مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

محكمة في جنيف تُـمدِّد تجميد أموال ديكتاتور سابق

صورة يعود تاريخها إلى 25 مايو 1980 للديكتاتور الهايتي السابق جون كلود دوفاليي Keystone Archive

اتخذ الصراع من أجل استعادة الأموال المودعة في سويسرا من طرف جون كلود دوفاليي، منعرجا جديدا.

فقد قررت محكمة في جنيف تعليق الإفراج عن جزء من الأموال، التي أودِعت في حسابات سويسرية من طرف ديكتاتور هايتي السابق.

القرار جاء قبل أربعة أيام من انتهاء فترة تجميد جميع الحسابات المصرفية للرئيس السابق، وهو ما كان سيسمح بإعادة الأموال إلى عائلة دوفاليي، مثلما أشار إلى ذلك مارك هينزلان، محامي مواطنين من هايتي تقدّما بشكوى أمام المحاكم السويسرية.

المحامي صرّح يوم الأربعاء 30 مايو 2007 لوكالة أسوشايتد بريس أن “الأمر قد صدر، وهو ما يعني أن مطلبنا حظي بالموافقة”. في المقابل، لم تُـصدر المحكمة، إلى حد الآن، إعلاما رسميا عن قرارها.

وكان مكتب المحامي هينزلان قد تقدم بطلب إلى محكمة كانتون جنيف بالنيابة عن مواطنين من هايتي، يعمل أحدهما سائق سيارة أجرة والثاني، قسّـيس، تقدما في عام 1988 أمام محكمة أمريكية بطلبات تعويض من دوفاليي بقيمة 750 ألف دولار، ومليون دولار (بالتوالي).

من جهة أخرى، أمرت محكمة أمريكية في ميامي بدفع 504 مليون دولار إلى الشعب الهايتي، طِـبقا لقانون طلب تعويضات الأجانب، مثلما نُـقل عن محامٍ أمريكي ترافع عن الدعوى التي رفعها الرجلان أمام المحكمة.

المحامي هينزلان صرح لسويس انفو “إن ما نطلبه من الحكومة (السويسرية)، هو تمديد أمر التجميد ورفع السرية المصرفية عن جميع الحسابات السويسرية لعائلة دوفاليي بموازاة ذلك، لتمكين الضحايا من تقديم طلبات قانونية في سويسرا”.

القرار الأخير، الذي اتخذته محكمة جنيف، لا يتعلق إلا بحساب واحد يوجد في فرع مصرف يو بي إيس في جنيف، باسم “مؤسسة بروويي”، التي يوجد مقرها في إمارة الليختنشتاين، حسبما أفاد به المحامي هينزلان، وتعود ملكية هذه المؤسسة إلى شركة من باناما، اتّـضح أنها مملوكة من طرف أفراد ينتمون إلى عائلة دوفاليي.

وأشار المحامي إلى إنه لا توجد حاليا معلومات دقيقة حول حجم الأموال المودعة في حساب جنيف، مضيفا بأن “دوفاليي يمتلك، على الأقل، حسابين آخرين في لوزان وزيورخ، مع احتمال أن يكون الأخير قد أغلِـق”.

ويعتقد هينزلان أن الحكومة السويسرية “قد قامت بالكثير، مقارنة مع آخرين”، مشيرا إلى أنه “لا توجد بلدان كثيرة أقدمت على احتجاز ودائع مالية من طرف واحد، مثلما قام به السويسريون في قضايا ماركوس وموبوتو وأباشا ودوفاليي، لكن (الحكومة السويسرية) لم ترغب في المسِّ بالبقرة المقدسة، المتمثلة في السرية المصرفية”.

أجل أخير

وكان مسؤول كبير في الخارجية السويسرية قد حذر الأسبوع الماضي من أنه سيتم الإفراج عن الأموال المحتجزة في الحسابات المصرفية السويسرية للديكتاتور السابق دوفاليي، بحلول يوم 3 يونيو، نظرا لأن جميع الوسائل القانونية للإبقاء على قرار الحجز، قد استُـنفدت.

وقال بول سيغر، رئيس دائرة القانون الدولي بوزارة الخارجية السويسرية “إن حكومة هايتي حاولت استعادة الأموال بعد الإطاحة بدوفاليي في عام 1986، لكن العملية القضائية توقّـفت جرّاء الفوضى التي سادت البلد خلال السنوات التالية”.

في عام 2002، فرضت الحكومة السويسرية تجميدا مؤقتا لتوفير المزيد من الوقت لتقديم شكاوى من طرف مسؤولين وأفراد من هايتي، لتنظر فيها المحاكم السويسرية، هذا القرار جدِّد في عام 2005، لكن موعد نفاذه اقترب.

وقال سيغر، الذي لم يتسنّ الاتصال به يوم الأربعاء 30 مايو، “إنه لم يقُـم دليل أبدا في محكمة على أن مصدر الأموال إجرامي، وهو ما كان ضروريا بالنسبة لنا لنتمكّـن من احتجازه”.

كما أشار المسؤول السويسري، إلى أنه ما لم يتم العثور على حل آخر في اللحظة الأخيرة، فإن التجميد سيُـرفع يوم 3 يونيو، وأضاف بأن وجود خلاف قانوني معقد بين عائلة دوفاليي ومحامي الدفاع، يعني أنه من غير المحتمل أن تُـحل إشكالية ملكية الأموال على الفور.

في هذه الحالة، اعتبر سيغر أن الأمر “سيخرج عن مجال سلطتنا”، وأضاف “لو أبقينا على الحجز، فإن المحامين سيذهبون مباشرة إلى المحكمة الفدرالية العليا، في حين أننا لم نتلقّ ردّا إيجابيا من هايتي على مقترحاتنا باستئناف المساعدة القضائية الدولية”.

سويس انفو مع الوكالات

لا يسمح القانون السويسري للحكومة الفدرالية باحتجاز الأموال المنهوبة من طرف الطغاة السابقين، بل بتجميدها لفترة محددة.

حاولت الحكومة السويسرية على مدى عدة أعوام التوصل إلى اتفاق مع عائلة دوفاليي لتجنّـب حرج تسليم أموال، يعتقد كثيرون في هايتي أنها نُـهبت من الخزينة العمومية، وهي مزاعم نفاها دوفاليي على الدوام.

في عام 2006، قضت المحكمة الفدرالية، وهي أعلى هيئة قضائية في سويسرا، أن تجميدا غير محدود لأموال على مِـلك خواص، إجراء غير دستوري، هذا القرار صدر في إطار معالجة المحكمة لقضية تتعلق بـ 8 ملايين فرنك، أودعت في بنوك سويسرية من طرف الرئيس الزاييري السابق موبوتو سيسي سيكو ويُـفترض أن يُـرفع عنها الحجز في عام 2008.

صرح متحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية، اطّـلع على تصريحات المحامي هينزلان، لوسائل الإعلام أن الوزارة على اتصال دائم منذ سنوات مع جميع الأطراف للعثور على حلول تتيح إعادة شفافة للأموال المجمدة.

إذا ما لم تقرر برن تمديد تجميد الأموال قبل يوم الأحد 3 يونيو، فإن عائلة دوفاليي ستتمكن من استعادة الأموال المودعة في سويسرا، باستثناء المبلغ المودع في حساب لدى فرع مصرف يو بي إس في جنيف.

ولد جون كلود دوفاليي، الذي يُـكنّـى بـ “بي بي دوك”، في العاصمة الهايتية في عام 1951، وعُـين رئيسا مدى الحياة في عام 1971، إثر وفاة والده فرانسوا دوفاليي.

في فبراير 1986، أرغمته انتفاضة شعبية على مغادرة البلاد، بعد أن قُـتل العشرات من الآلاف من الأشخاص في حقبة حكم عائلة دوفاليي، التي استمرت 29 عاما.

يُـعتقد أنه يقيم حاليا في فرنسا، التي لجأ إليها بعد الانتفاضة التي شهدتها هايتي في عام 1986، وتشير تقارير متداولة إلى أنه يتلقى مساعدات من عدد من أصدقائه المقربين.

تتهم السلطات الهايتية جون كلود دوفاليي والمقربين منه، بتحويل أكثر من 100 مليون دولار من ميزانية الدولة، تحت غطاء جمعيات خيرية ومؤسسات اجتماعية، قبل سقوط الديكتاتور في عام 1986.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية