طالبان تواصل تقدّمها في أفغانستان وبايدن يؤكد أنه “ليس نادما” على قرار الانسحاب
سيطر مقاتلو طالبان الثلاثاء على عاصمتي ولايتين أخريين في أفغانستان، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد أنه “ليس نادما” على قراره سحب قواته، داعيا الأفغان الى التحلي “بعزيمة القتال”.
وفرض طالبان سيطرتهم على مدينتي فراح، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه في غرب أفغانستان، وبل خمري، عاصمة ولاية بغلان في شمال البلاد، وسط نزوح جماعي للمدنيين على وقع تقدم المتمردين المتواصل.
وقال مأمور أحمد زاي النائب عن ولاية بغلان التي بل خمري عاصمتها لفرانس برس إن مقاتلي “طالبان هم الآن في المدينة، لقد رفعوا رايتهم في الساحة المركزية وعلى مكتب الحاكم”، موضحا أن القوات الافغانية انسحبت.
وأفاد ضابط شارك الأحد في المعارك ضد المتمردين بأن “طالبان أحرقوا أماكن عدة في المدينة بينها مطعمان”.
وكان المتمردون قد سيطروا عصرا على مدينة فراح.
– “عزيمة القتال” –
وقالت شهلا أبوبار من مجلس ولاية فراح “دخل عناصر طالبان بعد ظهر اليوم مدينة فراح بعد قتال استمر لمدة وجيزة مع قوات الأمن. سيطروا على مكتب حاكم الولاية ومقر الشرطة”.
وفي تغريدة أطلقها أكد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد سيطرة الحركة على المدينتين.
وباتت طالبان التي تحقق تقدّما بوتيرة متسارعة منذ بدء انسحاب القوات الأجنبية، تسيطر على عواصم ثماني ولايات من أصل 34 تضمّها أفغانستان، بينها ست من عواصم الولايات التسع في الشمال فيما القتال مستمر في العواصم الثلاث الأخرى.
ومن المفترض أن يُنجز الانسحاب بحلول 31 آب/أغسطس، بعد 20 عاما على غزو القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان إثر هدمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
والثلاثاء قال بايدن في حوار مع الصحافيين في البيت الابيض “لست نادما على قراري”.
واضاف بايدن أن على الافغان “ان يتحلوا بعزيمة القتال” و”عليهم ان يقاتلوا من اجل انفسهم، من اجل أمتهم”.
وتبدي الولايات المتحدة بشكل متزايد استياءها إزاء ضعف القوات الأفغانية التي عمل الأميركيون على تدريبها وتمويلها وتسليحها.
وأشار المتحدث باسم الخارجية الاميركية نيد برايس إلى ان القوات المسلحة الافغانية “متفوقة عددا في شكل كبير” على طالبان ولديها “القدرة على إلحاق خسائر اكبر” بالمتمردين.
وقال “فكرة أن تقدم طالبان لا يمكن وقفه (…) لا تعكس الواقع على الارض”.
– اجتماعات في الدوحة –
ومنذ الجمعة، استولت طالبان على زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد عند الحدود مع ايران وعلى شبرغان معقل زعيم الحرب عبد الرشيد دوستم وعلى قندوز الكبيرة الواقعة في شمال شرق البلاد، وكذلك على ثلاث عواصم هي ساري بول وتالقان وإيبك.
ويبدو أن الحركة لا تفكر في إبطاء الوتيرة السريعة لتقدمها في الشمال، حيث ضيقت الخناق على مزار الشريف كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ. وفي حال سقطت، تخرج هذه المنطقة عن سيطرة الحكومة بالكامل.
لطالما اعتُبر شمال أفغانستان معقلًا للمعارضة في وجه طالبان، فهناك واجه عناصر الحركة أقوى مقاومة عندما وصلوا إلى السلطة في التسعينات.
الثلاثاء، هاجم مقاتلو طالبان أحياء في الضواحي الملاصقة لمزار الشريف، مما دفع الهند إلى حث مواطنيها على مغادرتها، لكن تم صدهم، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
فيما تحتدم المعارك في الشمال وحول قندهار ولشكركاه في الجنوب، وهما معقلان تاريخيان للمتمردين، تستضيف الدوحة اجتماعا دوليا مع ممثلين من قطر والولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة وأوزبكستان وباكستان والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
بدأت المحادثات بين الأطراف الأفغان في أيلول/سبتمبر الماضي في الدوحة عاصمة قطر، في إطار اتفاق السلام المبرم في شباط/فبراير 2020 بين المتمردين وواشنطن والذي ينص على انسحاب القوات الأجنبية الكامل من أفغانستان.
ومن المقرر أن يتم الانسحاب بحلول 31 آب/أغسطس. لكن المحادثات تراوح مكانها وشنت طالبان هجوماً في أيار/مايو، عند بدء عملية الانسحاب هذه.
وبعد الاستيلاء على مناطق ريفية كبيرة بدون مواجهة مقاومة كبيرة، توجه المتمردون نحو المدن منذ مطلع آب/أغسطس.
رغم تضاؤل الآمال في أن تؤدي المحادثات إلى نتيجة ملموسة، حث المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد طالبان على “وقف هجومها العسكري والتفاوض على اتفاق سياسي”.
ودفعت أعمال العنف عشرات آلاف المدنيين إلى الفرار من منازلهم في جميع أنحاء البلاد، حيث اتُهمت حركة طالبان بارتكاب العديد من الفظائع في الأماكن الخاضعة لسيطرتها.
وقالت رحيمة، وهي امرأة لجأت للعيش في احدى حدائق كابول مع مئات الأشخاص بعد فرارها من ولاية شبرغان “إنهم يضربون وينهبون”.
– “خوف” –
وأضافت “إذا وجدوا فتاة أو أرملة في عائلة، فإنهم يقتادونها بالقوة. هربنا لحماية شرفنا”.
اشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى ان حوالى 359 ألف شخص نزحوا في أفغانستان نتيجة القتال منذ بداية العام.
وحذر ممثل المفوضية الأوروبية الثلاثاء من أن النزاع في أفغانستان يهدد بدفع نصف مليون شخص إلى البحث عن ملاذ في الدول المجاورة.
وأوضح “أننا امام مأساة إنسانية، لكننا بعيدون عن أزمة هجرة”.
وأشار إلى أن “الدخول غير النظامي للمواطنين الأفغان إلى الاتحاد الأوروبي منخفض للغاية، حوالي 4 آلاف منذ بداية العام، أي أقل بنسبة 25% عن عام 2020 في الفترة نفسها”.
وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء مقتل لا يقل عن 183 مدنيا وإصابة 1181 بينهم أطفال خلال شهر في لشكركاه وقندهار وهرات (غرب) وقندوز، موضحة أن الحصيلة تتعلق فقط بالضحايا الذين تم توثيقهم.
بور-فوكس/ريم-ود/سام