
دول آسيا الوسطى تلين مواقفها تجاه طالبان مع تنامي العلاقات الاقتصادية

في منطقة جمارك حرة جديدة على الحدود الأوزبكية الأفغانية الترابية، يعبر ممثل طالبان سيد ظاهر شاه عن ارتياحه للروابط التجارية المتنامية بسرعة لبلاده مع دول المنطقة.
وقال ظاهر شاه لوكالة فرانس برس في مقابلة أجريت معه في المجمع الذي يُعد رمزا للتعاون بين جمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية السابقة وأفغانستان “لدينا خطط كبيرة لآسيا الوسطى”.
وبعد أربع سنوات من سيطرة طالبان، يُمثل التعاون الاقتصادي الاهتمام الأكبر لدول آسيا الوسطى الخمس التي تخشى جميعها انتشار التطرف الإسلامي.
وقال ظاهر شاه في منطقة “إيريتوم” بالقرب من ترميز جنوب أوزبكستان “تتجه سياسة الإمارة الإسلامية نحو اقتصاد مفتوح. لدينا علاقات جيدة مع جميع جيراننا”.
وتضم “إيريتوم”، منطقة الجمارك الحرة التي افتُتحت العام الماضي، نحو 300 شركة ومطعم ومكتبة وقاعات مؤتمرات اضافة الى فندق هيلتون ومركز طبي متطور.
ولا تُفرض ضريبة قيمة مضافة أو رسوم جمركية على التجارة في المنطقة.
وللوصول إليها يحتاج الأفغان إلى عبور “جسر الصداقة”، الذي استخدمته القوات السوفياتية لدى انسحابها من أفغانستان عام 1989، وكذلك الجنود الأفغان الهاربون من تقدم طالبان الخاطف عام 2021.
وقال عبد القيوم كريمي (73 عاما) إنه يتلقى علاجا طبيا في “إيريتوم” لم يتمكن من الحصول عليه في مدينته الأفغانية مزار الشريف، التي تبعد حوالى 100 كيلومتر.
وأضاف “كان ابن أخي يعرف هذا المكان وأشاد به، لذلك أردت المجيء إلى هنا لإجراء فحص عام. الأطباء هنا متقدمون جدا”.
وقال غول أحمد أميني، وهو في الستينات من عمره، إنه جاء مع عائلته بعد أن سمع عن المركز.
وقال “سنشتري بعض السلع، ثم نريد الذهاب إلى العيادة لإجراء فحص طبي”.
– اقتباسات ملهمة وتشديد الأمن –
وقال المسؤول الأوزبكي في مركز “إيريتوم” سنجر سوديكوف إن أكثر من ألف أوزبكي وما يصل إلى ألفي أفغاني يزورون المركز يوميا.
ويمكن للمواطنين الأفغان السفر إلى أوزبكستان بدون تأشيرة لمدة تصل إلى 15 يوما.
وعلى الرغم من الانفتاح لا تزال هناك مخاوف أمنية.
ويُجري حرس الحدود عمليات تفتيش صارمة عند مدخل مركز “إيريتوم” الذي تعلو جدرانه أسلاك شائكة.
وقامت الشرطة وعناصر أمن أوزبكستانيون بملابس مدنية بتسيير دوريات في المنطقة تزامنا مع زيارة صحافيي وكالة فرانس برس.
ويُوفر المكان المزود أجهزة تبريد راحة من الحر والغبار للأفغان.
وتغطي جدرانه عبارات مُلهمة عن الصداقة والتعاون مقتبسة من الرئيس الأوزبكي شوكت ميرزييويف.
وتسعى منطقة آسيا الوسطى، التي ليس لها منفذ إلى البحر، إلى استعادة دورها التاريخي كطريق تجاري مهم.
ويُعد طريق الوصول إلى البحر جنوبا عبر أفغانستان، أمرا حيويا نظرا لتعطل الطريق شمالا عبر روسيا بسبب العقوبات.
وقال سوديكوف “الهدف هو تطوير العلاقات التجارية مع أفغانستان والوصول إلى أسواق إيران وباكستان عبر طرق حدودية”.
وتقوم دول آسيا الوسطى بمشاريع بنى تحتية كبرى، مثل السكك الحديد، لتعزيز العلاقات مع طالبان.
وستحظى أفغانستان التي تعاني وفقا للأمم المتحدة من أزمة إنسانية، بأمن غذائي وطاقوي أكبر.
– انخفاض المبيعات –
بدأ تقارب آسيا الوسطى مع كابول قبل وقت طويل من أن تصبح روسيا في تموز/يوليو أول دولة تعترف بحكومة طالبان الأفغانية.
شطبت كازاخستان طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية عام 2024، وتعمل أوزبكستان على تعزيز علاقاتها الدبلوماسية معها، فيما حثت قرغيزستان الغرب على الاعتراف بحكومة طالبان.
حتى تركمانستان المنعزلة تنخرط في مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي الضخم “تابي” (TAPI) الذي يمتد من تركمانستان مرورا بأفغانستان وباكستان إلى الهند.
أما طاجيكستان، الدولة الوحيدة في آسيا الوسطى التي تنتقد طالبان، فقد عززت روابطها الاقتصادية معها.
ولا تزال هناك بوادر توتر، مثل الخلاف حول قناة قوش تيبا في أفغانستان الذي يهدد الأمن المائي الهش في المنطقة.
وعلى المستوى المحلي، اشتكى العديد من أصحاب الأعمال في “إيريتوم” لوكالة فرانس برس من الصعوبات التي يواجهونها.
وقال خورسند تورسونوف، وهو أوزبكي يبيع المنتجات الزراعية “المبيعات منخفضة بسبب صعوبة استيراد وتصدير المنتجات. الضوابط… تستغرق وقتا طويلا جدا”.
وقال بائع السجاد الأفغاني عبد الله تركمان إنه يُعاني من “خسارة”.
وأضاف “يُمكن فقط تصدير عشرة كيلوغرامات من المنتج، أي ما يصل إلى 200 دولار شهريا. وقد وعدت الإدارة بزيادة الحد الأقصى، وستُصبح التجارة أسهل قريبا”.
ومع ذلك، يُعتبر هذا النموذج ناجحا.
وقال ظاهر شاه “هناك خطة لفتح سوق مماثلة في أفغانستان”.
بك-دت/غد/ب ق