مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

صناعة آلات النسيج السويسرية في مواجهة مُعضلة الصين

آلات غزل داخل مصنع للنسيج
تمتلك معظم الشركات السويسرية الكبري لصناعة آلات النسيج إنتاجًا محليًا في الصين ولا تُصدّر من سويسرا إلا المكونات المتطورة عالية الجودة. © Keystone / Gaetan Bally

وسط مَزاعم حول استخدام الآلاف من الإيغور وغيرهم من الأقليات العِرقية الأخرى في العَمَل القسري في سلاسل التوريد العالمية للعلامات التجارية ولا سيما الملابس، يُواجه قطّاع آلات النَسيج السويسري أسئلة شائِكة حول علاقاته بالصين ومدى اعتماده على هذه الدولة.

في عام 2014، وهو نفس العام الذي دَخَلَت فيه اتفاقية التجارة الحُرّة بين سويسرا والصين حَيِّز التنفيذ، قامت مجموعة من الزملاء في قطاع الصناعة السويسرية، بما فيهم ممثل عن شركة ‘أوستَر للتكنولوجيا’ (Uster Technologies) بزيارةرابط خارجي إلى مَحالج القطن ومصانع الغزل في شينجيانغ [وهي مقاطعة تابعة للصين تتمتع بحكم ذاتي ونظام إداري خاص، تقع في أقصى الشمال الغربي للبلاد]. وتضمنت الرحلة زيارة مع نائب قائد فيلق شينجيانغ للبناء والإنتاج، المعروف أيضاً باسم XPCC. [وهو كيان حكومي مترامي الأطراف يمتلك الآلاف من الشركات التابعة له في جميع أنحاء الصين].

على مدى السنوات القليلة التي تَلَت هذه الرحلة، استفادت صناعة آلات النسيج السويسرية من التوسّع الحاصل في إنتاج المنسوجات في مقاطعة شينجيانغ. ووفقاً لبيانات الجمارك، كانت سويسرا في عام 2017 أكبر مُصَدِّر لِلَوازم الحياكة مثل المَغازل وقطع الغيار إلى شينجيانغ.

كان ذلك قبل عامين من نَشر مجموعة من الوثائق الرسمية السرية التي سُميت “البرقيات الصينيةرابط خارجي” من طرف الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين. وقد سُرِبَت هذه الوثائق في عام 2017 من داخل الحزب الشيوعي الصيني، من قبل جماعة من الأويغور المَنفيين. وكشفت هذه الوثائق تفاصيل حول حملة قَمع مَزعومة برعاية الدولة ضد الإيغور والأقليات العِرقية الأخرى في المنطقة الغربية من البلاد، تضمنت إرغامهم على العمل في سلسلة توريد المنسوجات. وقد نُشِرَت هذه الوثائق في 24 نوفمبر 2019.

نتيجة ذلك، تواجه شركات سويسرية مثل ‘ريتَر’ (Rieter) و‘أوستَر’ (Uster) اللتان تُصدِّران آلات النسيج إلى المصانع الصينية، بما في ذلك في مقاطعة شينجيانغ – وهي شركات تعمل في العادة بأمان بعيدا عن الأضواء – أسئلة صعبة حول اعتماد صناعتها الكبير على السوق الصينية.

سوق متخصّص

من الصعب معرفة عدد آلات النسيج السويسرية التي ينتهي بها المطاف في شينجيانغ. وكما تُظهر بيانات الجماركرابط خارجي، قامت المقاطعة الصينية في عام 2019 باستيراد آلات متنوعة من سويسرا بقيمة 6,4 مليون دولار (6 ملايين فرنك)، ما جعل الدولة التي تشقها جبال الألب تحتل المرتبة السابعة والثلاثين من بين أكبر مُصَدِّري الآلات في المنطقة.

وعندما يتعلق الأمر بآلات النسيج، تُظهر البيانات الجمركية التي تم الحصول عليها من مرصد التعقيد الاقتصاديرابط خارجي استيراد شينجيانغ معظم أجهزتها من ثلاث دول هي: ألمانيا (بنسبة 46,5% وبقيمة 26,8 مليون دولار)، اليابان (بنسبة 40,6% وبقيمة 23,4 مليون دولار)، وإيطاليا (بنسبة 12,8% وبقيمة 7,4 مليون دولار).

مع ذلك، تُعَدُّ سويسرا مُصَدِّراً رئيسياً لمُلحقات آلات الحياكة مثل المَغازل، والدوبيات، وأجهزة الإيقاف التلقائي المُستَخدمة في آلات الغَزل والنسيج والحياكة الكبيرة الحجم.

وتُظهر بيانات الإدارة الفدرالية للجمارك للعام 2019 أن ملحقات آلات الحياكة كانت ثاني أكبر صادرات سويسرا إلى المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي بعد الطابعات الصناعية. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، بلغت قيمة صادرات سويسرا من ملحقات آلات الحياكة إلى شينجيانغ 2 مليون دولار سنوياً.

وعلى الرغم من صُغر القيمة الإجمالية، لكن الصين – ولا سيما شينجيانغ – تعتمد بشكل كبير على سويسرا في الحصول على بعض الآلات وقطع الغيار.

محتويات خارجية

في الوقت الذي زودت فيه ألمانيا شينجيانغ بالغالبية العظمى من صادرات مُلحقات آلات الحياكة في عام 2019 (بنسبة حوالي 91% وبقيمة 39,7 مليون دولار)، لعبت سويسرا دوراً كبيراً بشكل خاص خلال ذروة التوسُّع الكبير في صناعة النسيج في شينجيانغ قبل بضع سنوات. وفي عام 2017، تَقَدَّمَت سويسرا على ألمانيا، حيث استوردت شينجيانغ منها حوالي نصف احتياجاتها من مُلحقات آلات الحياكة.

محتويات خارجية

فروع وعمليات دَمج واستحواذ

لكن بيانات التصدير لا تكشف سوى جزء من الصورة فقط. وكما أشار أرنستو ماورَر، رئيس الاتحاد السويسري لآلات الغزل والنسيج، في الكتيبرابط خارجي الصادر بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة السبعين لتأسيس الاتحاد، فإن “مُصَنِّعي آلات النسيج السويسريين، ومن خلال العديد من الفروع الدولية التابعة لهم، يَتَحَكَّمون بِحِصّةٍ سوقية تفوق ما تكشفه إحصاءات الجمارك الوطنية بكثير”. ويعود ذلك إلى أن العديد من الشركات السويسرية الكبرى لصناعة آلات النسيج لديها وكلاء مبيعات وفروع تُنتِج محلياً في الصين، بينما لا تُصَدِّر هي سوى المكونات عالية الجودة فقط من سويسرا.

بالإضافة إلى ذلك، تُصعِّب عمليات الاندماج والاستحواذ الحاصلة في الصناعة معرفة مكان حدوث الإنتاج. وكان مستثمرون صينيون قد إستحوذوا على بعض الشركات السويسرية بالكامل، بحيث لا تحتفظ هذه الشركات اليوم إلّا بمكاتب أو أقسام بَحثية في سويسرا. وعلى سبيل المثال، استحوذت شركة (Ningbo Cixing) الصينية على شركة ‘شتايغر’ (Steiger) السويسرية في عام 2010، مما جعلها أكبر شركة لتكنولوجيا الحياكة المُسطحة في العالم. وفي عام 2012، اشترت شركة ‘جينشنغ‘ (Jinsheng) الصينية علامة ‘ساورَر’ (Saurer) التجارية التي يمتد تاريخها إلى مائة وخمسين عاماً من ‘مجموعة أورليكون‘ (Oerlikon Group). وفي تقريرها السنوي لعام 2017، أشارت ‘ساورَر’ إلى أن 37% من موظفيها البالغ عددهم 4,400 شخص يعملون في الصين، بينما لا يعمل سوى 3% منهم فقط في سويسرا.

وفي العام نفسه، أنشأت شركة ‘ساورَررابط خارجي’ شركة تابعة مملوكة بالكامل هي (Saurer Xinjiang) التي تنتج مليوني نظام تمشيط، وإطار متجول وغزل متعرج وغزل دوار “لتلبية الطلب المتزايد” المُصاحب لتوسع إنتاج المنسوجات في المنطقة. وفي عام 2019، كان المصنع يعمل بكامل طاقته.

