The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

سويسرا ومنظمة الأمن والتعاون … تحديات الحاضر وسيناريوهات المستقبل؟ 

توماس غريمينغر

أصبحت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مجرد ظل لما كانت عليه سابقًا. وستتولى سويسرا رئاسة المنظمة في العام المقبل، مما يتطلب منها الاستعداد لسيناريوهات مختلفة تمامًا، كما يشير الأمين العام السابق، توماس غريمينغر.

تشهد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا استقطابا شديدا منذ سنوات.  فبينما تواصل البعثات الميدانية في غرب البلقان وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى القيام بعمل مثمر، ويشمل ذلك الاستشارات، وعمل مراكزها المتخصصة في حقوق الإنسان، وسيادة القانون والديمقراطية (BIDDH)، والأقليات الوطنية (HCNM)، وحرية وسائل الإعلام (RFOM)، تُعاني منصات الحوار التابعة للمنظمة من حالة جمود، إذ هي لا تلعب أي دور في إدارة الصراع في أوكرانيا، وقد اختفت من من قائمة الفاعلين السياسيين الرئيسيين في مجال الأمن الأوروبي الأطلسي.    

 من المحتمل جدا أن يكون هذا هو الطابع المهيمن للمنظمة التي ستتحمل سويسرا مسؤوليتها السياسية العام المقبل، ما  يعني أنّ هامش المناورة السياسية سيكون محدودًا للغاية، وستتمثّل المهمة، في المقام الأوّل، في ضمان بقاء المنظمة في انتظار أيام أفضل.   

في مثل هذا الوضع، لن يكون من الممكن تحقيق إنجازات كبيرة في مجال السياسة الخارجية. ولكن حتى في مثل هذا السيناريو، مع التحضير الجيد والدبلوماسية الذكية، سيكون من الممكن إجراء إصلاحات مؤسسية متواضعة وتوجيه الجهود إلى قضايا محددة. وأشير هنا إلى مكافحة التضليل الإعلامي، والأمن السيبراني، أو العلاقة بين التقنيات الجديدة (الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والتكنولوجيا الحيوية) والأمن.

هل يمكن لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن تصبح فاعلا رئيسيا مجددا؟ 

إن ما يجعل التحضير لرئاسة سويسرا الثالثة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بعد عامي 1996 و2021، صعبا للغاية، هو حالة عدم اليقين المميّزة لتطورات البيئة السياسية. فإذا انتهت الحرب في أوكرانيا خلال الأشهر المقبلة، فستتاح لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا الفرصة، ربما بجهد مشترك مع الأمم المتحدة، للاضطلاع بدور في مراقبة وقف إطلاق النار. وإذا نجح ذلك، فستجد المنظمة نفسها مجددا لاعبا رئيسيا في مجال الأمن الأوروبي. 

إن وقف إطلاق النار المقترن باتفاق على مبادئ حل النزاعات، من شأنه تهيئة الظروف المسبقة اللازمة لاستكمال الردع العسكري، ببعض عناصر الأمن التعاوني في النظام الأمني الأوروبي. وفي هذه الحالة، ينبغي الإسراع بوضع آليات للحد من المخاطر العسكرية، وتدابير بناء الثقة والأمن من أجل استقرار خط التماس الطويل للغاية بين روسيا والغرب. وفي أوروبا المسلحة بشدة، ينبغي أيضًا إعادة التفاوض بسرعة بشأن مراقبة الأسلحة التقليدية. 

وأما في المجال المدني (غير العسكري)، سيكون على هذه المنظمة مراقبة الانتخابات، والعمل من أجل ضمان حقوق الأقليات، واستعادة مكانة حرية الإعلام في سياق ما بعد الصراع. وبصفتها المنظمة الأمنية الأوروبية الأكثر شمولا، تتمتع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بخبرة واسعة وأدوات مناسبة في جميع هذه المجالات.  

ويتمثل التحدي الذي يواجه الرئاسة السويسرية، في تفعيل أدوات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على المستوى السياسي في الوقت المناسب، وضمان قدرة المنظمة على توفيرها عند الحاجة. وهاتان المهمتان صعبتان؛ نظرا لتهميش المنظمة سياسيًّا، ومواردها المحدودة للغاية.  

قد تتمثل إحدى الحلول في البحث عن تحالفات جديدة بين الدول غير المستعدة للانضمام إلى القطبين. وقد أثبت هذا النموذج فعاليته بالفعل في إطار مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا؛ فقد نجحت الدول المسمّاة N+N، أي الدول المحايدة وغير المنحازة، دائمًا في لعب دور الوسيط بين القوى الكبرى.  

توقع سيناريوهات مختلفة 

لذلك، يجب على السياسة الخارجية السويسرية الاستعداد لواقع مختلف تماما. ويتطلب الأمر استشرافا استراتيجيا وتوقعا دقيقا؛ يجب النظر في الخيارات السياسية لمختلف السيناريوهات. ويتطلب المستقبل غير الواضح استعدادا أفضل، في جميع الجوانب القابلة للتخطيط.  

وقد أكدت تجاربنا خلال رئاسة عام 2014 هذا، عندما نجحنا في نهاية المطاف بشكل غير متوقع، في إدارة الأزمة في أوكرانيا وما حولها. وقد اتضح مدى أهمية اتخاذ قرارات سريعة في برن، وفيينا من أجل الاستجابة بمرونة للتطورات، وتعبئة الاحتياطيات عند الضرورة.  

لذلك، من الممكن تمامًا أن تكون رئاسة بلدنا لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في عام 2026، أمرًا شاقًا للغاية. ولكن حتى في هذه الحالة، يُتوقع من سويسرا الالتزام باستمرار بتعزيز دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والعناصر المتبقية للأمن التعاوني فيها.  

ولكن، قد يكون هناك احتمال آخر: كأن تفتح التطورات في أوكرانيا آفاقًا جديدة لإعادة بناء الأمن الأوروبي. وتمتلك سويسرا، بصفتها رئيسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أدوات مهمّة للمساهمة في تشكيل هذه العملية، وهي فرصة يجب اغتنامها. 

المزيد

ترجمة: ماجدة أبو عزة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية