
الأمم المتحدة تعلن المجاعة في غزة وإسرائيل تعتبره “كذبا صريحا”

أعلنت الأمم المتحدة الجمعة رسميا حالة المجاعة في غزة حيث يعاني 500 ألف شخص من الجوع الذي بلغ مستوى “كارثيا”، استنادا الى تقرير خبراء وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنّه “كذب صريح”.
وأتى ذلك في يوم هدّد وزير الدفاع الإسرائيلي بتدمير مدينة غزة إن لم تقبل حركة حماس بشروط الدولة العبرية للهدنة في الحرب المتواصلة في القطاع الفلسطيني منذ أكثر من 22 شهرا، وحيث أفاد الدفاع المدني عن مقتل ما لا يقل عن 57 شخصا بنيران إسرائيلية الجمعة.
وأصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة والذي يتخذ من روما مقرا، تقريرا أفاد بأن هناك مجاعة في محافظة غزة التي تضمّ مدينة غزة ومحيطها وتشكّل 20 في المئة من مساحة القطاع، مع تقديرات بأن تنتشر في دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بحلول أواخر أيلول/سبتمبر.
واعتبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر أنه كان في الإمكان تفادي المجاعة لولا “العرقلة الممنهجة التي تمارسها إسرائيل” على دخول المساعدات الغذائية.
ورفضت إسرائيل نتائج التقرير، حيث أكد رئيس الحكومة في بيان صادر عن مكتبه أنّه “كذب صريح”، مضيفا أنّ “إسرائيل لا تعتمد سياسة تجويع”.
وشدد نتانياهو على أن المساعدات بقيت تدخل القطاع المحاصر خلال الحرب.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان أنّه “لا توجد مجاعة في غزة”، معتبرة أنّ التقرير “يستند إلى أكاذيب حماس التي تعيد منظمات تدويرها خدمة لأجندتها الخاصة”.
وأشارت إلى أنه “في الأسابيع الأخيرة، غمر التدفق الهائل للمساعدات القطاع بالمواد الغذائية الأساسية”.
أما حماس، فرأت أن إعلان المجاعة “وصمة عار على الاحتلال وداعميه” و”شهادة دولية دامغة على الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أكثر من مليوني إنسان محاصر… وتأكيد على حجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها شعبنا بفعل العدوان الإسرائيلي المتواصل الذي يستخدم سياسة التجويع كأداة من أدوات الحرب والإبادة ضد المدنيين”.
– “على بعد مئات الأمتار من الطعام” –
ونبّه خبراء الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون “جوعا كارثيا”، وهو أعلى مستوى في التصنيف ويتّسم بالمجاعة والموت.
وقال فليتشر في تصريحات صحافية “إنها مجاعة.. مجاعة على بعد بضعة مئات من الأمتار من الطعام وعلى أرض خصبة”.
واعتبر أن المجاعة في غزة “وصمة عار” على جبين العالم مؤكدا أنه كان يمكن منعها “لو سُمح لنا. الغذاء مكدس عند الحدود بسبب العرقلة الممنهجة التي تمارسها إسرائيل”.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “لا يمكننا السماح باستمرار هذا الوضع من دون عقاب”.
كذلك، أكد المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن “تجويع الناس لأغراض عسكرية جريمة حرب”.
وأثار الاعلان ردود فعل دولية.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إنّ هذه المجاعة في غزة “فضيحة أخلاقية” و”كارثة من صنع الإنسان”.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية أن “تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة… ستظل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي… ما لم يسارع بالتدخل الفوري لإنهاء المجاعة ووقف حرب الإبادة والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني”.
من جانبها، ذكّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّه “بموجب القانون الإنساني الدولي، يتوجب على إسرائيل، كونها القوة القائمة بالاحتلال، أن تضمن تأمين الحاجات الأساسية للسكان المدنيين في غزة، باستخدام كل الموارد المتوافرة في حوزتها”.
وتقول منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إن 148 شخصا توفوا جراء سوء التغذية في غزة منذ كانون الثاني/يناير 2025.
– “كأننا في جهنم” –
وأتى إعلان الأمم المتحدة في يوم حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي بتدمير مدينة غزة إذا لم تتخل حركة حماس عن سلاحها ولم تطلق جميع الرهائن الذين ما زالو محتجزين في القطاع منذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وكتب كاتس عبر “إكس”، “قريبا، سوف تُفتح أبواب الجحيم على رؤوس قتلة ومغتصبي حماس حتى يوافقوا على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وهي بشكل أساسي إطلاق سراح جميع الرهائن والتخلي عن السلاح”.
وأضاف “إذا لم يقبلوا، ستصبح (مدينة) غزة – عاصمة حماس – رفح وبيت حانون”، في إشارة إلى الدمار الكبير الذي لحق بالمدينتين خلال الهجمات الإسرائيلية.
وفي سياق متصل، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير “نعمل على توسيع العمليات في غزة في الأيام المقبلة”.
وكان نتانياهو أعلن الخميس أنه أصدر توجيهاته للبدء فورا بمفاوضات لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
وبدا ذلك وكأنه ردّ غير مباشر على المقترح الأخير الذي تقدّم به الوسطاء من أجل وقف إطلاق النار في غزة والذي وافقت عليه حركة حماس.
وينصّ المقترح على الإفراج عن 10 رهائن و18 جثمانا محتجزين في غزة في مرحلة أولى من هدنة لمدة ستين يوما، على أن يتم إطلاق سراح الرهائن المتبقين في مرحلة ثانية، في موازاة مفاوضات من أجل تسوية أشمل.
وتصرّ إسرائيل على أن يتم إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة.
ومن أصل 251 شخصا اقتيدوا الى قطاع غزة خلال هجوم حماس في 2023، لا يزال 49 محتجزين في غزة، بينهم 27 تقول إسرائيل إنهم لقوا حتفهم.
وأكد نتانياهو أن المفاوضات التي وجّه بإجرائها ستتزامن مع خطط الجيش “للسيطرة على مدينة غزة وهزيمة حماس”.
وأمر الجيش الإسرائيلي الأربعاء باستدعاء 60 ألف جندي احتياط تمهيدا لتنفيذ خطة السيطرة على مدينة غزة التي أُقرّت في وقت سابق هذا الأسبوع.
وفي الساعات الماضية، تواصلت عمليات القصف الإسرائيلي على مدينة غزة، خصوصا في المناطق المحيطة بجباليا والنزلة وحي الصبرة الذي يتعرض للقصف منذ أسبوع، كما هي حال حي الزيتون المجاور، بحسب شهود.
وأفاد الدفاع المدني في القطاع عن مقتل 57 شخصا على الأقل بنيران إسرائيلية الجمعة، أكثر من نصفهم في مدينة غزة.
وقالت أم ابراهيم يونس (43 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال يعيشون في بقايا منزلهم المدمّر في شمال غرب مدينة غزة، “كأننا في جهنم. سأصاب بالجنون. لا يمكنني تصوّر النزوح مجددا”.
وأضافت “صوت القصف يقترب، يريدون أن ننزح الى الجنوب مجددا. جسمي هزيل وأجسام أولادي كذلك. لا يمكننا تحمل النزوح ولا استمرار القصف والجوع”.
جلب-دس/لم-ناش/كام