The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

مكافحة التبغ عالميا تصطدم بتدخلات الصناعة… وسويسرا في قلب العاصفة!

التبغ المسخّن
وتدعو الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ الحكومات إلى تنظيم جميع منتجات التبغ، معتبرةً أن حجج "الحد من المخاطر" التي تروج لها الشركات المصنعة "واهية". Copyright 2018 The Associated Press. All Rights Reserved

اختتمت الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ (COP11 CCLAT) أعمالها مؤخرًا في جنيف. وحتى اليوم، لم تصادق سويسرا على هذه الاتفاقية المحورية، ما يجعلها من أكثر الدول عرضة لتأثير شركات التبغ، وتضعها في موقف حرج على الساحة الدولية.

بصفتها مقر منظمة الصحة العالمية (OMS)، تحولت جنيف إلى العاصمة العالمية لمكافحة التدخين. وعلى مدار ستة أيام، شهدت المدينة مداولات مكثفة ضمن الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الأطرافرابط خارجي، و الأسبوع الماضي، تلتها اجتماعات الأطراف في البروتوكول الخاص بالقضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ .

تُلزم الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ أعضاءها بالقضاء على “الوباء العالمي لتعاطي التبغ”. وتوفّر المعاهدة إطارًا قانونيًا ومجموعة من الإجراءات الخاصة بمكافحة التبغ. ومن بين تلك الإجراءات وضع تنبيهات صحية مصوّرة على علب السجائر، وقوانين تحظر التدخين، وزيادة الضرائب على منتجات التبغ.

يبلغ عدد الدول الأعضاء في الاتفاقية 183 دولة. ووقّعت سويسرا عليها في يونيو 2004، لكنها لم تُصدّق عليها.

ستحل الذكرى العشرين لتأسيس الاتفاقية الإطارية في عام 2025. وهي أول معاهدة متفاوض عليها تحت رعاية منظمة الصحة العالمية، وإحدى أكثر معاهدات الأمم المتحدة تصديقاً عليها في التاريخ.

أعلن أندرو بلاك، الرئيس المؤقت لأمانة الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، في المؤتمر الصحفي الختامي، تبني “عدة قرارات رئيسية” خلال هذه الدورة. وأوضح قائلًا: “ستعزز هذه القرارات تطبيق المعاهدة، (…) وستساعد في إنقاذ ملايين الأرواح في السنوات القادمة، وحماية كوكب الأرض من الأضرار البيئية الناجمة عن التبغ”.

تشمل هذه القرارات إجراءات خاصة بمكافحة التلوث البيئي الناجم عن نفايات منتجات التبغ ومشتقاتها، بالإضافة إلى حظر منتجات التبغ والسجائر الإلكترونية، في جميع مقرات الأمم المتحدة. كما أُكدّت أهمية تمويل البرامج الوطنية لمكافحة التبغ.

محتويات خارجية

مؤتمر تحت وطأة النفوذ

وبسبب عدم التوصل إلى توافق في الآراء ضمن المهلة المحددة، يُشار إلى اضطرار المشاركين لتأجيل النظر في بندين مهميْن من جدول الأعمال، إلى مؤتمر الأطراف الثاني عشر(COP12). وقد تقرّر عقدُه عام 2027 في أرمينيا. وأوضحت كيت لانان، كبيرة المستشارين.ات القانونيين.ات في أمانة الاتفاقية الإطارية، تعلُق هاتين النقطتين بإلزام الدول بوضع تدابير لمكافحة إدمان النيكوتين، وحمايتها من مصالح صناعة التبغ و”ادعاءاتها الصحية المضللة حول تقليل الآثار الضارة”.

وأشارت لانان هنا إلى حجج شركات التبغ العملاقة، المُروَّجة، الزاعمة، على سبيل المثال، أنّ منتجات التبغ المسخن أقل ضررًا بالصحة من السجائر التقليدية. وفي هذا الصدد، أكدت الدكتورة رينا روا، رئيسة المؤتمر، أنّ “صناعة التبغ… تقدم معلومات من منظورها التجاري الخاص. وهو ما يتنافى تمامًا مع الحق الإنساني في الصحة، ومع الاتفاقية”.

ويستطرد أندرو بلاك، في حديثه عن الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، بقوله: لا يزال “التدخل الهائل لشركات التبغ” أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيق مكافحة فعّالة للتبغ عالميًا. وأوضح أيضًا إبداء شركات التبغ اهتمامًا خاصًا بمؤتمر الأطراف هذا، والإبلاغ عن محاولات التأثير في المفاوضات.

وقال عضو في وفد وطني للاتحاد الأوروبي، في تصريح لموقع يوراكتيفرابط خارجي الإلكتروني: “يمكننا ملاحظة تلقّي العديد من الوفود إحاطات [من قطاع الصناعة] ربّما. وهي ترددّ نفس المسوّغات، حرفيًا أحيانًا”.

وبالفعل، منذ افتتاح الدورة الحادية عشرة، روجت عدة دول صغيرة لحجج “تقليل المخاطر” المدعومة من الشركات المصنعة.

صناعة ذات نفوذ عالمي

لن تشهد أساليبُ التدخل التي تنتهجها شركات التبغ في العالم أيّ تراجع. بل بالعكس، أصبحت أكثر عدوانية، مثلما جاء في طبعة عام 2025 من المؤشر العالمي لتدخل صناعة التبغرابط خارجي.

يشير التقرير الذي نُشر في منتصف نوفمبر إلى محاولة الشركات المصنّعة التدخل بشكل فعّال في صياغة السياسات وتنفيذها، وذلك بالاقتراب من صنّاع القرار وصانعات في العديد من البلدان ووعدهم.نّ بالاستثمار والتوظيف، ورحلات مدفوعة الثمن لزيارة منشآتها، أو بمبادرات ذات طابع اجتماعي.

واستسلمت العديد من الحكومات للضغوط. وقد تعززّ نفوذُ القطاع في ما يقارب 46 دولة من الدول المئة المشمولة بالمؤشر. وأحرز ما يزيد قليلًا عن ثلاثين دولة تقدّمًا، بينما أقدمت 18 دولة فقط على تطبيق إجراءات جديدة، أو شددّت تطبيق الإجراءات القائمة لحماية نفسها.

محتويات خارجية

سويسرا في ذيل القائمة

في هذا السياق، تبدو سويسرا كدولة متأخرة. إذ حصلت على ثاني أعلى درجة في المؤشر، ما يعني أنها في المركز ما قبل الأخير، ولا تتفوق عليها سوى جمهورية الدومينيكان. وقد تدهور تصنيفها بشكل مستمر. فانخفض من 92/100 في عام 2021 إلى 95 في عام 2023، ومن المتوقع وصوله إلى 96 في عام 2025.

ولفهم هذا الأداء الضعيف، لابد أوّلًا من التوضيح أنّ سويسرا، رغم احتضانها مقر الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ، تُعدّ من الدول القليلة جدا غير الأطراف فيها. وبالتالي، فهي غير مُلزمة بأي التزام دولي.

محتويات خارجية

ولم تصادق على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ عام 2004، رغم توقيعها عليها، بسبب عدم تمكّنها من استيفاء متطلباتها. وبينما يُطالبرابط خارجي العاملون والعاملات في قطاع الصحة بالتصديق، يُعارضهرابط خارجي قطاع الأعمال.

مقرّ كبريات شركات التبغ

ولصناعة التبغ وزنٌ هام في الاقتصاد السويسري. إذ يحتضن البلد منذ سنين طويلة المقرّات الرئيسية لثلاث من شركات التبغ الرائدة عالميًا. وهي فيليب موريس الدولية (PMI)، وبريتيش أمريكان توباكو (BAT)، وجابان توباكو الدولية (JTI)، بالإضافة إلى شركات أخرى مثل أوتينغر، ودافيدوف، وفيليغر سون.

تُعتبر هذه الشركات مصادر مهمة للإيرادات الضريبية، وفرص العمل. ووفقًا للتقرير الصادر عن مؤشر تدخل صناعة التبغ العالمي، تستقبل مقرّاتها، وخاصةً موقع البحث والتطوير المزوّد بأحدث التجهيزات التابع لشركة فيليب موريس إنترناشونال في نوشاتيل، بانتظام زيارات برعاية صنّاع القرار وصانعاته من دول أخرى.

تشابكات سياسية واسعة

تحظى صناعة التبغ، بفضل إسهامها الاقتصادي الكبير، بعلاقات وثيقة مع الدوائر السياسية السويسرية. ويُعتبر التداخل المكشوف بين هذين العالمين السبب الرئيسي لتصنيف سويسرا في ذيل الترتيب في عام 2022، كما سنرى ذلك أدناه.

وتقول منظمة “لوبي ووتش” (Lobbywatch)، المنظمة المتخصصة في مراقبة جماعات المصالح في سويسرا، والمشاركة في مؤشر تدخل صناعة التبغ: “هناك روابط مباشرة كثيرة جدًا بين البرلمان وجماعات الضغط في قطاع التبغ”.

فوفقًا لبحوث أجرتها المنظمة، يوجد حوالي ثلاثين عضوًا في البرلمان تربطهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع قطاع التبغ. ومنهم.نّ منتخبون ومنتخبات في اللجان المكلّفة بتنظيم سوقه، التي تُحفظ مداولاتها سرًا. وقد سلّم عدد من البرلمانيين والبرلمانيات ممثلين.ات عن صناعة التبغ بطاقات دخول إلى الفضاءات المخصصة للبرلمان الفدرالي، بشكل قانوني.

ويسمح النظام السويسري للبرلمانيين والبرلمانيات بتلقي رواتب من جهات ومنظمات خاصة مختلفة، بالموازاة مع مهامهم البرلمانية. ويُلزمهم.نّ بالتصريح عن علاقات المصالح تلك، ولكن ليس عن قيمة الأجور.

وتختلف هذه القواعد عن تلك المنظِّمة لنشاط جماعات الضغط، أو ما يسمّى اللوبيينغ، في البرلمان الأوروبي. كما تُمارس شركات التبغ في أروقته ضغطًا نشطًا وقانونيًا. لكن العناصر التابعة لجماعات الضغط ملزمة بالتسجيل في سجل الشفافيةرابط خارجي، والإعلان مثلًا عن قيمة أنشطة الضغط التي تمارسها والغرض منها، بالإضافة إلى قائمة مواعيدها.  كما لا تعتبر المدفوعات المالية لأعضاء البرلمان الأوروبي لوبيينغ، وإنما رشوة.

ضعف الرقابة على التبغ

لا شيء يمنع صناعة التبغ من تمويل مرشحّين ومرشحات أو أحزاب (لدرجة تلقّي الحزبين اليمينيين، حزب الشعب (UDC) والحزب الليبرالي الراديكالي (PLR)، أموالًا من شركة فيليب موريس الدولية خلال الانتخابات الفدرالية لعام 2023)، ولا من المشاركة في صياغة السياسات.

وتعتبر منظمة “لوبي ووتش” “تأثير جماعات الضغط المؤيّدة للتبغ، على العملية التشريعية كان جليًا أثناء تنفيذ المبادرة الشعبية ’أطفال بلا تبغ‘”. ويأمر هذا النصّ المُصادَق عليه عام 2022، بحظر إعلانات التبغ الموجهة للأطفال والشباب. وحينها، كانت من أولى الإجراءات التنظيمية المهمة منذ سنوات. وتؤكد لوبي ووتش أنّ بعض أحكامها الجوهرية قد “طرأ عليه تخفّيفٌ” في ما بعد.

وجاء في مؤشر تدخل صناعة التبغ العالمية، ينعكس كل هذا في “ضعف القوانين السويسرية المتعلقة بمكافحة تعاطي التبغ”. وحسب أحدث تصنيف لـ”مقياس مكافحة التبغ” (2021)، تُعدّ سويسرا الدولة الأقل تنظيمًا له في القارة الأوروبية بعد البوسنة والهرسك.

محتويات خارجية

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: بنيامين فون فيل

ما الذي تحتاجه لمنح ثقتك إلى المؤسسات السياسية في بلد إقامتك؟

إن أساس الديمقراطيات هو الثقة في القضاء والسياسة والشرطة ووسائل الإعلام. هذا هو السبب في أننا نتناول القضية – ونطلب رأيك.

1 إعجاب
138 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: فيرجيني مانجان

ترجمة: موسى آشرشور

مراجعة وترجمة الرسوم: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية