The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما

afp_tickers

توفي البابا فرنسيس إثر إصابته بجلطة دماغية، وفق ما أعلن الفاتيكان الاثنين، وسط حداد في كل أنحاء العالم على رأس الكنيسة الكاثوليكية البالغ 88 عاما والذي كان يتمتع بشعبية واسعة.

وجاء في شهادة الوفاة التي أصدرها الفاتيكان الاثنين أن “الوفاة تم تأكيدها من خلال تسجيل تخطيط كهربية القلب”.

وقال مدير إدارة الصحة في الفاتيكان البروفيسور أندريا أركانجيلي في شهادة الوفاة “أعلن أن قداسة البابا فرنسيس (خورخي ماريو بيرغوليو) المولود في بوينوس آيرس (الأرجنتين) في 17 كانون الأول/ديسمبر 1936، المقيم في دولة الفاتيكان، مواطن الفاتيكان، توفي في الساعة 7,35 صباحا في 21 نيسان/أبريل 2025 في شقته” في مقر القديسة مارتا.

وكان البابا يعاني منذ أكثر من شهرين، تداعيات التهاب رئوي حاد.

كان البابا فرنسيس يتمتع بشعبية واسعة بين أتباع كنيسته في مختلف أنحاء العالم، ولو أنه واجه معارضة شرسة من البعض، لا سيما داخل الكنيسة، بسبب إصلاحات دعا إليها أو قام بها.

ووضع جثمان البابا فرنسيس في نعش الإثنين عند الساعة 18,00 بتوقيت غرينيتش في كنيسة بيت القديسة مارتا حيث كان يعيش منذ 2013 قبل تسجيته في كاتدرائية القديس بطرس اعتبارا من الأربعاء وسيقرّر الكرادلة الثلاثاء موعد الدفن الذي يفترض أن يكون بين اليوم الرابع والسادس من الوفاة.

ومساء الاثنين، توافد آلاف المؤمنين، بعضهم يحمل الزهور أو الشموع، إلى ساحة القديس بطرس للمشاركة في مراسم صلاة تكريما للبابا الراحل.

وقال ماتيو ري، وهو مكسيكي يبلغ 22 عاما ويدرس في روما، لوكالة فرانس برس “كان فرنسيس يحاول أن يجعل الناس يفهمون أن التوجه الجنسي والعرق لا يهمان في نظر الله. أعتقد أن هذا هو أقرب شيء إلى ما كان يسوع يريد قوله”.

وقال الكاردينال الإيرلندي الأميركي كيفن فاريل المكلّف تصريف الأعمال حتى انتخاب بابا جديد، في بيان نشره الفاتيكان، “هذا الصباح عند الساعة 07,35 عاد أسقف روما فرنسيس، إلى بيت الآب. لقد كرّس كلّ حياته لخدمة الرب وكنيسته”.

ودقّت أجراس بازيليك القديس بطرس حزنا عند الظهر.

وكان البابا الأرجنتيني نُقِل في 14 شباط/فبراير إلى مستشفى جيميلي بسبب إصابته بالتهاب رئوي. وأعلن الفاتيكان حينها أنه في وضع “حرج”. وخرج من المستشفى في 23 آذار/مارس بعد 38 يوما من الاستشفاء، وهي أطول مدة أمضاها في المستشفى منذ بداية حبريته.

وقام بجولة الأحد بين المصلين في باحة القديس بطرس في سيارته “البابا موبيلي”، وقد بدا متعبا، ولم يتمكّن إلا من قول بضع كلمات، بينما تلا عنه النص الذي أراد التوجه به إلى المصلين، أحد مساعديه.

من إيران إلى الولايات المتحدة، مرورا بإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان وألمانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وغيرها، حيّا زعماء العالم البابا فرنسيس، رجل الحوار والانفتاح والمواقف الإنسانية.

فقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن البابا فرنسيس “كان رجلا ناضل طيلة حياته لمزيد من العدالة ولفكرة معينة للإنسانية، إنسانية أخوية”. 

وأشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ب”قائد حكيم” و”مدافع مثابر عن القيم العليا للإنسانية والعدالة”، في حين حيّا نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينكسي ذكرى “من صلّى لأجل السلام في أوكرانيا وللأوكرانيين”.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن البابا كان “مدافعا قويا عن قيم السلام والمحبة والإيمان في العالم أجمع”، مشيدا برفعه العلم الفلسطيني في حاضرة الفاتيكان، وتضامنه مع غزة.

ووصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ”رسول الأمل والتواضع والإنسانية”.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب “ارقد بسلام يا أيها البابا فرنسيس! فليباركك الله وليبارك كلّ من أحبّوه” كما أمر بتنكيس الأعلام الاثنين حدادا.

وبعد ذلك، أعلن أنه سيحضر جنازته وقال “سأذهب مع ميلانيا إلى جنازة البابا فرنسيس في روما”.

وأرسل العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان الإثنين برقيتي “تعزية” في وفاة البابا فرنسيس، على ما أفاد الإعلام الرسمي.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) بيانا مقتضبا عن الديوان الملكي جاء فيه أنّ الملك سلمان والأمير محمد أرسلا “برقيتي عزاء في وفاة البابا فرنسيس رئيس دولة الفاتيكان”.

وكتب نجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي على إنستغرام عن فرنسيس أنه كان “بابا مختلفا وقريبا… ارقد بسلام البابا فرنسيس”.

– “كسر حواجز” –

وفي إثنين الفصح، وهو أهمّ الأعياد عند المسيحيين وفي خلال “سنة اليوبيل المقدّسة” للكنيسة الكاثوليكية، علم كثيرون بوفاة الحبر الأعظم عبر هواتفهم المحمولة.

في روما، قال فابيو مالفيزي (66 عاما) “هذا بابا عظيم رحل. غيّر أمورا كثيرة وكسر حواجز”.

وفي غزة، أقرّ إبراهيم الترزي (33 عاما) من حي الرمال بأنه “خبر صادم يدمي قلوب كل المسيحيين في غزة وفلسطين ومحبي السلام في العالم”.

وفي بوينوس آيرس، مسقط رأس خورخيه بيرغوليو الذي اختار اسم فرنسيس لحبرتيه، قال خوان خوسيه روي، وهو متقاعد في السادسة والستين من العمر “إنه أمر صعب حقا، فإن الشخص الذي كان يهتمّ بالأكثر عوزا رحل عنا وتركنا وحيدين”، مشيرا إلى أن “الأمر الوحيد الذي يعزّيني هو أنه تسنّى له أن يودّع العالم بالأمس خلال عيد الفصح”.

في باريس، قرعت أجراس كاترائية نوتردام 88 مرة منذ الساعة 11,00 بالتوقيت المحلي تحية للبابا الراحل.

وأصرّ البابا الذي كان يستخدم كرسيا متحركا على اتبّاع وتيرة عمل مكثّفة رغم تحذيرات أطبائه، إذ كان وضعه الصحي آخذا في التدهور، وكان يعاني مشاكل في الورك، وآلاما في الركبة، وأجريت له عمليات جراحية، وأصيب بالتهابات في الجهاز التنفسي، وكان يضع سمّاعة.

ويلحظ دستور الفاتيكان حدادا رسميا على البابا لمدة تسعة أيام، ومهلة تراوح بين 15 و20 يوما لتنظيم المجمّع الذي ينتخب خلاله الكرادلة الناخبون الذين اختار البابا فرنسيس نفسه نحو 80 في المئة منهم، البابا الجديد.

وكشف البابا فرنسيس أواخر العام 2023 أنه يريد أن يُدفن في كنيسة سانتا ماريا ماجوري في وسط روما، وليس في سرداب كنيسة القديس بطرس، وهو ما سيكون سابقة منذ أكثر من ثلاثة قرون.

وأصدر الفاتيكان في تشرين الثاني/نوفمبر طقوسا مبسّطة للجنازات البابوية، من أبرزها استخدام تابوت بسيط من الخشب والزنك، بدلا من التوابيت الثلاثة المتداخلة المصنوعة من خشب السرو والرصاص والبلوط.

وخلال حبريته التي امتدت 12 عاما، دافع أول بابا يسوعي وأميركي جنوبي في التاريخ، من دون هوادة، عن المهاجرين والبيئة والعدالة الاجتماعية من دون أن يمسّ بعقيدة الكنيسة في شأن الإجهاض أو عزوبية الكهنة.

– إصلاحات متعددة –

مع تزايد تعرّضه لوعكات صحية، تصاعد الحديث عن إمكان تنحّيه، على غرار ما فعل سلَفه بنديكتوس السادس عشر.

وسبقَ للبابا الذي يُعَدّ الزعيم الروحي لنحو 1,4 مليار كاثوليكي في العالم أن أمضى فترتين في المستشفى عام 2023، أُجريَت له خلال إحداهما عملية جراحية كبرى في الأمعاء، واضطر في الأشهر الأخيرة إلى صرف النظر عن مجموعة من الارتباطات. وكان أزيل جزء من رئته اليمنى بعدما أصيب بالتهاب حاد في الواحدة والعشرين من العمر.

وكان جدول أعمال البابا فرنسيس، هاوي الموسيقى وكرة القدم الذي لا يستسيغ العطلات، يحفل غالبا بنحو عشرة مواعيد في اليوم. وقام برحلة في أيلول/سبتمبر، كانت الأطول له خلال حبريته، إذ استمرت 12 يوما وشملت جنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا.

وشجب البابا الذي انتخب في 13 آذار/مارس 2013، باستمرار كل أشكال العنف، من الاتجار بالبشر إلى كوارث الهجرة، مرورا بالاستغلال الاقتصادي.

ودعا البابا المعارض بشدّة لتجارة الأسلحة، إلى السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وكان هذا السياسي البارع ذو المواقف الجريئة، عازما على إدخال إصلاحات على الكوريا الرومانية، أي الحكومة المركزية للكرسي الرسولي، ومصمما على تعزيز دور النساء والعلمانيين فيها، وعلى تطهير مالية الفاتيكان التي هزتها شبهات وفضائح.

ولم يتردد حيال مأساة الاعتداءات الجنسية على الأطفال في الكنيسة، في إلغاء السر البابوي في شأنها، وألزم رجال الدين والعلمانيين بإبلاغ رؤسائهم عن أي حالات من هذا النوع، لكن خطواته لم تنجح مع ذلك في إقناع جمعيات الضحايا التي أخذت عليه عدم اتخاذه إجراءات أبعد من ذلك.

– “الأطراف” –

وبرز البابا فرنسيس المتمسك بالحوار بين الأديان خصوصا مع الإسلام، بدفاعه إلى أقصى حدّ عن كنيسة “منفتحة على الجميع”.

وعرف بأسلوبه القريب من الناس ما أكسبه شعبية كبيرة، إذ كان مثلا يتمنى للمؤمنين “شهية طيبة” كل يوم أحد في ساحة القديس بطرس. وتعرّض لانتقادات شديدة من معارضيه المحسوبين على التيار المحافظ الذين رأوا أنه يبتعد عن المبادئ التقليدية للكنيسة واعتبروا أن أسلوبه في الإدارة سلطوي.

وواجه البابا معارضة داخلية حادة بسبب وضعه قيودا على القداس اللاتيني والسماح بمباركة أزواج من المثليين.

كذلك اتهم البعض فرنسيس بالمبالغة في التخفيف من مكانة منصب البابا بأسلوبه الخارج عن المألوف، كتفضيله مثلا الإقامة في شقة متواضعة من غرفتين بمساحة 70 مترا مربعا على السكن في القصر الرسولي الفخم. وقد توفي في هذه الشقة على ما قال الفاتيكان.

وأعاد البابا السادس والستون بعد المئتين الذي اهتم أكثر خلال حبريته ب”الأطراف” في العالم، توجيه النقاشات داخل الكنيسة، كما فعل في رسالته العامة البيئية والاجتماعية “كُن مسبّحا” (Laudato si) الصادرة عام 2015، إذ كانت بمثابة مرافعة في شأن تمويل جهود الحفاظ على البيئة.

كمك/ب ح-رض-م ن-الح/لين

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية