The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الساحل التركي يعاني أزمة مياه بفعل الاستهلاك الكبير للقطاع السياحي

afp_tickers

ينتظر علي علياناك وجيرانه بفارغ الصبر هطول المطر، إذ إن هؤلاء القرويين في مقاطعة إزمير السياحية في غرب تركيا مضطرون هذه السنة إلى سحب مياههم من عمق 170 مترا تحت الأرض.

في المقابل، تمتلئ مسابح مئات الفنادق عن آخرها في مناطق قريبة على الساحل. 

تعاني هذه المنطقة من ساحل بحر إيجه جفافا شديدا أجبر بلدية تشيشمي، وهي مدينة ساحلية يتزايد عدد سكانها بشكل كبير في الصيف بفضل منتجعاتها البحرية، على حرمان سكانها مياه الشفة لمدة عشر ساعات يوميا.

وستحذو هذا الحذو إزمير، ثالث أكبر مدن تركيا، إذ ستلجأ إلى تقنين المياه ست ساعات يوميا اعتبارا من الأربعاء.

وقال علي علياناك (39 عاما)، وهو أب لطفلين و”مختار” قرية جرميان التي يعوّل جميع سكانها على المياه الجوفية للحصول على احتياجاتهم، في حديث لوكالة فرانس برس “كان آباؤنا يسحبون المياه من عمق يتراوح بين ثمانية وتسعة أمتار، والآن نضطر إلى سحبها من عمق 170 مترا”.

وتناقلت محطات التلفزيون التركية مشاهد محزنة للسد الكبير القريب الذي يغذي تشيشمي، وقد انخفض منسوبه إلى 3 في المئة.

ولاحظ علي علياناك الذي يحرص على جمع كل قطرة مطر أن “المشكلة الرئيسية تتمثل في الفنادق، إذ إن مياه مسابحها تتبخر، ومناشفها تُغسَل يوميا، ونزلاؤها يستحمون من ثلاث إلى خمس مرات يوميا، بعد أن ينتهوا من السباحة أو يعودوا من الخارج. إنه إهدار”.

– صلاة الاستسقاء –

ويشكّل نقص المتساقطات منذ الخريف السبب الرئيسي للأزمة الراهنة. وترددت خلال الأسبوع الفائت صلوات الاستسقاء عبر مكبرات الصوت التابعة لمساجد تركيا البالغ عددها نحو 90 ألفا.

لكنّ الخبراء يرون أن للسياحة أيضا تأثيرا، إذ تُشكل ضغطا على الموارد المائية في إزمير وبودروم ومرمريس وأنطاليا، وهي مدن ساحلية في جنوب تركيا تشتهر بمنتجعاتها البحرية وتحظى بإقبال كبير من السياح الأجانب.

وتُطرَح هذه المشكلة أيضا في دول أخرى حول البحر الأبيض المتوسط، تُمثل 30 في المئة من السياحة العالمية، ويُتوقَع أن تشهد انخفاضا في هطول الأمطار خلال العقود المقبلة، وفقا لعلماء المناخ.

ورجّح علماء وفق حسابات أجروها أن 88 في المئة من أراضي تركيا مُعرضة لخطر التصحر.

ودعت سلمى أكدوغان، من غرفة مهندسي البيئة في إزمير، إلى الحد قدر الإمكان من إهدار المياه وخصوصا في قطاع السياحة، مشيرةً إلى أن السائح يستهلك في المتوسط “ضعفين إلى ثلاثة أضعاف” كمية المياه التي يستهلكها المقيم.

ونبهت الخبيرة إلى أن “مستويات المياه تنخفض في الصيف، وكذلك في الشتاء”، ملاحظة أن “المتساقطات أقل انتظاما ولكنها أكثر كثافة، مما يُصعّب على التربة امتصاصها”.

ونظرا إلى موجات الجفاف المتكررة، دعت المهندسة المجموعات والأفراد إلى التخلي عن المساحات المزروعة بالعشب والاستعاضة عنها بخيارات أقل استهلاكا للمياه، واقترحت أن تملأ الفنادق أحواض السباحة بمياه البحر. 

ودعا خبراء آخرون إلى تسعير متفاوت للمياه لإجبار الفنادق على ترشيد استهلاكها.

– “مياه على مدار الساعة” –

وأبدى أورهان بيلجه الذي يتولى إدارة فندق فاخر يضم 253 غرفة ويتمتع بإطلالات خلابة على مياه بحر إيجه الفيروزية استياءه من الضجة الإعلامية المحيطة بهذه القضية.

وقال الرجل، وهو أيضا رئيس اتحاد أصحاب الفنادق في المدينة “الفنادق الكبيرة من فئة 4 أو 5 نجوم، مثل فندقنا، مزودة خزانات مياه تبلغ سعتها 200 إلى 250 طنا. المياه متوافرة لدينا على مدار الساعة”.

ورأى أن حل مشكلة نقص المياه يكمن في تحلية مياه البحر، وهي عملية مكلفة وتستهلك الكثير من الطاقة، تستخدمها أصلا بعض الفنادق في المنطقة.

وأقرّ مدير فندق صغير في المدينة طلب عدم ذكر اسمه بأن “نقص المياه مشكلة حقيقية”، لكنه أعرب عن قلق أكبر من تأثير تقنين المياه على أعداد السياح.

وقال “في الصيف الماضي، في التاريخ نفسه، كانت غرفنا محجوزة بالكامل. وكان الإشغال كاملا قبل أسبوعين. أما الآن، فالفندق فارغ بنسبة 80 في المئة، وليس لدينا أي حجوزات لشهر آب/أغسطس”.

 ولا تتذكر صبيحة يورتسيفير التي درجت منذ 25 عاما على تمضية كل صيف في تشيشمي، لا تتذكر صيفا جافا كهذا. وهذه المتقاعدة البالغة 80 عاما والتي تقضي بقية العام في إزمير، اتهمت الحكومة وأصحاب الفنادق بجعل المنطقة غير صالحة للسكن.

وقالت المرأة الثمانينية “عندما تحترق الغابات، يبنون الفنادق بدلا من إعادة زراعتها”. وتُضيف “كلما قلّت الأشجار، قلّ هطول الأمطار”.

ربا/ب ح/جك

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية