
اتفاق “تاريخي” بين إسرائيل والمغرب مع اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية

سجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس نقطة دبلوماسية جديدة عبر الحصول على اتفاق “تاريخي” لتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، في إطار خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط، مقدماً في المقابل اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
وكتب ترامب في تغريدة “تقدم تاريخي آخر اليوم!” مضيفاً “وافقت إسرائيل والمملكة المغربية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة في اختراق هائل في سبيل السلام في الشرق الأوسط!”.
وبعيد ذلك، أكدت الرباط إعلان تطبيع العلاقات. وتطرق الملك محمد السادس أثناء مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى “استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية في أقرب الآجال” مع الدولة العبرية، وفق ما جاء في بيان صادر عن الديوان الملكي.
وتحدث العاهل المغربي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأكد أن تدابير التطبيع “لا تمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة”.
وقال مسؤول دبلوماسي مغربي رفيع المستوى خلال لقاء مع صحافيين في الرباط إن “الأمر لا يتعلق باعتراف بل باستئناف العلاقات القائمة” أساسا. ويعيش في إسرائيل نحو 700 ألف يهودي من أصول مغربية. ويزور 50 إلى 70 ألف يهودي المغرب سنويا غالبيتهم من الدولة العبرية.
وأشار إلى أن “المغرب اعترف باسرائيل العام 1994 وكان هناك وجود دبلوماسي على مدى ثماني سنوات في الرباط وتل أبيب” إلى حين إغلاق مكتبي الارتباط في مطلع الألفية.
ورفض فريق الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن التعليق على ما أعلنه ترامب.
– رحلات مباشرة –
ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أيضاً باتفاق “تاريخي” مع المغرب. ويصادف الإعلان عنه مع بدء الاحتفالات بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا). وتحدث عن إقامة “مكتبي ارتباط ومن ثم علاقات دبلوماسية مباشرة ورحلات مباشرة بين البلدين”.
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من جهتها أن قرار تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل “خطيئة سياسية” ارتكبها المغرب “لا تخدم القضية الفلسطينية”.
ورأى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن القرار “خطوة هامة باعتبارها تحقق مزيدا من الاستقرار والتعاون الإقليمي” في المنطقة.
وكان المغرب حتى الآن يبدي موقفاً ثابتاً في دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة “عاصمتها القدس الشرقية”، في إطار حل الدولتين، مديناً في الوقت نفسه سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويرئس العاهل المغربي “لجنة القدس”، التي أنشأتها منظمة المؤتمر الإسلامي للحفاظ على التراث الديني والثقافي والمعماري للمدينة المقدسة. وأكد الملك محمد السادس أثناء استقباله البابا فرنسيس في آذار/مارس 2019 رغبته في “الحفاظ” على القدس “كمكان للتلاقي ورمز للتعايش السلمي”.
قبل المغرب، وافقت البحرين والإمارات العربية المتحدة مؤخراً على تطبيع علاقاتهما مع إسرائيل، في إطار اتفاقات رعاها البيت الأبيض يمثله جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره. وأعطى السودان أيضاً موافقته المبدئية لتطبيع علاقاته مع إسرائيل.
وأعلن كوشنر الخميس أن اعتراف السعودية بإسرائيل “هو أمر حتمي”.
– تطبيع مقابل دعم –
وبرز الحديث عن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل إلى الواجهة في شباط/فبراير الماضي، بمناسبة زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الرباط.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية آنذاك عن احتمال أن يكون المغرب مستعداً للتطبيع مع إسرائيل في مقابل دعم أميركي لموقف الرباط في قضية الصحراء الغربية، وهي المستعمرة الاسبانية سابقا التي يتنازع عليها المغرب وجبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر.
في الوقت نفسه، أعلن ترامب الذي يغادر البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني/يناير، على تويتر أنه وقع الخميس إعلاناً يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
وكتب “اقتراح المغرب الجاد والموثوق والواقعي للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لضمان السلام والازدهار!”.
وأضاف “المغرب اعترف بالولايات المتحدة العام 1777. لذلك من المناسب أن نعترف بسيادته على الصحراء الغربية”.
ورحّب الملك محمد السادس من جهته، بـ”الموقف التاريخي” الذي اتخذته الولايات المتحدة في قضية الصحراء الغربية.
ودانت جبهة البوليساريو الخميس “بأشدّ العبارات” القرار الأميركي.
ويعتبر المغرب الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من ترابه الوطني ويسيطر على 80 بالمئة من أراضيها التي تبلغ مساحتها 266 ألف كلم مربع، ويقترح منحها حكما ذاتيا موسعا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة البوليساريو منذ سنوات بإجراء استفتاء تقرير مصير بموجب اتفاق وقف إطلاق نار وُقّع عام 1991 برعاية الأمم المتحدة بعد حرب استمرت 16 عاماً.
والمباحثات التي تُجرى بين المغرب وجبهة بوليساريو وتشارك فيها الجزائر وموريتانيا برعاية الأمم المتحدة متوقفة منذ آذار/مارس 2019.
ويشهد الوضع في الصحراء الغربية توتراً شديداً مع تبادل إطلاق نار بين صحراويين والجيش المغربي، إثر عملية عسكرية أطلقها المغرب بشكل مفاجئ في 13 تشرين الثاني/نوفمبر في منطقة منزوعة السلاح في أقصى جنوب الصحراء الغربية.
وأعلنت الأمم المتحدة التي تحاول بعثتها للسلام تنظيم استفتاء تقرير المصير، أن القرار الأميركي لا يغيّر موقفها حيال الصحراء الغربية التي تعتبرها من “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”.
وأكدت إسبانيا القوة الاستعمارية سابقاً، أنها ستحترم “قرارات الأمم المتحدة لإيجاد مخرج” للنزاع في الصحراء الغربية.