
دول غربية تطالب بوقف “فوري” للحرب في غزة وإسرائيل توسع عملياتها

طالبت 25 دولة غربية الإثنين بإنهاء الحرب في غزة “فورا” معتبرة أن معاناة المدنيين الذين تتهددهم المجاعة بلغت “مستويات غير مسبوقة”، في وقت أعلنت إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية لتشمل مدينة دير البلح في وسط القطاع المحاصر والمدمرّ.
ويأتي البيان المشترك الذي وقّعته دول تتقدمها بريطانيا فرنسا وإيطاليا وكندا وأستراليا، بعد 21 شهرا على بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، والتي نتجت عنها أوضاع انسانية كارثية تطال سكان القطاع الذين يتخطى عددهم مليوني شخص، بلغت حد الجوع وسوء التغذية، مع تقييد الدولة العبرية دخول المساعدات الانسانية.
وحضت هذه الدول “الأطراف والمجتمع الدولي على التوحد في جهد مشترك لإنهاء هذا النزاع المروع عبر وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار”.
واعتبرت أنه “من المروّع أن يكون أكثر من 800 فلسطيني قد قتلوا وهم يحاولون الحصول على مساعدة”، وأن “رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم مساعدة إنسانية أساسية للمدنيين غير مقبول”.
وندد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بالنداء، معتبرا أن الدول الموقعة ارتكبت “خطأ… بعضها عن حسن نية وأخرى عن هوس بإسرائيل”. وأضاف في منشور على منصة إكس، أن الضغط الدولي يجب أن يكون على حركة حماس.
بدوره، اعتبر السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي “مثير للاشمئزاز! 25 دولة تمارس الضغط على إسرائيل بدلا من ممارسته على همجيي حماس!”.
ورحبت الخارجية المصرية بالنداء و”ما تضمنه من مطالبة واضحة بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة”.
من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “صدمته” جراء المعاناة الانسانية في غزة، محذّرا من أن “آخر شرايين الحياة” لسكانه باتت على شفا الانهيار.
وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك إن “آخر الشرايين التي تبقي السكان على قيد الحياة على شفا الانهيار”، مضيفا “يدين الأمين العام بشدة العنف المتواصل، بما في ذلك إطلاق النار وقتل وإصابة الأشخاص الذين يحاولون الحصول على طعام لعائلاتهم”.
وتتكرر بشكل شبه يومي في القطاع التقارير عن مقتل فلسطينيين بنيران إسرائيلية أثناء انتظارهم المساعدات، بحسب الدفاع المدني وشهود. وأفادت الأمم المتحدة بأن نحو 800 شخص قتلوا أثناء ذلك منذ أواخر أيار/مايو.
ويتركز ذلك قرب مراكز تابعة لـ”مؤسسة غزة الانسانية” المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي ترفض الأمم المتحدة ومنظمات دولية التعاون معها بسبب مخاوف من حيادها وتمويلها.
ولا يمكن لفرانس برس التحقق بشكل مستقل من أعداد القتلى والتفاصيل الصادرة عن الدفاع المدني وغيره من الأطراف بسبب القيود المفروضة على الإعلام في القطاع وصعوبة الوصول إلى العديد من المناطق.
– “ارفعوا الحصار” –
ويواجه سكان غزة نقصا حادا في الغذاء والاحتياجات الأساسية، فيما تفيد جهات طبية والدفاع المدني ومنظمة “أطباء بلا حدود” بتسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات سوء التغذية خلال الأيام الأخيرة.
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إنها تتلقى “رسائل يائسة من الجوع” بما في ذلك تلك التي تصلها من موظفيها في غزة.
وقالت الأونروا إن النقص في الإمدادات أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمقدار 40 ضعفا، في حين تتوافر في مستودعاتها خارج القطاع مساعدات تكفي لإطعام “جميع السكان لأكثر من ثلاثة أشهر”.
أضافت “المعاناة في غزة هي من صنع الإنسان ويجب أن تتوقف. ارفعوا الحصار ودعوا المساعدات تدخل بأمان وعلى نطاق واسع”.
وجاء النداء الدولي عقب ليلة من القصف المدفعي المكثف على دير البلح، وفق الدفاع المدني وشهود عيان، وذلك غداة إصدار الجيش الإسرائيلي انذارا للسكان بالاخلاء، معلنا أنه سيوسّع نشاطه في منطقة لم يسبق أن شهدت عمليات برية منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وفق تقديرات أولية أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تواجد في المنطقة المشمولة بالانذار ما بين 50 و80 ألف شخص.
وحملت عائلات بأكملها ما تبقى من متعلّقاتها على متن عربات يجرّها الحمير واتجهت جنوبا.
وقال عبد الله أبو سليم (48 عاما) وهو من سكان دير البلح لوكالة فرانس برس “خلال الليل سمعنا انفجارات كبيرة وقوية هزت المنطقة، كأنها زلزال”.
وأوضح أن الأصوات كانت بسبب “القصف المدفعي على جنوب وسط دير البلح والمنطقة الجنوبية الشرقية”، مبديا خشيته من أن “الجيش يريد تنفيذ عملية برية في دير البلح ومخيمات وسط القطاع حيث يتجمع مئات آلاف النازحين”.
وأظهرت لقطات فرانس برس أعمدة الدخان المتصاعدة في أنحاء متفرقة من دير البلح بينما كان الأهالي يتنقلون باستخدام الدرجات الهوائية أو تلك النارية أو عربات تجرها الحمير على طول شارع صلاح الدين الرئيسي.
والإثنين، قال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لفرانس برس “تلقينا اتصالات من عدد من العائلات المحاصرة في منطقة البركة بدير البلح بفعل القذائف من الدبابات الاسرائيلية”.
ولم يقدّم الجيش الإسرائيلي أي تعليق فوري عند تواصل فرانس برس معه.
– “أين نذهب؟” –
وأرغمت إسرائيل جميع سكان غزة على النزوح مرارا خلال الحرب.
وكان “أوتشا” حذّر في كانون الثاني/يناير من أن ما يناهز 87 في المئة من أراضي القطاع مشمولة بأوامر إخلاء إسرائيلية لم يتم إلغاؤها.
وقال حمدي أبو مغصيب (50 عاما) إنه اضطر مع عائلته للفرار شمالًا من خيمتهم جنوب دير البلح. أضاف “لا توجد أي منطقة آمنة … لا أعرف أين نذهب”.
وأكد الدفاع المدني أن الضربات الإسرائيلية في أنحاء القطاع أسفرت عن مقتل 15 شخصا منذ فجر الاثنين.
ومساء، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي “سقط في قتال” في جنوب القطاع.
اندلعت حرب غزة بعد هجوم مباغت شنته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
ومن بين 251 رهينة خطفوا أثناء الهجوم، لا يزال 49 محتجزين، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بشن حرب مدمّرة قتل فيها 59029 فلسطينيا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها حماس، وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
بور-ع ز-أش/لمى-ها-ود/كام