The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الثقة في ترامب.. رهان حماس على تسليم الرهائن الإسرائيليين

reuters_tickers

من نضال المغربي وستيف هولاند وأندرو ميلز

القاهرة/واشنطن/دبي 10 أكتوبر تشرين الأول (رويترز) – وصفت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه عنصري “ووصفة للفوضى” ورجل ذو رؤية عبثية لغزة.

وقال مسؤولان فلسطينيان إن اتصالا هاتفيا غير عادي الشهر الماضي ساعد في إقناع حماس بأن الرئيس الأمريكي قد يجبر إسرائيل على قبول اتفاق سلام حتى لو سلمت الحركة كافة الرهائن الذين يمنحونها نفوذا في الحرب في غزة.

وفي المكالمة التي تداولتها وسائل إعلام في ذلك الوقت، طلب ترامب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد اجتماع في البيت الأبيض في سبتمبر أيلول، إجراء اتصال للاعتذار لرئيس الوزراء القطري عن الغارة الإسرائيلية على مجمع سكني يضم قادة سياسيين لحماس في العاصمة القطرية الدوحة.

وقال المسؤولان إن تعامل ترامب مع الهجوم على قطر، الذي لم يؤت ثماره في استهداف مسؤولي حماس، بمن فيهم كبير المفاوضين خليل الحية، أعطى الحركة مزيدا من الثقة حيال قدرته على الوقوف في وجه نتنياهو وأنه جاد بشأن إنهاء الحرب في غزة.

والآن، بعد التوقيع على وقف إطلاق النار الذي توسط فيه ترامب يوم الأربعاء، وضعت الحركة المسلحة المزيد من الثقة في رجل اقترح خلال العام الجاري فقط طرد الفلسطينيين من غزة وإعادة بنائها لتصبح منتجعا شاطئيا تسيطر عليه الولايات المتحدة.

وبموجب الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ يوم الجمعة، وافقت حماس على الإفراج عن الرهائن دون التوصل لاتفاق على الانسحاب الكامل لإسرائيل. وأقر مسؤولان آخران من حماس بأن هذه مجازفة محفوفة بالمخاطر، وتعول على مدى حرص الرئيس الأمريكي على اتمام الصفقة وعدم السماح بفشلها.

وقال أحد مسؤولي حماس إن قادة الحركة يدركون جيدا أن مجازفتهم قد تأتي بنتائج عكسية. ويخشون من أنه بمجرد إطلاق سراح الرهائن، قد تستأنف إسرائيل حملتها العسكرية، كما حدث بعد وقف إطلاق النار في يناير كانون الثاني، والذي شارك فيه فريق ترامب عن كثب.

ولكن حماس، التي اجتمعت لإجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل في مركز مؤتمرات بمدينة شرم الشيخ المصرية المطلة على البحر الأحمر، لمست ما يكفي من التطمينات نظرا لوجود شخصيات مقربة من ترامب وقوى إقليمية للتوقيع على وقف إطلاق النار على الرغم من أنه لم يضع حلا لعدد من المطالب الأساسية للحركة، من بينها السعي لإقامة دولة فلسطينية.

وقال أحد مسؤولي حماس لرويترز إن رغبة ترامب كانت محسوسة “للغاية” في مركز المؤتمرات. وذكر مسؤول أمريكي كبير أن ترامب اتصل شخصيا ثلاث مرات خلال الجلسة الماراثونية، بينما كان صهره جاريد كوشنر والمبعوث ستيف ويتكوف يتنقلان بين المفاوضين الإسرائيليين والقطريين.

* غموض المراحل اللاحقة

في الوقت الذي يمهد فيه هذا الاتفاق الطريق نحو إنهاء الحرب، التي اندلعت بهجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، فإنه لم يتضح بعد مدى إمكان تحقق المراحل اللاحقة التي تصورها ترامب في خطة غزة المكونة من 20 نقطة.

وقال المسؤولان الفلسطينيان ومصدر آخر مطلع على المحادثات إن تعامل ترامب مع الغارات على قطر ووقف إطلاق النار الذي أنهى حربا إسرائيلية استمرت 12 يوما مع إيران في يونيو حزيران منح مفاوضي حماس الثقة في أن الرئيس الأمريكي لن يسمح لإسرائيل باستئناف القتال بمجرد إطلاق سراح الرهائن.

وكان هؤلاء المسؤولون ضمن خمسة مسؤولين فلسطينيين، من بينهم ثلاثة من حماس، بالإضافة إلى مسؤولين أمريكيين كبيرين وخمسة مصادر أخرى مطلعة على المحادثات تحدثت إلى رويترز حول هذه القصة.

وذكر مصدر مطلع في واشنطن أن مساعدي ترامب انتهزوا فرصة تنفيذ نتنياهو غارة على قطر لتحويل غضب ترامب على الزعيم الإسرائيلي إلى ضغوط لقبول إطار عمل لإنهاء حرب غزة.

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن ترامب، الذي وطد العلاقات مع دول الخليج باعتبارها مهمة لمجموعة من سياساته الدبلوماسية والاقتصادية الأوسع، يعتبر أمير قطر صديقا ولم يكن يحب رؤية صور الغارات على التلفزيون، ووصفها بأنها نقطة تحول مهمة جمعت العالم العربي.

وقال مسؤول فلسطيني في غزة مطلع على المحادثات وجهود الوساطة إن الوعد العلني الذي قطعه ترامب بعدم تكرار مثل هذه الهجمات الإسرائيلية على قطر منحه مصداقية في نظر حماس وغيرها من الجهات الفاعلة في المنطقة.

وذكر جوناثان راينهولد من قسم الدراسات السياسية بجامعة بار إيلان في إسرائيل “حقيقة أنه (ترامب) قدم لقطر ضمانة أمنية بأن إسرائيل لن تهاجمها مرة أخرى، عززت من ثقة حماس في أن وقف إطلاق النار سيظل قائما”.

وأوضح المسؤول الفلسطيني في غزة أن حماس على علم بالأمر العلني الذي أصدره ترامب لإيران وإسرائيل بوقف الأعمال القتالية، في إشارة إلى طلب ترامب على منصته “تروث سوشيال” بأن “تتراجع الطائرات الإسرائيلية” من غارة جوية كانت مزمعة على إيران بعد ساعات من إعلانه وقف إطلاق النار في الحرب بينهما.

وأضاف المسؤول أنه على الرغم من طابع ترامب الاستعراضي فإنه يفعل ما يقوله، مشيرا إلى أن ذلك أظهر استعداد ترامب لإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار.

* جمود المحادثات

أعلن ترامب خطته الشاملة في 29 سبتمبر أيلول خلال زيارة نتنياهو للبيت الأبيض، وأعطت حماس موافقتها المشروطة بعد أربعة أيام، وهو ما اعتبره الرئيس الأمريكي ضوءا أخضر.

وقال مسؤول مطلع على المحادثات لرويترز إنه حتى يوم الثلاثاء الماضي بدت المحادثات المرتبطة بسبل تنفيذ الخطة متعثرة بسبب قضايا من بينها سرعة ومدى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة للسماح لحماس بجمع الرهائن وإطلاق سراحهم. وأضاف المصدر أن وسطاء من قطر ومصر وتركيا لم يتمكنوا من تحريك الأمور.

وأوضح المصدر أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قرر يوم الثلاثاء السفر إلى شرم الشيخ لكسر هذا الجمود بينما وصل ويتكوف وكوشنر صباح الأربعاء، لتُستأنف المحادثات قرب ظهر اليوم نفسه.

وكان حضور رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين مهما أيضا بسبب علاقات أنقرة القوية مع حماس ولقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الآونة الأخيرة مع الرئيس الأمريكي، والذي قال بعده إن ترامب طلب منه المساعدة في إقناع حماس بقبول الخطة.

وتصر حماس منذ عامين على عدم إطلاق سراح الرهائن إلا مقابل انسحاب إسرائيلي كامل وإنهاء الصراع بشكل نهائي في حين تقول إسرائيل إنها لن توقف القتال إلا عند‭‭ ‬‬إعادة جميع الرهائن والقضاء على الحركة.

ولم تحصل أي منهما على ما تريده بالكامل إذ ستُبقي إسرائيل سيطرتها على نحو نصف قطاع غزة لمدة غير محددة بينما ستظل حماس منظمة. ولم يُحسم بعد موعد نزع سلاح حماس الذي نصت عليه خطة ترامب. وقال مصدر مطلع على المحادثات إن هذه الآلية في حد ذاتها، مع حاجة الطرفين إلى مزيد من النتائج، ربما تساعد في دفع المحادثات إلى الأمام.

وقال المسؤول الأمريكي الكبير والمصدر الفلسطيني في غزة إن من التطورات المهمة خلال المحادثات نجاح الوسطاء في إقناع حماس بأن استمرارها في احتجاز الرهائن صار عبئا عليها بدلا من أن يكون ورقة ضغط.

وقال المسؤول الفلسطيني إن حماس اقتنعت بوجهة نظر مفادها أن استمرار احتجاز الرهائن يقوض الدعم العالمي للفلسطينيين وإنه بدونهم لن يكون لإسرائيل مصداقية لاستئناف القتال.

وقال مسؤولان من حماس لرويترز إن الحركة لم تتلق أي ضمانات رسمية مكتوبة مدعومة بآليات تنفيذ محددة بأن المرحلة الأولى التي تشمل الإفراج عن الرهائن والانسحاب الإسرائيلي الجزئي ووقف القتال ستمضي قدما نحو تصور لاتفاق أوسع نطاقا ينهي الحرب.

وأضاف المصدران من حماس ومسؤولان آخران مطلعان على المحادثات أن الحركة قبلت تأكيدات شفهية من الولايات المتحدة والوسطاء -مصر وقطر وتركيا- بأن ترامب سيحرص على إتمام الاتفاق وعدم السماح لإسرائيل باستئناف حملتها العسكرية بمجرد تحرير الرهائن.

وقال أحد مسؤولي حماس “بالنسبة لنا هذا الاتفاق يعني أن الحرب قد انتهت”.

* المقامرة قد تأتي بنتائج عكسية

قال المسؤول في حماس إن قادة الحركة يدركون جيدا أن مقامرتهم قد تأتي بنتائج عكسية.

فعلى الرغم من اتفاق سابق على إطلاق سراح الرهائن على مراحل بالتزامن مع انسحاب إسرائيلي بعد وقف إطلاق النار في يناير كانون الثاني، فقد أعلن ترامب خلال إحدى مراحل تلك العملية أن على حماس تحرير جميع الرهائن دفعة واحدة وإلا فإنه سيلغي الاتفاق وهدد بأن “أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها”.

وانهار الاتفاق بعد أسابيع وأدى استمرار الحرب إلى زيادة عدد القتلى الفلسطينيين بأكثر من 16 ألفا، وفقا للسلطات الصحية في غزة. وبعد حظر إسرائيلي للمساعدات أعلن مرصد عالمي معني بمراقبة الجوع وجود مجاعة في القطاع.

وقال أحد الدبلوماسيين في المنطقة إن إسرائيل قد تستغل الفرصة لمواصلة توجيه ضربات لحماس، وخصوصا إذا ما شنت الجماعة المسلحة أو حلفاؤها هجمات مثل إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وقال أحد مسؤولي حماس إن الأمور تبدو مختلفة هذه المرة مقارنة بوقف إطلاق النار السابق. وأضاف المسؤول أن الحركة شعرت بأن الإسرائيليين قادمون بجدية للتوصل إلى اتفاق وأن ضغوط مصر وقطر وتركيا والأمريكيين على الجانبين تؤتي ثمارها.

وقال مصدر مطلع على المحادثات إن زيارة ترامب المتوقعة للشرق الأوسط اعتبارا من يوم الأحد ستساعد على ضمان استمرار الاتفاق حتى مع عدم التوافق على بعض التفاصيل الصعبة، واصفا دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنها “خطوة ذكية جدا”.

(إعداد حاتم علي ومحمد علي فرج للنشرة العربية – تحرير محمد عطية)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية