
بعد وفاة إحدى ابنتيها بسوء التغذية.. فلسطينية تتمسك بالأمل في إنقاذ طفلتها الثانية

من محمود عيسى
مدينة غزة (رويترز) – كانت نسمة عياد تداعب شعر ابنتها التي أصابها الهزال وهدها التعب على سرير بأحد مستشفيات مدينة غزة، وفي داخلها صراع بين الرجاء في إجلائها طبيا قبل فوات الأوان والخوف من نفاد الوقت ومن أن تلقى مصير أختها التي ماتت في الشهر الماضي.
تشعر نسمة بأنها تفقد ابنتها، ولكنه فقد بالتدريج وتقول “شوية شوية أنا بحس إني بفقد بنتي على البطيء… يوم عن يوم إشي عندها بيتضاعف”.
ويقول عاملون في المجال الطبي ووكالات إنسانية إن علاج الأطفال الفلسطينيين الذين أصبحت حالتهم أشد تعقيدا بسبب سوء التغذية في قطاع غزة بات الآن أكثر صعوبة مع شُح الإمدادات الطبية ومحدودية توفر الغذاء.
وتلقت الطفلة جنى العلاج من سوء التغذية العام الماضي في عيادة تابعة للهيئة الطبية الدولية بمدينة دير البلح في وسط قطاع غزة بعد أن هجمت على جسدها علامات الضعف وتأخر النمو.
ورغم تحسن الحالة، تقول نسمة إن ابنتها أصابتها انتكاسة بسبب الانقطاع المتكرر للخدمات الصحية وتفاقم نقص الغذاء نتيجة لسيطرة القوات الإسرائيلية على كافة مداخل غزة واستمرار القتال مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
ويبلغ وزن جنى 11 كيلوجراما فقط وتعاني من مشكلات في الرؤية والنطق والوقوف.
وقالت سوزان معروف، وهي أخصائية تغذية علاجية في مستشفى جمعية أصدقاء المريض الخيري “بيصير عندها ما يعرف باحتباس السوائل يعني أطراف الجسم والجسم بيتنفخ ويعبي مياه على الفاضي بسبب نقص البروتين ونقص الأغذية”.
وتوفيت جوري، شقيقة جنى، في 20 يوليو تموز. وقالت والدتها إن الطفلة كانت تعاني من مشكلات في الكلى تفاقمت بسبب سوء التغذية.
ودفعت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة مرصدا عالميا للجوع إلى التحذير يوم الثلاثاء الماضي من أن أسوأ السيناريوهات وهو حدوث المجاعة “يتكشف” الآن، مطالبا باتخاذ إجراءات فورية لتجنب انتشار الموت على نطاق واسع. وأثارت صور الأطفال الفلسطينيين الذين أنهكهم الجوع صدمة الكثيرين حول العالم.
وذكرت السلطات الصحية في غزة أن أعدادا متزايدة من الأشخاص يلقون حتفهم لأسباب تتعلق بالجوع. وبلغ إجمالي الوفيات حتى الآن 156 حالة، من بينهم 90 طفلا توفي معظمهم خلال الأسابيع القليلة الماضية.
كانت نسمة تأمل في إجلاء ابنتيها إلى بر الأمان لتلقي العلاج خارج قطاع غزة. وكان مسؤولون في قطاع الصحة أدرجوا اسميهما ضمن قائمة المرضى المحتاجين للإجلاء في سبتمبر أيلول الماضي.
لكن عمليات الإجلاء لم تحدث أبدا. ورغم أن الأوان قد فات بالنسبة لجوري، فإن قلب الأم لا يزال معلقا بخيط الأمل مهما كان ضعيفا في إنقاذ جنى.
وأضافت “أنا باناشد إنه يتم تحويل جنى في أسرع وقت عاجل لعلاجها خارج البلد”.
ومع تصاعد الغضب الدولي إزاء ما يجري في غزة، أعلنت إسرائيل في مطلع هذا الأسبوع عن خطوات لتسهيل دخول المساعدات. لكن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قال يوم الثلاثاء إنه لا يزال غير قادر على الحصول على التصاريح اللازمة لإدخال مساعدات كافية.
وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة حركة حماس بسرقة المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة. كما تتهمان الأمم المتحدة بالتقصير في الحيلولة دون سرقة المساعدات، بينما تقول المنظمة الدولية إنها ليس لديها أي دليل يثبت أن حماس تُحوّل كميات كبيرة من المساعدات. وفي المقابل، تتهم حماس إسرائيل بالتسبب في المجاعة واستخدام المساعدات كسلاح، وهو ما تنفيه إسرائيل.
(إعداد محمد عطية للنشرة العربية – تحرير أيمن سعد مسلم)