العلاقة مع المُورّدين

أينما كانت منطقة الانتاج النهائي، فإن الآلات ذات المنشأ السويسري في الأصل إنما تُستَخدَم في مصانع خاضعة للعقوبات الأمريكية بسبب الاشتباه في ارتباطها بالعمالة القسرية. وكما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنالرابط خارجي الصادرة في مايو 2019، أُجبِرَ سكان شينجيانغ على المشاركة في برنامج تدريبي لإرسال العمال إلى المصانع الإقليمية، والتي كان بعضها يقوم بنسيج الخيوط أو غزل المنسوجات للعلامات التجارية الكبرى.

الحكومة الصينية من جانبها نَفَت هذه المزاعم ودافعت عن البرنامج باعتباره حملة تدريب جماعية تهدف إلى انتشال المجموعة العرقية من الفقر ولمحاربة الإرهاب والتطرف.

وبحسب صحيفة ‘لوتونرابط خارجي’ (Le Temps) التي تتخذ من جنيف مقراً لها، باعت مجموعة ‘ريتَر’ (Rieter) السويسرية 66 آلة للغزل الحلقي نوع G32 المستخدمة في نسج القطن لشركة المنسوجات الصينية (Huafu Top Dyed Melange Yarn) في عام 2019. وكما جاء في الصحيفة أيضاً، باعت شركة ‘أوستَر’ (Uster) السويسرية بدورها معدات لشركة ‘هوافو’ (Huafu) التي أُدرِجَت في قائمة العقوبات الأمريكية في عام 2020.

المزيد

الأرشيف

ما هي المسؤولية التي تتحملها الشركات المُصنّعة عن كيفية استخدام آلاتها ومُنتجاتها وكيف ينبغي مُحاسبتها؟

ما هي المسؤولية التي تتحملها الشركات المُصنّعة عن كيفية استخدام آلاتها ومنتجاتها وكيف ينبغي مُحاسبتها؟

عرض المناقشة

ضمن القائمة السوداء الأمريكية، نجد أيضاً مجموعة ‘أسكويل’ (Esquel) التي يقع مقرها في هونغ كونغ، والتي تمتلك مصانع قطن في شينجيانغ تستخدم مُعدات من شركة ‘أوستَر‘ (Uster) السويسرية. وكان مصنعان من مصانعرابط خارجي المجموعة في شينجيانغ هي Changji Esquel Textile Co و Turpan Esquel Textile Co. Ltd قد حصلا على خَتم الجودة من ‘أوستَر’ [الرائدة في مجال تصنيع الأدوات عالية التقنية لمنتجات إدارة الجودة لصناعة النسيج] في عام 2019.

من جانبها، نَفَت Esquel، التي تعمل في شينجيانغ منذ عام 1995، المزاعم المتعلِّقة بالعمل القسريرابط خارجي، وأشارت إلى عدم عثور عملية تدقيق أجريت من قبل طرف ثالث على أي دليل يثبت صحة ذلك. وكما تذكر الشركة على موقعها الالكتروني فأن مصنع الغزل الخاص بها في مدينة ‘تشانغجي’ (Changji) هو “مصنع حديث مُتَطور ومؤَتمت للغاية”، ولا يتطلب سوى 45 فنياً مقارنة بالمصانع التقليدية التي تتطلب 150 موظفاً لإنجاز نفس العمل. وقد جاءَت بعض هذه الآلات عالية الأتمتة من شركة ‘ريتَر’ السويسرية [المورد الرائد لأنظمة غزل الألياف قصيرة التيلة]، كما يظهر في هذا الفيديورابط خارجي من الشركة.

وعندما طُلِبَ من الشركة تقديم المزيد من المعلومات حول ذلك، قالت أنها لا تُقَدِّم معلومات حول العلاقات التجارية مع العملاء من الأفراد.

في نفس السياق، أشار التقرير السنوي لعام 2019 لشركة التكنلوجيا ‘ساورَر’ إلى مشاركة مَصنعها في شينجيانغ في خطة الحكومة المحلية لزيادة التوظيف بين الأقليات العرقية، وتوظيف 95 موظفاً من الأقليات العرقية في مصنعها الجديد.

وفي ردها على طلب للحصول على المزيد من التفاصيل، قالت الشركة إن “موظفي الأقليات العِرقية في مصنع أورومتشي التابع للشركة يَشغلون مجموعة مُتنوعة من المناصب، تتراوح من عمال الورش إلى خريجي الجامعات الذين يعملون في جميع المجالات الصناعية”.

من جهتها، قالت شيلي هان من “رابطة العمل العادل”، وهي منظمة غير حكومية تأسست في الولايات المتحدة لتعزيز حماية حقوق العمال بعد فضائح معامل السُخرة في التسعينيات لـ SWI swissinfo.ch، إنها لا تعتقد أن جميع المصانع في شينجيانغ تلجأ إلى العمالة القسرية. لكنها أقرَّت أيضاً بعدم وجود ما يُثبت عكس ذلك.

“نحن نعتقد أن الشركات في شينجيانغ غير قادرة على بَذل العناية الواجبة الفعّالة بالمرّة بسبب المُراقبة الشديدة [من قبل الحكومة الصينية]. وهذا يعني أن المُدققين ليسوا قادرين على التَحَرُّك بحرية، كما لا يستطيع العُمّال التحدث بصراحة”، وفقاً لـ هان.

في شهر ديسمبر 2020، أوقفت رابطة العمل العادل الاستيراد من شينجيانغ “بسبب تعارض الوَضع مع معايير العناية الواجبة التقليدية” وعَدَم امكانية استبعاد العمل القسري بالتالي. وهذه هي المرة الأولى في تاريخها الممتد إلى 20 عاماً التي تطلب فيها الرابطة من شركات تعمل معها مثل ‘أديداس’ (Adidas) و‘باتاغونيا’ (Patagonia) عدم الاستيراد من بلد أو منطقة معينة.

خط أحمر

في السياق، تواجه الشركات بشكل مُتزايد مخاطر تشويه سمعتها بسبب أي علاقات تجارية مع شينجيانغ أو مزاعم حول استخدام العمل القسري. ومن غير المُرَجَّح أن تختفي التساؤلات بهذا الشأن، سيما مع إشارة تقاريررابط خارجي صادرة مؤخراً إلى نَقل العمال قسراً من مقاطعة شينجيانغ إلى مصانع في مقاطعات أخرى تُصَنِّع سلعاً لعشرات من العلامات التجارية العالمية.

لكن هل يمكن أن يَتَحَمَّل قطّاع صناعي يبيع آلات تبقى في مصنع ما لعدة أعوام نفس القَدَر من المسؤولية مثل العلامات التجارية التي تستمر في شراء أقمشة وقمصان قطنية من مصانع تستغل الاشخاص في العمل القسري لإنتاجها؟

دوروتي باومان – باولي من مركز الأعمال وحقوق الإنسان في مدرسة جنيف العليا للإقتصاد وإدارة الأعمال تدعونا إلى تَخَيُّل تداعياتِ وَضع صورة لعاملٍ من الأويغور يجلس على آلة تحمل اسم ‘ريتَر’ على الصفحة الأولى لإحدى الصحف الدولية الكبرى.

وكما تقول: “تواجه الشركات التي تبيع الآلات إلى هذه المنطقة نفس المشاكل التي تواجهها الشركات التي تبيع التكنولوجيا التي يُمكن استخدامها للمراقبة”. وتضيف: “عليك أن تَكتَشف مَنْ هو الذي تبيع له هذه الآلات والغَرَض الذي تُستَخدَم من أجله”.

هان من “رابطة العمل العادل” تتفق مع هذا الرأي وتقول بأن على صانعي الآلات معرفة هوية الأطراف التي تتعامل معها. “أنت قد لا تشترك بالضرورة وبشكل مُباشر في انتهاكات حقوق الإنسان، لكنك تشترك مع النظام الذي يُنشئ هذه الانتهاكات. وهذا النظام قائم في حالة شينجيانغ”.

كذلك تتساءل أنجيلا ماتّلي من ‘جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة‘ السويسرية غير الحكومية عن مدى جدّية الشركات في التعامل مع الموقف.

“كشركة، يجب أن يكون لديك خط أحمر. عليك أن تتوقع معلومات مُعَيَّنة من الشركاء التجاريين في الصين، كما يجب أن أن تتضمن عقودك شروطاً تتعلق بإنهاء العقود”. وقد بدات هذه الجمعية حواراً مع الرابطة السويسرية لصناعة الآلات والتجهيزات الكهربائية والمعادن ‘سويس ميم’ (Swissmem) حول الوضع في شينجيانغ.

تعليقات الشركات السويسرية

أعربت جميع شركات آلات النسيج السويسرية التي رَدَّت على تساؤلات SWI swissinfo.ch عن موقف مُتشابه يَتَمَثَّل في عدم التسامح المُطلَق مع التمييز أو انتهاك حقوق الإنسان.

شركة ‘ريتَر’ أعربت في بيانها الذي بعثته لـ SWI swissinfo.ch عَبر البريد الالكتروني عن رَفضها للعمل القسري، وأشارت إلى تَرَسُّخ هذا المبدأ في مدونتها لقواعد السلوك. كما عبَّرَت الشركة عن “التزامها الكامل بالإمتثال لجميع القوانين واللوائح ذات الصلة في كافة علاقاتها التجارية”.

بدورها، قالت شركة ‘ساورَر’ التي تُرَكِّز على الابتكارات الخاصة بمُعالجة الألياف والغَزْل، بما في ذلك الآلات والمكونات والبرامج، أنها “تَفتخر كثيراً بِمُمارساتها في احترام الكرامة والحقوق الشخصية لموظفيها وخصوصياتهم”.

وكتبت شركة ‘أوستَر للتكنلوجيا’ لـ SWI swissinfo.ch أنها “لا تعمل إلّا مع شركاء يعاملون موظفيهم بانصاف ويلتزمون بالقانون المعمول به”، بما في ذلك الامتناع عن استخدام العمل القَسري. وكما جاء في رَد الشركة: “إلى حَدّ الآن، لم نَشهَد بشكل مُباشر أي ظُروف تشير إلى انتهاك أحد عملائنا مدونة قواعد السلوك الخاصة بنا”.

مع ذلك، لم تُعَلِّق هذه الشركات على الادعاءات المُحَدَّدة المُتعلقة بـ شينجيانغ، كما لم تُقَدِّم أي تفاصيل حول كيفية ضمان إمتثال الموَرِدين أو العملاء بمعاييرها.

ويرى فلوريان فيتشتاين، أستاذ أخلاقيات العمل في جامعة سانت غالَّن، إن على الشركات أن تُفَكِّر في الإشارات التي يبعثها وجودها إلى العالم الخارجي، وما إذا كانت بتصرفها هذا إنما تُضفي الشرعية على انتهاكات حقوق الإنسان. ولكنه أضاف أن الوضع في الصين يختلف عن بقية الدول الأخرى كونها سوق شديدة الأهمية، ما يعني “توخي الشركات الحَذَر الشديد بشأن ما تقوله”.

موقف حساس

الوضع بالنسبة للشركات السويسرية حساس بشكل خاص. فالصين هي ثالث أكبر شريك تجاري لسويسرا، كما كانت سويسرا أول دولة غربية توقع اتفاقية تجارة حُرّة مع القوة العظمى.

في عام 2019، استحوذت الصين على حوالي 17% من صادرات آلات النسيج السويسرية، وبلغت هذه النسبة 16% في عام 2020 (بقيمة 474 مليون فرنك سويسري). وتَنظر الكنفدرالية إلى السوق الصينية بوصفها مفتاح لمساعدة قطاع التصدير في التغلب على حالة عدم اليقين خلال فترة جائحة كوفيد -19.

لكن هذه الصناعة تجد نفسها في مواجهة منافسة شديدة من الصين نفسها. فقد انخَفَض إجمالي صادرات آلات النسيج السويسرية في السنوات القليلة الماضية مع التطور الحاصل في قطاع صناعة الآلات في الصين، ولجوء الشركات السويسرية إلى زيادة الإنتاج المحلي في امبراطورية الوسط. واليوم، يتم إنتاج معظم آلات النسيج في الصين ومن قِبَل شركات صينية.

