استعدادًا لمواجهة مفتوحة مع إسرائيل، فإنّ ما سُمّي يومًا بـ”الشرق الأوسط الجديد”، الذي راودت رؤيته كثيرين قبل أعوام قليلة، يبدو اليوم أبعد من أي وقت مضى بعد قصف الدوحة.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 16 سبتمبر 2025، بالألمانية)
في سوريا “انتخابات غير مثالية لكنها ضرورية”
نشرت صحيفة لوتون تقريرًا بقلم صوفي فولدغن حول أول انتخابات برلمانية في سوريا منذ سقوط بشار الأسد. وأوضحت أنه رغم وصف الحدث بالتاريخي، إلا أنه يثير جدلًا وقلقًا بسبب نظام اقتراع غير تقليدي: ثلثا النواب والنائبات يتم اختيارهم عبر لجان محلية، بينما يعيّن الرئيس المؤقت أحمد الشرع الثلث المتبقي.
ونقلت الصحفية آراء عدد من السوريين والسوريات حول الانتخابات المرتقبة، ففي قرية دوما، إحدى معاقل الثورة ضد الرئيس السابق بشار الأسد، تقول نجوى (21 عاماً): “إذا كان ذلك يحسّن البلد فهذا جيد، لكن ما نريده هو أن تُسمع أصواتنا”. بينما يرى شاب آخر أن النظام “سيئ” لأنه لا يتيح انتخابًا مباشرًا. لارا عيزوقي، عضو اللجنة العليا للانتخابات، تعترف: “لسنا أمام عملية مثالية، لكنها حل طارئ لإطلاق الدولة الجديدة وبرلمانها”، مؤكدة أن غياب سجلات دقيقة للسكان والنازحين فرض هذا الخيار. وتوضّح وجود ثلاثة أنواع من بطاقات الهوية في سوريا: صادرة عن النظام، وأخرى عن الأكراد، وثالثة في إدلب، وبعض الأشخاص يحملون أكثر من واحدة.
وتبرز الصحيفة أيضاً هواجس الأقليات: رانيا قاسم، رئيسة المجلس الإسماعيلي في سلمية، تعتبر أن حصتهم “غير منصفة” مقارنة بالتنوع الديمغرافي. وفي المقابل، فإن بعض المناطق ليست ممثلة في الانتخابات. ففي السويداء، معقل الدروز، جنوب غرب سوريا، حالت المجازر الأخيرة والحصار دون مشاركة السكان، بعدما منع الشيخ الهجري لجنة الانتخابات من دخول المدينة. وهكذا تبقى مقاعدهم الثلاثة شاغرة، مثل مقاعد المناطق الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية، وفق الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن معظم الوزارات والإدارات السورية مشلولة تمامًا، بعدما أُقِرّ ما لا يقل عن 800 قانون في عهد الأسد لخدمة مصالحه، ومصالح دائرته الضيقة. وتوضح لارا عيزوقي، الناشطة السابقة في مجال حقوق النساء وعضو اللجنة العليا للانتخابات، أن البرلمان الجديد مطالب بتعديل هذه القوانين أو إلغائها وسنّ تشريعات بديلة.
وفي دوما، يتولى المجلس المحلي، الذي نشأ في بدايات الثورة لإدارة شؤون المدينة بغياب مؤسسات الدولة، اختيار المرشحين. ويشرح ياسين عبود، أحد مؤسسيه التاريخيين، معايير الترشيح بدقة: مؤهلات أكاديمية، نسبة نسائية لا تقل عن 20%، ويضيف بلهجة حازمة: “لكن الشرط الأول قبل كل شيء هو أن يكون المرشح ثوريًا”.
وتختم الصحيفة بالقول إنه بينما تتحقق اللجنة العليا من الترشيحات، يتأرجح البرلمان السوري الجديد بين أمل في إحياء مؤسسات منهارة وخطر أن يتحول إلى مجرد واجهة للسلطة. لكن أصوات مرشحين مثل عبد الرحمن سليك، الذي يضع الإعمار، وفرص العمل في صميم برنامجه، تعكس جوهر التحدي السوري: كيف تتحول الوعود إلى واقع ينهض من تحت الرّكام.
(المصدر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 16 سبتمبر 2025، بالفرنسية)
مقالاتنا الأكثر قراءة هذا الأسبوع:
+ أقليات سورية في جنيف تُطالب بالحماية الدولية وتدعو إلى الفيدرالية
+ التبنّي غير القانوني: من أحضان الأمهات في تشيلي إلى أسر سويسرية
+ سويسرا تطلق بديلًا شفافًا لـبرنامج تشات جي بي تي
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنك الكتابة لنا على العنوان الإلكتروني إذا كان لديك رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 26 سبتمبر مع عرض صحفي جديد.
مراجعة: فريق سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.