نتانياهو يسعى لعفو رئاسي لضمان بقائه في الحكم قبل انتخابات 2026
فجّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مفاجأة عندما تقدم بطلب رسمي للعفو عنه في قضايا تتعلق بالفساد في خطوة يرى كثيرون أن ما هي إلا محاولة منه للفوز بالانتخابات العام المقبل.
نتانياهو أول رئيس للوزراء في إسرائيل تجري محاكمته وهو في منصبه بعد أن طاردته هذه الاتهامات لسنوات ما اضطره للمثول أمام المحكمة أسبوعيا في قضايا منفصلة.
وينفي رئيس الوزراء تورطه في أي من التهم الموجهة إليه بل يصفها جزء من مؤامرة سياسية تستهدفه.
الأحد، قدم نتانياهو طلبا بالعفو للرئيس إسحق هرتسوغ الذي لم يعلن قراره بعد.
ووفقا لاستطلاعين للرأي، أبدى أكثر من 40 في المئة من الإسرائيليين معارضتهم العفو عن نتانياهو.
وقال الكاتب ناحوم برنيع في صحيفة يديعوت أحرونوت اليمينية إن “طلب العفو الذي قدّمه محامو نتانياهو ليس خطوة قانونية بل خطوة سياسية بحتة”.
بتقديمه طلب العفو، يفتح نتانياهو باب مفاوضات يقودها الرئيس الإسرائيلي وقد تًنهي محاكمته عبر إبرام صفقة بالادعاء، أو العفو، أو بمزيج من الخيارين.
ورأى برنيع أن نتانياهو سيستغل الأمر أيا كانت النتيجة، لصالحه. وأضاف في مقاله “إذا منحه هرتسوغ عفوا شاملا، فسيُعفى من المحاكمة … وسيستغل ذلك لصالحه في الانتخابات… وإذا فشلت المفاوضات، سيستغل نتانياهو الأمر ويمارس دور الضحية إلى حين الفوز في الانتخابات”.
– “أداة سياسية” –
أمضى نتانياهو البالغ من العمر 76 عاما أكثر من 18 عاما في رئاسة الوزراء لثلاث فترات منذ عام 1996.
في إسرائيل، يجب أجراء الانتخابات المقبلة في موعد أقصاه أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2026، وقد أكد نتانياهو عزمه الترشح لولاية جديدة.
ويمكن لنتانياهو أن يقرر إجراء انتخابات مبكرة، أو يُضطر لذلك في حال خسر ائتلافه الهش غالبيته.
ويواجه رئيس الوزراء موجة غضب واسعة داخل إسرائيل، إذ يرى نحو ثلثي الإسرائيليين أن عليه الإقرار بمسؤوليته عن الإخفاقات الأمنية إبان هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023.
لكن استطلاعات الرأي تُظهر أنه في حال أجريت الانتخابات اليوم، فإن حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه سيفوز، وهو ما سيجعله في موقع قوي لتشكيل الحكومة المقبلة.
تقول الخبيرة القانونية دوريت كُسكاس إن طلب العفو هو “اداة سياسية” بيد نتانياهو. وتضيف لوكالة فرانس برس أنه يريد “محو تبعات إخفاقاته حتى يتمكن من مواصلة مسيرته السياسية بدلا من أن يُحاسب”.
أما الكاتب السياسي آري شافيت من صحيفة يديعوت أحرونوت فيتوقع أن يقوم نتانياهو بإبرام صفقة يحصل من خلالها على “عفو مقابل وقف كامل للإصلاح القضائي” الذي تسبب في العام 2023 بتعميق الانقسام بين الإسرائيليين.
طرح نتانياهو حينها إجراء إصلاحات قضائية واسعة أشعلت احتجاجات ضخمة لم تتوقف إلا بعد اندلاع الحرب، إذ يرى معارضوها أنها ستتسبب في إضعاف القضاء.
– دعم ترامب –
يتلقى نتانياهو دعما واحدا مهما يتمثل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي سبق أن وجه رسالة الشهر الماضي لنظيره هرتسوغ طالبه فيها بمنح نتانياهو العفو.
وقال نتانياهو في رسالته التي أرفقها بطلب العفو إن إنهاء محاكمته سيضع حدا للانقسامات داخل إسرائيل.
وفي الوقت الذي يرفض فيه معارضو فكرة العفو من دون اعتزال نتانياهو الحياة السياسية، قال هرتسوغ إن القضية “تثير الكثير من الجدل”، لكنه أكد الإثنين أن “مصلحة الدولة” ستكون فوق كل اعتبار عند النظر في الأمر.
تقول المحللة السياسية ميريام شيرمر إن حصول نتانياهو على العفو “لن يخفف الانقسامات إلا إذا سمح فعليا بظهور ائتلاف وسطي واسع … بعد سنوات من الجمود السياسي”.
وغالبا ما يفضي نظام التمثيل النسبي في إسرائيل إلى تشكيل ائتلافات من أحزاب متعارضة، الأمر الذي يتسبب بإفراز حكومات غير مستقرة.
وبحسب شيرمر ولضمان تشكيل ائتلاف وسطي واسع، فإن على المعارضة أن تكف عن “شيطنة نتانياهو” وعليه هو أن يوافق على الحكم مع أحزاب من غير حلفائه اليمينين المتطرفين أو الأحزاب الحريدية المتدينة.
ورأت المحللة السياسية أن على رئيس الوزراء تشكيل “لجنة حقيقية تبحث في الإخفاقات الأمنية والسياسية التي أدت إلى هجوم حماس” وهو ما يعارضه رغم التأييد الواسع لهذه الخطوة داخل إسرائيل.
وأضافت أن نتانياهو “لن يواجه أي مشكلة في التخلي عن الإصلاح القضائي مقابل ولاية أخيرة” يأمل أن “تُتوج بنجاحات دبلوماسية” في إشارة إلى حلمه بتوقيع اتفاقية لتطبيع العلاقات مع السعودية.
ميب/راز/ها/ص ك