مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سبعون عاما مرت على إقامة علاقات دبلوماسية بين برن وبكين

مجموعة من الصينيين على أرضية مطار جنيف
وفد عسكري صيني يصل إلى مطار جنيف لحضور المؤتمر الخاص بمستقبل الهند الصينية، 26 أبريل 1954. Keystone / Jean-jacques Levy

منذ سبعين عامًا، كانت سويسرا واحدة من أوائل الدول الغربية التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية، الأمر الذي مهّد لبرن، في العقود التالية، لنسج علاقات ودية مع الحكومة الشيوعية في بكين، والاستفادة من الانفتاح الاقتصادي الصيني في أواخر السبعينيات.

“يتشرف رئيس الكنفدرالية السويسرية بإبلاغ فخامة الرئيس السيد ماو تسي تونغ بأن الحكومة الفدرالية قررت التعاطي مع الرسالة المؤرخة بتاريخ 4 أكتوبر والتي أعربت فيها الحكومة المركزية لجمهورية الصين الشعبية عن اهتمامها ببدء علاقات دبلوماسية بين البلدين قف. اليوم اعترفت [الحكومة الفدرالية] قانونيا بالحكومة المركزية لجمهورية الصين الشعبية، وهي على استعداد لإقامة علاقات دبلوماسية معها قف […] “

برقيةرابط خارجي رئيس الكنفدرالية السويسرية ماكس بوتي بيار إلى رئيس جمهورية الصين الشعبية ماو تسي تونغ، 17 يناير 1950

بعد أيام قليلة من الإعلان عن قيام جمهورية الصين الشعبية في أول أكتوبر عام 1949، كتبت بكين إلى برن تطلب منها بدء علاقات دبلوماسية، حينها، كان يُفترض أن يتجه تفكير السلطات الفدرالية إلى التوترات التي ميّزت في الماضي العلاقات مع دولة شيوعية عظيمة أخرى، وهي الاتحاد السوفياتيرابط خارجي.

شعار مركز دوديس Dodis
الوثائق الدبلوماسية السويسرية هذا المقال جزء من سلسلة مكرسة لـ “قصص الدبلوماسية السويسرية”، التي تُنجز بالتعاون مع الوثائق الدبلوماسية السويسرية (Dodis) . يُعدّ مركز “Dodis” للأبحاث، وهو معهد تابع للأكاديمية السويسرية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، قطب كفاءات مستقل في مجال تاريخ السياسة الخارجية السويسرية والعلاقات الدولية لسويسرا منذ تأسيس الدولة الفدرالية في عام 1848. dodis

بعد استيلاء البلاشفة على السلطة، قطعت برن العلاقات الدبلوماسية مع موسكو، ولم يكن من الممكن إعادة تطبيع العلاقات إلا بعد الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي كلف وزير الخارجية السويسري مارسيل بيليت غولازرابط خارجي منصبه.

يقول ساشا زالا، مدير الوثائق الدبلوماسية السويسرية (دوديس رابط خارجيDodisرابط خارجي): “إن صداع العلاقات الصعبة مع الاتحاد السوفياتي لعب بلا شك دورًا مهمًا في موقف برن من طلب بكين”.

اعتراف مبكر

من ناحية أخرى، كان لسويسرا مصالح اقتصادية كبيرة في الصين، وخاصة في شانغهاي، وكانت تأمل كدولة محايدة، من خلال الاعتراف المبكر بالحكومة الشيوعية الجديدة، في الحصول على مزايا سياسية ولعب دور الوسيط في المنطقة.

في السابع من أكتوبر 1950، قررترابط خارجي الحكومة الفدرالية، من حيث المبدأ، الاعتراف بالحكومة الشيوعية الصينية، بشرط “ألا تكون من أوائل ولا أواخر” مَن يقوم بذلك.

وفي 17 يناير 1950، جاء الاعتراف الرسمي السويسري، ولم يسبقه من الدول الغربية سوى اعتراف كل من بريطانيا والدول الاسكندنافية، ووفق قول توماس بورغيسّر، ممثل أرشيف الوثائق الدبلوماسية السويسرية: “خلال السنوات التالية، كثيرا ما تردد ذكر هذا الاعتراف المبكر على لسان الممثلين الصينيّين بشأن العلاقات الثنائية بين البلدين”.

احتفاء وتبجيل 

استفادت سويسرا من كونها إحدى الدول الغربية القليلة التي تربطها علاقات جيّدة بجمهورية الصين الشعبية، ففي عام 1954، كتب أحد المسؤولين في وزارة الخارجية السويسرية في مذكرةرابط خارجي حول العلاقات مع الصين أنه “منذ الاعتراف بحكومة ماو تسي تونغ، تمّت تسوية معظم المشاكل التي كانت قائمة في عام 1950”.​​​​​​​

المزيد

وفي السبعينيات، بينما كان في جلسة حوار مع وفد سويسريرابط خارجي، ذكر شوان لاي تلك الحقبة مُمتَنًّا: “لأن بلدنا احتفى به – بمناسبة (انعقاد) مؤتمر الهند الصينية في عام 1954 –  احتفاء مُبجّلا، شأنه شأن رجال الدولة الآخرين”.

علاقات من نوع خاص

ويقول بورغيسّر: “أسست زيارة شوان لاي لبداية علاقة من نوع خاص بين سويسرا والصين، تتابعت عبر العقود”.

على نفس الخطى، كتب السفير السويسري في بكين ألبرت ناتورال في عام 1975، تعليقًارابط خارجي على الأسلوب الحماسي الذي استخدمته وكالة الأنباء الصينية شينخوا بمناسبة الرحلة الافتتاحية للخطوط الجوية السويسرية “سويس إير” بين زيورخ وبكين، قائلا: “نادراً ما سمعت هكذا نغمة بشأن دولة رأسمالية، والألبان – الحلفاء الأكثر ولاءً للصين – هم وحدهم الذين يُمكنهم الاستمتاع بأسمى عبارات الثناء”.

مجموعة من الرجال يقفون أمام سور الصين العظيم
عضو الحكومة الفدرالية ويلي ريتشارد (في الوسط ممسكا قبعته بيده) أمام سور الصين العظيم خلال زيارته قام بها إلى الصين لتدشين رحلة الخطوط الجوية السويسرية بين زيورخ وبكين، 14 أبريل 1975. Keystone / Str

في عقد السبعينيات، اقترنت العلاقات المميّزة مع الصين بالأمل في أن يشكّل انفتاح صيني مستقبلي على التجارة الخارجية فرصة أمام الاقتصاد السويسري، لكي يتمكن، بفضل تلك العلاقات، من الدفاع عن حصة السوق السويسرية في مواجهة “الجهود المستعرة من جانب المنافسين الغربيين”، وفي ديسمبر 1974، وقعت برن وبكين على اتفاقية تجاريةرابط خارجي بينهما.

“لقد وجدت سويسرا نفسها في وضع ممتاز للاستفادة من الانفتاح الاقتصادي في الصين”، على حدّ تعبير بورغيسّر، وفي مارس 1979، أدى وزير الاقتصاد السويسري، فريتس هونيغر، زيارة إلى دينغ شياو بينغ، المروج للمسار الصيني الجديد، وفي ختام المباحثات، التي كُرّست أساسا للقضايا الاقتصادية، أشار دينغ بشكل مقتضب إلى أن “سويسرا والصين تربطهما علاقات سياسية جيّدة. التعاون مُرحّب به”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية