The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

تحليل-وجهان للواقع في إيران.. الحرية الاجتماعية والقيود السياسية

reuters_tickers

من باريسا حافظي

دبي (رويترز) – في شوارع طهران الصاخبة تبدو علامات التغير واضحة لا تخطئها عين.. نساء يَسرن دون حجاب مرتديات الجينز والأحذية الرياضية، ورجال ونساء يتسامرون معا في المقاهي وسط أنغام الموسيقى الغربية الهادئة أو يتجولون متشابكي الأيدي، في مشاهد تقوض تدريجيا القواعد الاجتماعية الصارمة التي طالما عرفت بها الجمهورية الإسلامية.

لكن تحت السطح، تتكشف حقيقة أكثر قتامة. فقد قال أربعة نشطاء داخل إيران لرويترز إن السلطات الدينية تكثف حملة إجراءات صارمة ضد المعارضة السياسية لبث الخوف ومنع أي اضطرابات.

وتعرض مئات من الصحفيين والمحامين والطلاب والكتاب والمدافعين عن حقوق الإنسان للمضايقات أو الاستدعاء أو الاحتجاز أو لإجراءات عقابية أخرى في الأشهر القليلة الماضية، وفقا لجماعات حقوقية ونشطاء.

وذكر ثلاثة مسؤولين إيرانيين ومسؤول كبير سابق من التيار الإصلاحي أن استراتيجية السلطات محسوبة، وهي تخفيف القيود الظاهرة لتهدئة الرأي العام وسط عزلة اقتصادية متزايدة مع تكثيف حملة الإجراءات الصارمة على المعارضة السياسية لكن في هدوء.

وقال ألكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط الذي يتخذ من واشنطن مقرا، إن هذه الاستراتيجية تعكس “نهجا مرحليا محسوبا” مع بقاء الخطوط الحمراء للحكومة دون تغيير.

وأضاف “هذا التناقض مقصود: متنفس للشعب تقابله قيود صارمة على المعارضة الحقيقية”.

تواجه المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران أحد أصعب الاختبارات منذ الثورة الإسلامية عام 1979. فقد ألحق الصراع مع إسرائيل أضرارا بالغة بمواقع عسكرية ونووية إيرانية في يونيو حزيران، وأضعف شبكة حلفاء الجمهورية الإسلامية في المنطقة، من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة إلى جماعة حزب الله في لبنان والفصائل المسلحة في العراق.

وفي الداخل، يعاني الاقتصاد من انهيار العملة (الريال الإيراني) والتضخم الجامح وأزمات خانقة في توفير الطاقة والمياه.

وقال فاتانكا “إيران تواجه وضعا غير مسبوق، ونهج النظام الحالي يبدو أقرب إلى سلسلة من محاولات قصيرة الأمد للنجاة من لحظة متقلبة، لا إلى استراتيجية واضحة المعالم”.

ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية ولا وزارة العدل على طلبات للتعليق بشأن هذه القصة.

صار فرض ارتداء الحجاب انتقائيا، بعد أن أشعل الإصرار على الإلزام به احتجاجات حاشدة عندما توفيت الشابة مهسا أميني في حجز الشرطة في عام 2022 بعد القبض عليها بسبب انتهاك قواعد الزي الإسلامي.

ورفض الرئيس مسعود بزشكيان تطبيق قانون “الحجاب والعفة” المدعوم من غلاة المحافظين والذي تمت الموافقة عليه أواخر العام الماضي، خوفا من تجدد الاحتجاجات في أنحاء البلاد وسط تصاعد الغضب الشعبي.

وعلى شبكة الإنترنت، يرسم سيل من مقاطع الفيديو صورة لإيران النابضة بالحياة والمنفتحة. وينشر أجانب مؤثرون في مجال السفر، بعضهم بدعوة ورعاية حكومية، مقاطع عن انبهارهم بالآثار القديمة والبازارات (الأسواق) الصاخبة والوجبات الفاخرة. وغالبا ما يصورون البلاد على أنها تتعرض لسوء الفهم والتشويه.

ويشكل هذا المحتوى، الذي يشاركه الملايين من المتابعين، جزءا من جهود المؤسسة الدينية لإعادة رسم صورة إيران كوجهة آمنة وجذابة.

في الوقت نفسه، تظهر مقاطع مصورة من حفلات موسيقية في الشوارع شابات لا يرتدين الحجاب ويرقصن ويغنين على أنغام الأغاني الرائجة في مواقع تخضع للمراقبة، وهي مشاهد لم يكن من الممكن تصورها قبل عامين.

* تخفيف القيود الاجتماعية لإخفاء القمع

يقول منتقدون إن هذه المشاهد منظمة بعناية، وتهدف لإظهار الانفتاح في حين أنها ستار يخفي حملة قمع متزايدة.

وارتفع معدل تنفيذ الإعدام في إيران إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 1989، وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن السلطات أعدمت ما لا يقل عن 1176 شخصا في عام 2025 حتى 21 أكتوبر تشرين الأول -أي بمعدل أربعة أشخاص يوميا.

وقال أحد النشطاء “تتصاعد الضغوط من تهديدات لعائلاتنا إلى اعتقال النشطاء والطلاب والصحفيين. يريدون سحق أي معارضة”. وتعرض هذا الناشط للسجن في عام 2019 خلال احتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود سرعان ما تحولت إلى احتجاجات سياسية تطالب “بتغيير النظام”.

وتحدث جميع النشطاء شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، خوفا من الانتقام.

وتجد النخبة الحاكمة في إيران نفسها عالقة بين السخط في الداخل وتعثر المحادثات النووية مع واشنطن لإنهاء النزاع المستمر منذ عقود وهو مزيج ترك البلاد في عزلة سياسية ومالية خانقة.

ومن شأن إعادة تفعيل آلية العودة السريعة لعقوبات الأمم المتحدة في سبتمبر أيلول، بعد الإخفاق في التوصل إلى اتفاق نووي، أن يزيد الضغط على اقتصاد إيران بشكل هائل ويقلص تجارتها مع الدول التي كانت تتجاهل في السابق العقوبات الأمريكية المنفردة.

وعلاوة على ذلك، يتصاعد القلق في أروقة السلطة في طهران من احتمال تجدد الضربات الإسرائيلية إذا انهار مسار الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، بحسب المسؤولين. وسيزيد مثل هذا السيناريو الضغوط الداخلية والخارجية المتفاقمة بالفعل على المؤسسة الحاكمة.

وتحذر الولايات المتحدة وإسرائيل من أنهما لن تترددا في توجيه ضربات إلى إيران مرة أخرى إذا استأنفت تخصيب اليورانيوم الذي يمكن أن تستخدمه لتطوير أسلحة نووية. وتنفي طهران سعيها لامتلاك قنابل نووية.

وتهدد طهران من جانبها بالرد بقوة إذا ما تعرضت لهجوم مرة أخرى. وتقول طهران إنها ترحب بإبرام اتفاق نووي “سلمي”.

ويقول فاتانكا “احتمال تجدد الاضطرابات الشعبية أمر قائم، فالمجتمع الإيراني لا يزال يشعر بالغضب وخيبة الأمل كما أنه مقتنع بأن الأفق الاقتصادي والدبلوماسي المسدود أمامه لن ينفتح”.

ويضيف فاتانكا أن استراتيجية الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي تبدو ذات مسارين، “خارجيا، هو يُبقي بابا دبلوماسيا ضيقا مفتوحا لتجنب الحرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة. وداخليا، يجرب تقديم تنازلات محسوبة”.

* زيادة حالات الإعدام

اشتد التضييق على المعارضة السياسية بعد الحرب التي استمرت 12 يوما مع إسرائيل في يونيو حزيران، والتي أسفرت عن مقتل عدد من كبار المسؤولين العسكريين وهزت أركان القيادة الإيرانية.

وقال الناشط الثاني إن تخفيف القيود الاجتماعية هو وسيلة لإبعاد الناس عن الشوارع.

ومضي يقول “لكنها مجرد مُسكنات. لقد تم استدعائي وتهديدي من قبل السلطات الأمنية بعد نهاية الحرب في يونيو… لقد هددوا باعتقال شقيقي الأصغر إذا انخرطت في أي نشاط سياسي”.

ولم ترد وزارة العدل على أسئلة حول ما قاله الناشطون بشأن التهديدات التي تعرضوا لها بعد الصراع.

وفي أعقاب الحرب، تذرعت السلطات بالأمن القومي لتبرير حملة القمع الواسعة. وأطلق القضاء الإيراني العنان لإجراء محاكمات سريعة للمتهمين بالتعاون مع إسرائيل، في حين أقر البرلمان تشريعا يوسع استخدام عقوبة الإعدام في حالات التجسس.

ويستهدف القانون الجديد أيضا النشاط عبر الإنترنت ويجرّم المنشورات التي يُعتبر أنها تردد “معلومات كاذبة”.

ووفقا للقضاء الإيراني، فقد جرى إلقاء القبض على أكثر من 21 ألف شخص بينهم صحفيون ونشطاء وأفراد من الأقليات مثل الأكراد والبلوش والعرب.

وبحسب منظمات حقوقية، فقد جرى أيضا توجيه اتهامات لأفراد من أقلية البهائية الدينية بأنهم “جواسيس للصهاينة” واعتُقل بعضهم في مداهمات للمنازل وصودرت ممتلكاتهم.

وقال المسؤول الإصلاحي الكبير السابق “تتزايد الضغوط الدولية، وهم يخشون خسارة السلطة، لذا فهم يشددون قبضتهم في الداخل على المعارضة السياسية”. وسبق أن أمضى هذا المسؤول سنوات في السجن بتهمة “العمل ضد الأمن القومي” بسبب آرائه السياسية.

(إعداد أميرة زهران ومروة غريب للنشرة العربية – تحرير سها جادو)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية