خوف في مدينة الأبيض السودانية من هجوم محتمل لقوات الدعم السريع
أعرب سكان في الأُبيِّض بجنوب السودان عن خشيتهم مع ورود تقارير عن استعداد قوات الدعم السريع لشن هجوم على مدينتهم، فيما أعلن الجيش اعتراض طائرة مسيّرة أطلقتها الأخيرة على المدينة السبت.
وتقع عاصمة ولاية شمال كردفان والمركز الإقليمي على بعد نحو 400 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الخرطوم، وستكون مكسبا استراتيجيا لقوات الدعم السريع إذا سيطرت عليها في حربها المستمرة مع الجيش السوداني منذ نيسان/أبريل 2023.
وأعلنت قوات الدعم السريع الخميس أنها قبلت مقترح الهدنة الذي قدمه وسطاء دوليون، لكن الأمم المتحدة قالت في وقت لاحق إنه “ليس هناك أي مؤشر إلى خفض التصعيد” وحذّرت من مزيد من القتال في المستقبل.
وقالت سعاد علي وهي من سكان حي كريمة في الأبيض “نحن متخوفون من الوضع خصوصا بعد ما حصل في الفاشر”، في إشارة إلى سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة الواقعة في إقليم دارفور بغرب السودان بعد حصار دام 18 شهرا.
وأعقبت سيطرة الدعم السريع على الفاشر تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي وخطف ونهب، ما أثار إدانة دولية ومخاوف من تمدد القتال إلى منطقة كردفان الغنية بالنفط.
وتقع مدينة الأبيض على طريق إمداد رئيسي يربط دارفور بالخرطوم، وفيها مطار.
وقالت الأمم المتحدة إن 40 شخصا قتلوا في المدينة الإثنين في هجوم على جنازة.
الأسبوع الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على بارا الواقعة إلى الشمال من الأبيض، ما دفع أكثر من 36 ألف شخص إلى النزوح من هذه البلدة وأربع بلدات أخرى في شمال كردفان على مدى ستة أيام، وفق الأمم المتحدة.
وقالت الدعم السريع الأسبوع الماضي إنها حشدت قوات في بارا استعدادا للتقدم إلى الأبيض، ونصحت المدنيين بالابتعاد من الأهداف العسكرية.
وصرّح أحد سكان حي القبة في الأبيض لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه، “على الرغم من تطمينات المسؤولين لكن ما حدث في بارا يزيد خوفنا”.
وغداة إعلان قوات الدعم السريع موافقتها على مقترح الوسطاء للهدنة، حذّرت الأمم المتحدة من “استعدادات واضحة لتكثيف الأعمال العدائية” في السودان.
ووجه مفوض حقوق الإنسان الأممي فولكر تورك “تحذيرا شديدا بشأن الأحداث الجارية في كردفان”.
وتابع تورك “منذ السيطرة على الفاشر، تزداد أعداد الضحايا المدنيين والدمار والنزوح الجماعي. ليس هناك أي مؤشر إلى خفض التصعيد”.
وقال مصدر عسكري لوكالة فرانس برس السبت، طالبا عدم كشف اسمه لأنه غير مخول التحدث إلى الإعلام، “أسقطت منظومة الدفاع الجوي اليوم في الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان مسيّرة أطلقتها ميليشيا الدعم على المدينة”.
– “فقدوا آباءهم” –
مع سقوط الفاشر في قبضة قوات الدعم السريع، تكون قد سيطرت على جميع عواصم الولايات الخمس في دارفور، ما يثير مخاوف من تقسيم السودان بين شرق وغرب.
ويسيطر الجيش على غالبية المناطق الواقعة في الشمال والشرق والوسط، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
ومنذ سقوط الفاشر، فرّ أكثر من 80 ألف شخص من المدينة والمناطق المحيطة بها.
وقالت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إن قسما منهم لجأ إلى مدن طويلة وكبكابية ومليط وكتم القريبة.
وقالت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور، وهي منظمة غير حكومية، السبت إن أكثر من 16 ألف شخص وصلوا إلى طويلة وهم في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والرعاية الطبية.
كان عدد سكان الفاشر يناهز 260 ألف نسمة قبل سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
ولا يُعرف الكثير عن مصير الآلاف الذين ما زالوا محاصرين في المدينة التي انقطعت فيها الاتصالات إلى حد كبير.
وقالت ماتيلد فو، مسؤولة المناصرة في المجلس النروجي للاجئين في السودان، لوكالة فرانس برس إن العديد من العائلات الواصلة إلى طويلة جاءت مع “أطفال ليسوا أطفالها”.
وأضافت “هذا يعني أنهم مضطرون إلى القدوم مع أطفال فقدوا آباءهم في الطريق، إما لأنهم اختفوا، اختفوا في خضم الفوضى، وإما لأنهم اعتقلوا، أو لأنهم قتلوا”.
وأفاد ناجون وكالة فرانس برس بأن النساء والرجال تم فصلهم عند محاولتهم مغادرة الفاشر، وأن مئات الرجال اعتقلوا في البلدات القريبة.
وزار قائد الجيش عبد الفتاح البرهان السبت نازحين من الفاشر في مدينة الدبة التي تبعد نحو ألف كيلومتر شمالا.
وقالت الحكومة الموالية للجيش إن أكثر من 50 ألف شخص فروا إلى مدينة الدبة منذ بدء حصار قوات الدعم السريع للفاشر في نيسان/أبريل 2024.
– ترقب بشأن الهدنة –
لم يتم الكشف عن تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمته دول الرباعية المشكلة من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
لكن مسؤولا سعوديا كبيرا قال لوكالة فرانس برس إنه ينص على “هدنة تمتد ثلاثة أشهر”، يتم خلالها تشجيع الجانبين على إجراء محادثات في جدة للتوصل إلى اتفاق سلام دائم.
وتتهم الأمم المتحدة الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة، وهي اتهامات نفتها أبوظبي مرارا.
في المقابل، يحصل الجيش السوداني على دعم من مصر والسعودية وتركيا وإيران، وفق مراقبين.
ولم ترد الحكومة الموالية للجيش علنا على مقترح الهدنة حتى الآن.
والسبت، قال حاكم دارفور المتحالف مع الجيش مني أركو مناوي والذي يعمل في مدينة بورتسودان، العاصمة الموقتة للمعسكر الداعم للجيش في شرق البلاد، إن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد تراجع قوات الدعم السريع.
وأورد مناوي في منشور على منصة إكس أن الهدنة يجب أن يسبقها “انسحاب الجنجويد والمرتزقة من المناطق السكنية والمستشفيات والمدن والإفراج عن المختطفين بمن فيهم الأطفال والنساء، وتأمين عودة النازحين”.
وأضاف “أي هدنة بغير ذلك تعني تقسيم السودان”.
وأدّت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليونا، وتسببت بأزمة جوع حادّة.
اب-ماف/ح س/ب ق