مقتل متعاقد مدني أجنبي بهجوم صاروخي على قاعدة بأربيل تتمركز فيها قوات للتحالف

قُتل متعاقد مدني أجنبي وجرح خمسة آخرون بالإضافة إلى جندي أميركي في هجوم صاروخي استهدف ليل الإثنين قاعدة جوية في كردستان العراق، وفق ما أعلنه التحالف بقيادة الولايات المتّحدة.
والهجوم هو الأول الذي يستهدف مرافق غربية عسكرية أو دبلوماسية في العراق منذ نحو شهرين.
وكانت واشنطن توعّدت في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بردّ مدمّر في حال قُتل أيّ أميركي في هجوم صاروخي في العراق، لكن من غير الواضح بالنسبة للمسؤولين العراقيين ما إذا ستتقيّد إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بادين التقيد بهذا التوجّه.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس بسماع دوي انفجارات قوية قرابة الساعة 21,30 (18,30 ت غ) في ضواحي شمال غرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق المتمتّع بحكم ذاتي.
وأبلغ مصدران أمنيان عراقي وغربي فرانس برس بأنّ ثلاثة صواريخ على الأقلّ أطلقت باتّجاه مطار أربيل حيث تتمركز قوات تابعة للتحالف الدولية لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.
وأكّد المتحدث باسم التحالف الكولونيل واين ماروتو لوكالة فرانس برس أنّ المتعاقد الذي قتل ليس عراقياً، لكنّه لم يعط تفاصيل حول جنسيته.
وسقط صاروخان من الصواريخ الثلاثة في منطقة سكنية في ضواحي أربيل.
وصرّح مدير دائرة الصحة في أربيل الدكتور دلوفان جلال لفرانس برس أنّ خمسة مدنيين على الأقل جرحوا، وأن وضع أحدهم حرج.
وجاء في بيان لوزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق أنّه “في الساعة التاسعة والنصف من مساء اليوم الاثنين 15 شباط/فبراير 2021، تمّ إطلاق عدد من الصواريخ صوب مدينة أربيل وضواحيها، حيث سقطت على مواقع عديدة، وبحسب المعلومات الأولية فإنّ هناك عدداً من الجرحى”.
وأوضح البيان أنّ “الجهات المعنية لا تزال تواصل متابعتها وتحقيقاتها بهذا الصدد”.
وعقب سقوط الصواريخ انتشرت قوات أمنية في محيط المطار، وسمع تحليق مروحيات فوق تخوم المدينة، وفق مراسل فرانس برس.
– “تصعيد خطير” –
وجاء في تغريدة للرئيس العراقي برهم صالح أن “استهداف أربيل الذي أوقع ضحايا، يُمثل تصعيداً خطيراً وعملاً إرهابياً اجرامياً”.
بدوره دان رئيس حكومة كردستان العراق مسرور بارزاني الهجوم “بأشد العبارات”.
وقال إنه تواصل مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من أجل تعاون قوات الأمن في أربيل وبغداد في التحقيق.
وأكّد مصدران أمنيان لفرانس برس أنّ الهجوم شُنّ من داخل أراضي كردستان العراق.
وقال مسؤول أميركي إنّ الصواريخ هي من عيار 107 ملم، وإنّها أطلقت من منطقة تقع على بعد نحو ثمانية كيلومترات إلى الغرب من أربيل.
وتبنّت مجموعة تسمي نفسها “سرايا أولياء الدم” الهجوم الصاروخي على أربيل
والعام الماضي ظهر نحو عشر مجموعات كتلك تبنّت إطلاق صواريخ، لكنّ مسؤولين عراقين وأميركيين صرحوا لفرانس برس أنهم يعتبرون تلك المجموعات “واجهة” لفصائل مسلّحة موالية لإيران على غرار “كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق”.
وتعارض هاتان المجموعتان بشدّة التحالف العسكري الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والمنتشر في العراق منذ العام 2014 لمساعدة القوات المحلية في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية.
وسبق أن استهدفت المرافق العسكرية والدبلوماسية الغربية بعشرات الصواريخ والعبوات الناسفة منذ خريف العام 2019، لكن غالبية أعمال العنف تركّزت في العاصمة بغداد.
وفي كانون الأول/ديسمبر من العام 2019 قُتل متعاقد أميركي بهجوم صاروخي استهدف قاعدة في محافظة كركوك، ما دفع الولايات المتحدة إلى استهداف “كتائب حزب الله” بغارات جوية.
وفي آذار/مارس 2020 قُتل جندي ومتعاقد أميركيان وجندي بريطاني بهجوم صاروخي.
وردّت واشنطن بتوجيه ضربات لمواقع تابعة لكتائب حزب الله.
لكن منذ أن أعلن العراق الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية في أواخر العام 2017، قلّص التحالف الدولي عديد قواته في العراق إلى ما دون 3500 عنصر، بينهم 2500 جندي أميركي.
وغالبية هذه القوات متمركزة في المجمّع العسكري في مطار أربيل، وفق ما أعلن مصدر في التحالف لفرانس برس.
– نادرا ما تُستهدف –
لكن على الرغم من مواصلة التحالف خفض عديد قواته، استمر إطلاق الصواريخ، ما أثار استياء واشنطن.
وفي تشرين الأول/أكتوبر، هدّدت الولايات المتحدة بأنها ستغلق سفارتها في بغداد في حال استمرّت الهجمات الصاروخية، ما دفع الفصائل المتشددة إلى الموافقة على هدنة دائمة.
ومذّاك سجّلت انتهاكات عدة للهدنة آخرها كان استهداف السفارة الأميركية بصواريخ في 20 كانون الأول/ديسمبر.
ونادرا ما استهدفت أربيل بهجمات، إلا أنه سبق للقوات الإيرانية أن أطلقت في كانون الثاني/يناير 2020 صواريخ بالستية على مطار أربيل، بعد أيام قليلة على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية في مطار بغداد.
ويأتي الهجوم الصاروخي الأخير وسط أجواء من التوتّر في شمال العراق، حيث تشنّ تركيا حملة عسكرية برية وجوية ضد حزب العمال الكردستاني.
ومنذ العام 1984 يخوض حزب العمال الكردستاني حركة تمرّد ضدّ تركيا، وهو يستخدم مرتفعات شمال العراق قاعدة خلفية له.
وردا على الهجمات المستمرة ضدها، أطلقت تركيا في حزيران/يونيو 2020 عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حزب العمال الكردستاني استخدمت فيها الطائرات المسيّرة والغارات الجوية وسلاح المشاة لدحر المتمردين من المناطق الحدودية، في ظل صمت شبه مطبق للحكومة الكردية في شمال العراق ولسلطات بغداد.
لكن مؤخرا، أصدرت فصائل مسلّحة موالية لإيران أعنف تنديد لها بالتوغل التركي.
وتوعّدت عصائب أهل الحق بالتصدي لتركيا إن وسّعت أنقرة نطاق حملتها العسكرية إلى منطقة سنجار الاستراتيجية.
والإثنين أعلنت مجموعة “أصحاب الكهف” أنها هاجمت قاعدة عسكرية تركية عند الحدود مع العراق.
ويعتقد مسؤولون عراقيون وغربيون أن مجموعة “أهل الكهف” هي “واجهة” لجماعات أخرى، وتعذّر على فرانس برس التأكد بواسطة مصادر مستقلة من وقوع هجوم صاروخي عند الحدود.