مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اتفاق تاريخي برعاية سويسرية

وزيرة الخارجية السويسرية ورئيس اللجنة الدولية للصليب يشاركان رئيسي جمعية الاسعاف الاسرائيلية والفلسطينية توقيع اتفاق التفاهم Keystone

وقعت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وجمعية نجمة داود الإسرائيلية اتفاق تفاهم في جنيف برعاية سويسرية يسمح بتحديد المجال الجغرافي لعمل كل من المنظمتين الإنسانيتين.

الاتفاق الذي تم قبل أسبوع من انعقاد المؤتمر الدبلوماسي لحركة الهلال والصليب الأحمر قد يمهد الطريق أمام اعتماد شارة ثالثة في شكل ماسة حمراء تستعملها الدول التي لا تعترف بالهلال او الصليب.

كانت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي محقة في كلمتها أثناء حفل توقيع اتفاق تفاهم في جنيف صبيحة يوم الاثنين الثامن والعشرين نوفمبر بين رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور يونس الخطيب، ونظيره الإسرائيلي نوعام إيفراح رئيس جمعية نجمة داود، عندما وصفتهما ” ببطلي هذا اليوم”.

لأن الاتفاق المبرم بين الجمعيتين يزيل إحدى أكبر العقبات التي كانت تقف في وجه عقد المؤتمر الدبلوماسي لحركة الهلال والصليب الأحمر الذي دعت إليه سويسرا في الخامس ديسمبر من أجل اعتماد شارة ثالثة في شكل ماسة حمراء تضاف إلى شارة الهلال والصليب الأحمر وتستخدم من قبل الجمعيات التي لا تعترف بالشارتين السابقتين.

فقد كانت الدول الإسلامية تعترض بشكل أو بآخر على عقد المؤتمر بذريعة أن الظروف غير ملائمة لعقده. ولاشك أن إبرام الجمعيتين المعنيتين لاتفاق تفاهم يحدد بالخصوص الحيز الجغرافي المخصص لنشاط كل منهما ، ينظر له على أنه إزالة لإحدى أكبر العقبات في وجه اعتماد الشارة الثالثة التي تسمح لحركة الإسعاف الإسرائيلية وغيرها من الجمعيات غير المعترف بها بالانضمام إلى حركة الهلال والصليب الأحمر.

اعتراف متبادل

اتفاق التفاهم الموقع بين جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية ونجمة داود الإسرائيلية يحدد في بنده الأول ” أن نجمة داود وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بإمكانهما القيام بنشاطاتهما وفقا للإطار القانوني المطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل إسرائيل في عام 1967 بما في ذلك معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في وقت الحرب”.

وتنص المادة الثانية منه بالخصوص على الاعتراف بصلاحيات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ” على أنها الجمعية الوطنية المرخص لها بالعمل في الحيز الجغرافي … وأن على كل جمعية احترام الإطار القانوني للجمعية الأخرى والعمل وفقا لمعايير وبنود حركة الهلال والصليب الأحمر”.

أما البند الثالث الذي يحدد صلاحيات كل جمعية بعد اعتماد الشارة الثالثة من قبل المؤتمر الدبلوماسي القادم في الخامس ديسمبر، فينص بالخصوص ” على أن جمعية داود الإسرائيلية لن تعود لها صلاحية الاستعمال خارج نطاق الحدود المعترف بها دوليا لإسرائيل. وفي حال اضطرار جمعية للعمل خارج نطاقها الجغرافي عليها الحصول على موافقة مسبقة من الجمعية الأخرى وفقا للقرار رقم 11 من مؤتمر عام 1921.

وقد ارفق اتفاق التفاهم وفقا للبند السادس منه بمجموعة من التعهدات والالتزامات التقنية من بينها : التزام جمعية نجمة داود بالترويج لمطالب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لدى السلطات الإسرائيلية، وتسهيل حركة تنقل سيارات الإسعاف الفلسطينية بما في ذلك فتح ممرات سريعة لمرورها عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية والسماح بتمركز سيارات إسعاف فلسطينية في مستشفى الولادة بالقدس الشرقية إضافة إلى تعزيز الاتصال والتكوين والتعاون بين الجمعيتين بما في ذلك في مجال بنك الدم.

آمال الفلسطينيين من وراء الاتفاق

تحديد الحيز الجغرافي لعمل كل من الجمعيتين الإنسانيتين الفلسطينية والإسرائيلية ضمن الحدود المعترف بها دوليا لكل من إسرائيل وفلسطين، يرى فيه رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني السيد يونس الخطيب ” أنه يحدد الولاية الجغرافية للهلال الأحمر الفلسطيني كما حددتها الشرعية الدولية بالأراضي المحتلة عام سبعة وستين وبالتالي رسم الحدود الجغرافية لكل جمعية من الجمعيتين مع احترام الجانب الإسرائيلي لمجال نشاط جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وقطاع والقدس الشرقية”.

كما يرى كعامل في الميدان الإنساني أن الجانب المهم الآخر ” هو تسهيل عملية نجدة المرضى والجرحى الفلسطينيين” ، خصوصا وأن هناك حديثا عن ممرات سريعة لسيارات الإسعاف الفلسطينية وتسهيل عملية نقل المرضى والجرحى للمستشفيات الإسرائيلية عند الضرورة وبعد الاتفاق مع جمعية نجمة داود.

لكن حتى ولو اعتبر السيد الخطيب أن هذا الاتفاق لا علاقة مباشرة له بالمؤتمر الدبلوماسي فإنه ذكر ” بأن معارضتنا للاعتراف بنجمة داود ضمن الحركة الدولية لم يكن بسبب الشارة بل لكونها لم تعترف بالقانون الإنساني الدولي وبالعمل ضمن هذا الإطار وبحق جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في العمل ضمن الولاية الجغرافية لها” .

الفائدة ليست فقط في الخطب والتوقيعات

اتفاق التفاهم بين الجمعيتين الإسرائيلية والفلسطينية ترى فيه العديد من الأطراف ” اتفاقا تاريخيا”. ولكن الجانب الفلسطيني الذي عايش الكثير من الاتفاقات التاريخية التي لم يكتب لها أن تطبق على أرض الواقع يعقد آمالا كبرى على إشراك كل من السلطات السويسرية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر في عملية الإشراف على تطبيق بنود الاتفاق.

وهذا ما قالت بشأنه وزيرة الخارجية السويسرية السيدة ميشلين كالمي راي في رد على سؤال لسويس إنفو ” لقد قبلت سويسرا المشاركة في عملية مراقبة تطبيق الاتفاق لأن الفائدة ليست في إلقاء الخطب الرنانة والتوقيع على الاتفاقات بل في تطبيقها على أرض الواقع”.

أما رئيس جمعية نجمة داود الإسرائيلية نوعام إيفراح فشدد على ” أن الجمعيتين طلبتا من الحكومة السويسرية المشاركة في عملية الإشراف” مضيفا ” بأن الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية تنظران بعين راضية للمساعي الحميدة ولحياد الحكومة السويسرية في الإشراف على تطبيق بنود الاتفاق”.

ويرى رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني السيد يونس الخطيب أن الآمال معقودة على تطبيق بنود الاتفاق مذكرا بالعديد من الاتفاقات والبروتوكولات التي لم تطبق. لكنه شدد على المطالبة ” بتولي سويسرا إلى جانب اللجنة الدولية والاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر لعملية مراقبة تطبيق بنود الاتفاق وتقديم التقارير الدورية حول مدى احترام بنوده”.

وبموجب اتفاق التفاهم هذا على سويسرا أن تقدم تقريرا للمؤتمر الدبلوماسي المزمع عقده في الخامس ديسمبر في جنيف بحضور البلدان ال 192 الأعضاء في حركة الهلال والصليب الأحمر والذين عليهم اعتماد البروتوكول الثالث الخاص بإضافة شارة ثالثة.

وتعلق سويسرا آمالا كبرى على رؤية بلدان في المنطقة مثل سوريا تقدم على نفس الخطوة. وكما أوضحت وزيرة الخارجية السويسرية في رد على سؤال بخصوص احتمال استمرار سوريا في معارضة اعتماد البروتوكول الثالث مما يضطر إلى اللجوء إلى التصويت ” أملنا في أن يتوصل المؤتمر الدبلوماسي إلى اعتماد البروتوكول بالإجماع”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية