
نوبل للسلام تكافىء “المحرِرة” الفنزويلية المعارضة ماريا كورينا ماتشادو

كافأت جائزة نوبل للسلام للعام 2025 الجمعة زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، “المحرِرة” المرغمة على العيش في الخفاء في بلد تحول “دولة قاسية واستبدادية”، بحسب لجنة نوبل النروجية.
وقالت ماتشادو تعليقا على فوزها بالجائزة “إنني ممتنة للغاية باسم شعب فنزويلا، لم نصل إلى هدفنا بعد”، في مكالمة فاجأها بها سكرتير لجنة نوبل كريستيان بيرغ هاربفيكن في وسط الليل.
وتابعت في مقطع مصور لتلقيها الخبر فيما كانت نائمة “إننا نعمل جاهدين للتوصل إلى ذلك، لكنني واثقة بأننا سننتصر”.
وقالت “آمل أنكم تدركون أنها حركة، أنه إنجاز مجتمع بكامله. أنا مجرد شخص واحد، لا أستحق هذا بالتأكيد”.
وكتبت لاحقا على إكس أن “هذا الإقرار الهائل بكفاح جميع الفنزويليين هو دفع من أجل إنجاز مهمتنا: تحقيق الحرية” مضيفة “نعول أكثر من أي وقت مضى على الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب وشعب الولايات المتحدة وشعوب أميركا اللاتينية والدول الديموقراطية حول العالم الذين هم حلفاؤنا الرئيسيون، لتحقيق الحرية والديموقراطية”.
وقال رئيس اللجنة يورغن واتنه فريدنس في أوسلو أن ماتشادو “قدمت أحد أكبر الأمثلة الاستثنائية على الشجاعة في النشاط المدني في أميركا اللاتينية خلال الفترة الأخيرة”.
وتابع أنها “كانت شخصية محورية في وحدة المعارضة السياسية التي كانت منقسمة بعمق في السابق، لكنها توصلت إلى توافق للمطالبة بانتخابات حرة وبحكومة تتمتع بصفة تمثيلية”.
خاضت ماتشادو العمل السياسي في مطلع العقد الأول من الألفية حين نشطت من أجل تنظيم استفتاء ضد الرئيس آنذاك هوغو تشافيز، فجعلت من سقوط النظام التشافي قضيتها.
وبالرغم من شعبيتها الكبيرة، منعت المهندسة الأم لثلاثة أولاد من الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024 التي فاز فيها نيكولاس مادورو، وريث تشافيز في السياسة، بالرغم من احتجاجات المعارضة.
ولم تعترف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول كثيرة بفوز مادورو الحاكم منذ 2013، بل تعتبر الفائز إدموندو غونزاليس أوروتيا الذي حل محل ماتشادو مرشحا عن المعارضة عند استبعادها من الاقتراع وقدمت له دعمها الكامل.
– “ماكينة قمع” –
وعلق أوروتيا المقيم اليوم في المنفى في إسبانيا، في منشور على إكس أن ماتشادو “تستحق عن جدارة” الجائزة.
ورأت الأمم المتحدة أن اختيار زعيمة المعارضة “يعكس تطلعات الشعب الفنزويلي إلى انتخابات حرة ونزيهة”.
كذلك رأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في الجائزة “رسالة قوية”، فيما كتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إكس أنه “في زمن المخاطر هذا على الحرية التي تواجه تهديدا متزايدا، تجسد ماريا كورينا ماتشادو بتألق آمال شعب بكامله، مثالا أعلى للعالم أجمع”، مثنيا على “شجاعتها والتزامها الحازم”.
وقال فريندنس إن “فنزويلا انتقلت من بلد ديموقراطي ومزدهر نسبيا إلى دولة قاسية واستبدادية تعاني أزمة إنسانية واقتصادية”.
وتابع أن “ماكينة الدولة القمعية موجهة ضد شعبها نفسه. نحو ثمانية ملايين شخص غادروا البلاد. والمعارضة تم إسكاتها بصورة منهجية من خلال التزوير الانتخابي والملاحقات القضائية والسجن”.
وبالرغم من شعبيتها الواسعة، اضطرت ماتشادو إلى العيش في الخفاء في بلد رفضت مغادرته.
وفي الشارع في كراكاس، أعربت امرأة متقاعدة طلبت عدم كشف اسمها عن ارتياحها للجائزة وقالت “إنني سعيدة جدا … أتضرع إلى الله كي يساعدها، لتصل (إلى السلطة) حتى تفعل شيئا من أجلنا نحن البسطاء، ومن أجل البلاد بكاملها، لأننا في الحقيقية نعاني”.
وتابعت “انظروا إلى المعاش التقاعدي الذي نتقاضاه، هذا مؤسف … لا يجدر بنا أن نكون في هذه الحال، لأن هذا البلد غني جدا”.
ويعيش قسم كبير من الفنزويليين في الفقر، ولا سيما المتقاعدون الذين هبطت قيمة معاشاتهم بسبب التضخم.
في المقابل، رأى لويس توريس الفني البالغ 65 عاما أن منح المعارضة الجائزة “عار، بعد كل الضرر الذي ألحقته بفنزويلا”.
– لا نوبل لترامب –
وفي الولايات المتحدة، أعلن البيت الأبيض أن لجنة نوبل للسلام اختارت “السياسة على السلام” وأكد مدير الاتصال في البيت الأبيض ستيفن تشونغ أن ترامب “سيواصل إبرام اتفاقات سلام ووضع حد للحروب وإنقاذ أرواح”.
ولم يخف الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغبته في الفوز بالجائزة العريقة هذه السنة.
ويكرر رجل الأعمال السابق منذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في كانون الثاني/يناير، أنه “يستحق” الجائزة، مؤكدا دوره في وضع حد لثماني حروب، آخرها الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة حيث تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار استنادا إلى خطة طرحها ترامب.
غير أن المراقبين يعتبرون تأكيداته مبالغا فيها إلى حد كبير.
وقال المؤرخ أسلي سفين المتخصص في جائزة نوبل للسلام، متحدثا لوكالة فرانس برس إن ترامب “يكره مادورو”، لافتا إلى أنه “يقصف مراكب الصيد التي يشتبه بأنها تنقل مخدرات، وسيجد بالتالي صعوبة في مهاجمة هذه الجائزة”.
وشنت إدارة ترامب إلى الآن ضربات على أربعة قوارب على الأقل قالت إنها تستخدم لتهريب المخدرات في البحر الكاريبي ، ما أوقع ما لا يقل عن 21 قتيلا بالإجمال، فيما ندد مادورو بـ”عدوان مسلح”.
وسبق أن فازت ماتشادو عام 2024 بجائزة ساخاروف، أرقى جائزة لحقوق الإنسان يمنحها الاتحاد الأوروبي، وبجائزة فاتيسلاف هافيل التي يمنحها مجلس أوروبا.
وجائزة نوبل عبارة عن شهادة وميدالية ذهبية وشيك بقيمة 11 مليون كرونة سويدية (نحو 1,18 مليون دولار).
بور/دص/ب ق