وكما يقول ستيفان بروبباخَر، مدير رابطة  ‘سويس ميم’: “المنافسون الأجانب لا ينامون، إنهم يلحقون بالركب التكنولوجي”. وبرأيه، فإن حَظر الشركات السويسرية من البَيع وتقديم الخدمات إلى السوق الصينية سوف يمنح الشركات الصينية والأجنبية ميزة كبيرة على الشركات السويسرية في سوق مُزدهرة”. فالانتاج الصيني لا يخدم السوق المحلي فحسب، ولكن العديد من أسواق التصنيع الأخرى أيضاً.

محتويات خارجية

ضغوط سياسية

بالنظر إلى العلاقة الحسّاسة بين الصناعة والصين، من غير المُرَجَّح أن تُعرِب الشركات عن رأيها بصراحة، أو تُغَيّر نَهجَها دون ضغوطٍ أو غطاء سياسي مُعين. هذا يتأكد بشكل خاص بعد رؤية الكيفية التي قامت بها الحكومة والمُستهلكين الصينيين بالانتقام من شركتي ‘إتش آند إم’ (H&M) و‘نايكي’ (Nike)، إثر تعبيرهما عن مخاوفهما بشأن الوضع في شينجيانغ.

وكما قال كريستيان شِندَلر من الاتحاد الدولي لمُصَنّعي المنسوجات لـ SWI swissinfo.ch: “يجب حلّ القضايا الخلافية المتعلقة بالتجارة من قبل الحكومات. أما الشركات فتُركز على تلبية طلبات العملاء”.

وكتبت شركة ‘ريتَر’ أيضاً أنها تَعتَمِد على المؤسسات السياسية التي تتعامل مع هذه المسألة. كما قال مُتَحدّث باسم شركة ‘أوستَر’ ان وَضع اللوائح أو تغييرها أو الانحياز لأي طرف في المناقشات الحكومية “ليس من اختصاص الشركة”.

من جانبها، لم تتخذ الحكومة السويسرية موقفاً مُتشدداً مع الصين. وقد رفَضَ كل من البرلمان السويسري والحكومة مؤخراً اقتراحاًرابط خارجي لِفَرض حَظرٍ على السِلع المصنوعة باستخدام العمالة القسرية، وهو ما كان سيكون مُشابهاً للنص الموجود في قانون التعرفة الجمركية الأمريكي. كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على بعض الأفراد.

من جهته، يشكك ستيفان بروبباخَر من ‘سويس ميم’ بفعّالية المقاطعة والعقوبات أحادية الجانب. وكما يقول: “التجارة تساعد على تنمية الطبقة الوسطى. لقد رأينا ذلك في الصين، حيث ساعدت التجارة في انتشال الملايين من براثن الفقر”.

في السياق، أكدت وزارة الاقتصاد السويسرية لـ SWI swissinfo.ch أنها على اتصال بشركات فردية لصناعة آلات النسيج وأنها “تخطط لتبادل الآراء مع شركات مختلفة في صناعة آلات النسيج بشأن حالة حقوق الإنسان في شينجيانغ”، ولكن لم يتم تحديد موعد بعد.

وكانت الحكومة السويسرية قد كشفت في التاسع عشر من مارس عن أول استراتيجية لها على الإطلاق بشأن الصين، أشارت إلى رغبة البلاد في مواصلة حوار حول حقوق الإنسان مع القوة الآسيوية. لكن سفير الصين لدى سويسرا عبَّرعن رفضه الشديد للانتقادات السويسرية، وقال انها “ترسل إشارات خاطئة وتوجه اتهامات كاذبة”.

وكان وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس قد قال مؤخراً في مقابلة مع صحيفة ‘نوية تسورخر تسايتونغ’ الصادرة بالألمانية في زيورخ، إن العقوبات [المفروضة ضد الصين] قيد الدراسة، لكنه أكَّد على أن لسويسرا “سياستها الخارجية الخاصة بها”. كما رَحَّبَ كاسيس بتولي الشركات مسؤولية سلاسل التوريد الخاصة بها أو التابعة لها، مُشيراً إلى أن الحكومة “سوف تتدخل وتُنَظِم إذا لم تتحمل الشركات المسؤولية”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

اكتب تعليقا

يجب أن تُراعي المُساهمات شروط الاستخدام لدينا إذا كان لديكم أي أسئلة أو ترغبون في اقتراح موضوعات أخرى للنقاش، تفضلوا بالتواصل معنا

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية