
لبنان وسوريا يؤكدان فتح صفحة جديدة في علاقاتهما خلال زيارة الشيباني لبيروت

يعتزم لبنان وسوريا فتح صفحة جديدة في علاقاتهما التي شابها التوتر لعقود، كما أكّد مسؤولون في البلدين الجمعة خلال زيارة أجراها وزير الخارجية السوري أسعد الشبياني، طلبت خلالها بيروت معلومات عن اغتيالات سياسية شهدتها البلاد قبل سنوات وتتهم عائلة الأسد بالوقوف خلفها.
وهذه الزيارة هي الأولى لمسؤول رسمي سوري إلى لبنان المجاور بعد سقوط حكم الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، ووصفها الشيباني بأنها “تاريخية”.
ومارست سوريا خلال حكم عائلة الأسد هيمنة سياسية كبيرة على لبنان استمرت ثلاثة عقود، ووُجّهت إليها مرارا أصابع الاتهام باغتيال مسؤولين لبنانيين ومصادرة القرار اللبناني في ظل انتشار قواتها العسكرية فيه.
وقال الشيباني لصحافيين بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام “لقد فتحنا اليوم صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات بين سوريا ولبنان، علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون والمستقبل المشترك”.
ويرافق الشيباني وفد يضمّ عددا من المسؤولين من بينهم وزير العدل مظهر الويس، ناقش جملة من القضايا مع الجانب اللبناني من بينها قضية الموقوفين السوريين في لبنان وعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم والحدود الطويلة بين البلدين.
وأعلن الشيباني خلال مؤتمر صحافي بعد لقاء سلام “من أبرز هذه القضايا ما يتعلق بإعادة تسريع قضية الموقوفين السوريين في سجن رومية”، مضيفا “احدثنا تقدما كبيرا جدا في هذا الملف وخلال الفترة المقبلة ستكون هناك نتائج ملموسة”.
وقال مسؤول قضائي لوكالة فرانس برس إن “نحو 2250 سوريا محتجزون في السجون اللبنانية، ويشكّلون نحو ثلث إجمالي السجناء”، مضيفا أن “نحو 700 منهم يستوفون شروط التسليم لكن الأمر يتطلب اتفاقية جديدة بين البلدين”.
ومن بين السجناء السوريين في لبنان، مئات أوقفوا بتهم “إرهاب” والانتماء إلى تنظيمات متشددة وفصائل مسلحة، وأحيلوا على المحكمة العسكرية، وآخرون متهمون بشنّ هجمات ضدّ الجيش اللبناني في مناطق حدودية في ذروة النزاع السوري الدامي الذي اندلع بعد قمع السلطات احتجاجات شعبية مناهضة لها في العام 2011.
وقال وزير العدل اللبناني عادل نصار لفرانس برس إن لبنان طلب من جهته “أي معلومات موجودة لدى الجهة السورية عن الاغتيالات التي حصلت في لبنان” يتهم الحكم السابق في سوريا بالوقوف خلفها لا سيما اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في العام 2005.
وأضاف أن لبنان طلب كذلك معلومات عن “الفارين من العدالة الموجودين في سوريا مثل (حبيب) الشرتوني” المتهم باغتيال الرئيس الأسبق بشير الجميل في العام 1982، مضيفا أن الجانب السوري أبدى “تعاونا” حول هذه القضايا.
واوضح أن لبنان طلب كذلك معلومات عن اللبنانيين المفقودين في سوريا خلال عهد الأسد ويقدّر عددهم بالآلاف.
-عودة اللاجئين-
في مستهلّ زيارته، قال وزير الخارجية السوري بعد لقائه نظيره اللبناني يوسف رجّي إن الزيارة التي وصفها بـ”التاريخية”، “تعبّر عن توجه سوريا الجديد تجاه لبنان”.
من جهته، أكّد الرئيس اللبناني جوزاف عون بعد لقائه الشيباني أن لبنان “يتطلع الى تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
وناقش الطرفان كذلك مسألة عودة اللاجئين السوريين في لبنان البالغ عددهم نحو 1,3 مليون، غالبيتهم نزحوا من سوريا خلال سنوات الحرب الأهلية.
وأفادت الأمم المتحدة بأن نحو 294 ألف لاجئ سوري عادوا من لبنان إلى بلدهم منذ سقوط الأسد.
وقال الشيباني خلال مؤتمر صحافي أعقب لقاءه عون “هناك خطط الآن نناقشها بدعم دولي لأن تكون هناك عودة كريمة وعودة مستدامة” للاجئين السوريين من لبنان.
وأسفر النزاع الذي اندلع في سوريا عقب احتجاجات قمعتها السلطات بعنف في العام 2011، عن نزوح الملايين في داخل البلاد وإلى دول مجاورة، وخصوصا لبنان وتركيا، وحتى بلدان أبعد.
ورغم موجة العودة، لا يزال 13,5 مليون سوري يعيشون كلاجئين خارج البلاد أو نازحين في الداخل.
وبحث الطرفان أيضا في ضبط الحدود الممتدة على مسافة 330 كيلومترا بينهما. وقال الشيباني بعد لقاء سلام “تحدثنا عن ضرورة ضبط الحدود بين البلدين، بما يعزز الأمن والاستقرار”.
وبعد سقوط بشار الأسد، قُطعت طرق إمداد حزب الله الموالي لإيران وحليف السلطات السورية السابقة، وأُحبطت محاولات لتهريب الأسلحة إلى لبنان، وفقا للسلطات السورية الحالية.
اط-لو/ب ق