
مسعفون: موت رضيع من الجوع في غزة مع نفاد المخزون الغذائي

من نضال المغربي وداود أبو الكاس
القاهرة/غزة (رويترز) – لفظ الرضيع يوسف أنفاسه الأخيرة على طاولة في مستشفى بمدينة غزة وقد استبد الهزال بجسده لدرجة برزت معها ضلوع صدره فيما ذكر الأطباء أن سبب وفاته هو الجوع.
وقال الأطباء إن الرضيع (ستة أسابيع) كان من بين 15 فلسطينيا ماتوا جوعا في القطاع الفلسطيني خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية إذ أصبح سوء التغذية والجوع أسرع فتكا بالفلسطينيين من أي وقت مضى منذ بداية الحرب المستمرة منذ 21 شهرا.
وقال أدهم الصفدي عم الرضيع إن عائلة يوسف لم تجد لبن (حليب) أطفال لإرضاعه.
وأضاف وهو ينظر إلى ابن أخيه المتوفى “كل ما تروح تدور على علبة الحليب متلقيهاش، حق علبة الحليب صار 100 دولار”.
وثلاثة آخرون ممن لقوا حتفهم أطفال، ومن بينهم عبد الحميد الغلبان (13 عاما) الذي توفي في مستشفى بمدينة خان يونس جنوب غزة.
وقتلت القوات الإسرائيلية ما يقرب من 60 ألف فلسطيني في غارات جوية وقصف وإطلاق نار منذ شنها الحملة العسكرية على غزة عقب هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عليها في أكتوبر تشرين الأول 2023 مما أدى إلى مقتل 1200 شخص واقتياد 251 رهينة إلى غزة.
ويقول مسؤولون فلسطينيون لأول مرة منذ بدء الحرب إن العشرات يموتون جوعا.
ونفد المخزون الغذائي في غزة منذ أن قطعت إسرائيل جميع الإمدادات عن القطاع في مارس آذار قبل أن ترفع الحصار عنه في مايو أيار، متخذة إجراءات جديدة تقول إنها ضرورية لمنع تحويل المساعدات إلى الفصائل المسلحة.
ويقول مسؤولو القطاع الطبي الفلسطيني إن ما لا يقل عن 101 شخص ماتوا جوعا منذ بداية الحرب، من بينهم 80 طفلا، ومعظمهم في الأسابيع القليلة الماضية.
وتسيطر إسرائيل على جميع إمدادات المساعدات الواردة إلى القطاع الذي دمرته الحرب، حيث يواجه السكان الذين نزح معظمهم مرات عدة نقصا حادا في الاحتياجات الأساسية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه “يعتبر نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة مسألة ذات أهمية قصوى”، ويعمل على تسهيل دخولها بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
ونفى الجيش الاتهامات الموجهة إليه بمنع وصول المساعدات إلى غزة، واتهم الأمم المتحدة بالتقاعس عن حماية المساعدات التي يقول إن حماس ومسلحين آخرين يسرقونها، وهو ما تنفيه الحركة.
وفي رد على طلب للتعليق، أيد مسؤول في البيت الأبيض الموقف الإسرائيلي الذي يحمل حماس المسؤولية. وقال إن الولايات المتحدة تدعم مؤسسة غزة الإنسانية التي تتولى حاليا توزيع المساعدات.
وقال المسؤول “من المروع أن تواصل حماس استهداف هذه المساعدات الحيوية، وتعيق قدرة مؤسسة غزة الإنسانية على تقديم المساعدات المُنقذة للحياة من خلال رصد مكافآت للنيل من عمال الإغاثة، واستهداف المتعاقدين، ونشر معلومات مُضللة”.
وقُتل أكثر من 800 شخص في الأسابيع القليلة الماضية في أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، معظمهم في عمليات إطلاق نار جماعي من جنود إسرائيليين متمركزين قرب مراكز توزيع تابعة لمؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة.
وترفض الأمم المتحدة نظام عمل هذه المؤسسة وتعده غير آمن بطبيعته ويمثل انتهاكا لمبادئ الحياد الإنساني اللازمة لضمان نجاح التوزيع.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الوضع الذي يعيشه سكان القطاع الفلسطيني، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بأنه “عرض رعب”.
وقال لمجلس الأمن “نشهد منظومة إنسانية، تأسست على المبادئ الإنسانية، تلفظ أنفاسها الأخيرة. هذه المنظومة محرومة من الشروط اللازمة للعمل”.
وأعلن المجلس النرويجي للاجئين، الذي دعم مئات الآلاف من سكان غزة في السنة الأولى من الحرب، أن مخزونه من المساعدات نفد وأن بعض موظفيه يتضورون جوعا.
وقال مدير المجلس يان إيجلاند لرويترز “وزعنا آخر خيمة لدينا، وآخر طرد غذائي، وآخر المواد الإغاثية، ولم يتبق شيء”.
وأضاف “إسرائيل لا تلين، إنهم لا يريدون إلا شل عملنا”.
ورغم التنديد الدولي بعمليات القتل الجماعي للمدنيين والنقص الحاد في المساعدات في غزة فإنه لم يُتخذ أي إجراء حتى الآن لوقف الصراع أو زيادة الإمدادات بشكل ملحوظ.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يوم الثلاثاء إن صور المدنيين الذين يُقتلون في غزة خلال توزيع المساعدات الإنسانية “لا يمكن تحملها”، وحثت إسرائيل على الوفاء بتعهداتها بتحسين الوضع الإنساني لكنها لم تحدد الإجراءات التي ستتخذها الدول الأوروبية.
وكتبت فون دير لاين على منصة إكس “لا يجوز استهداف المدنيين. أبدا. الصور الواردة من غزة لا يمكن تحملها. يجدد الاتحاد الأوروبي دعوته إلى تدفق المساعدات الإنسانية بحرية وأمان وسرعة، وإلى الاحترام الكامل للقانون الدولي والإنساني”.