The Swiss voice in the world since 1935

صفقات دفاعية واستثمار بالذكاء الاصطناعي بمليارات الدولارات خلال زيارة ترامب إلى السعودية

afp_tickers

وقّعت الولايات المتحدة والسعودية الثلاثاء صفقة أسلحة ضخمة وصفها البيت الأبيض بأنها “الأكبر في التاريخ”، ضمن سلسلة اتفاقيات، من بينها استثمار كبير في مجال الذكاء الاصطناعي، وقّعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض.

ووسط استقبال ملكي حافل في أول زيارة رسمية خلال ولايته الثانية، دخل ترامب قصر اليمامة الملكي الفخم في سيارة رئاسية سوداء يرافقها خيالة يحملون أعلام البلدين. وأُطلقت 21 طلقة مدفعية ترحيبا بالرئيس الأميركي الذي واكبت مقاتلات اف-15 سعودية طائرته الرئاسية “اير فورس وان” قبل هبوطها صباح الثلاثاء. 

ورحّب ترامب بالوعد الذي قدمه الأمير محمد، الحاكم الفعلي للسعودية، باستثمار 600 مليار دولار، وقال مازحا إن هذا المبلغ يجب أن يصل إلى تريليون دولار.

وقال ترامب للأمير “لدينا اليوم أكبر قادة الأعمال في العالم، وسيغادرون حاملين شيكاتٍ كثيرة”. وأضاف “في ما يتعلق بالولايات المتحدة، نتحدث عن مليوني وظيفة على الأرجح”.

وأمام عدسات المصورين، تقدم طابور طويل من أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال السعوديين لمصافحة ترامب وولي العهد، بينهم إيلون ماسك، أغنى أغنياء العالم والمستشار المقرب لترامب، والذي ظهر ببدلة رسمية كاملة في أمر نادر الحدوث.

مساء، أقام ولي العهد السعودي مأدبة عشاء رسمي لترامب في منطقة الدرعية، مهد الدولة السعودية الأولى على أطراف الرياض.

وإذ تعهدت السعودية بصفقات بقيمة مليارات الدولارات، وقع الزعيمان اتفاقية “شراكة اقتصادية استراتيجية” لم تعلن تفاصيلها على الفور. فيما وقّع وزراء ومسؤولون سعوديون وأميركيون مذكرات تفاهم أخرى في مجالات الدفاع والطاقة.

وفي وقت لاحق، أصدر البيت الأبيض بيانا أكد فيه أن “الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقّعتا أكبر صفقة مبيعات دفاعية في التاريخ، بقيمة تقارب 142 مليار دولار”، لتزويد المملكة الخليجية “بمعدات قتالية متطورة”.

لم يعلن البلدان رسميا تفاصيل أكثر عن الصفقات.

لكنّ مسؤولا سعوديا مقرّبا من وزارة الدفاع، قال إنّ الرياض ستسعى جاهدة للحصول على أحدث طائرات اف-35 المقاتلة الأميركية، إلى جانب أنظمة دفاع جوي متطورة بقيمة مليارات الدولارات.

وأشار البيت الأبيض أيضا إلى أن شركة “داتا فولت” السعودية “تمضي قدما في خططها لاستثمار 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة”.

ويأتي ذلك غداة إعلان الرياض إطلاق شركة جديدة للذكاء الاصطناعي تحت اسم “هيوماين”، تأمل أنّ تؤدي دورا محوريا في هذا المجال.

وألقى ترامب خطابا أمام منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بحضور الأمير محمد، حيث أعلن وسط تصفيق حار إلغاء العقوبات على سوريا، مشيرا إلى أنه فعل ذلك “من أجل ولي العهد” السعودي.

بدأ ترامب من الرياض جولة خليجية تستمر أياما عدة وتشمل الإمارات وقطر.

والجولة التي تستمر حتى 16 أيار/مايو، هي الأولى لترامب خارج الولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية، علما بأنه قام بزيارة قصيرة لروما لحضور جنازة البابا فرنسيس.

قبل ثماني سنوات، اختار ترامب أيضا السعودية كوجهة لرحلته الخارجية الأولى كرئيس.

يؤكد قراره مرة أخرى بتجاوز حلفائه الغربيين التقليديين والسفر إلى دول الخليج الغنية بالنفط، أهمية دورها الجيوسياسي المتزايد، بالإضافة إلى علاقاته التجارية المتميزة في المنطقة.

وخلال الأيام التي سبقت الرحلة الخليجية، لعب البيت الأبيض دورا محوريا في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الهند وباكستان، وإفراج حركة حماس عن رهينة إسرائيلي-أميركي في غزة، وعقد جولة أخرى من المحادثات النووية مع إيران.

جاءت هذه المبادرات الدبلوماسية بعد إعلان مفاجئ من ترامب الأسبوع الماضي بموافقته على هدنة مع المتمردين الحوثيين في اليمن، بعد استهدافهم بغارات جوية شبه يومية لمدة شهرين متواصلين.

– “تغيير الصورة” –

تناقض احتضان ترامب للسعوديين مع أسلوب سلفه جو بايدن، الذي تعهد معاقبة ولي العهد بعدما جاء في تقرير للاستخبارات الأميركية أنه أجاز قتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي عام 2018.

استذكر ترامب لقاءه الأول مع ولي العهد البالغ من العمر 39 عاما، قائلًا إنه “معجب جدا بهذا الشاب الذي تفوق حكمته سنه بكثير”.

منذ مقتل خاشقجي المروع، سعت السعودية جاهدة لتغيير صورتها، بدءا من تخفيف القيود المفروضة على النساء وصولا إلى تنويع اقتصادها المرتهن بالنفط.

ورسّخ قادة دول الخليج مكانتهم كشركاء دبلوماسيين رئيسيين خلال ولاية ترامب الثانية.

ولا تزال الدوحة وسيطا رئيسيا في المفاوضات بين إسرائيل وحماس، بينما توسطت السعودية في المحادثات بشأن الحرب في أوكرانيا.

وقال جون ألترمان، النائب الأول لرئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن ترامب يعتبر الخليج “مكانه المريح”.

وأوضح أنّ القادة هناك “سيُجاملونه ولن ينتقدوه. وسيعاملون أفراد عائلته كشركاء أعمال سابقين ومستقبليين”.

وفي الرياض، سيلتقي ترامب أيضا الاربعاء بقادة دول مجلس التعاون الخليجي الست السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وسلطنة عمان.

كذلك، “سيلقي التحية” على الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، على ما أفاد مسؤول أميركي.

ويتوجه ترامب إلى قطر منتصف نهار الأربعاء.

– “هدية” مؤقتة –

ومن غير المرجح أن تكون جهود دفع السعودية للاعتراف بإسرائيل على رأس جدول أعمال زيارة السعودية ، إذ باتت الرياض تصر على ضرورة إقامة دولة فلسطينية قبل مناقشة العلاقات مع الدولة العبرية.

لكنّ ترامب أعرب بحضور ولي العهد عن أمله أنّ تطبع السعودية علاقتها مع إسرائيل.

وقال ترامب في كلمته “أملي ورغبتي الصادقة، وحتى حلمي، هو أن تنضم المملكة العربية السعودية، المكان الذي أحترمه كثيرًا… قريبا إلى اتفاقيات ابراهام” التي قامت بموجبها الإمارات والبحرين والمغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020.

وقبل وصوله، تصاعد الجدل حول خطط الرئيس لقبول طائرة بوينغ فاخرة من قطر لاستخدامها كطائرة رئاسية.

ورد ترامب على الانتقادات التي تعرّض لها في هذا الصدد بالقول إنّ الطائرة “هدية” موقتة وستحلّ محلّ طائرة الرئاسة التي يبلغ عمرها أربعة عقود، واصفا الصفقة بأنها “علنية وشفافة للغاية”.

دس-هت/ع ش/غ ر

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية