اختفاء الأطفال: سويسرا تتجه لاعتماد نظام إنذار فوري

صادق مجلس النواب السويسري على مذكرة تدعو الكنفدرالية إلى إقامة نظام إنذار سريع لحالات اختطاف الأطفال القصّـر.
وفي مرحلة أولى، سيعتمد النظام بالأساس على الرسوم والصور المُـرسلة عن طريق الهواتف الجوالة.
في صيف هذا العام، أثار مقتل الصغيرة إلينيا في شرق سويسرا، موجة من التأثر والصدمة في كافة أنحاء البلاد، أدّت إلى نتائج سياسية ملموسة.
فقد صادق مجلس النواب يوم الأربعاء 3 أكتوبر بالإجماع على مذكرتين تقترحان إنشاء نظام إنذار في حالة اختفاء أطفال، بالاعتماد على الهواتف الجوالة وإشراك الجمهور في الجهود الرامية للعثور على الأطفال المفقودين.
وقالت النائبة فريني هوبمان، “إن نظاما من هذا القبيل قد اعتُـمد بنجاح في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا”، مضيفة بأن أكثر من 90% من سكان سويسرا لديهم هواتف جوالة، وهو ما يجعل منها أداة ناجعة لإشراك الجمهور في نظام الإنذار.
ويؤمِّـل المقترح، الذي سينظر فيه مجلس الشيوخ في وقت لاحق، أن يتاح استعمال وسائل الإعلام الإلكترونية والإنترنت، إضافة إلى الشاشات العملاقة في محطات القطار والمطارات وفي المراكز الحدودية وعلى الطرقات السيارة.
استعداد حكومي
من جهتها، أبدت الحكومة الفدرالية استعدادها للسير خطوة أخرى إلى الأمام، شريطة اتخاذ السلطات المحلية في الكانتونات، ذات الصلاحية في هذا المجال، للقرارات اللازمة.
ومن المقرر أن يعقد وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر جلسة تقييمية مع المسؤولين عن العدل والشرطة في الكانتونات يومي 15 و16 نوفمبر القادم.
وفيما عبّـر الوزير عن الأمل في اتخاذ قرار بهذا الخصوص في ربيع عام 2008، أعلنت الحكومة أنها ستنظر في المطالب والمقترحات الواردة في المذكرتين، متعاونة بشكل وثيق مع السلطات المحلية، التي ستتحمل مسؤولية إطلاق الإنذارات.
بث المعلومة فورا وبكثافة
طبقا لما ورد في نص إحدى المذكرتين، سيتوجب على الكانتونات “السماح برد فعل سريع ومنسّـق، وخاصة في شكل بث مكثف وفوري ومنهجي لرسائل ومعلومات تدعو إلى اليقظة وإلى التعاون من طرف السكان”.
من جهة أخرى، يتوجّـب على الحكومة الفدرالية النظر في إمكانيات التعاون الدولي، وفي هذا السياق، اتفق وزراء العدل في الاتحاد الأوروبي يوم 2 أكتوبر الجاري على إقامة نظام إنذار أوروبي “مَـرِنٍ ومحدود جغرافيا” يكون مكمِّـلا للتعاون القائم بين الدول الأعضاء.
في المقابل، قال الوزراء الأوروبيون إن الإنذارات ستكون مُـقتصرة على الحالات الأكثر خطورة وأنها لن تُـرسل بشكل آلي إلى جميع الدول الأعضاء الـ 27.
المذكرة البرلمانية الثانية كانت أكثر تدقيقا، حيث منحت الأولوية للإنذار عن طريق بث الصور الفوتوغرافية عبر الهواتف الجوالة (في شكل رسائل إلكترونية قصيرة MMS)، وحسبما ورد في النص، تكلَّـف الحكومة الفدرالية باقتراح قانون أو أي إجراء آخر يتيح بث رسالة إنذار من هذا القبيل، من طرف شركات الاتصالات لجميع مستعملي شبكة الهاتف الجوال في منطقة جغرافية محددة.
نظام الإنذار هذا سيتمثل في توجيه رسالة إلكترونية قصيرة – – بأمر من الشرطة وعن طريق شركات الاتصالات – تتضمن صورة الطفل المفقود ووصفا له ورقم هاتف يُـمكن الاتصال به، وسيتم بث الإنذار في منطقة محددة، تبعا للمسافة التي يُـحتمل أن تكون قد قُـطِـعت، انطلاقا من ساعة ومكان اختفاء الطفل.
ويُـشكّـل الإنذار عن طريق الرسائل الإلكترونية القصيرة MMS، أولوية مطلقة في إطار خطة شاملة مستقبلية، تحمل اسم “إنذار باختطاف” مماثلة لما يجري العمل به في بلدان أخرى.
نماذج فرنسا والولايات المتحدة
في فرنسا، على سبيل المثال، تم العثور مؤخرا على طفل صغير اختفى في بلدة روباي، سالما ومعافى، بعد ساعات قليلة من إطلاق الإنذار.
ويقول النائب ديديي بورخالتر، متحدثا باسم لجنة الشؤون القانونية في مجلس النواب، “إن هذا النظام ليس ضمانة ضد جميع المخاطر، لكنه يتيح فرصة إضافية لإنقاذ حياة أطفال. ففي الولايات المتحدة، وفي ظرف 10 أعوام، أمكن العثور على 140 طفل بفضل هذا النظام”.
الإجراءات المعتمدة في فرنسا تمّ استنساخها من المثال الأمريكي، وقد تم اللجوء إليها أربع مرات منذ بدء العمل بها في فبراير 2006، انتهت كلها بنتائج إيجابية.
وتتمثل العملية في إطلاق إنذار مكثف عن طريق الراديو والتلفزيون وعلى الشاشات العملاقة في محطات القطار والطرق السيارة، لتجنيد السكان للبحث عن طفل مختطف وعن خاطفه المحتمل.
سويس انفو مع الوكالات
منذ فترة، يوجد نظام إنذار في حالة اختطاف أطفال في عدد من البلدان الغربية. فقد اعتمدت الولايات المتحدة نظامها في عام 1996، أما فرنسا واليونان والبرتغال، فلم يبدأ العمل به إلا في عام 2006.
نظام الإنذار يتيح إمكانية بث سريع جدا على كامل التراب الوطني، معلومات دقيقة بشأن عملية اختطاف محتملة.
أظهرت دراسة أنجِـزت في الولايات المتحدة في عام 1993 أن الساعات الأولى التي تلي عملية اختطاف، تكون حاسمة. فمن بين 621 عملية اختطاف انتهت باغتيال، قُـتِـل الطفل في الساعة الأولى في 44% من الحالات، وبلغت هذه النسبة 74% في الساعات الثلاث الأولى، ووصلت إلى 91% من الحالات في الساعات الأربع والعشرين الموالية للحظة الاختطاف.
في الصيف المنقضي، اهتزت سويسرا لمقتل الطفلة إيلينيا (5 سنوات ونصف)، التي اختفت يوم 31 يوليو فيما كانت تغادر مسبح مدينة أبّـنزل. وبعد وقت قليل، تم العثور على بعض أغراضها في غابة تبعُـد 30 كلم عن الموقع الذي اختفت فيه.
في نفس الغابة، تم العثور على جثة رجل منتحر في اليوم الموالي، وعُـثر في شاحنته الصغيرة على أغراض أخرى للطفلة إيلينيا.
أخيرا، تم العثور على جثة الطفلة في نفس الغابة بعد مرور 47 يوما، أثناء عملية تفتيش نظمها مواطنون عاديون، وقالت السلطات إن جسدها لم تكن عليه آثار عنف أو انتهاكات جنسية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.