
شباب من مناطق النزاع ينشدون السلام في يوبيل الشبيبة في الفاتيكان

من الضفة الغربية، سافر خضر قسيس 32 ساعة عابرا الحواجز العسكرية وثلاثة بلدان ليشارك في يوبيل الشبيبة في الفاتيكان، شأنه في ذلك شأن آخرين جاءوا من لبنان وسوريا وأوكرانيا وبلدان أخرى تشهد نزاعات للصلاة من أجل السلام.
لم يُخف الشاب العشريني القادم من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة أنه يشعر ببعض الذنب لأنه حضر إلى روما النابضة بالحياة، في حين يحاصر الموت والجوع سكان قطاع غزة.
وقال في تصريحات لوكالة فرانس برس “إنه لأمر صعب خصوصا أن في غزة من يحلم بالحصول على بعض الطعام، في حين تسنّى لي أنا أن أسافر”.
يحتفل الفاتيكان هذا الأسبوع بيوبيل الشبيبة الذي يتوقّع أن يشارك فيه مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما.
وقد انتقت الحاضرة البابوية شبابا من مناطق النزاع، لا سيّما من العراق ولبنان وسوريا والسودان وأوكرانيا، بذلوا “جهودا جبّارة” للمجيء إلى روما.
وشكّلت هذه الرحلة فسحة للعودة إلى الحياة الطبيعية، وإن لبضعة أيام، لكثيرين ممن يعيشون في مناطق تمزّقها النزاعات.
وقالت الشابة جيسي خير (18 عاما) الآتية من الضفة الغربية والتي اتّشحت بكوفية فلسطينية “وجودي هنا يجعلني أشعر بالحرّية”.
وهي تأثّرت بالتعاطف الكبير مع غزة “بعيدا عن الحواجز ونقاط التفتيش وكلّ ما يمكن أن يؤذينا ويسبب لنا المعاناة”.
وفي ساحة القديس بطرس المهيبة، رفعت مجموعة من الشباب العلم السوري. واصطحب الأب فادي سرياني 11 شابا، البعض منهم يسافر للمرّة الأولى في حياته، إلى العاصمة الإيطالية.
وقال الكاهن لوكالة فرانس برس “هو جيل كبر في سنوات الحرب التي بدأت في 2011″، مشيرا إلى أن الشباب السوريين المنتمين إلى الأقليّة المسيحية في بلدهم شعروا “بالعزلة” عن الكنيسة.
فرّت أعداد كبيرة من مسيحيي سوريا إبّان الحرب. وقبل فترة قصيرة، أودى هجوم استهدف كنيسة في دمشق بحياة 25 شخصا.
والأب سرياني إن الشباب الذين جاءوا إلى روما “يمكنهم أن يشهدوا على أن الأمل ما زال حيّا”.
– “تواصل أفضل” –
يقام “يوبيل الشبيبة” في الفاتيكان في وقت تمطر روسيا أوكرانيا بوابل من القصف يزداد شدّة بالرغم من التحذيرات الأميركية بضرورة إنهاء الحرب.
وأحيا تولّي لاوون الرابع عشر الكرسي الرسولي في أيّار/مايو الأمل في نفوس الأوكرانيين بعدما صدرت عن سلفه البابا فرنسيس تصريحات أثارت سخط كييف التي اتّهمته بالميل إلى روسيا.
وقالت سفيتلانا تريهوب (23 عاما) التي انتقلت من مدينة زابوريجيا حيث تدور معارك محتدمة إلى لفيف الواقعة بالقرب من الحدود البولندية “خلال الأشهر القليلة الماضية، بات التواصل أفضل”.
وشدّدت الشابة على “ضرورة التحلّي بالرزانة، لكن أيضا بالجرأة ورفع الصوت”.
وأتت أغلبية الأوكرانيين من غرب أوكرانيا حيث يعيش الجزء الأكبر من الروم الكاثوليك الذين يتبعون الفاتيكان.
وكان السواد الأعظم منهم نساء نظرا لحظر السفر على الرجال الذين هم في سنّ التجنيد.
وأخبرت فاليري فابيانسكا، البالغة من العمر 18 عاما وتدرس الاقتصاد أنه لا يمكنها “مسامحة” الروس أو الصلاة إلى جانبهم إلّا إذا سُجن المسؤولون عن الغزو وأقرّت روسيا بالجرائم المرتكبة في أوكرانيا.
وعلى الرغم من صعوبة الوضع، قالت “عندما يكون العالم حولك غير مستقرّ، يمكنك أن تجد في الإيمان سكينة واستقرارا”.
في كنيسة روما للروم الكاثوليك، أنشدت جوقة نسائية تراتيل من أجل السلام في أوكرانيا.
وقالت ماريا خريستوفورا وهي راهبة شابة من دير في غرب أوكرانيا إنها لاحظت أن مزيدا من مواطنيها يأتون إلى الكنيسة منذ اندلاع الحرب.
وكشفت “عندما لا يكون للناس من يستندون إليه، يلجأون إلى الله”.
سمك-أس/م ن/ص ك