مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المالكي بين مطرقة فرض الأمن وسندان مواجهة الصدريين

مظاهرة نظمها الآلاف من أنصار مقتدى الصدر في الكاظمية ببغداد يوم 27 مارس 2008 احتجاجا على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي Reuters

ربما كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي غاضبا من بعض القنوات الفضائية بسبب تغطيتها للحملة العسكرية التي قادها لتصفية عصابات الجريمة وفِـرق الموت، التي تعبث بالبصرة، المدينة الجميلة الحالمة بالشعر والأدب، والمبتسمة على الدوام رغم الجراح.

لكن أحدا لا يستطيع التكهّـن بشعور المالكي وهو يُـشاهد صورا عن تشييع “جنازة” له في أحد أحياء بغداد، حملها أنصار التيار الصدري الذين أعلنوا وفاته السياسية بسبب تلك العملية، وهدّدوا بإسقاطه من الحكومة وحجْـب الثقة عنه تمهيدا – ربما – لـ “تدبير” محكمة جنائية له، على غِـرار المحكمة الشهيرة التي قضت بإعدام الرئيس السابق صدام حسين.

فالمالكي، الذي أراد أن يتعامل مع أحداث البصرة كرجل دولة وليس مرشّـحا عن الائتلاف العراقي وأظهر خلال أزمة البصرة، “عينَـه الحمراء”، حتى لمُـمثل حزبه حزب الدعوة الإسلامية في البصرة، وجّـه انتقادا شديدا لإحدى القنوات الفضائية العراقية كانت في السابق تُـهاجم التيار الصّـدري وتحُـض على “قتله”، لكنها انحازت له وأعلنت الحرب الإعلامية – ومن العيار الثقيل – على الحكومة وعلى المالكي بشكل خاص.

المالكي شاهد تلك الصُـوّر عن “جنازته” واستمع إلى الشعارات التي ندّدت به ووصفته بالديكتاتور، غير أنه لم يكترِث لها، لأنه جاء إلى البصرة ومعه سلَّـة من الأهداف، كان عليه أن يُـحققها ليضمن إعادة هيبة الدولة التي كانت مفقودة تماما في البصرة، وليبسط سلطة الدولة المركزية في المدينة، التي ينشط فيها أكثر من 28 حزبا سياسيا، معظمها يملك ميليشيات ومسلحين… قبل، لأن يفلت العقال.

لكن المالكي وقع في المحظور أو أنه استدرج إلى فخّ قتال التيار الصدري وحده، من دون الأحزاب التي تملك ميليشيات، عندما استخدم القوات الحكومية، التي استقدمها من خارج البصرة، في قمع الصدريين في حرب حقيقية داخل المدينة وأحياءها، بما أوقع مئات القتلى والجرحى من بين المدنيين، وغطى منظر الدّماء وأشلاء الأطفال والجُـثث التي دُفِـنت تحت أنقاض المنازل التي سحقتها الطائرات الأمريكية، التي دعمت “صولة الفرسان”، على سلة أهداف المالكي “النبيلة”، الأمر الذي شجَّـع قادة في التيار الصدري على المقارنة بين المالكي ورئيس النظام العراقي السابق صدّام، خصوصا وأن “صولة الفرسان” نفَّـذها وخطَّـط لها كِـبار الضباط العراقيين، ممَّـن خدموا في الجيش العراقي السابق، وبعضهم ساهَـم في قمع انتفاضة الجنوب العراقي عام 1991.

“صولة الفرسان”

وإذا كان المالكي وقَّـع على تنفيذ إعدام صدّام، الذي أدانته محكمة الجنايات بقتل 148 عراقيا وتم بالفعل تنفيذ حُـكم الإعدام بصدام لتلك التهمة فقط، فإن خصومه الجُـدد وحلفاءه السابقين – الصدريين – ومعهم أعداء المالكي التقليديون، يأخذون عليه أنه استخدم القوة المفرطة في أحداث البصرة، ولم يستثن المدنيين، كما حصل في كربلاء والديوانية ومُـدن أخرى.

لقد فشلت القوات الحكومية بكل عدّتها وعددها في تحقيق أي هدف من أهداف حملة المالكي العسكرية على البصرة، خصوصا نزع سلاح الميليشيات واعتقال المطلوبين في جرائم القتل والخطف، وكسر شوكة حِـيتان النفط ومهرّبي المشتقات النفطية، قبل أن تتدخل إيران لصالح المالكي وأقنعت السيد مقتدى الصدر بقبول هُـدنة بموجبها يعود المالكي إلى بغداد، ويسحب التيار الصدري جميع المسلحين التابعين له من الشوارع والمناطق التي كانوا يحكمون قبضتهم عليها طوال أيام “صولة الفرسان”.

ويرى الكثير من البصريين أن المالكي دمَّـر البصرة ولم يُـحقق ما أراد، وأن مقتدى الصدر ساعده، بل أنقذه بموافقته على الهدنة، وعلى اعتقال لائحة بـ 200 مطلوبا، بينهم شخصيات محسوبة على التيار الصدري.

وبالفعل، شنَّـت القوات العراقية خاصة مدعومة من قِـبل قوات أمريكية – تسمى القوة القذرة – وبُعيد مغادرة المالكي البصرة، حملة اعتقالات استهدفت أمين عام حزب “ثأر الله” الإسلامي سيد يوسف الموسوي وأشقائه وبعض أقربائه وحمايته، كما اعتقل عدد من أفراد البيوتات المُـسيطرة على تهريب النفط وسيارات “البطة”، التي يتِـم بها تنفيذ الاغتيالات، ونقلت مصادر أن أسماء نافذة في السلطة المحلية في البصرة، موجودة في لائحة المالكي.

هشاشة الأجهزة الأمنية

وبشكل، عام يُنظر إلى حملة المالكي في البصرة، وقد اتّـسعت إلى بغداد ومدن أخرى في جنوب العراق، على أنها أكثر من مجرّد قتال بين القوات الحكومية ومسلحي جيش المهدي، ومَـن وصفهم المالكي وإعلام السلطة، بالخارجين على القانون، لأنها – وكما قال الرئيس الأمريكي – نقطة تحَـوُّل في تاريخ العراق الحُـر واختبارا لقيادة المالكي (!)..

وفي هذا الواقع، يُـدرك رئيس الوزراء العراقي أنه سيدفع ثمناً سياسياً باهظاً، إذا هدأت أصوات الرصاص وعاد إلى بغداد من دون أن يُـلقي القبض على الرؤوس التي صدرت بحقها مذكرات اعتقال كثيرة، ولم يتخلَّـص من أسلحة جيش المهدي الثقيلة، خصوصا وأنه حوَّل القتال إلى “اختبار شخصي” وسافر إلى البصرة ليُـشرف بنفسه على العملية العسكرية.

وقد كشفت الحملة العسكرية التي شنتها القوات العراقية في البصرة، عن هشاشة الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن في مدينة تكثُـر فيها الأحزاب وتتعقّد فيها المعادلات العشائرية، وتشهد تدخلات إقليمية ودولية على نطاق واسع.

وكانت قيادة عمليات البصرة قد استعانت بقوات من خارج المدينة، تمّ نشرها في الأماكن والساحات العامة قبل بدء حملة “صولة الفرسان”، وعُقدت اجتماعات ولقاءات عدّة لإسناد فرض القانون، حضرها قائد العمليات وشاركت فيها أحزاب متَّـهمة بأنها تملك فِـرق موت وميليشيات مسلحة

القيادات الأمنية في البصرة كانت كشفت آنذاك، أن الشرطة وأجهزة الاستخبارات في البصرة مخترقةٌ تماما من الميليشيات، وأن الحاجة تظل ملِـحة لإعادة هيكلتها، وتمَّ فعلاً نقل بضعة آلاف من الشرطيين إلى خارج البصرة، قبل أن تبدأ الحملة.

“محرقة البصرة”

العملية التي لم تُـحقق الكثير من أهدافها المُـعلنة، ولاسيما نزعُ أسلحة الميليشيات، لا تزال متواصلة ربَّـما لرفع العتب بعدما أظهرت مواجهات الأيام الأخيرة قُـدرة المسلحين الصدريين على التسلُّـل إلى القوات العراقية نفسها التي تقاتلهم، وتفكيك ولاء عدد من أفراد الشرطة والجيش، والتحول إلى صفِّـه في القتال.

ليس هذا فحسب، فقد سجَّـلت حالات قتال عدة سمَّـاها بعض الجنود المستسلمين لجيش المهدي بأنها سوء إدارة وعدم تكافؤ، جعلا معركة البصرة “محرقة” للقوات الحكومية.

وإذ أصدرت وزارتا الداخلية والدفاع مذكرات بطردهم، أكد مئات من الذين استسلموا أنهم لم يُزوّدوا أسلحة ً مناسبة، وأنه تم إلقاؤهم في أَتُـون معركة خاسرة في مدينة لا يعرفون الكثير من تعقيداتها ومعادلاتها.

ويشعر الكثير من الجنود الذين أحضروا من خارج البصرة، أن قياداتهم خدعتهم عندما جاءت بهم وأبلغتهم أن مهمَّـتهم تنحصر في الانتشار في الشوارع واحتجاز السيارات المظللة وغير المرقمة التي يرمز إليها باسم “البطة” ..

خرقٌ كهذا في حملة البصرة، حدثت حالات منه في مواجهات بغداد ومُـدن عراقية أخرى، ويمكن أن يتكرّر في العملية الموعودة في الموصل، التي كَـثُـر الحديث عنها، قبل البصرة.

فهل يُـبرر كل ذلك ما يردِّده البعض عن أن العراقيين لم يصِـلوا بعدُ إلى مرحلة البلوغ الأمني، بعدما أرجأت بريطانيا تخفيض قواتها في البصرة؟

نجاح محمد علي – دبي

تنتشر في البصرة نحو مئةٍ وخمسين من عصابات الجريمة وفيها أكثر من 28 حزبا سياسيا، وتتصارع فيها مخابرات 18 دولة بعضها يشجع على عمليات قتل رجال الدين و النساء، والحلاقين وبعثيين وضباط جيش النظام السابق وأطباء وأساتذة جامعات وشيوخ عشائر وصحفيين وكسبة وغيرهم .

الكل من السياسيين،يتحدث عن عصابات الجريمة ، وعن أجندة خارجية ، لكن بعض الأحزاب الاسلامية خصوصا تلك التي خاضت الصراع في العهد السابق، وقدمت قرابين تلو القرابين ، باتت متهمة من قبل البصريين ومن القيادات الأمنية بشكل خاص ، بأنها تملك فرقا للموت ولتصفية الحسابات السياسية مع الخصوم …وأيضا للعمل لحساب أجندة خارجية منها :

ويقول الفريق الركن موحان حافظ الفريجي قائد عمليات البصرة في تصريح خاص إن ثلاثة أرباع الأحزاب وعددها 28 حزبا يملك ميليشيات، وأن معظم جرائم القتل – قبل عملية صولة الفرسان- كان ينفذها عناصر الشرطة أو ترتكب بسيارات الشرطة.

ومن أبرز الأحزاب التي تملك ميليشيات أو مسلحين في البصرة .

* جيش المهدي الذراع العسكري للتيار الصدري ،ويتحدث البعض عن تعدد الولاءات في جيش المهدي، وفقدان السيطرة على أجنحته المتعددة بما يثير مخاوف جدية من استمرار عمليات القتل والاغتيال في البصرة إذا لم يتم القضاء عليهم.
وقد نفى الشيخ علي السعيدي مكتب الصدر في البصرة ذلك وقال لنا ” جيش الامام المهدي ليس ميليشيا وليس دولة في داخل دولة ونفى حصول انشقاقات فيه.

غير أن الشيخ عبد الله العمشاني الذي يتزعم حركة 17/3 الموالية لجيش المهدي قال لنا إنه لن ييتزم بأوامر السيد مقتدى الصدر إذا أمر بنزع أسلحة جيش المهدي وتسليمها للسلطة وافترض أن الصدر لن يأمر بذلك أصلا.

حركة سيد الشهداء وهي متهمة أيضا بأنها معقل المخابرات الايرانية،وتُنسج حول هذا الموضوع روايات ورويات منها إن أحمد فروزندة القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني، له مقر في هذه الحركة التي لديها علمها الخاص، ومقر محصن على ضفاف شط العرب.

ورفض أمين عام الحركة سيد داغر الموسوي كل هذه الاتهامات وسخر منها وأعلن تأييده لفرض القانون في البصرة.

· المجلس الاسلامي الأعلى ومنظمة بدر وباقي الأحزاب الرديفة خصوصا مؤسسة شهيد المحراب، متهمة أيضا بأنها تملك ميليشيا وأن عناصرها تسللوا الى الشرطة وكل ما يمت لفرق الموت بصلة.

· حزب الله العراقي بقيادة النائب في البرلمان كريم ماهود.

· حركة حزب الله في العراق بزعامة وزير الدولة لشؤون الأهوار حسن الساري.

· حزب ثأر الله الاسلامي وهو متهم أساسا بقتل البعثيين وضباط الجيش السابقين وبخاصة الطيارين ، لكن الكثير من أعضائه هم في الواقع من كبار ضباط الجيش السابقين. وأكد أمين عام “ثأر الله” سيد يوسف الموسوي لنا قبل اعتقاله أنه أنه غير ضالع في عمليات القتل وقال انه اقترح خططا عملية لاكتشاف المجرمين المندسين في صفوف الشرطة.

· حركة جند الحق.

· حركة 17 مارس.

– منظمة العمل الإسلامي .


تشكلت العديد من التنظيمات السياسية الإسلامية التي يطلق عليها “قوى الانتفاضة الشعبانية” لتخليد حركة الانتفاضة الشعبية (التي اندلعت في 15 مارس 1991)، وتوجه لها اتهامات بممارسة القتل والخطف رغم نفي قادتها وهي:

حركة الانتفاضة الشعبانية.

حركة الانتفاضة الديمقراطية.

الحركة الوطنية لثوار الانتفاضة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية