مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أجـنـحـة عـبـاس

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يجيب في حديقة البيت الأبيض على أسئلة الصحافيين إثر لقائه مع الرئيس جورج بوش في واشنطن يوم 20 أكتوبر في واشنطن swissinfo.ch

رغم بعض الإيجابيات الطفيفة، كانت الزيارة الأخيرة للرئيس الفلسطيني إلى البيت الأبيض "بـاهتة" برأي المراقبين.

ومن المؤكد أن محمود عباس يحتاج إلى أكثر من زيارة الى العاصمة الأمريكية للحصول على الموارد الضرورية والكافية لاطلاق المسار الفلسطيني الذي تعترضه عقبات عدة ومتنوعة.

يحتاج الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى أكثر من زيارة الى البيت الابيض الاميركي، كي يحصل على موارد سياسية ومعنوية ومساعدة ملموسة كافية لاطلاق المسار الفلسطيني الذي تعترضه جملة كبيرة من العقبات، وتترصده عوامل انفجار متعددة ومتنوعة.

بل ان بعض المراقبين يرون ان لقاء عباس والرئيس الاميركي جورج بوش جاء “باهتا” وربما “بائسا” آخذين بعين الاعتبار، تراجع بوش عن موقفه من إقامة دولة فلسطينية إبان ولايته وكذلك، تزامن اللقاء مع الاعلان عن نتائج التحقيق الدولي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.

وان تكن ثمة مؤشرات محدودة على شئ من الايجابية تتعلق بالموقف الاميركي من الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقبلة لاسيما مشاركة حركة المقاومة الاسلامية حماس فيها، فان الامور لم تخرج كثيرا عن خانة لقاء عادي.

“إيجابيات”

وفي الجانب الايجابي، يمكن الاشارة الى ان موقف بوش ازاء المشاركة في الانتخابات المرتقبة وعدم اعلانه معارضته لمشاركة الحركة الاسلامية حتى وإن لم يسمها بالاسم،الامر الذي ربما يعطي الرئيس الفلسطيني مزيدا من الدفع نحو اجراء الانتخابات من اجل احتواء حماس في النظام السياسي الفلسطيني.

وبالرغم من اشادة بوش الكبيرة بالرئيس الفلسطينتي وتثمنيه دوره في العمل على تحقيق الامن والامان الا ان سيد البيت الابيض لم يقدم ماهو أكثر من منسق أمني أمريكي جديد لدى السلطة الفلسطينية لمساعدتها كما قال على “تفكيك البنية التحتية للارهاب”.

في المقابل فان مطالبة الرئيس الفلسطيني بالمضي قدما في تطبيق خارطة الطريق وصولا الى المفاوضات النهائية مع اسرائيل، لم تلق سوى تذكيرا امريكيا أن السنة الماضية شهدت زخما كبيرا عنوانه الكبير كان: الانسحاب الاسرائيلي الاحادي الجانب من قطاع غزة.

واستنادا الى هذا الموقف الامريكي ، يتوجب على الفلسطينيين الانتظار قبل ان يتوقعوا الحصول على نائج ملموسة سواء من الاسرائيليين او من الامريكيين وان الانتقال الى مرحلة جديدة يتطلب مزيد من الصبر والروية.

انتظار على قلق

وفي تلك الاثناء يتوجب على الرئيس الفلسطيني العودة الى الاراضي الفلسطينية لمواجهة العديد من الملفات والقضايا الساخنة التي تتحكم بمقاديرها، ايضا، عناصر خارجية واقليمية ولايمكن حصر التعامل معها بمعيار محلي.

وتتصدر هذه الملفات، مسالة ما بات يعرف بالفلتان الامني الذي راح ياخذ اشكالا غير مسبوقة لاسيما في قطاع غزة حيث باتت حركة الفلسطينيين تحسب بميزان من ذهب يقيس عليهم حتى انفاسهم قبل اي خطوة من خطواتهم.

والملف الامني، هو الملف الاساسي الذي يمكن الانتقال منه الى ضبط بقية القضايا الداخلية خصوصا مسالة العلاقة بين السلطة من جهة والحركات والفصائل الوطنية والاسلامية من جهة اخرى.

وحتى اللحظة لم يتمكن الفلسطينيون من كسر حاجز الثلج في الملف الامني والمتعلق أساسا بما يسمى سلاح المقاومة، حيث يظل الحديث حول تطبيق اجراءات السلطة الرامية إلى استتباب الامن والقانون عاجزا عن التمييز بين سلاح المقاومة وسلاح الفلتان الامني.

وربما ان السبب الرئيسي في ذلك، حسب مختلف المصادر، إنما يجري تفسيره بان ثمة عناصر رئيسية تنتمي الى مختلف الفصائل والحركات، لاسيما فتح وحماس، هي ذاتها التي تقف وراء حالة الانفلات الامني.

ولم يساعد ادخال مصطح “سلاح الفلتان” لتمييزه عن سلاح المقاومة الا في تعقيد الامور أكثر وفي جعل مهمة تطبيق الامن غاية في التعقيد، وليس مثال التوتر الاخير القائم بين السلطة (وزارة الداخلية) وحركة حماس على خلفية تفجير جبالبا خلال استعرض حماس الا دليلا قويا على ذلك.

معضلة الانتخابات

وليست قضية الانتخابات التشريعية المرتقبة في اواخر شهر يناير المقبل بالمهة الاسهل التي يتوجب على الرئيس عباس تنفيذها والخروج بها الى ممر الامان الذي يريده.

ثمة شروط يجب ان تتحقق، للوصول الى موعد الانتخابات، وهي شروط كما يقول علي الجرباوي، عميد كلية الحقوق في جامعة بيرزيت ليست رهنا بارادة الرئيس عباس وانما تخرج عن نطاق سيطرته.

يقول الجرباوي في حديث الى سويس انفو: “حسم الامور على الارض هو الذي سيقرر اجراء الانتخابات وليست رغبة الرئيس الفلسطيني، وهنا تتقدم اسرائيل على الجميع حيث يمكن لاجراءاتها عى الارض ان تحدد مصير الانتخابات”.

واضاف “امامنا نحو ثلاثة اشهر على موعد الانتخابات لا يمكن لاحد ان يتكهن بما ستؤول اليه الاوضاع على الارض من جهة تصاعد العنف مع اسرائيل”. وشدد على أن “الامن والانتخابات أمران متداخلان لايمكن فصلهما”.

واما رغبة عباس فانها تتركز في محاولته الدؤوبة ضم حركة حماس الى إطار النظام السياسي الفلسطيني، وهو يدرك انه لايمكنه تحقيق ذلك دون اجراء الانتخابات ومشاركة الحركة الاسلامية فيها.

وعلى الاغلب، فان عباس تمكن من اقناع الرئيس الاميركي بان الطريقة الاسلم لاحتواء حماس تكون عبر مشاركتها في الانتخابات وعن طريق دمجها وتدجينها في الشراكة السياسية الفلسطينية.

لكن هناك من يعمل داخل الارض الفلسطينية وخارجها، كما اقر رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئيس عباس خلال لقاء مع صحافيين فلسطينيين، على تعطيل الانتخابات الفلسطينيية وابقاء دوامة الوضع على ماعليه.

وبناء على ذلك، يكون على عباس أن يستعين باجنحة اقوى واكثر من نجاعة من تلك التي تطير به الى اصدقائه في واشنطن وغيرها من عواصم العالم.

هشام عبدالله – رام الله

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية