
إيران تندد بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة

نددت إيران الأحد بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة عليها بعد عشر سنوات من رفعها، بعد تعثر المحادثات بين الجمهورية الاسلامية والقوى الغربية بشأن برنامج طهران النووي.
وأُعيد فرض العقوبات الصارمة السبت بعد فشل المفاوضات النووية، لكنّ الأوروبيين والأميركيين أكدوا أن ذلك لا يعني نهاية الدبلوماسية.
ودخلت العقوبات التي تحظر التعاملات المرتبطة ببرنامجي إيران النووي والصاروخي إلى جانب تدابير أخرى، حيز التنفيذ تلقائيا الساعة الثامنة مساء بتوقيت نيويورك السبت (منتصف ليل السبت الأحد بتوقيت غرينيتش)، بعد عشر سنوات من رفعها، ومن المتوقع أن يكون لها تأثيرات أوسع على الاقتصاد.
وتجلت التبعات الاولى للعقوبات مع بلوغ الريال الإيراني أدنى مستوياته أمام الدولار الأحد قرابة الساعة 07,30 بتوقيت غرينتش وفق عدد من المواقع الإلكترونية المتخصصة في تتبع العملات.
وبحسب سعر السوق السوداء غير الرسمي، كان الدولار يُتداول بحوالى 1,12 مليون ريال، بحسب موقعي بونباست وألان تشاند المرجعيين. وقبل أن تفعّل فرنسا وبريطانيا وألمانيا “آلية الزناد”، كان سعر الدولار الواحد يزيد قليلا على مليون ريال إيراني.
وتسبب البرنامج النووي الإيراني بتدهور علاقة طهران مع العواصم الغربية التي تشتبه إلى جانب إسرائيل، في سعي طهران لامتلاك قنبلة ذرية. وتنفي إيران ذلك بشدة، وتصرّ على حقها في الطاقة النووية للأغراض المدنية.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستدافع بحزم عن حقوقها ومصالحها الوطنية، وستُقابل أي عمل يهدف إلى المساس بمصالح شعبها وحقوقه برد حازم ومناسب”.
ونددت في البيان بإعادة تفعيل العقوبات معتبرة أنها “إساءة واضحة للمسار القانوني وأي محاولة للقيام بذلك باطلة ولاغية”، ودعت الدول إلى عدم تطبيقها.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تخصّب اليورانيوم بمستويات عالية (60%) قريبة من الحدّ التقني اللازم لإنتاج القنبلة الذرية (90%).
وأواخر آب/أغسطس، أطلقت بلدان الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) ما يعرف بـ”آلية الزناد” التي تتيح إعادة فرض العقوبات التي رفعت عن الجمهورية الإسلامية بعد اتفاق العام 2015.
واعتبرت صحيفة كيهان الايرانية المحافظة والتي تعارض أي حوار مع الدول الغربية، أن إجراء المفاوضات لم يكن ليؤدي الى رفع العقوبات.
وكتبت صحيفة ميهان الاصلاحية أن “القضية الكبرى تكمن في معرفة ما إذا كانت روسيا والصين ستتمسكان بموقفهما” الرافض إعادة فرض العقوبات.
– “غير مقبول” –
قبل دخول القرار حيز التنفيذ، استدعت طهران سفراءها في فرنسا وألمانيا وبريطانيا “للتشاور”، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي الإيراني السبت.
من جهتها، أكدت لندن وباريس وبرلين أنها ستواصل البحث عن “حل دبلوماسي جديد يضمن عدم حصول إيران على السلاح النووي”، ودعت طهران إلى “الامتناع عن أي عمل تصعيدي”.
وشددت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الأحد على أن إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران لا تعني “نهاية الدبلوماسية مع ايران”.
وقالت في بيان إن “الامم المتحدة اعادت فرض عقوبات على ايران (…) بسبب برنامجها النووي”، مضيفة أن “الاتحاد الاوروبي سيتابع” هذا الأمر، لكنّ “حلا دائما للمسألة النووية الايرانية لا يمكن التوصل اليه إلا عبر التفاوض والدبلوماسية”.
أما وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو فدعا إيران السبت إلى الموافقة على إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة. وقال في بيان إن “الدبلوماسية لا تزال خيارا (…) والتوصل لاتفاق يظل النتيجة الأفضل للشعب الإيراني والعالم”.
وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان السبت إن واشنطن طلبت من طهران تسليمها “كلّ” مخزون اليورانيوم المخصّب لقاء تمديد رفع العقوبات.
وصرح لصحافيين في نيويورك حيث شارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن الولايات المتحدة “تريدنا أن نسلمها كلّ اليورانيوم المخصّب لدينا في مقابل إعفاء من العقوبات لمدة ثلاثة أشهر… ذلك غير مقبول بأي شكل من الأشكال”.
وعقدت اجتماعات رفيعة المستوى طوال الأسبوع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في محاولة للتوصل إلى حل دبلوماسي.
لكن دول الترويكا الأوروبية اعتبرت أن طهران لم تتخذ إجراءات “ملموسة” لتلبية شروطها الثلاثة وهي استئناف المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، والسماح بوصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المواقع النووية الحساسة في نطنز وفوردو وأصفهان التي قصفتها إسرائيل والولايات المتحدة في حزيران/يونيو، وتأمين مخزون اليورانيوم المخصب.
– “تخريب” –
واقترحت روسيا والصين بدون جدوى الجمعة في مجلس الأمن الدولي تمديد مهلة رفع العقوبات التي تنتهي في 18 تشرين الأول/أكتوبر، لمدة ستة أشهر، من أجل إعطاء الدبلوماسية مزيدا من الفرص.
وفي هذا الإطار، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية بـ”تخريب” المساعي الدبلوماسية.
وقال من على منبر الأمم المتحدة إن رفض مجلس الأمن المقترح الروسي الصيني الجمعة “أظهر سياسة الغرب الهادفة الى تخريب مواصلة الحلول البناءة”، منددا بما اعتبره “ابتزازا”.
وأبرمت إيران والقوى الكبرى اتفاقا بشأن برنامجها النووي في العام 2015، أتاح رفع عقوبات اقتصادية كان مجلس الأمن الدولي يفرضها عليها، لقاء تقييد نشاطاتها النووية.
الا أن مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية بعدما انسحبت واشنطن أحاديا منه عام 2018، ما دفع طهران الى التراجع تدريجا عن تنفيذ بنود أساسية فيه، خصوصا ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
وحدّد اتفاق 2015 تحت اسم خطة العمل الشاملة المشتركة سقف مستوى التخصيب عند 3,67%.
وتملك إيران، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حوالى 440 كيلوغراما من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، وهو مخزون يكفي في حال تخصيبه إلى 90% لإنتاج ما بين ثمان وعشر قنابل نووية، بحسب خبراء أوروبيين.
بور/الح-ب ق/الح