The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

تشغيل الأطفال مساعدين منزليين شائع لدى الباكستانين رغم إدراكهم أنه “غير أخلاقي”

afp_tickers

منذ أن كانت في العاشرة من عمرها، تنظف أمينة وتكنس وتطبخ في منزل عائلة من الطبقة المتوسطة في مدينة كراتشي الباكستانية.

فعلى غرار ملايين الأطفال في بلدها، تعمل أمينة كمساعدة منزلية، إذ أن تشغيل الصغار في هذا المجال شائع جدا رغم إدراك كثر أنه “غير قانوني”، ويتسبّب بمآسي لعائلات كثيرة، لكنّ فقرها الشديد يحول إحقاق حقها.

وتقول الفتاة البالغة 13 عاما لوكالة فرانس برس “أقطع الخضر وأغسل الأطباق وأتولى الكنس ومسح الأرضية برفقة والدتي (…) لكنني أكره العمل لدى هذه العائلة”. وتضيف “نترك حيّنا الفقير  في السابعة صباحا ونعود إليه في الثامنة مساء. أحيانا نعمل أيام الأحد رغم أنه يوم إجازتنا الوحيد، وهذا غير عادل إطلاقا”.

وتشير منظمة العمل الدولية إلى أن واحدة من كل أربع أسر باكستانية استعانت عام 2022 بأطفال كعاملين منزليين، وعادة يكون هؤلاء بناتا تراوح أعمارهن بين 10 و14 عاما.

فعلى سبيل المثال، تكسب سَنية البالغة 13 عاما حوالى 15 دولارا شهريا بمساعدتها والدتها في تدبير منزل عائلة باكستانية ثرية، منعتها صراحة من التحدث إلى الأطفال أو لمس ألعابهم. 

ومع أن الفارق كبير بين المدخول الإجمالي للأم وابنتها والذي لا يتجاوز 57 دولارا، ومتوسط الرواتب في باكستان الذي يناهز 145 دولارا، يُمكّن هذا المبلغ الأسرة من الاستمرار. لكنّ سَنية، وهي الكبرى بين خمسة أبناء، ويُفترض أن تتابع تحصيلها العلمي حتى سن السادسة عشرة على الاقل، تقول “كنتُ أحلم بمواصلة دراستي لأصبح طبيبة”.

– “أعلم أن هذا غير أخلاقي” –

يحاول أستاذ جامعي في حديث لوكالة فرانس برس تبرير تشغيله حمزة (عشر سنوات) مؤكدا “أعلم أن توظيف طفل أمر غير أخلاقي وغير قانوني، لكنه عمليّ، وعلى الأقل لديه مأوى ويحصل على طعام جيد”،  

ويروي الطفل الذي طلب عدم ذكر اسمه مخافة تعرضه لتدابير انتقامية، أن والديه أرسلاه من قريته التي تبعد 450 كيلومترا من كراتشي ليعيش لدى الأستاذ الجامعي طوال الوقت  ويتولى أعماله المنزلية.

ويدفع الأستاذ للطفل حوالى 35 دولارا شهريا، تقبضها عائلته التي لا يزورها إلا بضع مرات في السنة. 

ويرى الاستاذ أنها قوة عاملة “وديعة ورخيصة” في بلد يبلغ عدد سكانه 255 مليون نسمة، ثلثهم دون سن الرابعة عشرة.

ويقول “لو كان في القرية، لكان والداه الفقيران أرسلاه إلى الحقول من دون أن يكونا قادرين حتى على إطعامه”، معترفا مع ذلك بأنه يشعر “بانزعاج” عندما يذهب أطفاله إلى المدرسة “ويبقى هو للتنظيف”.

ويرى كاشف ميرزا، من جمعية “سبارك” غير الحكومية، إحدى المنظمات الباكستانية الرائدة في مجال حقوق الطفل، أن هؤلاء العاملين القصّر يتعرضون “لشكل من أشكال العبودية الحديثة، مقبول تماما في المجتمع الباكستاني، يجعلهم تحت رحمة أصحاب العمل الذين يدّعون زورا حمايتهم”.

-المسامحة –

في شباط/فبراير الفائت، تعرّضت إقرا (13 عاما) للضرب حتى الموت من مخدوميها الأثرياء في روالبندي، المدينة التوأم لإسلام آباد، بسبب اختفاء شوكولا من مطبخهم. 

ومع أن والدها أكد يومها لوكالة فرانس برس أنه سيسعى إلى العدالة، يشير راهنا إلى أنه أسقط التهم بموجب الشرع الإسلامي الذي يسمح بالعفو عن القاتل من جانب أولياء الدم في مقابل دية عادة.

ويقول “حضرت نساء من عائلتهم إلى منزلنا الشهر الفائت وضغطن علينا طلبا للعفو، فاستجبت لهنّ في النهاية من دون دية”.

ويضيف “لم يكن لدي خيار آخر، فمن أين كنت سآتي بالمال لدفع الرسوم القانونية؟ أنا مدين اصلا بأكثر من 600 ألف روبية” (نحو 2100 دولار). 

واليوم، يمكث ابناه وابنتاه في المنزل بعدما كانوا يعملون في السابق خدما، وبالتالي بات هو المعيل الوحيد.

ويعلّق على ذلك قائلا “صحيح أننا نجد صعوبة في تأمين مستلزمات معيشتنا، لكني لا أتحمل فكرة خسارة طفل آخر”. 

– الحرق بالمكواة –

وقال وزير الشؤون الاجتماعية في السند مير طارق علي تالبور  لوكالة فرانس برس “العقوبات المفروضة على أصحاب العمل والآباء ليست صارمة بما فيه الكفاية”. 

ويؤكد أن السلطات تُجري عمليات تفتيش منتظمة وتتولى مسؤولية الأطفال العاملين بشكل غير قانوني في هذه المقاطعة الشاسعة الريفية في معظمها التي تقع في كراتشي.

ويضيف متحسرا “يُفترَض أن يحالوا على المحاكم، لكن ذويهم يأتون لتسلّمهم، ويدفعون غرامة لا تتجاوز ألف روبية (أربعة دولارات). لهذا السبب تتكرر هذه الحوادث”.

أما بالنسبة لأصحاب العمل المتهمين بالعنف، فدأبت جمعيات حماية الطفل على المطالبة بتغليظ العقوبات، بدءا من رفض تخليتهم بكفالة. 

ولكن في أيلول/سبتمبر الفائت، أُفرِج عن زوجين من كراتشي على ذمة المحاكمة في مقابل نحو مئة دولار لكل منهما، وكانا متهمين بحرق مدبرة منزلهما زينب البالغة  13 عاما بمكواة بعدما أحرقت حجاب مخدومتها من طريق الخطأ أثناء الكي.

وتعلّق آسيا م. قائلة “لا أفهم كيف أُفرج عنهما. ألا يرى أحد إصابات زينب؟”، مشيرة إلى الحروق البالغة في ذراعي ابنتها وساقيها وظهرها وبطنها.

وتضيف متحسّرة “أشعر بندم شديد لدفعها إلى أحضان جلاديها. لقد دمروا حياتها. ستبقى هذه العلامات محفورة إلى الأبد على جسدها”.

وتؤكد الأم إنها تنوي مقاضاة الجانيين، لكنها تقول “إنهما ثريان ويعتقدان أنهم لا يُمسّان. إن الفقراء مثلنا لا يملكون أي سلطة، وحتى القانون ليس معنا”. 

جما/ب ح/غ ر

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية