The Swiss voice in the world since 1935

النزعة الانفصالية الصربية أكبر اختبار للبوسنة منذ حرب التسعينات

afp_tickers

يرى مراقبون أن سعي زعيم صرب البوسنة المستمر إلى السيادة يشكل الاختبار الأصعب لاستقرار البلد المضطرب منذ الحرب العرقية الدامية التي شهدها قبل 30 عاما.

وتعهد ميلوراد دوديك زعيم جمهورية صربسكا، الكيان الصربي الذي يشكل جزءا من البلاد إلى جانب الكيان المسلم الكرواتي، بـ”المضي حتى النهاية” لانتزاع السيطرة على أراضي الإقليم من السلطات المركزية.  

يقول أستاذ دراسات الأمن والسلام في جامعة سراييفو فيلدين كاديتش إن حملة دوديك تشكل “تحديا أمنيا” و”التحدي الأخطر الذي تواجهه البوسنة والهرسك منذ نهاية الحرب” في عام 1995.

– تغييرات دوديك المؤسسية –

بعد سنوات من الضغط باعتباره الزعيم السياسي للصرب في البوسنة منذ عام 2006، حوّل دوديك (66 عاما) في الأسابيع الأخيرة مطالبه إلى أفعال من خلال سلسلة من التدابير المؤسسية الجريئة عقب إصدار محكمة بوسنية حكما ضده.

وتشمل التدابير صياغة مسودة دستور يسمح بإنشاء جيش صربي بوسني تحت قيادته.

وفي أواخر شباط/فبراير، أقر برلمان جمهورية صرب البوسنة قانونا يحظر على الشرطة والمحاكم المركزية للدولة العمل على أراضي صرب البوسنة التي تغطي 49% من مساحة البلاد. وفي وقت لاحق، علّقت المحكمة الدستورية في البوسنة هذه القوانين.

ثم في 13 آذار/مارس، اعتمد برلمان جمهورية صرب البوسنة تدبيرا آخر من أجل “حماية النظام الدستوري لجمهورية صربسكا” إلى جانب مسودة الدستور.

وينص الدستور على أن جمهورية صرب البوسنة التي تسكنها غالبية من الصرب مع أقلية من المسلمين البوسنيين والكروات، هي “دولة الشعب الصربي وجميع المواطنين الذين يعيشون فيها”.

كما ينص على أن جمهورية صربسكا لديها الحق في إقامة “اتحادات” مع دول أخرى، في إشارة ضمنية إلى صربيا.

ومن المقرر مناقشة النص خلال الأشهر المقبلة، وسيتم اعتماده إذا حصل على تأييد ثلثي أعضاء البرلمان.

وقالت منظمة الشفافية الدولية، وهي منظمة غير حكومية معنية بمكافحة الفساد، في بيان الجمعة إن معسكر دوديك “يقود جمهورية صرب البوسنة نحو الديكتاتورية” من خلال إنشاء “مؤسسات قضائية واستخباراتية موازية”.

– دوديك يتحدى القضاء –

بعد الحرب الدامية التي دارت رحاها بين عامي 1992 و1995 بين القوات الصربية من جهة والمسلمين والكروات من جهة ثانية، تم تقسيم البلد بموجب اتفاق دولي إلى كيانين يتمتعان بحكم ذاتي: جمهورية صربسكا والاتحاد المسلم الكرواتي.

يوضح كاديتش أن “البوسنة والهرسك لديها نظام قضائي وأمني مسؤول عن التعامل مع الهجمات على النظام الدستوري، ولكن فعالية هذا النظام ستوضع موضع الاختبار عمليا خلال الأسابيع المقبلة”.

ويرى أن التحدي الدستوري يشكل خيارا وجوديا بين “إما دوديك أو البوسنة والهرسك” في شكلها المركزي.

وفي أواخر شباط/فبراير، دانت محكمة بوسنية دوديك بتهمة مخالفة أحكام الممثل الأعلى للبوسنة والهرسك كريستيان شميت، المبعوث الدولي المكلف بالإشراف على اتفاقيات السلام والذي يهاجمه دوديك بانتظام.

في سياق منفصل، أمرت النيابة العامة البوسنية في 12 آذار/مارس الشرطة الفدرالية بإحضار دوديك للاستجواب بشأن اتهامات بمحاولة تقويض دستور البلاد من خلال مناوراته المؤسسية.

لكنه قال إنه لا ينوي الامتثال. وواصل عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الصرب البوسنيين في القصر الرئاسي لجمهورية صربسكا.

– تعزيز القوات الأوروبية –

نددت واشنطن وبروكسل بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها جمهورية صربيا.

واستباقا لتصعيد محتمل للتوتر، قامت قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأوروبي (يوفور) والتي يبلغ قوامها 1500 عنصر، بارسال 300 جندي إضافي إلى البوسنة والهرسك في 11 آذار/مارس في ما وصفته بتعزيزات مؤقتة.

كما عارضت شخصيات في صربسكا مناورات دوديك الذي وصفهم بـ”الخونة”.

وقال النائب المعارض في برلمان جمهورية صرب البوسنة نيبويشا فوكانوفيتش للصحافيين في 12 آذار/مارس إن دوديك وحلفاءه “تجاوزوا كل الخطوط الحمر” للسياسة في الإقليم.

وأضاف “بسبب سلوكهم الانتحاري لم يتركوا لأنفسهم أي مخرج”.

وتابع “هناك مقولة رومانية قديمة تقول: كلما اقتربت الإمبراطورية من الانهيار، ازدادت قوانينها جنونا. وهذا ما يتأكد الآن”.

في ليلة 13-14 آذار/مارس، أُضرمت النيران في سيارة فوكانوفيتش أمام منزله.

وقالت منظمة الشفافية الدولية إن “ملاحقة الأصوات المعارضة أصبح مباحا… بهدف وحيد هو حماية ميلوراد دوديك من الملاحقة القضائية”.

روس/ح س/كام

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية