وافق الناخبون السويسريون يوم الأحد 9 فبراير 2014 للمرة الأولى على مبادرة شعبية تهدف للحد من هجرة العمالة الأجنبية، وهو موضوع كثيرا ما تردد على الساحة السياسية السويسرية طوال نصف القرن الماضي. ومنذ عمليات التصويت الأولى التي عرفتها بداية سبعينات القرن الماضي، تعرضت الكنفدرالية بانتظام لانتقادات قوية واتهامات بمعاداة الأجانب.
تم نشر هذا المحتوى على
10دقائق
أرماندو مومبيللي, swissinfo.ch
تعود أولى المحاولات الهادفة للحد من ارتفاع عدد العمال الأجانب إلى فترة الطفرة الإقتصادية التي تلت الحرب العالمية الثانية، عندما كانت سويسرا تواجه أكبر موجة هجرة في تاريخها. فقد جلب النمو السريع للإقتصاد الوطني، وبالأخص في القطاع الصناعي مئات الآلاف من العمال من جنوب أوروبا، قدموا أساسا من إيطاليا وإسبانيا.
في بادئ الأمر، حاولت الحكومة الفدرالية كبح جماح عملية التوظيف المكثفة من خلال اعتماد نظام الحصص في المؤسسات (في عام 1963)، ثم على المستوى الوطني (في عام 1970)، لكن ذلك لم يحقق النجاح المطلوب. فقد ارتفع عدد القاطنين الأجانب في المدن السويسرية ما بين عامي 1950 و 1973 بنسبة تتراوح ما بين 6 و 17%.
في الأثناء، أدى تنامي المشاعر المعادية للأجانب إلى تأسيس حزبين صغيرين يمينيين يجمعان في صفوفهما المدافعين عن الهوية الوطنية وهما “العمل الوطني” (الديموقراطيون السويسريون حاليا)، و”الحركة الجمهورية”. لكن دور هذين الحزبين بقي محدودا على الساحة السياسية الوطنية، رغم تمكنهما من تقديم أربع مبادرات شعبية تم التصويت عليها على المستوى الفدرالي ضد “ارتفاع نسبة العمال الأجانب”، وتحصلت على دعم شعبي يتعدى الحجم الحقيقي للقاعدة الإنتخابية للحزبين.
صدى كبير في أوروبا
المبادرة الأولى المعروفة باسم “مبادرة شفارتسنباخ” نسبة الى زعيم الحركة الوطنية في تلك الفترة، والتي تطالب بتحديد مستوى العمال الأجانب بـ 10% من مجموع السكان، تم طرحها للتصويت الشعبي في عام 1970 وحصلت على 46% من الأصوات واقترنت بنسبة مشاركة مرتفعة بلغت 74% وهو ما أعطاها أصداء واسعة في جميع أنحاء أوروبا.
هذه النتائج شجعت “العمل الوطني” و”الحركة الجمهورية” على تكرار العملية وإطلاق مبادرتين مشابهتين لكنهما لم تحصُلا إلا على 34.2% من أصوات الناخبين (في عام 1974) وعلى 29.5% (في عام 1977) بعد أن تجند جميع المعارضين للمبادرتين (من أحزاب سياسية رئيسية ومثقفين) في أعقاب الهزة التي تعرضوا لها بسبب نتائج التصويت الأول. من جهة أخرى، أدى الكساد الإقتصادي الذي شهدته سويسرا ما بين عامي 1974 و 1976 إلى مغادرة أكثر من 300 ألف عامل أجنبي للبلاد.
بدوره، لم يحقق “العمل الوطني” نجاحا كبير في مبادرته الأخيرة التي أطلقها ضد العمالة الأجنبية المهاجرة إذ لم تحصل إلا على 32.7% من أصوات الناخبين، وهي نتيجة مشابهة جدا لما تحصل عليه اقتراح آخر تقدم به في عام ألفين فيليب موللر، الرئيس الحالي للحزب الليبرالي الراديكالي طالب فيه بأن لا تتجاوز نسبة العمال الأجانب في سويسرا 18% من إجمالي عدد السكان (تحصل على موافقة 36.2% من الناخبين).
على الرغم من النتائج الواضحة لهذه الإقتراعات، أثارت المبادرات الرامية للحد من اليد العاملة الأجنبية انتقادات شتى، وخاصة في الدول المجاورة للكنفدرالية (فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا). وفي معظم الأحيان، صنّفت وسائل الإعلام والأعمال السينمائية والمسرحية والكتب الأدبية فيها سويسرا على أنها بلد توجد فيه مشاعر تتّسم بالعداء للأجانب.
1968: سحبُ أول مبادرة شعبية ضد الزيادة السكانية.
1970: تحصلت مبادرة “مناهضة الهيمنة الأجنبية” على 46% من الأصوات.
1974: تحصلت مبادرة “مناهضة الهيمنة الأجنبية والزيادة السكانية في سويسرا” على 34.2% من الأصوات.
1977: تحصلت المبادرة الرابعة لـ “مناهضة الهيمنة الأجنبية” على 29.5% من الأصوات.
1984: تحصلت مبادرة “مناهضة بيع التراب الوطني” على 48.9% من الأصوات.
1987: لم تتمكن مبادرة تنادي بـ “مناهضة الهيمنة الأجنبية” من جمع النصاب القانوني من التوقيعات الضرورية.
1988: تحصلت مبادرة “الحد من الهجرة” على 32.7% من الأصوات.
1996: تحصلت مبادرة” مناهضة الهجرة السرية” على 46.3% من الأصوات.
1997: لم تتمكن مبادرة “التحفظ في مجال الهجرة” من الحصول على النصاب القانوني من التوقيعات الضرورية.
2000: تحصلت مبادرة “الهجرة المنظمة” على 36.2% من الأصوات.
2014: تحصلت مبادرة “ضد الهجرة المكثفة” على 50.3% من أصوات الناخبين.
صعود حزب الشعب
شهدت سويسرا خلال العشريتين المنقضيتين نقاشا واسعا حول الأجانب كان المحرك الرئيسي فيه حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي)، الذي كان يركز بالدرجة الأولى على سياسة اللجوء مقترحا جملة من التشديدات القانونية، وعلى سياسة الاندماج الأوروبي محاربا أي تقارب لسويسرا مع الإتحاد الأوروبي. وقد أسهمت هذه المواضيع بلا ريب في إعطاء حزب الشعب الدفع الضروري لتحقيق نمو سريع سمح له بالترفيع في قاعدته الإنتخابية بحوالي ثلاثة أضعاف منذ بداية تسعينات القرن الماضي.
هذا الحزب اليميني المحافظ تحول إلى أول حزب في البلاد (لجهة عدد الناخبين الذين صوتوا لفائدته)، لكنه لم يتمكن حتى الآن (أي ما قبل 9 فبراير 2014) من الفوز في عمليات التصويت المتعلقة بالإتفاقات الثنائية مع الإتحاد الأوروبي، أو المرتبطة بمسألة حرية تنقل الأفراد. في مقابل ذلك، تمكن الحزب من الوقوف بمفرده خلال السنوات الأخيرة بوجه كافة الأحزاب الأخرى وحقق نتائج إيجابية في اقتراعين من خلال المبادرة الداعية إلى “حظر بناء مزيد من المآذن” التي وافق عليها الشعب في عام 2009، والمبادرة التي دعت إلى “طرد المجرمين الأجانب” التي حظيت بالقبول من طرف الناخبين سنة 2010.
هذان الإنتصاران، وكذلك تكاثر توافد العمال القادمين من دول الإتحاد الأوروبي (بعد بدء العمل بالإتفاقية الخاصة بحرية تنقل الأشخاص بين برن وبروكسل)، دفعا حزب الشعب السويسري في عام 2011 الى إطلاق مبادرته الأولى المتعلقة بالحد من توافد اليد العاملة الأجنبية، التي وافق عليها الشعب السويسري بأغلبية ضئيلة يوم 9 فبراير 2014. ويعتبر نص المبادرة بمثابة خط يتماشى مع النظرة التقليدية والمحافظة على الهوية التي طورها الحزب طيلة العشرين عاما الماضية، رغم أنه اعتبر سابقا أن الإقتراحات التي طُرحت في سبعينيات القرن الماضي “غير مقبولة من الناحيتين الإنسانية والاقتصادية”، بل عبّر عن ارتياحه لأن الشعب السويسري رفضها آنذاك بشكل واضح.
وفي المستقبل القريب، سيتعيّن على الشعب السويسري أن يُبدي رأيه حول مُبادرة أخرى تهدف للحد من الهجرة وتحمل عنوان “المبادرة الفدرالية للحد من الزيادة السكانية والمحافظة المستدامة على الموارد الطبيعية”، وهي قائمة على أسس تحرص على مراعاة البيئة وحماية المحيط، وتتضمن اقتراحا بالحد من الزيادة السكانية للأجانب المقيمين في الكنفدرالية كي لا تتجاوز 0.2% في السنة لفترة تستمر ثلاثة أعوام. وفي صورة موافقة الناخبين عليها، فلن يكون بإمكان الكنفدرالية إبرام أية اتفاقيات دولية متعارضة مع هذه الإجراءات.
(نقله الى العربية وعالجه: محمد شريف)
قراءة معمّقة
المزيد
سوق العمل السويسرية
الأجور في سويسرا: فجوة كبيرة بين انتظارات النقابات وتوقّعات الهياكل المشغّلة
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
الإقتراع الذي يمثل مُنعرجا بالنسبة لسويسرا
تم نشر هذا المحتوى على
وبينما أجمعت الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية يوم الإثنيْن 10 فبراير عن غضبها لتصويت أغلبية ضئيلة من الناخبين السويسريين لصالح مبادرة حزب الشعب، اكتفت الصحف الصادرة في المناطق الألمانية بالتساؤل حول سبل تطبيق هذا القرار، وكيف سينعكس على العلاقات السويسرية الأوروبية. ورأت صحيفة “لاليبرتي” الصادرة بفريبورغ أن نتيجة الإقتراع “تضع الحكومة السويسرية أمام مهمّة شاقة”، وتتوقّع…
تم نشر هذا المحتوى على
تتوالى ردود الفعل الوطنية والدولية على نتيجة التصويت على مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) التي انتزعت الأغلبية المزدوجة، بحيث حصدت تأييد 17 كانتون من أصل 26، وكذلك غالبية أصوات الناخبين الذين دعموها بنسبة بسيطة ولكن حاسمة بلغت 50,34%. وقد سارعت المفوضية الأوروبية في بروكسل مساء الأحد إلى إصدار بيان بهذا الشأن جاء فيه: “تأسف المفوضية…
حزب الشعب يُقنع غالبية الناخبين بالمخاوف من الهجرة
تم نشر هذا المحتوى على
انتزعت مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) الداعية إلى تحديد سقف لعدد المهاجرين الوافدين من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، الأغلبية المزدوجة، بحيث حظيت بموافقة غالبية الكانتونات، وتأييد أغلبية أصوات الناخبين.
كما صوت السويسريون هذا الأحد بأغلبية مريحة ضد مبادرة "تمويل الإجهاض مسألة خاصة"، ولصالح مبادرة "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية".
أُعلن عن النتائج النهائية في الكانتونات السويسرية الستة والعشرين بخصوص مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، التي حظيت بموافقة 17 كانتونا مقابل على رفض 9 كانتونات. أما على مستوى أصوات الناخبين، فقد حصلت على تأييد أغلبية ضئيلة جدا بلغت 50,34%. ويحتسب الفارق بين معسكري المؤيدين والمعارضين بـ 19526 صوتا فقط.
ونجد في معسكر الرافضين جميع الكانتونات الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، فضلا عن الكانتونات المتحدثة بالألمانية تسوغ، وبازل-المدينة، وزيورخ.
وجدير بالذكر أن نسبة المشاركة في اقتراعات هذا الأحد مرتفعة بشكل ملفت بحيث ناهزت 56%، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ خمسة أعوام، والأعلى أيضا منذ التصويت على منح النساء حق التصويت على المستوى الفدرالي عام 1971.
وتدعو مبادرة "أوقفوا الهجرة المُكثفة" إلى تحديد سقف لعدد المُهاجرين الجُدد، واعتماد نظام حصص سنوية. ويطالب نص المبادرة بأن تكون الحصص مرهونة بمصالح سويسرا الإقتصادية، وأن تشمل العمال الحدوديين. كما يأمل حزب الشعب أن تُـمنح الأفضلية للمقيمين في سويسرا لدى التشغيل.
استيــاء
وفقا لإحصائيات الكنفدرالية، يتوافد على سويسرا سنويا ما يناهز 80000 أجنبي، يقدم ثلاثة أرباعهم من بلدان الإتحاد الأوروبي. ويعتبر اتفاق حرية تنقل الأشخاص الذي أبرمته برن مع بروكسل عام 2002، عاملا هاما سهّل هذا التدفق الذي أدى إلى تجاوز ساكنة سويسرا حاجز 8 ملايين نسمة قبل بضعة أشهر.
وقد أثار هذا التطور بعض الاستياء لدى فئة من المجتمع، إذ تدين بعض الأطراف ما تعتبره انعكاسات سلبية لهذا النمو الديمغرافي، والذي يؤدي حسبها إلى ارتفاع الضغط على البنية التحتية في مجال النقل والإسكان، لاسيما الزيادات التي سُجلت على مستوى الإيجار.
مع ذلك، غالبا ما تتصدر قائمة الإنتقادات ظاهرةُ الإغراق في الأجور، إذ يتردد في أحيان كثيرة أن أرباب العمل يستغلون توافد هذه العمالة الأجنبية – سواء تعلق الأمر بأشخاص أتوا للإستقرار في الكنفدرالية أو بعُمال بعثتهم شركاتهم الأوروبية للعمل في سويسرا – لخفض الأجور.
ولمحاربة هذه الظاهرة، اعتمدت السلطات "تدابير مُصاحبة " لاتفاق حرية تنقل الأشخاص، لضمان توافق شروط الأجور مع المعايير الجاري بها العمل في مختلف قطاعات التشغيل في سويسرا. لكن هذه الإجراءات لا تحول دون ارتكاب مخالفات تسجلها السلطات بشكل منتظم.
وأخيرا، يعتقد بعض السويسريين أن الأجانب يمارسون ضغطا كبيرا على نظام الرعاية الإجتماعية في بلادهم، وخاصة فيما يتعلق بالتأمين على البطالة والضمان الإجتماعي.
ويمكن لمس هذا الشعور بالإستياء بصورة أوضح في بعض المناطق الحدودية التي تشهد يوميا تدفق الآلاف من عمال الحدود، حتى أن بعض الأحزاب السياسية في كانتوني تيتشينو (الجنوبي المتحدث بالإيطالية) وجنيف (غرب سويسرا المتحدث بالفرنسية)، حققت مؤخرا نجاحات انتخابية من خلال "العزف" على هذا الوتر الحساس.
فرصة لسويسرا
لكن الصورة لا تبدو قاتمة للجميع، إذ يصر أنصار حرية تنقل الأشخاص على أن اليد العاملة الأجنبية
ورقة رابحة وثمينة بالنسبة للإقتصاد السويسري، فمن دونها، قد تفتقر العديد من القطاعات، مثل الفندقة والمطاعم، للعمالة الضرورية. كما يعتقدون أن توافد الأجانب يتيح تعويض النقص في "الأدمغة"، بما أن سويسرا لا تُكوّن ما يكفي من المهندسين أو الممرضات لتغطية جميع احتياجاتها.
وعلى مستوى التأمينات الاجتماعية أيضا، يعتبر الأنصار أن تدفق الأجانب عنصرا مفيدا للبلاد، لأن العمال الشباب يساهمون في نظام التأمينات الإجتماعية السويسري، ويسدون بذلك الثغرة الناجمة عن آثار شيخوخة السكان.
باختصار، يرى مؤيدو حرية تنقل الأشخاص أن هذا الإتفاق هو الصيغة التي أثبتت جدارتها وضمنت الإزدهار الإقتصادي لسويسرا.
ماذا عن رد فعل بروكسل؟
ومن بين كبريات الأحزاب في سويسرا، يُعتبر حزب الشعب الجهة الوحيدة التي تدعم علنا مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، بينما تدعو باقي أحزاب اليمين واليسار، إلى جانب أهم المنظمات الإقتصادية والنقابات، إلى رفض المبادرة.
ولكن، ماذا سيكون رد فعل الإتحاد الأوروبي إن وافق الناخبون على مبادرة حزب الشعب؟ خطاب بروكسل اتسم دائما بالوضوح: أي تشكيك في حرية تنقل الأشخاص سيطعن في صحة مجمل الحزمة الأولى من الإتفاقيات القطاعية السبع المبرمة بين سويسرا والإتحاد الأوروبي.
غير أن الآراء تختلف أيضا بهذا الشأن. أنصار المبادرة يعتقدون أنه بمقدور بروكسل إبداء قدر من التفهم، بما أنه من مصلحتها أيضا الحفاظ على علاقات اقتصادية جيدة مع سويسرا، وأن بعض الدول الأعضاء في الإتحاد – الممكلة المتحدة تحديدا – يواجهون أيضا مشكلة تدفق أعداد هائلة من العمال الأجانب. في المقابل، يرى المعارضون أنه لن يمكن الإفلات من رد فعل قاس، بما أن حرية تنقل الأِشخاص تعتبر واحدة من ركائز الإتحاد الأوروبي.
تمويل الإجهاض
يوم الأحد 9 فبراير 2014، صوت الناخبون أيضا بنسبة 70% ضد المبادرة الشعبية: "تمويل الإجهاض مسألة خاصة". وطالبت هذه المبادرة التي أطلقتها لجنة مشتركة من عدة أحزاب، تتشكّل أساسا من مسيحيين محافظين، بأن تتوقف الرعاية الصحية الأساسية (الإجبارية) عن تحمل تكاليف إيقاف الحمل الإرادي.
واقترحت المبادرة أن يظل الإجهاض مُمكنا من الناحية القانونية، لكن أن تقع تكلفة العملية على عاتق المرأة نفسها. ودعا أصحاب المبادرة إلى إدراج مادة جديدة في الدستور الفدرالي هذا نصها: "باستثناء حالات نادرة تخص الأم، لا تدخل عمليات إسقاط الحمل أو إزالة الجنين ضمن غطاء التأمين الصحي الإجباري".
وعلى غرار كل تغيير دستوري، تطلّب إقرار هذه المبادرة الحصول على مُوافقة أغلبية الأصوات على مستوى الناخبين وعلى الأغلبية على مستوى الكانتونات.
وقبل التصويت، لم يحظ كان هذا الإقتراح بالقبول داخل البرلمان الفدرالي إلاّ من طرف بعض نواب الحزب الديمقراطي المسيحي، وأغلبية صغيرة من الديمقراطيين (وسط)، ومن قبل الحزب الإنجيلي. وبالتالي، فإن فرص نجاح المبادرة كانت ضئيلة للغاية.
ويذكر أنه منذ عام 2002، تقرّر في سويسرا أن تُغطى تكلفة عمليات الإجهاض من قبل التأمين الصحي الإجباري، وتم اعتماد هذه السياسة كجزء من تصويت شعبي أضفى القانونية على عمليات الإجهاض التي تتم في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. واليوم، يقول المعارضون إن الأشخاص الذين ينبذون الإجهاض لأسباب أخلاقية لا يجب أن يُجبروا على تمويل هذه العمليات من خلال أقساط التأمين الصّحي التي يسدّدونها شهريا.
تطوير السكك الحديدية
أخيرا، وافق الناخبون على مشروع "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية" بنسبة 62% مثلما توقع معهد gfs.bern في بداية ظهيرة الأحد. ويهدف المشروع إلى إنشاء صندوق بقيمة 6,4 مليار فرنك تخصص لصيانة وتطوير شبكة السكة الحديدية. ومن بين كبريات الأحزاب، حزب الشعب هو الوحيد الذي يعارض المشروع.
بشكل عملي، نصّ المشروع على النّهوض بالبنية التحتية للسِّكك الحديدية من خلال تأسيس صندوق دعم مالي جديد وإرساء برنامج تطوير استراتيجي، ومن المفروض أن يتِم استخدام الصندوق في تمويل خدمات تشغيل البِنية التحتية القائمة وصِيانتها وتوسيع انتشارها، وأن يستمِر قائما من غيْر تقيّد بفترة زمنية محدّدة، بعكْس صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، الذي قُصِد منه تمويل المشاريع الإستثنائية الكبرى مثل "شبكة حديد 2000" والخط الحديدي الجديد العابِر لجبال الألب، الذي ستنتهي صلاحيته عمّا قريب.
في الأثناء، ستكون مصادر تمويل الصندوق الجديد (حوالي 4 مليارات من الفرنكات) هي ذاتها مصادر تمويل صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، وهي عبارة عن أموال فدرالية خالية من الإلتزامات، متمثلة في الضريبة على النقل الثقيل والرسوم المتأتية من الزيوت المعدنية (تنتهي في نهاية عام 2030) والضريبة على القيمة المضافة.
كما يتيح المشروع إمكانية الاستفادة من مصادر تمويل إضافية لتأمين نحو مليار فرنك أخرى، عن طريق الحدّ من تخفيضات الضرائب الفدرالية على تكاليف النقل وبفضل مساهمات جديدة من الكانتونات (مقابل حصولها على مزيد من الإمتيازات) ، وزيادة ضريبة القيمة المضافة بـواحد في الألف بين عاميْ 2018 و2030، ورفع قيمة التذاكر والإشتراكات.
تصويت ضد ارتداء الحجاب في سانت غالن
في بلدية أوهيربروغ Au-Heerbrugg بكانتون سانت غالن، صوت الناخبون يوم الأحد 9 فبراير 2014 بـ 990 صوتا مقابل 506، لفائدة استفتاء طرحه حزب الشعب (يمين شعبوي) يدعو إلى منع فتاتين صوماليتين من ارتداء الحجاب إن أرادتا استئناف دراستهما في المدرسة الإبتدائية للبلدة. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 37,4%.
وكانت التلميذتان (10 و12 سنة) قد أمرتا من قبل مدير المدرسة الإبتداية بالعودة إلى منزلهما بسبب ارتدائهما للحجاب. لكن اللجنة المدرسية قررت بعد ذلك عودة التلميذتين للفصل.
لكن القرار لم يرق لفرع حزب الشعب في البلدة الذي سارع إلى طرح استفتاء. وفي تصريح لوكالة الأنباء السويسرية، قال فالتر بورتمان، رئيس اللجنة المدرسية: "سيتم إبلاغ الأسرة المعنية الأسبوع القادم".
ولازال يمكن الطعن في منع ارتدائهما للحجاب، وفي هذه الحالة، سيتم إرجاء تطبيق الحظر إلى حين إتمام الإجراءات القضائية.
ورغم موافقة السكان يوم الأحد على بادرة حزب الشعب، فإن الوضع يظل مُبهما. ويذكر أن المحكمة الفدرالية كانت قد ألغت في شهر يوليو 2013 قرارا لبلدية بورغلن في تورغاو،التي منعت، استنادا إلى قرار إداري، طالبتيْـن مسلمتيْـن من مقدونيا، تبلُـغان من العمر حاليا 17 سنة، من ارتداء الحجاب في المدرسة الثانوية. ويحظر نفس القرار ارتداء اللِّـباس القصير أو الطرابيش أو النظارات الشمسية.
تم نشر هذا المحتوى على
في افتتاحياتها الصادرة يوم الإثنين 10 فبراير 2014، اهتمت الصحف السويسرية بالرمزية التاريخية وبالشكوك التي نجمت عن نتيجة تصويت التاسع من فبراير. وتراوحت ردود الأفعال ما بين توصيف ما حدث بـ “أسوإ الحالات المحتملة” واعتباره “انتصارا”. من جهة أخرى، أجرت معظم اليوميات مقارنة بين ما حدث والتصويت الذي جرى في عام 1992، حينما رفض السويسريون…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.