The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

أقارب ضحايا سريبرينيتسا ينشدون السلام بعد ثلاثة عقود على المذابح

afp_tickers

أخيرا، عُثر رسميا على سيداليا أليتش وحسيب عمروفيتش وسيتم دفنهما الجمعة بجوار آلاف الضحايا الآخرين الذين قتلوا قبل 30 عاما بالضبط في الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا، مع العلم أنّ أحباءهما لن يدفنوا سوى عظمة أو اثنتين فقط، على أمل أن يكون ذلك كافيا لمنح السلام للموتى والأحياء على السواء.

كان الرجلان بين أكثر من ثمانية ألف رجل وفتى مسلم قُتلوا على يد قوات صرب البوسنة بعد استيلائها على المدينة في 11 تموز/يوليو 1995، في واحدة من أسوأ الفظائع التي شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبحسب السلطات، لا يزال حوالى ألف شخص من ضحايا المجازر في عداد المفقودين.

وقالت ميرزيتا كاريتش عن والدها سيداليا أليتش، بابتسامة “كان الجميع يُطلقون عليه اسم +بركو+ (“شارب”). لم أره يوما حليق الشارب. كم كان ساحرا!”.

في كانون الأول/ديسمبر 1993، بعد أكثر من عام من اندلاع الحرب العرقية في البوسنة، كان “بركو” وابنته التي كانت تبلغ 18 عاما آنذاك، آخر من فرّوا من قريتهم ياغودنيا في منطقة سريبرينيتسا، تحت نيران قوات صرب البوسنة.

قالت كاريتش، البالغة حاليا 50 عاما “كان الثلج يتساقط، ولم يكن هناك ما يدفئني سوى الجوارب. كلٌّ منا كان يحمل كيس حبوب يزن خمسين كيلوغراما على ظهره، وتوجهنا إلى سريبرينيتسا”.

وأعلنت الأمم المتحدة المدينة المنكوبة “منطقة محمية”، ما استقطب عشرات الآلاف من المسلمين الذين كانوا يأملون في إيجاد ملجأ. لكنهم حوصروا في المكان.

مطلع العام 1994، سلكت كاريتش طريق النزوح مرة أخرى، بعد إجلائها من سريبرينيتسا في قافلة للصليب الأحمر مع والدتها وزوجة أخيها الحامل.

وبقي في المدينة والدها المريض وشقيقها سيدين.

قالت كاريتش المقيمة في السويد منذ عام 1998، لوكالة فرانس برس “أخذني والدي بين ذراعيه وبدأ بالبكاء. قال لي: سنلتقي مجددا يوما ما. لا تزال كلماته ترن في أذنيّ. لم أره مرة أخرى، ولم أرَ أخي أيضا”.

وها هي تعود الآن إلى البوسنة لتحضر الجمعة جنازة والدها الذي سيكون الفرد الخمسين من عائلتها الذي يُوارى في مقبرة بوتوكاري التذكارية إلى جانب أعمامها الخمسة وأبنائهم الخمسة.

دُفن شقيقها سيدين الذي كان يبلغ 22 عاما عند مقتله، سنة 2003.

– “عظمة واحدة” –

قالت كاريتش التي سمّت ابنها تيمنا بوالدها “لقد تحمّلتُ كل شيء، لكنني أعتقد أن هذه الجنازة ستكون الأسوأ. سندفن عظمة واحدة. لا أستطيع وصف الألم”.

لم يُعثر إلا على الفك السفلي لوالدها في المقابر الجماعية حيث نقلت قوات صرب البوسنة جثث الضحايا بعد أشهر من المذبحة في محاولة للتستر على الجريمة.

قال خبراء إن أجزاء كثيرة من رفات الضحايا طُحنت باستخدام آلات ثقيلة، ما لم يترك لخبراء الطب الشرعي في كثير من الأحيان سوى بضع عظام لتحديد هوية الضحايا من خلال اختبار الحمض النووي.

سيُوضع عظم الفك في نعش حسيب عمروفيتش الذي يُدفن الجمعة.

وقالت زوجته ميفليدا عمروفيتش “بعد ثلاثين عاما، لم يعد لديّ ما أنتظره”.

وأضافت الزوجة البالغة 55 عاما “من الأفضل دفنهما، حتى لو اقتصر ذلك على عظمتين فقط، لأتمكن من زيارة قبره مع الأبناء”.

وأضافت أن حسيب عمروفيتش وشقيقه احتُجزا معا، وربما أُعدما في أحد مواقع الإعدام الجماعي الخمسة الرئيسية في منطقة سريبرينيتسا. وكان عمره 33 عاما.

انفصلت العائلة في 11 تموز/يوليو 1995، عندما غادرت ميفليدا عمروفيتش مع ابنتهما البالغة تسع سنوات وابنهما البالغ ست سنوات إلى قاعدة الأمم المتحدة.

ودّع حسيب وميفليدا الواحد الآخر في الشارع.

وتستذكر ميفليدا والدموع تنهمر من عينيها في منزلها الحالي في سريبرينيك بشمال شرق البوسنة “كل ما قاله لي هو +اعتني بطفلينا جيدا+. كانت تلك كلماته الأخيرة”.

وتقول “عندما أنظر إلى ولديّ، أراه من خلالهما. كان في أحلى سنوات عمره، وسيما كالوردة، وذكيا. لكن لا مفرّ من القدر”.

– “كنا سعداء” –

لن تحضر شقيقة حسيب جنازته، إذ إنها توفيت قبل أسبوع.

وتقول ميفليدا عمروفيتش “قُتل أبناؤها الثلاثة وزوجها وشقيقاها. فقدت جميع رجالها. لم يعد قلبها يحتمل”.

لا تزال هذه المرأة تأمل في العثور على رفات شقيقها الآخر سيناد الذي كان عمره 17 عاما عندما قُتل في الغابات المحيطة بسريبرينيتسا.

مع صورة شقيقها في يد وصورة زوجها في اليد الأخرى، استذكرت ميفليدا عمروفيتش حياتهما قبل الحرب ببريق في عينيها الزرقاوين.

كان الزوجان قد شيّدا منزلا للتو. وكان حسيب يعمل في منجم كبير للبوكسيت (الخام الطبيعي الذي يصنع منه معظم معدن  الألومنيوم)، حيث كان يتولى صيانة الآلات، وعملت ميفليدا في بقالة بالقرية.

وتقول “كان ذا روح طيبة، ولطيفا مع الجميع. كان لديه العديد من الأصدقاء الصرب الذين يُكنّون له الاحترام (قبل الحرب)، وظننتُ أن ذلك سيُنقذه”.

وتضيف “كنا نتبادل الحب والاحترام. كنا سعيدين. هذه أعظم ثروة. يُمكن للمرء أن يشتري كل شيء، لكن لا يُمكنه أن يُشتري السعادة. ومع ذلك، فالسعادة لا تستمر طويلا. كل شيء جميل لا يستمر طويلا”.

روس/جك/ب ق

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية