
إسرائيل تهاجم إيران في استعراض للقوة وسط نزاع متصاعد

شنّت إسرائيل السبت غارات على عدة منشآت عسكرية في إيران، في أحدث تصعيد بين الخصمين القديمين في خضم نزاع يتأجج منذ أشهر.
وجاءت الضربات الإسرائيلية ردا على الهجوم الذي شنته إيران في مطلع تشرين الأول/أكتوبر، عندما أطلقت نحو 200 صاروخ على إسرائيل.
ووصف خبراء تحدثت إليهم وكالة فرانس برس الضربات الإسرائيلية الأخيرة بأنها استعراض مدروس للقوة في نزاع يهدد منذ فترة طويلة بإغراق المنطقة.
لكنهم استبعدوا أن يتحول التصعيد إلى حرب إقليمية شاملة.
– ماهي الاستراتيجية؟ –
من المرجح أن إسرائيل ضربت مصانع صواريخ إيرانية سعيا لإبطال سلاح قوي استخدمته الجمهورية الإسلامية ضدها في الأشهر الأخيرة.
وجهت إيران ضربات مباشرة إلى إسرائيل مرتين هذا العام – مرة في نيسان/أبريل ومرة ثانية في الأول من تشرين الأول/أكتوبر – في هجمات صاروخية ضخمة قالت إسرائيل إن دفاعها الجوي تصدى لها إلى حد كبير.
وقال مايكل هورويتز الخبير في شركة “لو بيك” للاستشارات الأمنية لوكالة فرانس برس “الهدف في رأيي هو ضرب صناعة إنتاج الصواريخ في إيران لإضعاف أحد التهديدات الرئيسية لإسرائيل، وفي الوقت نفسه زيادة حرية عمل إسرائيل من خلال مهاجمة الدفاعات الجوية الإيرانية”.
ولم ترد تقارير عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين أو أضرار في البنية التحتية الاقتصادية الإيرانية، مما قد يوفر سبيلا لخفض التصعيد بين العدوين.
أما حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، فرأى أن “إسرائيل وجهت ضربة إعلامية وسياسية وليست عسكرية، وهي تتوقع مكافآت من واشنطن على الطبيعة المعتدلة لهجومها”.
واضاف عبيدي “في الوقت نفسه، أجرت إسرائيل اختبارا حقيقيا لمستوى القدرة التي وصلت إليها الدفاعات الإيرانية”.
– ماهو التأثير؟ –
اشار الخبراء أيضا إلى أن الهجوم الإسرائيلي هدف إلى إظهار قدرتها على الرد على إيران بعملية معقدة تستخدم القوة النارية الدقيقة.
وقالت سيما شاين، المتخصصة في الشؤون الإيرانية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه “من وجهة نظر إسرائيل، فإن هذا يمثل استعراضا ضخما للقدرات”.
وتابعت “أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي تتجه فيها طائرات كثيرة إلى إيران، وتنفذ هجمات في إيران، وتعود بسلام”.
وقدر جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، أن استعراض القوة الإسرائيلي جعل إيران أكثر عرضة للخطر.
واضاف لوكالة فرانس برس “إن أهمية مهاجمة الدفاعات الجوية الإيرانية تكمن في أن إيران ستكون بلا دفاعات إلى حد كبير في الجولة التالية”.
وأبدى داني سيترينوفيتش، وهو خبير آخر في الشؤون الإيرانية في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، اعتقاده أن قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات من دون عوائق إلى حد كبير تنبع من جهودها الناجحة لإضعاف حزب الله، حليف إيران الرئيسي في لبنان.
وقال “كان حزب الله في الواقع بمثابة جدار واقٍ لإيران، وأعتقد أن ضعف حزب الله في حربه ضد إسرائيل يغيّر حسابات إسرائيل في ما يتعلق بمهاجمة إيران بشكل مباشر”.
واضاف سيترينوفيتش “هذه نتيجة مباشرة لذلك”.
– ماذا الآن؟ –
رغم أن سيترينوفيتش وصف الهجوم بأنه “غير مسبوق” و”تاريخي” من خلال كسر المحظور بشنّ هجوم مباشر على الجيش الإيراني على أراضيه، إلا أنه لاحظ أن نشوب حرب إقليمية شاملة أمر غير مرجح.
هزّت انفجارات في نيسان/أبريل محافظة أصفهان الإيرانية، ونقلت وسائل إعلام عن مسؤولين أميركيين أنها كانت ردا إسرائيليا، فيما لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها.
وقال الخبير لوكالة فرانس برس “لا أحد يريد أن يجد نفسه في حرب إقليمية”، مضيفا أن تقليل إيران من تأثير الهجوم كان وسيلة لتهدئة التوترات.
واورد الخبير أن “إيران تظهر قدرا كبيرا من المرونة عندما لا تريد القيام بأمر ما… فهي تعرف كيف تجد الأعذار المناسبة”.
لكنه لم يستبعد أن تكون الضربات “بمثابة نبذة عما يمكن أن يحدث في المستقبل”.
واضاف داني سيترينوفيتش “منذ الحرب الإيرانية العراقية، لم تتعرض طهران لمثل هذه الهجمات على أراضيها… من الواضح أن زعماء إيران غير مهتمين بحرب إقليمية”.
وأردف أن “الكرة صارت بين يدي القيادة الإيرانية، التي التزمت في الماضي بالرد الفوري على أي هجوم إسرائيلي كبير”.
وقال جوست هلترمان من مجموعة الأزمات الدولية أن إسرائيل تتعرض أيضا لضغوط أميركية لتقليص احتمالات مزيد من التصعيد.
واضاف أن “الولايات المتحدة لا تريد حربا أوسع وأوضحت لإسرائيل ما تتوقعه”.
واشارت سيما شاين أيضا إلى دور واشنطن قائلة إن “إسرائيل والولايات المتحدة نقلتا رسائل مختلفة إلى إيران بعدم الرد لإغلاق دائرة الهجمات”.
ولفتت الى أنه إذا اختارت إيران الرد، فإنها لا تزال تمتلك مخزونا من الصواريخ البالستية وغيرها، “لكن كما رأوا في المرتين السابقتين، هناك نظام دفاع فعال للغاية” في إسرائيل.
وقدرت أن القادة الإيرانيين “مهتمون بإغلاق هذه الدورة أكثر من اهتمامهم بمواصلتها”.
كرب-لبا/ح س/ب ق