
فرنسا ترجئ النظر في طلب الإفراج عن اللبناني جورج عبد الله حتى 19 حزيران/يونيو

أرجأت محكمة الاستئناف في باريس الخميس حتى 19 حزيران/يونيو، النظر في طلب إطلاق سراح الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج إبراهيم عبد الله، المعتقل منذ 40 عاما لإدانته بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسيَين أميركي وإسرائيلي في فرنسا.
وأفاد مصدر قضائي ومحامي عبد الله جان لوي شالانسيه، بأن المحكمة أرجأت النظر حتى يتمكن المحكوم عليه من إبراز إثباتات على التعويض للأطراف المدنية، وهو ما كان يرفضه حتى الآن.
ويبلغ عبد الله حاليا 73 عاما. وأصبح من الممكن إطلاق سراحه منذ العام 1999، بموجب القانون الفرنسي، لكن طلبات الإفراج المشروط التي تقدم بها رُفضت، باستثناء طلب واحد حين وافق القضاء في 2013 على طلب إفراج شرط أن يكرس بقرار طرد، الأمر الذي لم يصدره وزير الداخلية الفرنسي يومها مانويل فالس.
وقال شالانسيه إن موكله أصبح “استثناء”، في حين أُطلق سراح “سجناء سياسيين” رئيسيين في البلاد من السجن.
وبقي عبد الله في السجن، وذلك خلافا لأغلب “السجناء السياسيين” في حركة “أكسيون ديركت” (حركة “العمل المباشر” اليسارية المتطرفة)، أو سجناء سياسيين آخرين من جزيرة كورسيكا وإقليم الباسك، أو حتى أنيس نقاش الذين عفا عنه الرئيس الفرنسي آنذاك فرنسوا ميتران كبادرة للتقرب من إيران، وفاروجان غاربيديان الذي أبعد من الأراضي الفرنسية في عام 2001.
وأضاف المحامي في تصريحات للصحافيين “لم أشاهد قرارا مثل هذا من قبل”، متحدثا عن “تعذيب معنوي”.
وأضاف “إنهم يعترفون بذلك، ولكنهم يريدون الاستسلام للولايات المتحدة مرة أخرى”، وتابع “لكنه قال دائما، وأنا معه، إنه لن يعوض أبدا الولايات المتحدة التي ترسل القنابل لإلقائها على الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين”.
عند سؤاله إن كان موكله سيغير موقفه، أجاب شالانسيه “هو الذي سيقرر”، لكنه “قال إنه إذا دفعت الدولة اللبنانية فإنه سيقبل، ولذلك سأطلب من الدولة اللبنانية أن تفعل ذلك”.
أثناء محاكمته في 23 شباط/فبراير 1987 في قضية اغتيال الدبلوماسيَّين، بدت قاعة المحكمة أشبه بمعسكر محصّن خوفا من أي هجمات محتملة، إذ كان يشتبه وقتها بوقوفه وراء موجة من الهجمات القاتلة في باريس، إلا أنها في الواقع كانت من تنفيذ أفراد مؤيدين لإيران.
لكن اليوم، أصبح منسيا إلى حد كبير، فيما يقتصر الدعم الذي يحصل عليه من لجنة دعم صغيرة وعدد قليل من البرلمانيين اليساريين أو شخصيات مثل اني إرنو الحائزة جائزة نوبل للآداب.
وحظرت مديرية الشرطة تظاهرات مساندة له كانت مقرّرة مساء الأربعاء في منطقة باريس، مشيرة إلى أنها قد تؤدي إلى الإخلال بالنظام العام، “في السياق الاجتماعي والدولي المتوتر”.
وفي تولوز على بعد حوالى مئة كيلومتر من سجن لانميزان (جنوب) حيث يُحتجز جورج عبد الله، تظاهر حوالى 300 شخص للمطالبة بالإفراج عن الرجل الذي يعدّ أحد أقدم السجناء في البلاد.
وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر، منحته محكمة مكافحة الإرهاب بصيص أمل، إذ أمرت بالإفراج عنه مع ترحيله فورا إلى لبنان، وهو أمر كان يطالب به.
– “رمز” –
وكتبت المحكمة في قرارها أن جورج عبد الله هو “آخر من تبقى من المجموعة الصغيرة العلمانية والماركسية والشيوعية التابعة للفصائل المسلحة الثورية” التي شارك في تأسيسها، وينتمي إلى “التاريخ الماضي للنشاط العنيف لليسار المتطرف” اللبناني والفلسطيني والذي “لم يكن السبب وراء أي هجوم في فرنسا أو في أي مكان آخر منذ العام 1984”.
لكن النيابة العامة المتخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب استأنفت القرار، مبررة رفضها بالقول إن عبد الله “لم يتطور” وأن قناعاته “بقيت كما كانت”.
ويعتبر محاموه أن للولايات المتحدة يدا في سجنه المستمر. بصفتها طرفا مدنيا في المحاكمة عام 1987، تحارب الحكومة الأميركية مذاك بشكل منهجي إطلاق سراحه.
ورغم نفيه ضلوعه باغتيال الدبلوماسيَين في باريس عام 1982، لم يدن عبد الله “أعمال المقاومة” ضد “القمع الإسرائيلي والأميركي” في خضم الحرب الأهلية اللبنانية.
وأعربت نيابة مكافحة الإرهاب عن قلقها من أن عبد الله “يمثل رمزا (…) للقضية الفلسطينية”.
لكن بالنسبة إلى المحكمة الناظرة بقضايا الإرهاب “هو يرمز اليوم خصوصا لرجل بقي محتجزا لأكثر من 40 عاما، وهي فترة أصبحت غير متناسبة في ضوء الأفعال المرتكبة والخطورة التي يشكلها حاليا”.
مده/الح-ناش-ح س/كام