
جثث ومنازل منهوبة.. دروز سوريون يلملمون جراحهم في السويداء

بيروت (رويترز) – رجل مسن ثقبت رأسه رصاصة وهو في غرفة المعيشة، وآخر تسللت إليه رصاصة في غرفة نومه. جثة لامرأة في شارع. كلها مشاهد دموية لما بعد إراقة الدماء على مدى أيام في مدينة السويداء السورية التي يقطنها الدروز.
بدأ الناجون يوم الخميس في جمع ودفن عشرات الجثث التي عثر عليها بمختلف أنحاء المدينة.
ووضع وقف لإطلاق النار مساء الأربعاء نهاية لاشتباكات العنيفة بين مسلحين دروز وقوات حكومية وصلت إلى المدينة لفض اشتباكات بين الدروز ومسلحين من البدو.
وتفاقمت أعمال العنف بشدة بعد وصول القوات الحكومية وفقا لروايات أدلى بها أكثر من 10 من سكان السويداء لرويترز واثنين من المراسلين على الأرض وجماعة مراقبة.
ورأى سكان أصدقاء وجيرانا يُقتلون رميا بالرصاص من مسافة قريبة في منازلهم أو في الشوارع. وقالوا إن عمليات القتل تلك نفذتها قوات سورية تعرفوا عليها من الزي والشارة.
تمكنت رويترز من التحقق من وقت ومكان بعض مقاطع الفيديو التي تظهر فيها الجثث لكنها لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل ممن نفذ القتل ولا متى وقع.
وقال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى في تصريحات لرويترز بعد نشر هذا التقرير إن السلطات “على علم بالتقارير المتعلقة بانتهاكات خطيرة خلال الأحداث الأخيرة في السويداء، ومنها أعمال ربما تمثل أعمالا وحشية وتحريضا طائفيا”.
وأضاف المصطفى “تندد الحكومة السورية بشدة بجميع هذه الأعمال وتؤكد رفضها المطلق للعنف الطائفي بجميع أشكاله”.
وتابع قائلا إن السلطات السورية لم تتمكن من إجراء تحقيقات حتى الآن بسبب إعادة انتشار قواتها بعد وساطة دولية لتأمين وقف إطلاق النار.
وقال سكان في السويداء تحدثت معهم رويترز إن إراقة الدماء عمقت شكوكهم في حكومة دمشق التي يقودها إسلاميون وزادت مخاوفهم بشأن كيف سيضمن الشرع حماية الأقليات.
وفي أعمال عنف طائفية بمنطقة الساحل السوري في مارس آذار، قتل المئات من العلويين على يد قوات موالية للشرع.
وقال كنان عزام، وهو طبيب أسنان يعيش في الضواحي الشرقية للسويداء، لرويترز عبر الهاتف إنه لا يستطيع ملاحقة الاتصالات التي تبلّغ عن قتلى مشيرا إلى أنه علم للتو بمقتل أحد أصدقائه وهو مهندس زراعي يدعى أنيس ناصر قال إن قوات حكومية اقتادته من بيته هذا الأسبوع.
وأضاف أنهم عثروا يوم الجمعة على جثته في وسط كومة من الجثث في مدينة السويداء.
ونشر عامر، وهو ساكن آخر طلب عدم ذكر اسمه الكامل خوفا من الانتقام، مقطع فيديو قال إنه يصور جيرانه المقتولين في منزلهم.
ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من المقطع. وتُظهر اللقطات جثة رجل على مقعد. وتُظهر أيضا جثة على الأرض لمسن مصاب بجرح من أثر رصاصة في صدغه الأيمن ورجلا أصغر سنا وجه للأرض غارق وسط بركة من الدماء.
ومثل باقي أعمال القتل في المدينة، لم تتمكن رويترز من التحقق من هوية المسؤولين عن تلك الجرائم.
ولم يرد متحدثون من وزارتي الداخلية والدفاع بعد على أسئلة من رويترز عما إذا كانت قوات حكومية ضالعة أو مسؤولة عن أعمال القتل التي حدثت في المنازل والشوارع.
وفي بيان عبر الفيديو في وقت مبكر من صباح يوم الخميس، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن حماية الدروز وحقوقهم “من أولوياتنا” وألقى بمسؤولية أي جرائم ارتُكبت ضد المدنيين على جماعات خارجة على القانون تسعى لتأجيج التوتر. وخاطب الدروز قائلا لهم “نرفض أي مسعى يهدف لجركم إلى طرف خارجي”.
كما تعهد بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات بحق الدروز لكنه لم يفصح عما إذا كانت قوات حكومية ضالعة في الأمر.
وقال بيان أصدرته الحكومة يوم الأربعاء بشأن وقف لإطلاق النار في المنطقة إن بعثة لتقصي الحقائق ستحقق في الجرائم والانتهاكات والمخالفات التي وقعت وتحدد المسؤولين عنها وتعوض المتضررين في أسرع وقت ممكن.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي جماعة معنية بمراقبة الحقوق ووثقت انتهاكات خلال الحرب الأهلية وواصلت النشاط بعد الحرب، إنها تحققت من مقتل 321 في السويداء بما شمل أفرادا من طواقم طبية ونساء وأطفال.
وقال فضل عبد الغني مدير الشبكة إن هذا العدد يشمل عمليات إعدام ميدانية نفذها الطرفان وسوريين قتلوا في غارات إسرائيلية وآخرين قتلوا في اشتباكات، لكنه أشار إلى أن مسألة تفصيل الأعداد التي قتلت في وقائع مختلفة سيستغرق وقتا.
وأضاف عبد الغني أن الشبكة وثقت أيضا حالات إعدام ميدانية نفذها مسلحون من الدروز لأفراد من قوات الحكومة.
ولم تعلن الحكومة عدد القتلى من قواتها ومن المدنيين في السويداء.
وقالت وزارة الصحة إن المستشفى الرئيسي للمدينة عثر فيه على عشرات الجثث لأفراد من قوات الأمن والمدنيين لكنها لم تفصح عن عدد محدد ولم تدل بمزيد من التفاصيل.