
قيادي تركي معارض يتهم الحكومة بـ”اختلاق” أعداء (مقابلة مع فرانس برس)

اتهم قيادي بارز في أكبر أحزب المعارضة في تركيا الحكومة باختلاق أعداء في حملة قمع ذات دوافع سياسية تهدف إلى استعادة سيطرتها على زمام الأمور بعد هزيمتها الانتخابية العام الماضي، حسبما قال في مقابلة مع وكالة فرانس برس.
وقال نائب زعيم حزب الشعب الجمهوري برهان الدين بولوت إن حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان “حدد العدو السياس الجديد في 19 آذار/مارس — (و) العدو الجديد هو حزب الشعب الجمهوري”.
واعتبر بولوت المكلف العلاقات العامة والإعلام في الحزب أن اردوغان يهدد الأسس الديموقراطية للبلاد من خلال حملة اعتقالات ودعاوى قانونية تقوم بها حكومته.
اعتقلت السلطات التركية عددا من المسؤولين المنتخبين على خلفية اتهامات تتراوح من الفساد إلى جرائم مرتبطة بالإرهاب، من بينهم في 19 آذار/مارس، رئيس بلدية اسطنبول اكرم إمام أوغلو، أبرز خصوم إردوغان.
وقال بولوت خلال المقابلة في مقر الحزب في العاصمة أنقرة إن “هذه الحكومة تعتمد في بقائها على تحديد عدو باستمرار”.
وأضاف أن الحكومة “تواصل استراتيجيتها السياسية عبر الاستقطاب — من خلال اختلاق عدو وشن حملات متواصلة للتأثير على الرأي العام بهدف ترسيخ قاعدتها الانتخابية”.
بعد عام من تكبّد حلفاء اردوغان خسائر فادحة في الانتخابات المحلية، أشعل اعتقال إمام أوغلو أكبر موجة احتجاجات شعبية في البلاد منذ أكثر من عقد.
ورأى بولوت أن “هذه المسألة لا تقتصر على حزب الشعب الجمهوري”.
وتابع “من موظف البقالة إلى المتدرّب، ومن رجال الأعمال إلى الفنانين والصحافيين — الناس في كافة أنحاء البلاد يعيشون في خوف”.
– “ديناميت تحت الجمهورية” –
منذ توقيف إمام أوغلو، اعتقلت السلطات التركية 16 رئيس بلدية ينتمون لحزب الشعب الجمهوري من بينهم رؤساء بلديات في مناطق حساسة في إسطنبول، واستُبدل مسؤولون منتخبون في ثلاث بلديات على الأقل بأمناء معينين من الحكومة.
من بين المعتقلين رئيس بلدية منطقة بيوك تشكمجه في إسطنبول بالإنابة، حسبما أفاد مصدر في الحزب وكالة فرانس برس.
وفي الأثناء يواجه زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، الذي أُعيد انتخابه في مؤتمر طارئ للحزب بعد شهر من سجن إمام أوغلو، ضغوطا قانونية متزايدة.
تشمل الاتهامات الموجهة إليه “إهانة الرئيس” وشراء الأصوات خلال مؤتمر حزبي.
وألمحت تقارير إعلامية إلى مساع تهدف إلى رفع الحصانة البرلمانية عن أوزيل تمهيدا للطريق أمام محاكمته وسجنه.
واعتبر النائب بولوت أن حملة القمع هذه “تُشكل ستارا يحجب القضايا الحقيقية التي تواجه المجتمع — (من) فقر وظلم وتراجع للديموقراطية والحقوق الفردية — والتي أُخرجت من الأجندة العامة”.
وأضاف أن اعتقال أوزيل سيكون بمثابة “زرع ديناميت تحت أسس الجمهورية” لكنه في الوقت نفسه قلّل من تداعياته على الحزب قائلاً إن حزب الشعب الجمهوري “ليس حزبا قائما على الزعيم”.
ورفض بولوت ما تقوله الحكومة عن وجود أزمة داخل الحزب معتبرا ذلك “مسرحية سياسية”.
وقال “إنه حزب مؤسّس، له جذور عميقة في الحياة السياسية التركية، وقاده بعض من أهم الشخصيات في تاريخ البلاد — بدءا بمصطفى كمال أتاتورك” مؤسس الجمهورية التركية الحديثة.
وتابع “ولهذا فمن غير السهل التدخل في قيادة هذا الحزب”.
– الديموقراطية والعدالة في تركيا –
بدأت حملة الإجراءات القمعية الحكومية باعتقال شخصية مهمة بعد سبعة أشهر من الانتخابات المحلية التي أُجريت في آذار/مارس 2024.
فقد اوقفت السلطات أحمد أوزر رئيس بلدية اسنيورت ذات الغالبية العمالية في إسطنبول والمنتمي لحزب الشعب الجمهوري، بتهمة الانتماء إلى حزب العمال الكردستاني المحظور.
ومنذ ذلك الحين أُقيل رؤساء بلديات من الحزب في ثلاث مناطق هي أوفاجك (في الشرق) وأسنيورت وشيشلي، وتم استبدالهم بإداريين عينتهم الحكومة.
وأكدت الحكومة أن هذه الإجراءات تستند إلى شرعية قضائية لكن منتقديها يرون فيها محاولة لـتحييد المعارضة خصوصا في مدن كبرى فازت فيها في الانتخابات.
في الوقت نفسه أعلنت الحكومة مؤخرا عن إنجاز غير مسبوق بعد إشرافها على نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، ما أنهى حملته المسلحة التي امتدت لعقود.
وفي هذا السياق قال بولوت “لا يمكنك الادّعاء بدعم الديموقراطية والعدالة وفي الوقت نفسه تعين مدراء للبلديات”.
أضاف “إذا كنت جادا بشأن الديموقراطية، عليك احترام التوافق المحلي كجزء أساسي من العملية”.
ورغم الضغوط وإجراءات التخويف، شدد بولوت على أن حزب الشعب الجمهوري سيحقق “فوزا صريحا لا لبس فيه” في الانتخابات المقبلة المرتقبة في عام 2028.
فو/غد/ص ك