
الأمم المتحدة تدعو إلى كبح الاستغلال الوحشي لأعماق البحار

انطلق مؤتمر نيس للمحيطات الاثنين بالدعوة إلى حشد الجهود واعتماد نهج متعدد الأطراف لتجنب الفوضى في المياه الدولية على خلفية انتقاد السياسة الأحادية لدونالد ترامب الغائب عن المؤتمر.
ودعا الرئيس الفرنسي الذي كان أول المتحدثين إلى “رص” الصفوف وتضافر الجهود مؤكدا أن “الأرض تشهد احترارا أما المحيطات فتغلي”.
يجتمع أكثر من ستين من قادة الدول في مدينة نيس الساحلية في جنوب فرنسا، العديد منهم من دول المحيط الهادئ وأميركا اللاتينية، في المؤتمر الثالث للمحيطات الذي يسعى إلى توفير حماية أفضل لها فيما تعاني من الاحترار والتلوث والصيد الجائر.
ورأى الرئيس الفرنسي أن “الرد الأول على ذلك يكون متعدد الأطراف. والمناخ كما التنوع البيولوجي ليس مسألة رأي بل وقائع مثبتة علميا”.
وشدد على أن “أعماق البحار ليست للبيع وكذلك غرينلاند والقطب الجنوبي وأعالي البحار” ملمحا ضمنا إلى تصريحات للرئيس الأميركي.
وجدد ماكرون دعوته إلى وقف التعدين في أعماق البحار، وهي دعوة يدعمها حاليا نحو ثلاثين بلدا. ووصفها رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا بأنها “ضرورية”.
وضم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صوته إلى صوت ماكرون بقوله إن “أعماق البحار لا يمكن أن تتحول إلى غرب متوحش” تعمه الفوضى في وقت أعلن ترامب نيته استغلال النيكل ومعادن نادرة أخرى في مياه المحيط الهادئ الدولية في مناطق تديرها هيئة أممية لا تنتمي إليها الولايات المتحدة.
وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من جانبه “نشهد اليوم خطر الأحادية يهدد المحيطات. لا يمكننا أن نسمح بأن يحصل للبحار ما يحدث للتجارة الدولية”، داعيا الهيئة الدولية لقاع البحار إلى اتخاذ “إجراءات واضحة” لوقف “الحرب الضارية” للفتك بالمعادن النادرة.
– معاهدة أعالي البحار –
ومن الملفات الرئيسية أيضا المصادقة على معاهدة أعالي البحار التي أكد ماكرون في افتتاح المؤتمر أنها ستحصل على عدد كاف من المصادقات لتدخل حيز التنفيذ مع التزام دول جديدة للوصول إلى العدد المطلوب وهو 60 مصادقة.
وأوضح “إلى جانب المصادقات الخمسين التي حصلنا عليها في الساعات الأخيرة، تعهدت 15 دولة رسميا بالانضمام إليها”.
وتهدف المعاهدة التي وقعت عام 2023 إلى حماية الحياة البحرية في المياه الدولية (أبعد من 370 كيلومترا من السواحل)، وتدخل حيز التنفيذ بعد 120 يوما على المصادقة الستين عليها.
ويتوقع أن تستغل دول أخرى فرصة انعقاد القمة في نيس لإعلان استحداث مناطق بحرية محمية جديدة في مياهها الوطنية او منع بعض ممارسات الصيد مثل استخدام شباك الجر.
وأعلنت فرنسا البلد المضيف على لسان رئيسها السبت الحد من الصيد بشباك الجر في المناطق البحرية المحمية لحماية قاع البحر من دون أن يقنع قرارها المنظمات غير الحكومية التي رأت ان القرار يشمل 4 % فقط من المياه الفرنسية أي 15 ألف كيلومتر مربع.
بالنسبة لجزر المحيط الهادئ، الممثلة بشكل كبير في نيس والمهددة بارتفاع منسوب المياه، فإن حماية المحيط ليست هدفا بيئيا فحسب، بل ضرورة وجودية، كما أكد قادتها ودعوا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات أكثر طموحا.
– مناطق محمية جديدة –
والاثنين ينتظر أن تعلن الحكومة البريطانية نيتها منع الصيد بشباك الجر في 41 منطقة محمية تمتد على 30 ألف كيلومتر مربع. وسيمنع هذا النشاط في نصف هذه المناطق البحرية المحمية البريطانية عند تنفيذ القرار.
ويتم الاعتراض على هذا النوع من الصيد الذي سلط عليه الضوء فيلم “أوشن” للمخرج والناشط البريطاني ديفيد اتنبوروه بسبب بصمته الكربونية والأضرار التي يلحقها بالموائل البحرية الحساسة مثل الأعشاب البحرية والمرجان وغيرها.
وأعلن العديد من البلدان إنشاء مناطق بحرية محمية جديدة، لا سيما اليونان وأسبانيا، على ربع بحارها، أو فرض حظر محلي على الصيد بشباك الجر في القاع، مثل المملكة المتحدة.
حدد المجتمع الدولي هدفا يتمثل بحماية 30% من البحار والمحيطات. واليوم تحظى نسبة 8,36% من المحيطات بالحماية. واستنادا إلى الوتيرة الراهنة، لن يتحقق هذا الهدف قبل 2107 بحسب منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة.
لكن “الحماية” المعلن عنها نادرا ما تعني حظر صيد الأسماك أو غير ذلك من الأنشطة الضارة بالتنوع البيولوجي، حيث تقرر كل دولة مستوى الحماية.
وقال إيمانويل غونسالفيس كبير العلماء في مؤسسة أوشيانو أزول في نيس “سنفشل” في تحقيق الهدف. وأضاف أنه بالوتيرة الحالية سيحتاج المجتمع الدولي إلى “300 سنة” لحماية 30% من المحيطات “بشكل كامل”.
وتتخلل اليوم الأول من المؤتمر إعلانات علمية مع إطلاق منصة “إيبوس” المصممة لتوفير المشورة للدول حول التزاماتها المرتبطة بتنمية مستدامة للمحيطات.
كذلك، ستحول شركة ميركاتور التي تراقب أوضاع المحيطات منذ أكثر من 20 عاما إلى منظمة دولية. وقال مديرها العام بيار باويريل “إنه حدث كبير، سيكون المحيط على طاولة المفاوضات” فيما لا توجد منظمة دولية مخصصة للمحيطات حصرا.
وتعمل ميركاتور خصوصا على وضع “توأم رقمي” للمحيط قد يساعد خصوصا على فهم الأعاصير.
وأشادت رئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون دير لايين بهذا المشروع قائلة “إنها أداة رائعة تسمح لنا بفهم المحيط بشكل أفضل من التلوث إلى الملاحة مرورا بالمخاطر التي تواجه سواحلنا والتنوع البيولوجي”.
ويتوقع كذلك قيام تحالف فضائي من أجل المحيط (سبايس فور أوشن) من أجل تعزيز جهود حفظ المحيطات.
فكك-نب-ااغ/غ ر-ليل/ص ك