مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من “معنى وجود الجيش” وحتى “الإحتفاظ بقرون الأبقار صوناً لكرامتها”..

بقرة من وادي سيمَّنتال بقرون جميلة
تحمل هذه البقرة التي تعيش في المناطق الريفية المرتفعة من كانتون برن قرونها على رأسها بفخرٍ واضح. Gaetan Bally/Keystone

قرون الأبقار.. المسارات المخصصة للمشي.. وبناء المآذن: مواضيع طُرِحَت في السابق وأخرى كثيرة تُطرح دوريا على الناخبين السويسريين للتصويت عليها. ورغم أن البعض منها قد يبدو عديم الأهمية، لكنها تثير مع ذلك "حسد" أو "غبطة" سكان الدول المجاورة للكنفدرالية. وفي أغلب الأحيان، تشكل المبادرات الشعبية السويسرية الغريبة مادة دسمة للنقاش خارج حدود التراب الوطني، كما أنها كثيرا ما ترسم ابتسامة على محيا أعداد غير قليلة من الأشخاص. وبدون أدنى شك، تنتمي مبادرة قرون الأبقار المعروضة على التصويت يوم الأحد 25 نوفمبر الجاري إلى هذه الفئة من المبادرات الشعبية.

تحظى المبادرة الشعبية بوظيفة مهمة في نظام الديمقراطية المباشرة المعمول به في سويسرا، من بينها توفر كل مواطن ومواطنة سويسرية من الناحية النظرية على فرصة لتقديم مسألة تشغله إلى صناديق الإقتراع للإستفتاء عليها، مهما بدت عديمة الأهمية أو طوباوية أو ثورية حتى.

المبادرات الغريبة لها أهميتها أيضاً

تعتبر مبادرة قرون الأبقار أفضل مثال على ذلك. فمن كان يتوقع حصول المزارع الجبلي المشاكس آرمين كاباول على المائة ألف توقيع اللازمة لإطلاق مبادرة كهذه؟ لكن أصيل كانتون غراوبوندَن أثبت إمكانية حدوث ذلك، وهذه “مسألة أساسية بالنسبة لنجاح نظام الديمقراطية المباشرة، حتى مع احتمال انزلاق مسألة تبدو عديمة الأهمية في الدستور الفدرالي بين الفينة والأخرى”، كما يقول مارك بلومان المختص بالعلوم السياسية من كانتون برن.

يُمكن لكل مواطن ومواطنة سويسرية طرح مسألة تشغله/ها في المجال العام، وجعلها موضوع نقاش سياسي من خلال إطلاق مبادرة شعبية. فعلى سبيل المثال، تعلقت الكثير من المبادرات الشعبية في سبعينيات القرن الماضي بالمسائل المرتبطة بحركة المرور. وفي عام 1978، كانت هناك مبادرة لجعل يوم الأحد خاليا من المركبات، الأمر الذي بدا غير منطقي بالنسبة للكثيرين، ودعاهم إلى رفضها. وفي عام 1979، سُحِبَت المبادرة المتعلقة بالمسارات المخصصة للمشي، لكن الناخبين وافقوا حينها على المقترح المضاد الذي تقدمت به الحكومة. ومنذ لك الوقت، يتضمن الدستور الفدرالي نصاً قانونياً حول مسارات المشي في سويسرا.

مكافحة ورقة البرسيم

في عام 1990، دعت مبادرات ورقة البرسيم [التي أطلقها نادي السيارات السويسري] إلى حظر إنشاء أربعة أقسام من الطريق السريع، ولا سيما تلك التي كانت تجتاز بلدة “سويليامت” (Säuliamt) [جنوب شرق كانتون زيورخ]. وحينذاك، حَوَّل أدولف أوغي، عضو الحكومة الفدرالية الإستفتاء بهذا الشأن لصالح القضية الأساسية المتعلقة بمعنى الإستثمارات في البُنية التحتية. 

وفي عام 1989، هَزَّت المبادرة الشعبية الداعية إلى إلغاء الجيش الفدرالي الأسس التي قامت عليها الصورة الذاتية لسويسرا. وعلى الرغم من رَفض الناخبين للمبادرة، إلّا أنها تركت أثراً عميقاً وراءها، حيث أسفر الجَدَل حول معنى وجود جيش في سويسرا عن سلسلة كاملة من الإصلاحات في صفوف القوات المسلحة. وبالفعل، تعتبر هذه المبادرة مثالا جيدا على مبادرة تفتقر إلى أي فُرَص للنجاح أو القبول، لكنها غيّرت سويسرا مع ذلك بشكل عميق، حتى اليوم.

قرارات تثير الدهشة في الخارج

في عام 2012، أصبح السويسريون مادة دسمة للحديث في الخارج عندما رفضوا بنسبة 66,5% مبادرة [اقترحتها النقابات المسيحية ودعمها اليسار] تدعو إلى حصول العاملين على أسبوع عطلة إضافي. وحصل الشيء ذاته في عام 2016، عندما رفض الناخبون السويسريون بقوة مقترحاً يدعو إلى تخصيص راتب شهري للجميع، سواء كانوا يعملون أم لا. وحينها، تساءَل الكثير من المراقبين في الخارج عن كيفية رفض السويسريين لمثل هذه المقترح. والآن، وقد وصلنا إلى عام 2018، سوف يتعيّن على الناخبين السويسريين تقرير ما إذا كانت سويسرا بحاجة إلى المزيد من قرون الأبقار.

من منع ذبح الأبقار حتى المحافظة على قرونها

كانت مبادرة منع ذبح الحيوانات حسب تعاليم الديانة اليهودية هي أول مبادرة شعبية يتم إطلاقها في سويسرا. وفي الإقتراع الذي نُظِمَ في 20 أغسطس 1893، وافق المصوتون على هذه المبادرة بنسبة 60,1 %. وقد أطلِقَت هذه المبادرة من قبل جمعيات رعاية الحيوانات في عدد من الكانتونات، بهدف حَظر الذبح على الطريقة اليهودية.

من جانبها، كانت مبادرة 12 يوم أحد في السنة دون مركبات تدعو إلى 12 يوم أحد في السنة تخلو فيها الطرق من المركبات أو الطائرات بمحرك. وقد رُفِضَت هذه المبادرة التي تم الاقتراع عليها على المستوى الوطني في 28 مايو 1978 بنسبة 63,7%. 

على الجانب الآخر، تم سحب مبادرة “من أجل تعزيز مسارات المشاة والمشي لمسافات طويلة”، لكن الناخبين وافقوا على المقترح المضاد في 18 فبراير 1979، وبنسبة 77,6%. ومنذ ذلك الوقت يتضمن الدستور الفدرالي مادة قانونية تتعلق بمسارات المشي.

أما المبادرة التي تحمل عنوان “من أجل منطقة ‘كنوناوَر’ خالية من الطرق السريعة“، فكانت تدعو إلى حظر إنشاء طريق سريع في منطقة “كنوناوَر” (Knonauer Amt)، في كانتون زيورخ. ومن خلال مبادرتهم هذه، حاول مناصرو ما يسمى أيضاً بـ “مبادرات البرسيم”، ومن خلال أربعة مبادرات، منع إنشاء أجزاء مختلفة من الطرق السريعة في سويسرا. وفي يوم 1 أبريل 1990، رُفِضَت المبادرات الأربعة بشكل واضح، وتم بناء الطريق السريع في هذه المنطقة [التي تسمى أيضاً “سويليامت” (Säuliamt) باللهجة المحلية]. وفي عام 2009، أصبح الطريق السريع مفتوحاً امام حركة المرور.

في ذات السياق، رفض الناخبون مبادة يوم الأحد، أو “من أجل يوم أحد في السنة خالٍ من السيارات – محاولة لمدة أربع سنوات” في 18 مايو 2003، وبنسبة 62,4%. وكانت المبادرة تطالب بتوفير يوم أحد في كل موسم، تُخَصَّص فيه جميع الطُرُق والأماكن العامة للسكان الذين يستخدمون وسائل نقل غير مزودة بمحركات.

في 29 نوفمبر 2009، تم التصويت على “مبادرة المآذن“. وقد حظيت المبادرة التي كانت تهدف إلى فرض حَظر على بناء المزيد من المآذن الجديدة في جميع أنحاء سويسرا بموافقة 57,5% من الناخبين. 

ستة أسابيع عطلة للجميع: تم إطلاق هذه المبادرة من قبل اتّحاد العمّال Travail Suisse ، وجرى الإقتراع عليها في 11 مارس 2012. وكانت المبادرة تستهدف تحقيق توازن أفضل بين عبء العمل والراحة، من خلال زيادة الحد الأدنى للإجازة السنوية لتصبح ستة أسابيع بدلاً من أربعة. لكن 66,5% من المقترعين رفضوا التمتع بالمزيد من أيام العطل.

أما مبادرة الدخل الأساسي غير المشروط، فقد طالبت الحكومة الفيدرالية بإقرار دخل أساسي غير مشروط لجميع المقيمين في البلاد. وقد قوبل هذا المقترح برفض السويسريين الذين يحق لهم التصويت في يوم 5 يونيو 2016، وبنسبة 76,9%.

والآن جاء دور مبادرة قرون البقر، التي سيتم التصويت عليها يوم 25 نوفمبر 2018، والتي يطالب مؤيدوها بتخصيص مساعدات مالية لمربّي الأبقار والماعز الذين يحافظون على قرونها ولا يعمدون إلى إزالتها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية